المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية[في أن النهي للتكرار] - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٣

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأولفي الأمر ومقتضاه

- ‌المسألة الثانيةفي حد الأمر بمعني القول

- ‌المسألة الثالثة[هل للأمر صيغة في اللغة أو لا]

- ‌المسألة الرابعة[هل تكفي الصيغة عن الإرادة أو لا]

- ‌المسألة الخامسة[أن الأمر به نفس الصيغة خلافًا لأبي علي وأبي هاشم]

- ‌المسألة السادسة[خلاف العلماء في اعتبار علو رتبة الآمر والاستعلاء]

- ‌المسألة السابعةفي تعديد موارد استعمال صيغة افعل

- ‌المسألة الثامنة[في أن مدلول الصيغة الطلب والاستدعاء، أو ما فيه الطلب والاستدعاء]

- ‌المسألة التاسعة[في حكم الأمر بعد الحظر]

- ‌المسألة العاشرة[في الأمر المطلق هل يقتضي التكرار أو لا

- ‌المسألة الحادية عشرة[هل الأمر المعلق يقتضي التكرار

- ‌المسألة الثانية عشرة[في الأمر المطلق هل يقتضي الفور أو لا

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي أن القضاء في العبادة المؤقتة بالتنصيص الفائتة عن وقتها هل هو بالأمر الأول أو بالأمر الجديد

- ‌المسألة الرابعة عشرة[في الإتيان بالمأمور به هل يقتضي الإجزاء أو لا

- ‌المسألة الخامسة عشرة[الأمر بالشيء نهي عن ضده]

- ‌المسألة السادسة عشرةفي أن الأمر بالأمر بالشيء، هل هو / (159/أ) أمر بذلك الشيء أم لا

- ‌المسألة السابعة عشر[هل الأمر بالماهية يقتضي الأمر بالجزئيات

- ‌المسألة الثامنة عشرة[في أن الآمر هل يدخل تحت الأمر أم لا

- ‌المسألة التاسعة عشرة[في الأمر الوارد عقيب الأمر]

- ‌الفصل الثاني"في الآمر

- ‌المسألة الأولي[في الآمر]

- ‌المسألة الثانية[في الآمر الذي تجب طاعته]

- ‌المسألة الثالثةوجوب فعل المأمور به على المأمور

- ‌الفصل الثالثفي المأمور به

- ‌المسألة الأولى[في التكليف بالمحال]

- ‌المسألة الثانية[في حصول الشرط الشرعي]

- ‌المسألة الثالثة[هل يجب أن يكون المأمور به مقدورًا للمأمور]

- ‌الفصل الرابع"في المأمور

- ‌المسألة الأولى[في شرط المأمور]

- ‌المسألة الثانية[في تعلق الأمر بالمعدوم]

- ‌المسألة الثالثة[اشتراط القصد في إيقاع المأمور به]

- ‌المسألة الرابعة[في تكليف المكره]

- ‌المسألة الخامسة[فيما يصير به المأمور مأمورًا والفعل المأمور به مأمورًا به]

- ‌المسألة السادسة[علم المأمور بكونه مأمورًا قبل التمكن]

- ‌النوع الرابعالكلام في النهي وما يتعلق به من المسائل

- ‌المسألة الأولىاعلم أن صيغة النهي مستعملة في ثمانية محامل بالاستقراء

- ‌المسألة الثانية[في أن النهي للتكرار]

- ‌المسألة الثالثةفي أن مطلق النهي عند من يقول: إنه للتحريم، أو المقترن بقرينة للتحريم عند من لا يقول: به. هل يقتضي فساد المنهي عنه أم لا

- ‌المسألة الرابعة[فيما إذا أمر الشارع بشيء مطلقا ثم نهي عن بعض أحواله]

- ‌المسألة الخامسة[في النهي عن أشياء متعددة

- ‌النوع الخامسالكلام في العموم والخصوص

- ‌القسم الأول: في العموم

- ‌المسألة الأولىفي تحديد اللفظ العام

- ‌المسألة الثانية[هل العموم من خواص الألفاظ في الاصطلاح واللغة أو لا

- ‌المسألة الثالثة[في ألفاظ العموم]

الفصل: ‌المسألة الثانية[في أن النهي للتكرار]

‌المسألة الثانية

[في أن النهي للتكرار]

ذهب أكثر من قال إن الأمر ليس للتكرار إلى أن النهي للتكرار، بمعني أنه يفيد الانتهاء عن المنهي عنه دائمًا.

ومنهم من سوى بينهما في أنهما لا يفيدانه، وذلك إما بأن يكونا للقدر المشترك بين التكرار وبين المرة الواحد، وإما بأن يكونا للمرة الواحدة.

ومنهم: من نقل الإجماع على أن النهي يفيد التكرار.

ص: 1170

واحتج الأكثرون بوجوه:

أحدها: أن الدوام هو المتبادر إلى الفهم عند سماع الصيغة مجردة عن جميع القرائن، بدليل أن السيد لو قال لعبده: لا تفعل كذا مجردة عن سائر القرائن، يفهم منه منعه عن ذلك الفعل على وجه الدوام حتى لو فعل ذلك في وقت ما عد مخالفا لنهيه، والتبادر إلى الفهم دليل الحقيقة على ما تقدم في اللغات.

وثانيها: أن قول القائل: لا تضرب، يفيد المنع من إدخال ماهية الضرب في الوجود، وذلك إنما يكون بالامتناع عن إدخال كل فرد من أفرادها، لأنه لو أدخل فردا من أفرادها لكان قد أدخل الماهية في الوجود، ضرورة أن ذلك الفرد مشتمل على الماهية.

ومن الظاهر أن الامتناع عن إدخال كل فرد من أفرادها، إنما يكون بالامتناع دائمًا.

وثالثها: أن الحمل على التكرار أحوط على ما لا يخفى عليك تقريره فوجب المصير إليه، لقوله عليه السلام:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".

وأما حديث الجهل بالاعتقاد فمشترك، ولا ينقض بالأمر، لأنه إنما لم يحمل ثمة على التكرار لما فيه من المشقة الناشئة من تكرار الفعل، بخلاف النهي، فإنه ليس فيه تلك المشقة.

ص: 1171

ورابعها: أكثر النواهي المطلقة في الشرع والعرف للتكرار، وهذا لا يستريب فيه عاقل بعد الاستقراء والفحص، فلو لم يكن النهي للتكرار لزم التجوز في تلك الاستعمالات. أما لو قيل: بأنه للتكرار / (192/أ) فحيث لم يكن للتكرار، كما في قول الطبيب للمريض وقت شرب الدواء: "لا تأكل ولا تشرب في هذه الساعة، وإن كان يلزم التجوز فيه أيضا، لكنه قليل وكل ما كان الشيء خلاف الأصل كان تكثيره أيضًا خلاف الأصل، فيلزم أن يكون النهي للتكرار، لئلا يلزم خلاف الأصل.

واحتجوا بوجوه:

أحدها: أن النهي قد ورد بمعني الدوام، كما في النهي عن القتل والزنا وشرب الخمر وهو متفق عليه.

وقد ورد ولا يراد به الدوام، كما في قوله تعالى:{لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} .

وكما تقدم في قول الطبيب، والاشتراك والمجاز خلاف الأصل، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهو مطلق الترك، لئلا يلزم أحدهما.

وثانيها: أنه لو كان للدوام فحيث لم يكن له يلزم الترك بالدليل.

أما لو قلنا: بأنه لمطلق التكرار من غير إشعار بأحد القيدين لم يلزم ذلك،

ص: 1172

بل يلزم إثبات أمر زائد، لدليل آخر لا يتعرض له النهي لا بالنفي ولا بالإثبات، ومعلوم أن الثاني أولى.

وثالثها: لو قال: لا تفعل كذا دائمًا، أو في هذه الساعة، أما في الساعة الأخرى فافعل لم يكن الأول تكرارًا والثاني نقصا.

الجواب عن الأول من وجهين:

أحدهما: أن المجاز وإن كان على خلاف الأصل، لكن قد يصار إليه عند قيام الدلالة عليه، وما ذكرنا من الدليل وهو تبادر الدوام إلى الفهم منه من غير قرينة دالة على أنه حقيقة فيه فوجب أن يكون مجازا في غيره، لأن التجوز خير من مطلق الاشتراك، فضلا عن الاشتراك الذي يوجب أن يكون اللفظ في أحدهما راجحا وفي الآخر مرجوحًا، ولا يعارض بمثله، لأنه يقتضي أن يفهم القدر المشترك منه من غير قرينة وأن لا يفهم الدوام إلا لقرينة وذلك خلاف ما يجده المنصف العارف باللغة العربية من نفسه.

وثانيهما: أن جعله حقيقة في القدر المشترك، يقتضي أن يكون النهي مجازا في التكرار وفي المرة الواحدة، ضرورة كونه مستعملا فيهما لخصوصيتهما إذ الأغلب في الاستعمال إنما هو بحسب خصوصية الصور لا باعتبار القدر المشترك بينهما، أو وإن لم يكن ذلك [هو] الأغلب، لكن لا نزاع في الاستعمال بحسب الخصوصية فيهما، لكن غاية ما يقول الخصم

ص: 1173

فيه أن ذلك لقرينة، فإما أن يقول: بأنه حيث استعمل فإنما استعمل في القدر المشترك فلا إذ هو مناكرة ظاهرة / (192/أ)، والتزام المجاز الواحد أولى من التزام المجازين، فعند هذا إما أن يجعل حقيقة في الدوام، مجازا في المرة الواحدة أو بالعكس، لكن الأول أولى، لأنا لو جعلناه حقيقة فيه أمكن جعله مجازا في المرة الواحدة، لأنها لازمة له، وأما لو جعلناه حقيقة فيها لم يمكن جعله مجازا فيه، لأنه غير لازم لها أو وإن أمكن لكن الأول أولى عند التعارض على ما عرفت ذلك في اللغات.

لا يقال: جعله حقيقة في الدوام يقتضي أن يكون مجازا في المرة الواحدة وفي القدر المشترك بينهما أيضا ففيه أيضا التزام المجازين.

فلم قلتم: إن جعله حقيقة في الدوام، أولى من جعله حقيقة في القدر المشترك، مع أن في القول بكل واحد منهما التزام المجازين؟

وأيضا فإن ما ذكرتم يقتضي أن لا يكون التواطؤ أولى من المجاز لاستلزامه المجازين فصاعدا، وقد قلتم: في اللغات أن التواطئ أولى من أن يكون اللفظ حقيقة في معنى ومجازا في الآخر.

لأنا نقول الجواب عن الأول: إن جعله حقيقة في الدوام أولى وإن كان فيه أيضا التزام المجازين لما سبق من الوجهين في الوجه الثاني.

وعن الثاني: إن ذلك إنما هو باعتبار الاستعمال في القدر المشترك لا بحسب خصوص الصور.

وعن الثاني: المعارضة بما سبق من الفائدة.

وعن الثالث: إنه إن عنى بالتكرار أنه يكون عريا عن الفائدة فليس بلازم

ص: 1174

فإنه تأكيد عندنا، وإن عني به أنه يكون عريا عن الفائدة التأسيسية فمسلم، لكن لا نسلم: أنه ليس كذلك.

فإن قال: الأصل خلافه.

فجوابه: ما سبق، ولا نسلم أيضًا أنه مع قيد اللادوام يكون نقصا، بل يكون قيد اللادوام قرينة دالة على إرادة التجوز منه، فإن عنى بالنقص أنه مستعمل فيما لا يجامع مدلوله لقرينة لا أنه منهيا عنه فمسلم، لكن لا نسلم أنه ليس كذلك، فإن زعم أنه لو كان كذلك لزم خلاف الأصل فجوابه ما سلف.

ص: 1175