الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَفُرْقَتُهُنَّ فَسْخٌ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِإِسْلَامِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ فِيهِنَّ، وَعِدَّتُهُنَّ كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ مِنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا كَذَلِكَ
وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَى الْمُخْتَارَاتِ، أَوْ بَانَتْ مِنْهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ الْمُفَارِقَاتِ، وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ ذَلِكَ. وَإِنْ اخْتَارَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ اخْتَارَ تَرْكَ الْجَمِيعِ، أُمِرَ بِطَلَاقِ أَرْبَعٍ، أَوْ تَمَامِ أَرْبَعٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ الزَّوْجَاتِ لَا يَبِنَّ مِنْهُ إلَّا بِطَلَاقٍ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ، وَقَعَ طَلَاقُهُ بِهِنَّ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ، لِاخْتِيَارِهِ لَهُنَّ، وَتَكُونُ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَاتِ مِنْ حِينَ طَلَّقَ، وَعِدَّةُ الْبَاقِيَاتِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ
وَإِنْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ، أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ، كُنَّ الْمُخْتَارَاتِ وَوَقَعَ طَلَاقُهُ بِهِنَّ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي. وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، فَمَتَى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ الْبَاقِيَاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَطْلُقْنَ مِنْهُ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ الْمُطَلَّقَاتُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ
وَلَوْ أَسْلَمَ، ثُمَّ طَلَّقَ الْجَمِيعَ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ، أُمِرَ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ فَإِذَا اخْتَارَهُنَّ تَبَيَّنَّا أَنَّ طَلَاقَهُ وَقَعَ بِهِنَّ، لِأَنَّهُنَّ زَوْجَاتٌ، وَيَعْتَدِدْنَ مِنْ حِينِ طَلَاقِهِ وَبَانَ الْبَوَاقِي مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ لِغَيْرِهِنَّ، وَلَا يَقَعُ بِهِنَّ طَلَاقُهُ، وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَاتِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مُطَلَّقَاتٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا، أَنَّ طَلَاقَهُنَّ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ فِي زَمَنٍ لَيْسَ لَهُ الِاخْتِيَارُ فِيهِ، فَإِذَا أَسْلَمْنَ تَجَدَّدَ لَهُ الِاخْتِيَارُ حِينَئِذٍ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا طَلَّقَهُنَّ وَلَهُ الِاخْتِيَارُ، وَالطَّلَاقُ يَصْلُحُ اخْتِيَارًا، وَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ بَعْضُهُنَّ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، فَصِرْنَا إلَى الْقُرْعَةِ، لِتَسَاوِي الْحُقُوقِ
(5447)
فَصْلٌ: إذَا أَسْلَمَ قَبْلَهُنَّ، وَقُلْنَا بِتَعْجِيلِ الْفُرْقَةِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ، فَلَا كَلَامَ. وَإِنْ قُلْنَا: يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَلَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُنَّ بِنَّ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهُنَّ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ، تَبَيَّنَّا أَنَّ طَلَاقَهُ لَمْ يَقَعْ بِهِنَّ، وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إذَا أَسْلَمْنَ، وَإِنْ كَانَ وَطِئَهُنَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَطِئَ غَيْرَ نِسَائِهِ، وَإِنْ آلَى مِنْهُنَّ، أَوْ ظَاهَرَ، أَوْ قَذَفَ تَبَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَيْرِ زَوْجِهِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ خَاطَبَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيَّةً. فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَوَقَعَ طَلَاقُهُ بِهَا، وَكَانَ وَطْؤُهُ لَهَا وَطْئًا لِمُطَلَّقَتِهِ. وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ غَيْرَهَا، فَوَطْؤُهُ لَهَا وَطْءٌ لِامْرَأَتِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا
وَإِنْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ فَأَسْلَمَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ مِنْهُنَّ، أَوْ أَقَلُّ فِي عِدَّتِهِنَّ، وَلَمْ تُسْلِمْ الْبَوَاقِي، تَعَيَّنَتْ الزَّوْجِيَّةُ فِي الْمُسْلِمَاتِ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِنَّ، فَإِذَا أَسْلَمَ الْبَوَاقِي، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ بِهِنَّ.
[فَصْلٌ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ]
(5448)
فَصْلٌ: إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ، فَأَسْلَمَ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ، فَلَهُ اخْتِيَارُهُنَّ، وَلَهُ الْوُقُوفُ إلَى أَنْ يُسْلِمَ الْبَوَاقِي. فَإِنْ
مَاتَ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَاقِيَاتُ، فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِيَاتِ، وَلَهُ اخْتِيَارُ بَعْضِ هَؤُلَاءِ؛ وَبَعْضِ هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَيْسَ بِعَقْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَصْحِيحٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ فِيهِنَّ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الِاخْتِيَارِ بِحَالِ ثُبُوتِهِ، وَحَالَ ثُبُوتِهِ كُنَّ أَحْيَاءَ
وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةُ مِنْهُنَّ، فَقَالَ: اخْتَرْتهَا. جَازَ، فَإِذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي. وَإِنْ قَالَ لِلْمُسْلِمَةِ: اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهَا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَالِاخْتِيَارُ لِلْأَرْبَعِ، وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ، فَيَقَعُ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَيَكُونُ طَلَاقُهُ لَهَا اخْتِيَارًا لَهَا
وَإِنْ قَالَ: اخْتَرْت فُلَانَةَ. قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلِاخْتِيَارِ، لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَيَّ بَيْنُونَةٍ، فَلَا يَصِحُّ إمْسَاكُهَا. وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا، لَمْ يَنْفَسِخْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ الِاخْتِيَارُ، لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ. وَإِنْ نَوَى بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَلَمْ يُسْلِمْ زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعٍ، أَوْ أَسْلَمَ زِيَادَةٌ فَاخْتَارَهَا، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا
(5449)
فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ اخْتَرْتهَا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ، وَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ
وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا؛ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهَا. لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَمْلِكُهُ فِي وَاحِدَةٍ حَتَّى يَزِيدَ عَدَدُ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَهِيَ طَالِقُ. وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَيَتَضَمَّنُ الِاخْتِيَارَ لَهَا، فَكُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا، وَتَطْلُقُ بِطَلَاقِهِ. وَالثَّانِي، لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَضَمَّنُ الِاخْتِيَارَ، وَالِاخْتِيَارُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ
(5450)
فَصْلٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ، فَلَهُ الِاخْتِيَارُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ، وَتَعْيِينٌ لِلْمَنْكُوحَةِ، وَلَيْسَ بِابْتِدَاءٍ لَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ الِاخْتِيَارُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَلَنَا أَنَّهُ اسْتِدَامَةُ نِكَاحٍ، لَا يُشْتَرَطُ لَهُ رِضَاءُ الْمَرْأَةِ، وَلَا وَلِيُّ، وَلَا شُهُودٌ، وَلَا يَتَجَدَّدُ بِهِ مَهْرٌ، فَجَازَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ، كَالرَّجْعَةِ