الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون الأمر به صفة حاصلة للحرف الأخير بشرط أن يكون مسبوقًا بالباقي أو للأول بشرط أن يكون ملحوقًا بالباقي لابد من إبطال هذين القسمين حتى تتم الدلالة.
وثانيهما: أن إرادة المأمور به نفس مدلول الصيغة، فوجب أن لا تكون علة ولا جزء علة لإفادة صفة للصيغة الدالة عليه، قياسًا على سائر المسميات والأسماء.
واعلم أن هذه الدلالة إنما تتم، لو سلمنا: أن إرادة المأمور به نفس مدلول الصيغة، أما إذا لم يقولا به، بل يقولا أن مدلول الصيغة هو الطلب بشرط إرادة المطلوب على ما هو مذهب بعضهم فلا.
المسألة السادسة
[خلاف العلماء في اعتبار علو رتبة الآمر والاستعلاء]
قال الشيخ: وأكثر الأصحاب لا يعتبر في الأمر علو رتبة الآمر ولا الاستعلاء.
وقال أكثر المعتزلة: يعتبر العلو.
وقال أبو الحسين البصري، وبعض أصحابنا يعتبر الاستعلاء دون العلو.
احتج الجماهير: على عدم اعتبار العلو بقوله تعالى حكاية عن فرعون: أنه قال لقومه: {ماذا تأمرون} مع أنه كان أعلى رتبة منهم،
وبقول عمرو بن العاص:
إنه قال لمعاوية:
أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني
وكان من التوفيق / (129/ب) قتل ابن هاشم
والأصل في الإطلاق الحقيقة.
واحتجوا: على عدم اعتبار الاستعلاء بما يقال: إن فلانًا يأمر على وجه الرفق واللين، ولو كان الاستعلاء معتبرًا لما حسن ذلك.
واحتجوا: على اعتباره بأن الناس يفرقون بين ما إذا كانت الصيغة صادرة من الأعلى، وبين ما إذا كانت صادرة من الأدنى والمساوي.
فيقولون: في الصورة الأولى: أمر. وفي الثاني: دعاء وسؤال. وفي الثالث: التماس. والأصل عدم التغيير.
واحتج بعض الأصحاب وأبو الحسين: على اعتبار الاستعلاء دون العلو بأن الرجل العظيم إذا قال لغيره افعل لا على سبيل الاستعلاء، بل على سبيل التضرع واللين، لا يقال: إنه أمر، ولذلك قال عليه السلام: "لبريرة إنما أنا شافع لما قالت له: أتأمرني بذلك.
لما لم يكن ذلك القول على سبيل الاستعلاء: وإذا قال من هو أدنى رتبة لمن هو أعلى رتبة منه: "أفعل" على وجه الاستعلاء يقال: إنه أمره، ولذلك يوصف بالجهل والحمق بسبب أمره لمن هو أعلى رتبة [منه].