الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْمُحَرَّمَاتُ نِكَاحُهُنَّ بِالْأَنْسَابِ]
(5348)
قَالَ: (وَالْمُحَرَّمَاتُ نِكَاحُهُنَّ بِالْأَنْسَابِ: الْأُمَّهَاتُ، وَالْبَنَاتُ، وَالْأَخَوَاتُ، وَالْعَمَّاتُ، وَالْخَالَاتُ، وَبَنَاتُ الْأَخِ، وَبَنَاتُ الْأُخْتِ. وَالْمُحَرَّمَاتُ بِالْأَسْبَابِ: الْأُمَّهَاتُ الْمُرْضِعَاتُ، وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَأُمَّهَاتُ النِّسَاءِ، وَبَنَاتُ النِّسَاءِ اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ، وَحَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ، وَزَوْجَاتُ الْأَبِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَى تَحْرِيمِهِنَّ فِي الْكِتَابِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، سَبْعٌ بِالنَّسَبِ، وَاثْنَتَانِ بِالرَّضَاعِ، وَأَرْبَعٌ بِالْمُصَاهَرَةِ، وَوَاحِدَةٌ بِالْجَمْعِ. فَأَمَّا اللَّوَاتِي بِالنَّسَبِ فَأَوَّلُهُنَّ الْأُمَّهَاتُ، وَهُنَّ كُلُّ مَنْ انْتَسَبْت إلَيْهَا بِوِلَادَةٍ، سَوَاءٌ وَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ الْأُمِّ حَقِيقَةً، وَهِيَ الَّتِي وَلَدَتْك.
أَوْ مَجَازًا، وَهِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك وَإِنْ عَلَتْ، مِنْ ذَلِكَ جَدَّتَاك: أُمُّ أُمِّك وَأُمُّ أَبِيك، وَجَدَّتَا أُمِّك وَجَدَّتَا أَبِيك، وَجَدَّاتُ جَدَّاتِك وَجَدَّاتُ أَجْدَادِك وَإِنْ عَلَوْنَ، وَارِثَاتٍ كُنَّ أَوْ غَيْرَ وَارِثَاتٍ، كُلُّهُنَّ أُمَّهَاتٌ مُحَرَّمَاتٌ ذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَاجَرَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ فَقَالَ: تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ وَفِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَبِينَا آدَمَ وَأُمِّنَا حَوَّاءَ. وَالْبَنَاتُ، وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى انْتَسَبَتْ إلَيْك بِوِلَادَتِك كَابْنَةِ الصُّلْبِ، وَبَنَاتِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ.
وَارِثَاتٌ أَوْ غَيْرُ وَارِثَاتٍ، كُلُّهُنَّ بَنَاتٌ مُحَرَّمَاتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] فَإِنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ بِنْتُ آدَمَ، كَمَا أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ ابْنُ آدَمَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ، مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ الْأَبِ، أَوْ مِنْ الْأُمِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَلَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِنَّ، وَالْعَمَّاتُ أَخَوَاتُ الْأَبِ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ، وَأَخَوَاتُ الْأَجْدَادِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَمِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، قَرِيبًا كَانَ الْجَدُّ أَوْ بَعِيدًا، وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَمَّاتُكُمْ} [النساء: 23] وَالْخَالَاتُ أَخَوَاتُ الْأُمِّ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ، وَأَخَوَاتُ الْجَدَّاتِ وَإِنْ عَلَوْنَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ جَدَّةٍ أُمٌّ، فَكَذَلِكَ كُلُّ أُخْتٍ لِجَدَّةٍ خَالَةٌ مُحَرَّمَةٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَالاتُكُمْ} [النساء: 23] وَبَنَاتُ الْأَخِ، كُلُّ امْرَأَةٍ انْتَسَبَتْ إلَى أَخٍ بِوِلَادَةٍ فَهِيَ بِنْتُ أَخٍ مُحَرَّمَةٌ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ الْأَخُ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى تَعَالَى: {وَبَنَاتُ الأَخِ} [النساء: 23] وَبَنَاتُ الْأُخْتِ كَذَلِكَ أَيْضًا مُحَرَّمَاتٌ لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] فَهَؤُلَاءِ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْأَنْسَابِ
النَّوْعُ الثَّانِي، الْمُحَرَّمَاتُ تَحْرِيمَ السَّبَبِ وَهُوَ قِسْمَانِ: رَضَاعٌ وَمُصَاهَرَةٌ، فَأَمَّا الرَّضَاعُ: فَالْمَنْصُوصُ عَلَى التَّحْرِيمِ فِيهِ اثْنَتَانِ؛ الْأُمَّهَاتُ الْمُرْضِعَاتُ، وَهُنَّ اللَّاتِي أَرْضَعْنَك وَأُمَّهَاتُهُنَّ
وَجَدَّاتُهُنَّ وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ، عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا فِي النَّسَبِ، مُحَرَّمَاتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] كُلُّ امْرَأَةٍ أَرْضَعَتْك أُمُّهَا، أَوْ أَرْضَعَتْهَا أُمُّك أَوْ أَرْضَعَتْك وَإِيَّاهَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ ارْتَضَعْت أَنْتَ وَهِيَ مِنْ لَبَنِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، كَرَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ، لَهُمَا لَبَنٌ أَرْضَعَتْك إحْدَاهُمَا، وَأَرْضَعَتْهَا الْأُخْرَى، فَهِيَ أُخْتُك.
مُحَرَّمَةٌ عَلَيْك لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] الْقِسْمُ الثَّانِي: تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ، أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ، فَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ كُلُّ أُمٍّ لَهَا، مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَكَثِيرٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالدُّخُولِ بِابْنَتِهَا، كَمَا لَا تَحْرُمُ ابْنَتُهَا إلَّا بِالدُّخُولِ وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مِنْ نِسَائِهِ، فَتَدْخُلُ أُمُّهَا فِي عُمُومِ الْآيَةِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ الْقُرْآنُ يَعْنِي عَمِّمُوا حُكْمَهَا فِي كُلِّ حَالٍ، وَلَا تَفْصِلُوا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا. وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ دَخَلَ بِهَا، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَبِيبَتَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ زَيْدٌ تَحْرُمُ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الدُّخُولِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ وُجِدَ الدُّخُولُ أَوْ الْمَوْتُ أَوْ لَا؛ وَلِأَنَّهَا حَرُمَتْ بِالْمُصَاهَرَةِ بِقَوْلٍ مُبْهَمٍ، فَحَرُمَتْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، كَحَلِيلَةِ الِابْنِ وَالْأَبِ.
الثَّانِيَةُ: بَنَاتُ النِّسَاءِ اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ، وَهُنَّ الرَّبَائِبُ، فَلَا يَحْرُمْنَ إلَّا بِالدُّخُولِ بِأُمَّهَاتِهِنَّ، وَهُنَّ كُلُّ بِنْتٍ لِلزَّوْجَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، وَارِثَةٍ أَوْ غَيْرِ وَارِثَةٍ، عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْبَنَاتِ، إذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا رَخَّصَا فِيهَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي هَذَا «وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ حَبِيبَةَ: لَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ، وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ» وَلِأَنَّ التَّرْبِيَةَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي التَّحْرِيمِ كَسَائِرِ الْمُحَرِّمَاتِ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَلَمْ تَخْرُجْ مَخْرَجَ الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِذَلِكَ تَعْرِيفًا لَهَا بِغَالِبِ حَالِهَا، وَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِمَفْهُومِهِ
وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْمَرْأَةِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا، فِي قَوْلِ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ إذَا بَانَتْ مِنْ نِكَاحِهِ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: تَحْرُمُ ابْنَتُهَا. وَبِهِ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ الْمَوْتَ أُقِيمَ مَقَامَ الدُّخُولِ فِي تَكْمِيلِ الْعِدَّةِ وَالصَّدَاقِ، فَيَقُومُ مَقَامَهُ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا تَحْرُمُ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَمَذْهَبُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَوَامُّ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:{مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] وَهَذَا نَصٌّ لَا يُتْرَكُ لِقِيَاسٍ ضَعِيفٍ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَمْ تُحَرِّمْ الرَّبِيبَةَ.
كَفُرْقَةِ الطَّلَاقِ، وَالْمَوْتُ لَا يَجْرِي مَجْرَى الدُّخُولِ فِي الْإِحْصَانِ وَالْإِحْلَالِ وَعِدَّةِ الْأَقْرَاءِ، وَقِيَامُهُ مَقَامَهُ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ مُفَارَقَتِهِ إيَّاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَلَوْ قَامَ مَقَامَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَا يُتْرَكُ صَرِيحُ نَصِّ اللَّهِ تَعَالَى وَنَصِّ رَسُولِهِ لِقِيَاسٍ وَلَا غَيْرِهِ إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الدُّخُولَ بِهَا هُوَ وَطْؤُهَا، كُنِّيَ عَنْهُ بِالدُّخُولِ، فَإِنْ خَلَا بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا، لَمْ تَحْرُمْ ابْنَتُهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا. وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ تَحْرِيمُهَا؛ لِقَوْلِهِ: فَإِنْ خَلَا بِهَا وَقَالَ لَمْ أَطَأْهَا وَصَدَّقَتْهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِمَا وَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمَدْخُولِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا، إلَّا فِي الرُّجُوعِ إلَى زَوْجٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَفِي الزِّنَا، فَإِنَّهُمَا يُجْلَدَانِ وَلَا يُرْجَمَانِ وَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
الثَّالِثَةُ: حَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ، يَعْنِي أَزْوَاجَهُمْ، سُمِّيَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ حَلِيلَتَهُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ إزَارِ زَوْجِهَا، وَهِيَ مُحَلَّلَةٌ لَهُ، فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَزْوَاجُ أَبْنَائِهِ، وَأَبْنَاءُ بَنَاتِهِ، مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23] وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. الرَّابِعَةُ: زَوْجَاتُ الْأَبِ، فَتَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ امْرَأَةُ أَبِيهِ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا، وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: «لَقِيت خَالِي، وَمَعَهُ الرَّايَةُ، فَقُلْت: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ أَوْ أَقْتُلَهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: لَقِيت عَمِّي الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو، وَمَعَهُ الرَّايَةُ فَذَكَرَ الْخَبَرَ كَذَلِكَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ وَغَيْرُهُ
وَسَوَاءٌ فِي هَذَا امْرَأَةُ أَبِيهِ، أَوْ امْرَأَةُ جَدِّهِ لِأَبِيهِ، وَجَدِّهِ لِأُمِّهِ، قَرُبَ أَمْ بَعُدَ وَلَيْسَ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافٌ عَلِمْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَيَحْرُمُ