الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغَ ثَنِيَّةَ الصَّهْبَاءِ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِمَنْ حَوْلَك. فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُولِمَ بِشَاةٍ، إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِ «رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» . وَقَالَ أَنَسٌ: «مَا أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَب، أَوْلَمَ بِشَاةِ.» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. فَإِنْ أَوْلَمَ بِغَيْرِ هَذَا جَازَ؛ فَقَدْ أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ بِحَيْسٍ، وَأَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(5663)
فَصْلٌ: وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: هِيَ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَلِأَنَّ الْإِجَابَةَ إلَيْهَا وَاجِبَةٌ؛ فَكَانَتْ وَاجِبَةً. وَلَنَا، أَنَّهَا طَعَامٌ لَسُرُورٍ حَادِثٍ؛ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَطْعِمَةِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَوْنِهِ أَمَرَ بِشَاةِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمَعْنَى لَا أَصْلَ لَهُ، ثُمَّ هُوَ بَاطِلٌ بِالسَّلَامِ، لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِجَابَةُ الْمُسَلِّمِ وَاجِبَةٌ.
[مَسْأَلَةٌ وُجُوب الْإِجَابَةِ إلَى الْوَلِيمَةِ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهَا]
مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَعَلَى مَنْ دُعِيَ أَنْ يُجِيبَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ إلَى الْوَلِيمَةِ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهَا، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَهْوٌ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَالْعَنْبَرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ قَالَ: هِيَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ إكْرَامٌ وَمُوَالَاةٌ، فَهِيَ كَرَدِّ السَّلَامِ.
وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» . وَفِي لَفْظٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ إلَيْهَا» . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ؛ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ. رَوَاهُنَّ الْبُخَارِيُّ. وَهَذَا عَامٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَيْ