المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يوجب القضاء والكفارة - التنبيه على مشكلات الهداية - جـ ٢

[ابن أبي العز]

فهرس الكتاب

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل في القراءة

- ‌باب الإمامة

- ‌باب الحدث في الصلاة

- ‌باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها

- ‌فصل

- ‌باب الوتر

- ‌باب النوافل

- ‌فصل في القراءة

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌باب قضاء الفوائت

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة المريض

- ‌باب سجود التلاوة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب الجمعة

- ‌باب العيدين

- ‌فصل في تكبيرات في التشريق

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب الجنائز

- ‌فصل في الكفن

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌فصل في الدفن

- ‌باب الشهيد

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌فصل في الإبل

- ‌فصل في البقر

- ‌فصل في الغنم

- ‌فصل في الخيل

- ‌فصل

- ‌باب زكاة المال

- ‌فصل في الذهب

- ‌فصل في العروض

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌باب المعدن والركاز

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌باب من يجوز دفع الصدقة إليه ومن لا يجوز

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يوجب القضاء والكفارة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يوجبه على نفسه

- ‌باب الاعتكاف

الفصل: ‌باب ما يوجب القضاء والكفارة

‌باب ما يوجب القضاء والكفارة

قوله: (ولنا أنه لا يغلب وجوده وعذر النسيان غالب، لأن النسيان من قبل من له الحق، والإكراه من قبل غيره، فيفترقان كالمقيد والمريض في قضاء الصلاة).

يعني أن عذر الخطأ لا يغلب وجوده كما يغلب عذر النسيان. وهذا ماش على أن الأصل في النسيان أن لا يكون عذرًا ولكن النص ورد به على خلاف القياس. وفيه نظر، ولو قيل أن الكف عن الأكل والشرب والجماع من باب التروك، وكذا اجتناب النجاسة في الصلاة والكلام فيها، والطيب في الإحرام، وما كان من باب التروك يعذر فيه بالخطأ والنسيان؛ لأن المراد قصد تركه وذلك موجود بخلاف الفعل، ولأن الفعل يمكن أن لا يعتبر شرعًا مع وجوده حسًا لعدم قصده، ولا يمكن أن يجعل الترك فعلًا لأنه عدم، فالطهارة من الحدث في الصلاة أمر وجودي فلا يعذر بنسيانها، والطهارة عن النجاسة

ص: 905

فيها من باب التروك فيعذر بنسيانها، فمن هذا الوجه يستوي الخطأ والنسيان ولا يفيد الفرق بغلبة الوجود. ولبسط ذلك موضع آخر، والغرض التنبيه على الإشكال. والتفريق بكون النسيان من قبل من له الحق والإكراه من قبل غيره فيه نظر، فإنه لم يستند إلى دليل، بل قد ورد في الشرع ما يدل على عدم اعتبار الفرق بينهما كقوله عليه السلام:((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))، وقوله صلى الله عليه وسلم:((صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فغن لم تستطع فعلى جنبك))، وقال تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم} . ولا يدل على الفرق بين المقيد والمريض كتاب ولا سنة فلا يصح القياس عليه إلا بعد ثبوته، والمقيد قد اتقى الله ما استطاع وامتثل الأمر حسب وسعه، فكيف يقال إنه يقضي؟.

قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ثلاث لا يفطرن الصائم: القيء،

ص: 906

والحجامة، والاحتلام)). ضعفه الترمذي وقال: غير محفوظ.

قوله: (وكالمستمني بالكف على ما قالوا) ز يعني لا يفطر وفيه نظر.

قال في ((الذخيرة)): هذا قول أبي بكر وأبي القاسم، وعامة المشايخ على خلافه، وهو قول الأئمة الثلاثة. قال في ((الينابيع)): وهو المختار.

ص: 907

قوله: (وكذا إذا احتجم، لهذا ولما روينا).

يعني لا يفطر، ولا يشير بقوله: لهذا إلى قوله: لعدم المنافي، وبقوله: لما روينا إلى قوله: لقوله عليه السلام: "ثلاث لا يفطرن الصائم: القيء، والحجامة، والاحتلام"، فأما الحديث فقد تقدم تضعيف الترمذي له وقوله: إنه حديث غير محفوظ" ولهذا عدل السروجي عن الاحتجاج به، واحتج بما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم".

وأن ثابتاً البناني قال/ لأنس بن مالك: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم

ص: 908

على عهد رسول الله -صلي الله عليه وسلم-؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف"، واحتج أيضاً بأحاديث آخر أخرجها بعض أهل السنن وهو قول أكثر العلماء، وذهب الإمام أحمد وإسحاق، ومحمد بن خزيمة، وعطاء، والأوزاعي، ومسروق، والحسن وابن سيرين، وابن المنذر، وعبد الرحمن بن مهدي-ذكرهم السروجي وابن قدامة في المغني، إلى أن الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم.

واحتجوا بحديث رافع بن خديج أنه -صلي الله عليه وسلم- قال: "أفطر الحاجم والمحجوم".

رواه الترمذي وأحمد، وحديث

ص: 909

ثوبان، وشداد بن أوس مثله، قال أحمد: أصح حديث في هذا الباب حديث رافع بن خديج كذا قال السروجي، وقال ابن قدامة: قال أحمد: حديث شداد من أصح حديث يروي في هذا الباب، وإسناد حديث رافع إسناد جيد، وقال الترمذي، سالت البخاري قال: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان.

وذكر الترمذي عن علي بن المديني أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان وشداد وصححه أحمد، وأخرجه من رواية أربعة عشر

ص: 910

صحابياً، وادعى كل من الفريقين أن أحاديثهم ناسخة، وإذا جهل التاريخ يكون جعل قوله:"أفطر الحاجم والمحجوم" ناسخاً أولى؛ لأنه إذا تعارض خبران أحدهما ناقل عن الأصل والآخر مبق على الأصل كان الناقل أولى بأن يجعل ناسخاً، لئلا يلزم تغيير الحكم مرتين، فإذا قدر احتجامه قبل نهيه عن الحجامة لم يغير الحكم إلا مرة، وإن قدر بعد ذلك لزم تغييره مرتين.

ورجح السروجي المذهب من وجوه فقال: أحدها: إن أحاديثنا أصح، وجوابه: سلمنا أنه أصح لكنها غير محكمة في المعارضة، فإن حديث ابن عباس يحتمل أن النبي -صلي الله عليه وسلم- احتجم فأفطر كما روي عنه أنه:"قاء

ص: 911

فأفطر".

فإنه كان في صوم النفل، فإن في بعض طرق الحديث "احتجم وهو محرم صائم"، وإنما كان إحرامه في أشهر الحج، فإن عمره التي اعتمرها كلها غير التي مع حجه كانت في ذي القعدة، أو هي يحتمل النفل، وأنه لما احتاج إلى الحجامة احتجم وأفطر كما كان يصبح صائماً ثم يدخل على أهله فإن وجد عندهم ما يأكل أكل بعدما يقول:"إني أصبحت صائماً"، وهل كان يقضي أم لا؟ أمر آخر، وكان ابن عباس رضي الله عنهما راوي الحديث" يعد الحجام والمحاجم فإذا غابت الشمس احتجم بالليل" كذا رواه الجوزجاني، وقد قال أحمد: إنه لم يصح عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه احتجم وهو صائم، وحديث

ص: 912

أنس نافي، والمثبت أولى.

والثاني: أن حديثهم منسوخ، وقد تقدم أن دعوي النسخ من الجانبين لم تثبت، والثالث والرابع والخامس: ترجيح بأحاديث لم تثبت، ثم ذكر احتمالات لم تنشأ عن دليل، وهي أن إفطار الحاجم لابتلاعه الدم، والمحجوم لحصول الضعف بسبب الاحتجام، أو أنهما كانا يغتابان، أو مر بهما آخر النهار فكأنه عذرهما، أو دعا عليهما، وعزا هذه الاحتمالات إلى "الذخيرة القفافية"، وما أشار إليه المصنف من عدم المنافي ظاهر في الحاجم، أما في المحجوم ففيه نظر، فإن المنافي للصوم يكون مما يخرج كما يكون مما يدخل كدم الحيض والنفاس والاستمناء والاستقاء، فقد فرق فيما كان من قوام البدن كالمني والدم والغذاء بين خروجه وإخراجه؛ فمن احتلم لم يفطر ومن استمنى

ص: 913

بالمباشرة يفطر، وبغيرها فيه نزاع.

والأظهر أنه يفطر كالمباشرة، ومن استقاء يفطر ومن ذرعه القيء لم يفطر فكذا من احتجم يفطر بخلاف من أخرج أو رعف وبخلاف المستحاضة، وأما الحائض والنفساء فلما كان عذرهما غير نادر وهو مضعف جعل منافياً للصوم، والحائض تجد وقتاً تصوم فيه من غير حيض،

ص: 914

وكذا النفساء، وأما المستحاضة فقد لا تجد، والقائلون بأن الحجامة/ [يفطر] اختلفوا في أفصد ونحوه، والأصح أن ذلك مثل الحجامة.

قوله: (واختلفوا في المطر والثلج، والأصح أنه يفسد لإمكان الامتناع عنهما إذا أواه خيمة أو سقف).

في تعليله نظر؛ فإنه قد لا يكون عنده خيمة ولا سقف، ولو علل بإمكان الاحتراز منه بضم فمه كان أظهر.

قوله: (ولنا أن القليل تابع لأسنانه بمنزلة ريقة).

في تعليلة بتبعية القليل لأسنانه نظر، وصوابه أن يقول: تابع لريقة لأنه لا يفطر بابتلاع ريقة وإذا ابتلع القليل مع ريقة لا يفطر لأنه تابع لريقة، ولا يستقيم التعليل بكونه تابعاً لأسنانه لأنه لا يبتلع أسنانه بكون القليل تابعاً لها، وإنما يبتلع ريقه.

قوله: (ولا مضغها لا يفسد لأنها تتلاشى).

ص: 915

يعني لو مضغ سمسمه ثم ابتلعها مع ريقة لا يفطر وفيه نظر، قال السروجي: وفي "جوامع الفقه" قيل: يفسده وفي الكفارة خلاف. والمختار لا يجب.

قوله: (ومن جامع عمداً في أحد السبلين فعليه القضاء استدراكاً للمصلحة الفائتة).

في تعليله بقوله: استدراكاً للمصلحة الفائتة نظر، وقد اختلف العلماء في وجوب القضاء على من ترك الصوم أو الصلاة عمداً أو أفسدهما عمداً، فاتفقت الأئمة الأربعة على وجوب قضاء الصلاة، وكثير من الناس يظن الإجماع على ذلك، والخلاف فيها منقول عن جماعة من السلف والخلف، بل قال ابن حزم: وممن قال بقولنا - يعني في عدم القضاء على تارك الصلاة عمداً - عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وسعد بن أبي وقاص، وسلمان، وابن

ص: 916

مسعود، وعد جماعة من التابعين أيضاً، ثم قال بعد ذلك: ولا يعلم لمن ذكرنا من الصحابة مخالفاً، وأما قضاء الصوم فقال الشافعي يحتمل إن كفر أن يكون بدلاً من الصيام، ويحتمل أن يكون الصيام مع الكفارة، ولكل وجه، وأحب إلى أن يكفر ويصوم مع الكفارة، هذه رواية الربعي عنه.

وقال الأوزاعي: إن كفر بالعتق أو بالطعام صام يوماً مكان ذلك اليوم الذي أفطر، وإن صام شهرين متتابعين دخل فيهما قضاء يومه.

وقال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو يوسف، ومحمد، وأبو ثور: يقضي يوماً مكانه ويكفر، وقال ابن المنذر فيمن أفطر بالأكل والشرب: وروينا عن علي وعبد الله أنهما قالا: لا يقضيه أبداً وإن صام الدهر

ص: 917

كله، انتهى، وسيأتي هذا مرفوعاً إلى النبي -صلي الله عليه وسلم-.

ولا خلاف أنه لا يذهب القضاء عنه إثم التفويت، بل هو مستحق للعقوبة إلا أنه يعفو الله عنه، ولا خلاف أن التوبة النصوح تنفعه، ولكن هل من تمام توبته قضاء تلك الفوائت التي تعمد تركها فلا تصح التوبة بدون قضائها أم لا تتوقف التوبة على القضاء فيحافظ على إقامة فرضه في المستقبل ويستكثر من النوافل وقد تعذر عليه استدراك ما مضي؟، وقالوا ذنب العامد أعظم من أن ينفعه القضاء كما ينفع المعذور كما قال أبو حنيفة رحمه الله عن اليمين المغموس. وقيل: العمد إنه لا تشرع فيهما الكفارة كما تشرع في اليمين المنعقدة، وقيل: الخطأ لعظم ذنبه لا للتخفيف عنه.

ص: 918

وقالوا: أوامر الله تعالي نوعان: مطلق ومؤقت، فالمؤقت فعله في وقته شرط في كونه عبادة مأموراً بها، لأنه إنما أمر به على هذه الصفة فلا يكون عبادة على غيرها، قالوا: فما أمر الله به في وقت إذا فات وقته لم يمكن فعله بعد الوقت شرعاً وإن أمكن حساً، بلا لا يمكن حساً أيضاً، فإن المأتي بعد الوقت غير المشروع؛ ولهذا لا يمكن فعل الجمعة بعد خروج وقتها، ولا الوقوف بعرفة بعد وقته، ولا الحج غير أشهره، وأما الصلوات فقد ثبت بالنص والإجماع أن المعذور بالنوم والنسيان والغلبة على العقل بالإماء يصليها إذا زال عذره.

وإن كان حديث "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستقيظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق" يقتضي انتفاء الأداء والقضاء، لكن وقت القضاء على النائم بقوله:"من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ركها"، وبقي المجنون/ على الإطلاق كالصبي، وكذلك صوم رمضان شرع الله سبحانه قضائه بعذر المرض والسفر والحيض.

ص: 919

قالوا: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أدرك ركعة في العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح"، فلو كان فعلهما بعد غروب الشمس وطلوعها صحيحاً مطلقاً لكان مدركاً سواء أدرك ركعة أو أقل من ركعة أو لم يدرك منها شيئاً، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يرد أن من أدرك ركعة صحت صلاته بلا إثم؛ إذ لا خلاف بين الأمة أنه لا يحل له تأخيرها إلى أن يضيق الوقت عن كمال فعلها، وإنما أراد بالإدراك الصحة والاجزاء.

قالوا: وهذه التي يأتي بها غير التي أمر بها قطعاً فلا يكون ممتثلاً للأمر؛ ولهذا عدل من عدل عن القول بأن القضاء يكون بالأمر الأول، وقالوا: بل بأمر جديد، ولم يرد أمر جديد بقضاء المتروك عمداً، قالوا: وقد دلَّ النص والإجماع على أن من أخر الصلاة عن وقتها عمداً أنها قد فاتته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله"، وما فات فلا سبيل إلى إدراكه، قالوا: وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم-

ص: 920

في الحديث الذي رواه الإمام وغيره: "من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صيام الدهر كله وإن صامه".

فإن قيل: قد ورد في حديث الإعرابي الذي جمع أهله في رمضان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في آخر الحديث: "وصم يوماً واستغفر الله" وعنه صلى الله عليه وسلم قال: "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض"

ص: 921

رواهما أهل السنن، قيل: الحديثان معلولان تكلم أهل الحديث على تضعيفهما، ولهذا لم يخرجهما أهل الصحيح، مع أن الإنسان إنما يتقيأ لعذر كالمريض يتداوي بالتقيء، أو يتقيأ لأنه أكل ما فيه شبهه كما تقيأ أبو بكر رضي الله عنه من كسب المتكن، وإذا كان المستقيء معذوراً كان ما فعله جائزاً، وصار من جملة المرضي أن يقضون أو ملحقاً بهم، ولم يكن من

ص: 922

أهل الكبائر الذين أفطروا بغير عذر.

وقال أبو محمد بن حزم: فنسأل: من أوجب على العامد قضاء ما تعمد تركه من الصلاة؟ أخبرنا عن هذه الصلاة أهي [ال] صلاة التي أمر الله بها، أم هي غيرها؟ فإن قالوا: هي هي! قلنا لهم: فالعامد لتركها ليس عاصياً لله لأنه قد فعل ما أمره الله به ولا إثم عليه على قولكم! وهذا لا يقوله مسلمّ! وإن قوال: ليس هي التي أمر الله بها، قلنا: صدقتم، وفي هذا كفاية إذ أقروا أنهم أمروا بما لم يأمر به الله، وقد أطنب أبو عمر بن عبد البر في وجوب القضاء، ولولا خوف الإطالة لسقت كلامه وذكرت الجواب عنه، وإنما القصد في هذا المختصر الإشارة إلى ما فيه إشكال مما ذكره صاحب الهداية، ولما قال هنا: استدراكاً للمصلحة نبهت على أن هذه المصلحة في استدراكها نظر

قوله: (ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: "من أفطر في رمضان فعليه ما

ص: 923

على المظاهر"، وكلمة "من" تنتظم الذكور والإناث).

هذا الحديث منكر.

قال السروجي رحمه الله: ذكر شمس الدين سبط ابن الجوزي في كتابه المسمي بنهاية الصنائع عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه قال: "من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر" وقال: رواه البخاري ومسلم، قال السروجي: قلت: لا أصل له فضلاً عن أن يخرجه الشيخان.

ص: 924