الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستسقاء
قوله: (قال أبو حنيفة ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإن صلى الناس وحدانًا جاز، وإنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار).
إلى أن قال: (قلنا: فعله مرة وتركه أخرى فلم يكن سنة).
يعنى الصلاة. وفيه نظر؛ فإن الذين قالوا بمشروعية صلاة الاستسقاء في جماعة وهم سائر الأئمة لم يقولوا بتعينها، بل قالوا: إن الاستسقاء على ثلاثة أوجه: تارة يدعون عقب الصلوات، وتارة يخرجون إلى المصلى فيدعون من غير صلاة بجماعة، وتارة يصلون جماعة ويدعون.
وأبو حنيفة رحمه الله لم يبلغه الوجه الثالث فلم يقل به؛ وبلغ غيره فقال به، وكلام المصنف هنا فيه تناقض؛ فإنه قال أولاً: وإنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار، فيكون مراده بقوله: ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة أي ليس فيها صلاة مشروعة.
ثم قال: قلنا: فعله مرة وتركه أخرى فلم يكن سنة ومراده بذلك أنه جائز ولكنه غير مسنونة، وهذا يناقض أول كلامه لأن فعله مرة يدل على مشروعيته قطعًا.
وهذا الذي عناه سائر العلماء أنه مشروع، ولم يعنوا أنه لا يشرع غيره، بل عنوا به أنه فعل مسنون كالدعاء والاستغفار. وأيضاً فلا شك أنه يثاب فاعله ولا يأثم تاركه، وهذا وصف الفعل المسنون، وأما الجائز فهو الذي استوى طرفاه فلا يثاب فاعله/ ولا يعاقب تاركه. وقد رجح الطحاوي أيضًا قول أبي يوسف ومحمد هنا.
قوله: (ولا يحضر أهل الذمة الاستسقاء لأنه لا ستنزال الرحمة وإنما ينزل عليهم اللعنة).
مذهب الأئمة الثلاثة أن أهل الذمة لا يؤمرون بالخروج للاستسقاء ولا يمنعون من الخروج مع المسلمين معتزلين، ولا يمكنون من الخروج في يوم وحدهم، وهذا هو الراجح لأنا لا نمنعهم من طلب الرزق فإن الله يرزق البر والفاجر.
وقول المصنف: لأنه لاستنزال الرحمة؛ فيه نظر، فإن عنى استنزال الرحمة الخاصة فممنوع، وإنما هو استنزال الغيث الذي هو من رحمة الله العامة التي وسعت كل شيء والكافر من أهلها. ويجب التفصيل في مواطن الإجمال ولكن لا يمكنون أن يستسقوا في يوم وحدهم لاحتمال أن يسقوا فتحصل بإجابة دعائهم فتنة لمن هو ضعيف الإيمان، والله تعالى يجيب المضطر إذا دعاه.
***