الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في البقر
قوله: (وقال أبو يوسف ومحمد: لا شيء في الزيادة حتى تبلغ ستين، وهو رواية عن أبي حنيفة لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ رضي الله عنه: "لا تأخذ من أوقاص البقر شيئًا"، وفسروه بما بين الأربعين إلى الستين، قلنا: قد قيل أن المراد منها الصغار).
الحديث المذكور غير صحيح، وعلى تقدير صحته لا يصح القول بأن المراد منها الصغار، وإنما هو ما بين الفريضتين من الإبل، والبقر، والغنم. وكذلك الشنق، وبعض العلماء يجعل الوقص في البقر خاصة والشنق في
الإبل خاصة كذا في "الصحاح" و"المحكم" و"المغرب".
قال النووي: ثم المشهور أن الوقص ما بين الفريضتين كما بين خمس وعشر، وقد استعملوه أيضًا فيما لا زكاة فيه، وإن كان دون النصاب كأربع من الإبل. انتهى.
والقول بأنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ ستين هو الحق، فإن حديث معاذ رضي الله عنه قال:"بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارًا أو عدله معافر".
قال في المنتقى: رواه الخمسة. وليس لابن ماجه فيه حكم الحالم.
انتهى. قد تلقته الأمة بالقبول، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. وهو كاف في الاستدلال على عدم الوجوب فيما بين الأربعين والستين؛ لأن حكم زكاة البقر قد أدير فيه على اعتبار الثلاثينيات والأربعينيات.
ويؤيده ما رواه الإمام أحمد عن يحيى بن الحكم أن معاذًا رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصدق أهل اليمن، فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا، ومن كل أربعين مسنة، فعرضوا علي أن آخذ ما بين الأربعين والخمسين، وما بين الستين والسبعين، وما بين الثمانين والتسعين، فقدمت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن لا آخذ فيما بين ذلك، وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها". وإن كان قد تكلم في هذا الحديث بأن معاذًا لم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه من اليمن فهو يصلح للاعتضاد لا للاعتماد، كيف وإن الأوقاص شأنها أن لا واجب فيها؟ وهو ما بين الفريضتين.
وأيضًا فإنه لا يعرف في الشرع في زكاة السوائم أخذ جزء من الحيوان، ولهذا عدل في أول نصاب الإبل إلى الشياه فرارًا من التشقيص. والقول بعدم الوجوب فيما بين الأربعين والستين قول الأئمة الثلاثة، وأكثر أهل العلم، ورواية عن أبي حنيفة كما ذكره المصنف، واختاره أكثر المشايخ فلا يعدل عنه.
* * *