الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُزَيَّنَةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرَضَ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهَا ابْنَةُ أَخِي وَجَارِيَةٌ فَقَالَ:«إذَا عَرَكَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ إلَّا وَجْهَهَا وَإِلَّا مَا دُونَ هَذَا وَقَبَضَ عَلَى ذِرَاعِ نَفْسِهِ، فَتَرَكَ بَيْنَ قَبْضَتِهِ وَبَيْنَ الْكَفِّ مِثْلَ قَبْضَةٍ أُخْرَى أَوْ نَحْوِهَا»
وَذَكَرَ حَدِيثَ أَسْمَاءَ: «إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ» وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَتَخْصِيصُ الْحَائِضِ بِهَذَا التَّحْدِيدِ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهَا.
[فَصْلٌ مَنْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ الرِّجَالِ لِكِبَرٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ]
(5340)
فَصْلٌ: وَمَنْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ الرِّجَالِ، لِكِبَرٍ، أَوْ عُنَّةٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ الْخَصِيُّ، أَوْ الشَّيْخُ، أَوْ الْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا شَهْوَةَ لَهُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ ذِي الْمَحْرَمِ فِي النَّظَرِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31] أَيْ: غَيْرِ أُولِي الْحَاجَةِ إلَى النِّسَاءِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الَّذِي لَا تَسْتَحِي مِنْهُ النِّسَاءُ وَعَنْهُ: هُوَ الْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا يَقُومُ زُبُّهُ وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ الَّذِي لَا أَرَبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ فَإِنْ كَانَ الْمُخَنَّثُ ذَا شَهْوَةٍ.
وَيَعْرِفُ أَمْرَ النِّسَاءِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:«دَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثٌ، فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً، أَنَّهَا إذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَاهُنَا؟ لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ هَذَا فَحَجَبُوهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ الْمُخَنَّثُ الَّذِي تُعْرَفُ فِيهِ الْفَاحِشَةُ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا التَّخْنِيثُ شِدَّةُ التَّأْنِيثِ فِي الْخِلْقَةِ، حَتَّى يُشْبِهَ الْمَرْأَةَ فِي اللِّينِ، وَالْكَلَامِ، وَالنَّظَرِ، وَالنَّغْمَةِ، وَالْعَقْلِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي النِّسَاءِ إرْبٌ، وَكَانَ لَا يَفْطِنُ لِأُمُورِ النِّسَاءِ، وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ الَّذِينَ أُبِيحَ لَهُمْ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْمُخَنَّثَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَى نِسَائِهِ، فَلَمَّا سَمِعَهُ يَصِفُ ابْنَةَ غَيْلَانَ، وَفَهِمَ أَمْرَ النِّسَاءِ، أَمَرَ بِحَجْبِهِ؟ .