المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب سجود السهو - التنبيه على مشكلات الهداية - جـ ٢

[ابن أبي العز]

فهرس الكتاب

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل في القراءة

- ‌باب الإمامة

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها

- ‌فصل

- ‌باب الوتر

- ‌باب النوافل

- ‌فصل في القراءة

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة المريض

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب الجمعة

- ‌باب العيدين

- ‌فصل في تكبيرات في التشريق

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب الجنائز

- ‌فصل في الكفن

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌فصل في الدفن

- ‌باب الشهيد

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌فصل في الإبل

- ‌فصل في البقر

- ‌فصل في الغنم

- ‌فصل في الخيل

- ‌فصل

- ‌باب زكاة المال

- ‌فصل في الذهب

- ‌فصل في العروض

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌باب المعدن والركاز

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌باب من يجوز دفع الصدقة إليه ومن لا يجوز

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يوجب القضاء والكفارة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يوجبه على نفسه

- ‌باب الاعتكاف

الفصل: ‌باب سجود السهو

‌باب سجود السهو

قوله: (فتعارضت رواية فعلة، وبقي التمسك بقوله).

في كلامه نظر من وجهين: أحدهما قوله: (فتعارضت روايتا فعلة)، وهذا غير مسلم؛ فإنه لا معارضة بحمد الله، لأن حديث ذي اليدين الذي فيه:"أنه سجد بعد السلام"، أيضاً فيه أنه:"كان قد سلم من اثنتين". وحديث ابن مسعود الذي فيه: "أنه سجد بعد السلام"،فيه أنه:"كان قد صلى خمساً".

وحديث عبد الله بن مالك بن بحينة الذي فيه أنه: "سجد قبل السلام"، فيه أنه:"كان قد قام من اثنتين". أخرج الثلاثة أهل الصحيح والسنن

ص: 703

والمسانيد. وحديث عمران بن حصين الذي في أنه: "سجد بعد السلام"، فيه أنه:"سلم من ثلاث" أخرجه الجماعة إلا البخاري والترمذي. فلم يتوارد سجوده بعد السلام وقبله على محل واحد، بل في أفعال مختلفة. فإما أن يكون ذلك لبيان الجواز، أو أن سجوده قبل السلام للنقص كما قال مالك رحمه الله، فإن فيه ترك القعود الأول فانتفت المعارضة.

والثاني: قوله: (وبقي التمسك بقوله)، يعني حديث ثوبان أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:"لكل سهو سجدتان بعد السلام" أخرجه أبو داود.

فإنه هو الذي ذكره قبل ذلك.

ص: 704

ومنه حديث عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم" أخرجه أبو داود والنسائي.

وأوضح منهما حديث ابن مسعود المتقدم. وفي لفظ: "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحاكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين".

وفي قوله أيضا: الأمر بالسجود قبل السلام كما في حديث ابن مسعود أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إذا كنت [في] صلاة فشككت في ثلاث أو أربع، وأكثر ظنك على أربع تشهدت، ثم سجدت سجدتين وأنت جالس

ص: 705

قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً ثم تسلم، أخرجه أبو داود.

وحديث عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "إذا سها أحاكم في صلاته ولم يدر واحدة صلى أو اثنتين، فليبن على واحدة، فإذا لم يدر اثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على اثنتين، فإن لم يدر ثلاثاً أو أربعاً فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين، قبل أن يسلم" أخرجه الترمذي.

وأصح منهما حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "إذا

ص: 706

شك أحدكم في صلاته فلم يدركم صلى، ثلاثاً أو أربعاً فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم؛ فإن كان قد صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان" أخرجه مسلم، وأحمد، ومالك في الموطأ، وأبي داود.

فإن كان قد ورد السجود بعد السلام وقبلة في فعلة، فقد ورد أيضاً في قوله، فإما أن يكون ذلك لبيان الجواز، أو يكون حديث ابن مسعود الصحيح فيما إذا كان له ظن، [وحديث أبي سعيد فيما إذا لم يكن له ظن، فإن في حديث ابن مسعود: فليتحر الصواب"، وهذا فيما إذا كان له ظن]، وحديث أبي سعيد:"فليطرح الشك وليبن على ما استيقن".

فإنه يأتي في كلام المصنف أن من شك في صلاته إن كان أول ما عرض له الشك استقبل، وان كان يعرض له الشك كثيراً بني على أكثر رأيه، وان لم يكن له رأي بني على اليقين. وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى. وما

ص: 707

عدا هذين الحديثين لا يصلح لمعارضتهما، ويأتي في كلامه أن الخلاف في الأولوية، وهو الصحيح.

قوله: (ويأتي بالصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم، والدعاء في قعدة السهو هو الصحيح).

في تصحيحه نظر. قال السروجي: ومنهم من قال: في المسألة اختلاف؛ فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يصلي في الأولى؛ وعند محمد في الأخيرة، وهي قعدة سجدة السهو بناء على أن سلام من عليه السهو يخرجه منها عندهما، فكانت الأولى هي القعدة للختم، فيصلي فيها ويدعو الله لحاجته، ليكون خروجه منها بعد الأركان والسنن والمستحبات والآداب. قال في "المفيد": هو الصحيح. وعند محمد لا يخرجه منها، فيؤخر الصلاة والدعاء إلى قعدة السهو، فإنها هي الأخيرة. انتهى.

ويترجح قولهما بأن التشهد بعد سجدتي السهو لم يثبت، ومذهب الأوزاعي أنه ليس فيهما تشهد. ولم يرد إلا في حديث ابن مسعود المتقدم الذي فيه السجود قبل السلام.

ص: 708

وحديث عمران بن حصين: "أن النبي صلي الله عليه وسلم صلي بهم فسها، فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم" رواهما أبو داود، وفيهما كلام. وليس في الأحاديث الصحيحة ذكر التشهد بعد السجدتين.

ص: 709

قال النووي: ولم يثبت في التشهد حديث. انتهى.

فكان الإتيان بالصلاة والدعاء بعد التشهد الصحيح الثابت أولى من الإتيان به بعد التشهد الذي بعد سجدتي السهو الذي لم يثبت. بل ينبغي أن يتعين الدعاء بعد التشهد الذي قبل سجود السهو لأن القعود الذي بعد سجود السهو لو ثبت، فليس فيه سوى التشهد وحده، فكيف يزاد فيه الدعاء وهو لم ينقل فضلاً عن ثبوته.

قوله: (أو القنوت). أي يجب سجود السهو بترك قنوت الوتر.

ثم قال بعد أن عدد واجبات الصلاة: (فإنه عليه الصلاة والسلام واظب عليها من غير تركها مرة).

وفية نظر؛ فإن القنوت في الوتر قد تقدم ما فيه من الخلاف. وأمثل ما فيه حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما. وعن أحمد رحمة الله تعالى أنه قال: لم يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم في قنوت الوتر قبل أو بعد شيء. واختار هو

ص: 710

القنوت بعد الركوع، وقال عن حديث الحسن: إنه لا يعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في القنوت أحسن منه.

قوله: (والأصح قدر ما تجوز به الصلاة في الفصلين).

أي في الجهر والإخفاء. وفي تصحيحه نظر؛ فإن في حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية أحياناً

" الحديث، متفق عليه.

وهذا الإشكال إنما يتأتى على قول أبي حنيفة، لأن عنده أدنى ما تجوز به الصلاة آية، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه:"كان يجهر بالآية في صلاة السرّ أحياناً" كما تقدم.

ص: 711

قوله: (وإن سها عن القعدة الأخيرة حتى قام إلى الخامسة رجع إلى القعدة).

إلى أن قال: (وإن قيد الخامسة بسجدة بطل فرضه عندنا، خلافاً للشافعي).

إلى أن قال: (وتحولت صلاته نفلاً).

إلى أن قال: (ولو قعد في الرابعة ثم قام ولم يسلم عاد إلى القعدة).

إلى أن قال: (وإذ قيد الخامسة بالسجدة ثم تذكر ضم إليها ركعة أخرى وتم فرضه).

في القول بفساد صلاته إذا قام إلى الخامسة وقيدها بسجدة، ولم يكن قعد قدر التشهد، وفي إلزامه بضم ركعة أخرى إلى الخامسة إن كان قد قام إليها بعد أن قعد قدر التشهد، نظر.

وأكثر العلماء على عدم فساد الصلاة في الوجه الأول، وعدم لزوم ضم ركعة أخرى في الوجه الثاني، وعلية الأئمة الثلاثة

ص: 712

وغيرهم، لحديث ابن مسعود المتقدم المتفق على صحته، أن النبي صلى الله عليه وسلم:"صلى خمساً، فقيل له: فسجد للسهو، ولم يعد الصلاة، ولا أضاف إلى الخامسة شيئاً".

قوله: (لنهيه عليه الصلاة والسلام عن البتيراء).

لم يثبت في النهي عن البتيراء حديث. وقد روي فيه عن محمد بن كعب القرظي حديث مرسل ضعفه النووي، وذكر أبو عمر بن عبد البر حديث النهي عن البتيراء``` عن الخدري وضعفه.

قوله: (لقوله عليه السلام: "إذا شك أحاكم في صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة".

ص: 713

قال السروجي: هكذا في "المبسوط"، و "المحيط"، و "الذخيرة" / انتهى.

وإنما عزاه في هذه الكتب لأنه لا أصل له في كتب الحديث، ولكن ذكر ابن أبي شيبة في مصنفة آثاراً عن ابن عمر وغيره في الإعادة، وليس فيها أن ذلك فيما إذا كان أول ما عرض له الشك، فلعل ذلك كان على سبيل الاحتياط، لا على وجه اللزوم. وهذا هو الظاهر. وقد اختلف المشايخ في معنى:"أول ما عرض له الشك". وفي ثبوت هذا المعنى إشكال، فإن التفريق بين السهو الأول وغيره لا يدل عليه نص. والأمر بالاستقبال لم يثبت حتى يقال إنه يحمل على أنه أول ما عرض الشك. والله أعلم.

ص: 714