الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى أَقْمَرَ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَيس بِهِلَالٍ. وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ قَمَرًا، فَقِيلَ: بَعْدَ ثَالِثَةٍ. وَقِيلَ: إذَا اسْتَدَارَ. وَقِيلَ: إذَا بَهَرَ ضَوْءُهُ.
[فَصْل قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ]
(5919)
فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ. يَعْتَزِلُهَا إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَقَبْلَ الْعَشْرِ، أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَهَا فِي السَّبْعَ عَشْرَةَ، إلَّا أَنَّ الْمُثْبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. إنَّمَا أَمَرَهُ بِاجْتِنَابِهَا فِي الْعَشْرِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ أَنَّ هَذَا مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ إلَى آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ هِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ]
(5920)
فَصْلٌ: وَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ، ثُمَّ قَالَ: عَجَّلْتُ لَك تِلْكَ الطَّلْقَةَ. لَمْ تَتَعَجَّلْ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَى تَغْيِيرِهَا سَبِيلٌ. وَإِنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ طَلَاقٍ سِوَى تِلْكَ الطَّلْقَةِ، وَقَعَتْ بِهَا طَلْقَةٌ، فَإِذَا جَاءَ الزَّمَنُ الَّذِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ، وَهِيَ فِي حِبَالِهِ، وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إذَا قَدِمَ زَيْدٌ]
(5921)
فَصْلٌ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إذَا قَدِمَ زَيْدٌ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَقْدَمَ؛ لِأَنَّ إذَا اسْمُ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَقْتَ قُدُومِ زَيْدٍ. وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ زَيْدٌ فِي غَد لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ طَلَاقَهَا بِقُدُومِ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ، فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُوجَدَ. وَإِنْ مَاتَتْ غَدْوَةً. وَقَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهَا، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَوْقَعَ طَلَاقَهَا فِيهِ لَمْ يَأْتِ، وَهِيَ مَحَلٌّ لِلطَّلَاقِ، فَلَمْ تَطْلُقْ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ دُخُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ. فَقَدِمَ لَيْلًا، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ، فَتَطْلُقْ وَقْتَ قُدُومِهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ يُسَمَّى يَوْمًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] . وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ غَدْوَةً، وَقَدِمَ زَيْدٌ ظُهْرًا، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، نَتَبَيَّنُ أَنَّ طَلَاقَهَا وَقَعَ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. طَلَقَتْ مِنْ أَوَّلِهِ فَكَذَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ.
فَيَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ. وَالثَّانِي، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ قُدُومُ زَيْدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ، فَلَمْ يَقَعْ، بِخِلَافِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ شَرْطَ الطَّلَاقِ مَجِيءُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ وُجِدَ، وَهَا هُنَا شَرْطَانِ، فَلَا يُؤْخَذُ بِأَحَدِهِمَا.