الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَوَى النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَ أَلْبَتَّةَ وَاحِدَةً، ثُمَّ جَعَلَهَا بَعْدَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. وَهَذِهِ أَقْوَالُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ، فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِطَلَاقٍ تَحْصُلُ بِهِ الْبَيْنُونَةُ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا، أَوْ نَوَى الثَّلَاثَ، وَاقْتِضَاؤُهُ لِلْبَيْنُونَةِ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ. وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ الْبَتَّ الْقَطْعُ، فَكَأَنَّهُ قَطَعَ النِّكَاحَ كُلَّهُ، وَلِذَلِكَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، كَمَا قَالَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي. وَبَتَلَهُ هُوَ الْقَطْعُ أَيْضًا؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي مَرْيَمَ الْبَتُولُ؛ لِانْقِطَاعِهَا عَنْ النِّكَاحِ.
وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّبَتُّلِ، وَهُوَ الِانْقِطَاعُ عَنْ النِّكَاحِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَكَذَلِكَ الْخَلِيَّةُ وَالْبَرِيَّةُ يَقْتَضِيَانِ الْخُلُوَّ مِنْ النِّكَاحِ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ لِلَّفْظِ مَعْنَى، فَاعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ، إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ وَيُؤَدِّي مَعْنَاهُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْبَيْنُونَةِ بِدُونِ الثَّلَاثِ، فَوَقَعَتْ ضَرُورَةُ الْوَفَاءِ بِمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ، وَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُ وَاحِدَةٍ بَائِنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، فَكَذَلِكَ بِكِنَايَاتِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُفَرِّقُوا، وَلِأَنَّ كُلَّ لَفْظَةٍ أَوْجَبَتْ الثَّلَاثَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، أَوْجَبَتْهَا فِي غَيْرِهَا، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. فَأَمَّا حَدِيثُ رُكَانَةَ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ ضَعَّفَ إسْنَادَهُ، فَلِذَلِكَ تَرَكَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام لِابْنَةِ الْجَوْنِ:" الْحَقِي بِأَهْلِك ".
فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَا تَقْتَضِي الثَّلَاثَ، وَلَيْسَتْ مِنْ اللَّفَظَاتِ الَّتِي قَالَ الصَّحَابَةُ فِيهَا بِالثَّلَاثِ، وَلَا هِيَ مِثْلُهَا، فَيُقْصَرُ الْحُكْمُ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْكِنَايَةَ بِالنِّيَّةِ كَالصَّرِيحِ. قُلْنَا: نَعَمْ، إلَّا أَنَّ الصَّرِيحَ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثٍ تَحْصُلُ بِهَا الْبَيْنُونَةُ، وَإِلَى مَا دُونَهَا مِمَّا لَا تَحْصُلُ بِهِ الْبَيْنُونَةُ، فَكَذَلِكَ الْكِنَايَةُ تَنْقَسِمُ كَذَلِكَ، فَمِنْهَا مَا يَقُومُ مَقَامَ الصَّرِيحِ الْمُحَصِّلِ لِلْبَيْنُونَةِ، وَهُوَ هَذِهِ الظَّاهِرَةُ، وَمِنْهَا مَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَاحِدَةِ، وَهُوَ مَا عَدَاهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (5860) فَصْلٌ: وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ؛ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهَذِهِ الْكِنَايَاتِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، كَقَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ، فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ كَالصَّرِيحِ.
وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةٍ؛ لِقَوْلِهِ: وَإِذَا أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَقَعَ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ. فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الصَّرِيحِ لَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةٍ، وَلِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ، فَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ.
[فَصْلٌ الطَّلَاقَ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَة]
(5861)
فَصْلٌ: وَالْكِنَايَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛
ظَاهِرَةٌ، وَهِيَ سِتَّةُ أَلْفَاظٍ؛ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَأَمْرُك بِيَدِك. الْحُكْمُ فِيهَا مَا بَيَّنَّاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ، أَوْ أَلْبَتَّةَ. فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ بِهَا الطَّلَاقَ الصَّرِيحَ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك. وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا، فَهِيَ ثَلَاثٌ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا، وَلَا مَثْنَوِيَّةَ. هَذِهِ مِثْلُ الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ ثَلَاثًا، هَكَذَا هُوَ عِنْدِي. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ قَالَ: وَلَا رَجْعَةَ لِي فِيهَا. بِالْوَاوِ، فَكَذَلِكَ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: تَكُونُ رَجْعِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِفْ الطَّلْقَةَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَطَفَ عَلَيْهَا.
وَلَنَا، أَنَّ الصِّفَةَ تَصِحُّ مَعَ الْعِطْفِ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِعَشْرَةِ وَهِيَ مَغْرِبِيَّةٌ صَحَّ، وَكَانَ صِفَةً لِلثَّمَنِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: 2] . وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنًا أَوْ وَاحِدَةً بَتَّةً. فَفِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إحْدَاهُنَّ، أَنَّهَا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَيَلْغُو مَا بَعْدَهَا. قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مُتَقَدِّمًا، إنْ نَوَى وَاحِدَةً تَكُونُ بَائِنًا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ، فَلَغَتْ الصِّفَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَقَعُ عَلَيْك. وَالثَّانِيَةُ: هِيَ ثَلَاثٌ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يَقْتَضِي الثَّلَاثَ، فَوَقَعَ، وَلَغَا قَوْلُهُ: وَاحِدَةً. كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا. وَالثَّالِثَةُ، رَوَاهَا حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ، إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، يَزِيدُهَا فِي مَهْرِهَا إنْ أَرَادَ رَجْعَتَهَا.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَوْقَعَ بِهَا وَاحِدَةً بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، وَلَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لَمَا كَانَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَلَا احْتَاجَتْ إلَى زِيَادَةٍ فِي مَهْرِهَا، وَلَوْ وَقَعَ ثَلَاثٌ لَمَا حَلَّتْ لَهُ رَجْعَتُهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ تُخَرَّجُ فِي جَمِيعِ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ، فَوَقَعَ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَقْتَضِ عَدَدًا، فَلَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَحَمَلَ الْقَاضِي رِوَايَةَ حَنْبَلٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. الْقَسَمُ الثَّانِي، مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَهِيَ ضَرْبَانِ؛ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ عَشْرَةٌ؛ الْحَقِي بِأَهْلِك. وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك. وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك. وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَجٌ. وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَاذْهَبِي فَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْت.
وَغَطِّي شَعْرَك. وَأَنْتِ حُرَّةٌ. وَقَدْ أَعْتَقْتُك. فَهَذِهِ عَنْ أَحْمَدَ فِيهَا رِوَايَتَانِ؛: إحْدَاهُمَا، أَنَّهَا ثَلَاثٌ. وَالثَّانِيَةُ، تَرْجِعُ إلَى مَا نَوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَوَاحِدَةٌ، كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي، مَقِيسٌ عَلَى هَذِهِ، وَهِيَ اسْتَبْرِئِي رَحِمَك. وَحَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ. وَتَقَنَّعِي. وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك. فَهَذِهِ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَهَا. وَالصَّحِيحُ فِي قَوْلِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِك. أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَلَا تَكُونُ ثَلَاثًا إلَّا بِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِابْنَةِ الْجَوْنِ:«الْحَقِي بِأَهْلِك» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيُطَلِّقَ ثَلَاثًا وَقَدْ نَهَى أُمَّتَهُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِابْنَةِ الْجَوْنِ: " الْحَقِي بِأَهْلِك ". وَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا غَيْرَ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيُطَلِّقَ ثَلَاثًا، فَيَكُونَ غَيْرَ طَلَاقِ السُّنَّةِ. فَقَالَ: لَا أَدْرِي. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: اعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك. لَا يَخْتَصُّ الثَّلَاثَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ الْوَاحِدَةِ، كَمَا يَكُونُ مِنْ الثَّلَاثِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ قَالَ لِسَوْدَةِ ابْنَةِ زَمْعَةَ: اعْتَدِّي» ، فَجَعَلَهَا تَطْلِيقَةً. وَرَوَى هُشَيْمٌ أَنْبَأْنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ دَجَاجَةَ الْأَسَدِيُّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ عَلَيَّ حَرَجٌ. وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: أَمَّا إنَّهَا لَيْسَتْ بِأَهْوَنِهِنَّ. وَأَمَّا سَائِرُ اللَّفَظَاتِ، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ ظَاهِرَةٌ؛ فَلِأَنَّ مَعْنَاهَا مَعْنَى الظَّاهِرَةِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك. إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَبْتُوتَةِ، أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ وَسُلْطَانٌ. وَقَوْلُهُ: أَنْتِ حُرَّةٌ، أَوْ أَعْتَقْتُك. يَقْتَضِي ذَهَابَ الرِّقِّ عَنْهَا، وَخُلُوصَهَا مِنْهُ، وَالرِّقُّ هَاهُنَا النِّكَاحُ. وَقَوْلُهُ: أَنْتِ حَرَامٌ يَقْتَضِي بَيْنُونَتَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ. وَكَذَلِكَ: حَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ، لِأَنَّك بِنْتِ مِنِّي. وَكَذَلِكَ سَائِرُهَا. وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ وَاحِدَةٌ. فَلِأَنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: حَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ. أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك، إذْ لَا يُمْكِنُ حِلُّهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْوَاحِدَةُ تُحِلُّهَا. وَكَذَلِكَ: انْكِحِي مَنْ شِئْت.
وَسَائِرُ الْأَلْفَاظِ، يَتَحَقَّقُ مَعْنَاهَا بَعْدَ قَضَاءِ عِدَّتِهَا. الْقَسَمُ الثَّالِثُ، الْخَفِيَّةُ نَحْوُ: اُخْرُجِي. وَاذْهَبِي. وَذُوقِي. وَتَجَرَّعِي. وَأَنْتِ مُخَلَّاةٌ. وَاخْتَارِي. وَوَهَبْتُك لِأَهْلِك. وَسَائِرُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْفُرْقَةِ، وَيُؤَدِّي مَعْنَى الطَّلَاقِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَهَذِهِ ثَلَاثٌ إنْ نَوَى ثَلَاثًا، وَاثْنَتَانِ إنْ نَوَاهُمَا، وَوَاحِدَةٌ إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا ظَهَرَ مِنْ الطَّلَاقِ فَهُوَ عَلَى مَا ظَهَرَ، وَمَا عَنَى بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ عَلَى مَا عَنَى، مِثْلُ: حَبْلُك عَلَى غَارِبِك. إذَا نَوَى وَاحِدَةً، أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَمِثْلُ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك. وَإِذَا نَصَّ فِي هَاتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى نِيَّتِهِ، فَكَذَلِكَ