الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَلَى هَذَا، إذَا طَلَّقَ الْكَافِرُ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ، وَأَصَابَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَا، لَمْ يُقَرَّا عَلَيْهِ
وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَسْلَمَا، فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا. وَإِنْ نَكَحَهَا كِتَابِيٌّ وَأَصَابَهَا، حَلَّتْ لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُطَلِّقُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. وَإِنْ ظَاهَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَا، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] وَإِنْ آلَى، ثَبَتَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] .
[فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْكُفَّار فِي النِّكَاحِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]
(5477)
فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فِي النِّكَاحِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، إلَّا أَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِشَرْطَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ لَا يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا. وَالثَّانِي أَنْ يَعْتَقِدُوا إبَاحَةَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ:{فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} [المائدة: 42] فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُمْ يُخَلَّوْنَ وَأَحْكَامَهُمْ إذَا لَمْ يَجِيئُوا إلَيْنَا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِمْ فِي أَحْكَامِهِمْ وَلَا فِي أَنْكِحَتِهِمْ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ نِكَاحَ مَحَارِمِهِمْ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، فِي مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً، قَالَ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. قِيلَ: مَنْ يَحُولُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ الْإِمَامُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْنَا ضَرَرًا فِي ذَلِكَ. يَعْنِي بِتَحْرِيمِ أَوْلَادِ النَّصْرَانِيَّةِ عَلَيْنَا. وَهَكَذَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِ فِي تَزْوِيجِ النَّصْرَانِيِّ الْمَجُوسِيَّةَ، وَيَجِيءُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نِكَاحِ مَحَارِمِهِمْ؛ فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ، أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَجُوسِ. وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي مَجُوسِيٍّ مَلَكَ أَمَةً نَصْرَانِيَّةً: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا؛ لِأَنَّ النَّصَارَى لَهُمْ دِينٌ. فَإِنْ مَلَكَ نَصْرَانِيٌّ مَجُوسِيَّةً، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا أَيْضًا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الضَّرَرِ.
[مَسْأَلَة ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ تَزَوَّجَهَا، وَهُمَا مُسْلِمَانِ، فَارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَا مَهْرَ لَهَا. وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ قَبْلَهَا وَقَبْلَ الدُّخُولِ، فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ دَاوُد، أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِالرِّدَّةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافُ دِينٍ يَمْنَعُ الْإِصَابَةَ، فَأَوْجَبَ فَسْخَ النِّكَاحِ،