الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ، وَيَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ، إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ، اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} (1)
قَالَ الْبُخَارِيُّ ج6ص78: {المَثُلَاتُ} : وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهِيَ: الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ ، وَقَالَ تعالى:{إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا} (2)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} : دَاعٍ.
{غِيضَ} (3): نُقِصَ.
{بِمِقْدَارٍ} : بِقَدَرٍ.
(1)[الرعد: 6 - 8]
(2)
[يونس: 102]
(3)
[هود: 44]
(خ م جة حم)، وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ اللهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ (1) وفي رواية: (مِائَةَ جُزْءٍ)(2) كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (3)) (4)(أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ ، وَالْإِنْسِ، وَالْبَهَائِمِ ، وَالْهَوَامِّ)(5)(فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الْخَلَائِقُ)(6)(وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ)(7)(فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا)(8)(وَبِهَا تَعْطِفُ الْوُحُوشُ عَلَى أَوْلَادِهَا)(9)(وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ)(10)(حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ)(11)(وَادَّخَرَ عِنْدَهُ لِأَوْلِيَائِهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً)(12)(فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)(13)(ضَمَّهَا إِلَيْهَا)(14)(فَأَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ)(15)(وَرَحِمَ بِهَا عِبَادَهُ)(16)(فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ)(17)(بِمَا)(18) (عِنْدَ اللهِ مِنْ الرَّحْمَةِ،
لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ) (19)(أَحَدٌ (20)) (21)(وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ)(22)(بِمَا)(23)(عِنْدَ اللهِ مِنْ الْعَذَابِ)(24)(مَا طَمِعَ فِي الْجَنَّةِ أَحَدٌ ")(25)
(1) قَالَ الْمُهَلَّب: الرَّحْمَة الَّتِي خَلَقَهَا الله لِعِبَادِهِ وَجَعَلَهَا فِي نُفُوسهمْ فِي الدُّنْيَا هِيَ الَّتِي يَتَغَافَرُونَ بِهَا يَوْم الْقِيَامَة التَّبَعَات بَيْنَهمْ ، قَالَ: وَيَجُوز أَنْ يَسْتَعْمِل اللهُ تِلْكَ الرَّحْمَة فِيهِمْ ، فَيَرْحَمهُمْ بِهَا ، سِوَى رَحْمَته الَّتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء ، وَهِيَ الَّتِي مِنْ صِفَة ذَاته ، وَلَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا، فَهِيَ الَّتِي يَرْحَمهُمْ بِهَا ، زَائِدًا عَلَى الرَّحْمَة الَّتِي خَلَقَهَا لَهُمْ.
قَالَ: وَيَجُوز أَنْ تَكُون الرَّحْمَة الَّتِي أَمْسَكَهَا عِنْدَ نَفْسه ، هِيَ الَّتِي عِنْدَ مَلَائِكَته الْمُسْتَغْفِرِينَ لِمَنْ فِي الْأَرْض؛ لِأَنَّ اِسْتِغْفَارهمْ لَهُمْ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فِي نُفُوسهمْ الرَّحْمَة لِأَهْلِ الْأَرْض.
قُلْت: وَحَاصِل كَلَامه: أَنَّ الرَّحْمَة رَحْمَتَانِ: رَحْمَة مِنْ صِفَة الذَّات ، وَهِيَ لَا تَتَعَدَّد، وَرَحْمَة مِنْ صِفَة الْفِعْل ، وَهِيَ الْمُشَار إِلَيْهَا هُنَا ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي شَيْء مِنْ طُرُق الْحَدِيث أَنَّ الَّتِي عِنْدَ الله رَحْمَة وَاحِدَة ، بَلْ اِتَّفَقَتْ جَمِيع الطُّرُق عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ تِسْعَة وَتِسْعِينَ رَحْمَة، وَزَادَ فِي حَدِيث سَلْمَان أَنَّهُ يُكْمِلهَا يَوْم الْقِيَامَة مِائَة بِالرَّحْمَةِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا، فَتَعَدُّدُ الرَّحْمَة بِالنِّسْبَةِ لِلْخَلْقِ. فتح الباري (17/ 133)
(2)
(م) 2572
(3)
طباقُ الشيءِ: مِلْؤُه.
(4)
(م) 2753
(5)
(م) 2752
(6)
(م) 2752 ، (خ) 5654
(7)
(جة) 4293 ، (م) 2752
(8)
(م) 2753
(9)
(م) 2752 ، (جة) 4293
(10)
(م) 2753
(11)
(م) 2752 ، (خ) 5654
(12)
(حم) 10680 ، (م) 2752 ، انظر صحيح الجامع: 1766
(13)
(م) 2753 ، (حم) 11548
(14)
(حم) 11548 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(15)
(م) 2753 ، (حم) 10680
(16)
(م) 2752 ، (جة) 4293
(17)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(18)
(حم) 8396
(19)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(20)
الْمُرَاد أَنَّ الْكَافِر لَوْ عَلِمَ سَعَة الرَّحْمَة ، لَغَطَّى عَلَى مَا يَعْلَمهُ مِنْ عِظَم الْعَذَاب فَيَحْصُل بِهِ الرَّجَاء.
فالْحَدِيث اِشْتَمَلَ عَلَى الْوَعْد وَالْوَعِيد الْمُقْتَضَيَيْنِ لِلرَّجَاءِ وَالْخَوْف، فَمَنْ عِلْم أَنَّ مِنْ صِفَات الله تَعَالَى الرَّحْمَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْحَمَهُ ، وَالِانْتِقَام مِمَّنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ ، لَا يَأمَنُ اِنْتِقَامَه مَنْ يَرْجُو رَحْمَتَه ، وَلَا يَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِه مَنْ يَخَافُ اِنْتِقَامَهُ، وَذَلِكَ بَاعِثٌ عَلَى مُجَانَبَة السَّيِّئَة ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَة ، وَمُلَازَمَةِ الطَّاعَة ، وَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَة، وهَذِهِ الْكَلِمَة سِيقَتْ لِتَرْغِيبِ الْمُؤْمِن فِي سَعَةِ رَحْمَةِ الله ، الَّتِي لَوْ عَلِمَهَا الْكَافِر الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُخْتَم عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَظّ لَهُ فِي الرَّحْمَة ، لَتَطَاوَلَ إِلَيْهَا ، وَلَمْ يَيْأَس مِنْهَا، لِقَطْعِ نَظَره عَنْ الشَّرْط ، مَعَ تَيَقُّنه بِأَنَّهُ عَلَى الْبَاطِل ، وَاسْتِمْرَاره عَلَيْهِ عِنَادًا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ حَال الْكَافِر ، فَكَيْف لَا يَطْمَع فِيهَا الْمُؤْمِن الَّذِي هَدَاهُ الله لِلْإِيمَانِ؟.
وَالْمَقْصُود مِنْ الْحَدِيث أَنَّ الْمُكَلَّف يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُون بَيْن الْخَوْف وَالرَّجَاء ، حَتَّى لَا يَكُون مُفْرِطًا فِي الرَّجَاء ، بِحَيْثُ يَصِير مِنْ الْمُرْجِئَة الْقَائِلِينَ: لَا يَضُرّ مَعَ الْإِيمَان شَيْء ، وَلَا فِي الْخَوْف ، بِحَيْثُ لَا يَكُون مِنْ الْخَوَارِج وَالْمُعْتَزِلَة ، الْقَائِلِينَ بِتَخْلِيدِ صَاحِب الْكَبِيرَة إِذَا مَاتَ عَنْ غَيْر تَوْبَة فِي النَّار، بَلْ يَكُون وَسَطًا بَيْنهمَا ، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:{يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ، وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] وَمَنْ تَتَبَّعَ دِين الْإِسْلَام ، وَجَدَ قَوَاعِدَه أُصُولًا وَفُرُوعًا ، كُلَّهَا فِي جَانِب الْوَسَط. فتح الباري (ج 18 / ص 291)
(21)
(م) 2755
(22)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(23)
(حم) 8396 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(24)
(خ) 6104 ، (م) 2755
(25)
(حم) 8396 ، (م) 2755 ، صَحِيح الْجَامِع: 1766 ، والصحيحة: 1634
(مي)، وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} (1) قَالَ: هُوَ الْحَيْضُ عَلَى الْحَبَلِ ،
{وَمَا تَزْدَادُ} ، قَالَ: فَلَهَا بِكُلِّ يَوْمٍ حَاضَتْ فِي حَمْلِهَا يَوْمًا تَزْدَادُ فِي طُهْرِهَا ، حَتَّى تَسْتَكْمِلَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ طَاهِرًا. (2)
(1)[الرعد/8]
(2)
(مي) 925 ، إسناده صحيح.