الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب من يجوز دفع الصدقة إليه ومن لا يجوز
قوله: (فهذه ثمانية أصناف، وقد سقط منها المؤلفة قلوبهم؛ لأن الله أعز الإسلام وأغنى عنهم وعلى ذلك انعقد الإجماع).
فيه نظر؛ فإن عند الحسن، والزهزي،، ومحمد بن علي، وأبي عبيد، والإمام أحمد، والظاهرية: أن سهم المؤلفة باق لم يسقط.
قال الزهري: لا أعلم شيئًا نسخ حكم المؤلفة. على أن ما ذكرنا من المعنى لا ينافي القول ببقاء حكمهم إذا وجدوا، فإن الغني عنهم لا يوجب رفع حكمهم، وإنما بمنع اعطاءهم حال الغني عنهم، فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا، وكذلك جميع الأصناف إذا عدم منهم صنف في بعض الزمان سقط حكمه في ذلك الزمان خاصة، فإن وجد عاد حكمه، كذا هذا.
قوله: (ثم هما صنفان أو صنف واحد سنذكر (5) في الوصايا إن
شاء الله تعالى).
يعني الفقراء والمساكين. وهذه حوالة تاوية، فإنه ذكر في الوصايا أنهما جنسان. قال: وفسرناهما في الزكاة. انتهى.
والصحيح أنهما صنفان إذا ذكرا معًا، وصنف واحد إذا ذكر أحد الأسمين كما في قوله تعالى:{إطعام عشرة مساكين} ، {فإطعام ستين مسكينًا} ، {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء} .
قوله: (ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: "تصدقوا على أهل الأديان كلها").
هذا الحديث لا أصل له، وهذا الإطلاق غير صحيح؛ فإنه لا يجوز التصدق على الكافر الحربي. قال الله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم
يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين} الآية.
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: "يا بني هاشم، إن الله حرم عليكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس").
هذا الحديث لا أصل له، وفي متنه شيء؛ فإن الزكاة غسالة المال لا غسالة الأيدي، وأخذهم من الخمس لا يصلح أن يكون علة لمنعهم من الزكاة؛ لأن اليتامى والمساكين وابن السبيل يستحقون في الخمس ولا يحرم عليهم بذلك أخذ الزكاة. وفي قسمة الخمس أخماسًا كلام يأتي في كتاب السير إن شاء الله تعالى.
وأيضًا فكيف يستدل لأبي حنيفة بهذا الحديث وهو لا يقول به؟! فإنه لا يرى أن ذوي القربي لهم سهم معين من الخمس، لا خمسه ولا ثلثه، وإنما يقول: إنهم يدخلون مع اليتامى والمساكين وابن السبيل ويصرف إليهم إذا
اتصفوا بواحدة من هذه الصفات من غير تقدير بسهم. وحرمة الزكاة على بني هاشم ثابتة بنصوص أخر صحيحة غير هذا الحديث المذكور.
قوله: (لأن المال هاهنا كالماء يتدنس بإسقاط الفرض، أما التطوع بمنزلة التبرد بالماء).
فيه نظر؛ فإن الوضوء على الوضوء يصير الماء به مستعملاً كما تقدم وإن كان تطوعًا. ولو قيل بالعكس لكان أظهر؛ لأن التقرب بالصدقة النفل مشروع بلا نظر، والتقرب/ بالوضوء على الوضوء فيه نظر.
وما يروى أنه عليه السلام قال: "الوضوء على الوضوء نور" لا أصل له كما تقدم.
وأيضًا فإن الماء المستعمل إنما قالوا إنه يتغير حكمه قياسًا على مال الصدقة، وإلا فليس فيه نص يدل على تغير حكمه، فكيف يصح أن يجعل
مقيسًا عليه ولم يثبت كما تقدم التنبيه عليه.
وأيضًا فنية القربة موجودة في صدقة التطوع بخلاف التبرد بالماء. وأيضًا فالأحاديث الواردة في حرمة الصدقة على بني هاشم شاملة للفرض والنفل، والله أعلم.
***