الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحْوِيلُ النِّيَّةِ فِي الصَّلاةِ
لِلْفُقَهَاءِ فِي أَثَرِ تَحْوِيلِ النِّيَّةِ تَفْصِيلٌ: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الصَّلاةَ لا تَبْطُلُ بِنِيَّةِ الانْتِقَالِ إِلَى غَيْرِهَا وَلا تَتَغَيَّرُ، بَلْ تَبْقَى كَمَا نَوَاهَا قَبْلَ التَّغْيِيرِ، مَا لَمْ يُكَبِّرْ بِنِيَّةٍ مُغَايِرَةٍ، بِأَنْ يُكَبِّرَ نَاوِيًا النَّفْلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْفَرْضِ أَوْ عَكْسُهُ، أَوِ الاقْتِدَاءَ بَعْدَ الانْفِرَادِ وَعَكْسُهُ، أَوِ الْفَائِتَةَ بَعْدَ الْوَقْتِيَّةِ وَعَكْسُهُ.
وَلا تَفْسُدُ حِينَئِذٍ إِلا إِنْ وَقَعَ تَحْوِيلُ النِّيَّةِ قَبْلَ الْجُلُوسِ الأَخِيرِ بِمِقْدَارِ التَّشَهُّدِ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ وَقُبَيْلَ السَّلامِ لا تَبْطُلُ (1).
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: نَقْلُ النِّيَّةِ سَهْوًا مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ آخَرَ أَوْ إِلَى نَفْلٍ سَهْوًا، دُونَ طُولِ قِرَاءَةٍ وَلا رُكُوعٍ، مُغْتَفَرٌ.
قَالَ ابْنُ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْمُصَلِّيَ إِنْ حَوَّلَ نِيَّتَهُ مِنْ فَرْضٍ إِلَى نَفْلٍ، فَإِنْ قَصَدَ بِتَحْوِيلِ نِيَّتِهِ رَفْعَ الْفَرِيضَةِ وَرَفْضَهَا بَطَلَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ رَفْضَهَا لَمْ تَكُنْ نِيَّتُهُ الثَّانِيَةُ مُنَافِيَةً لِلأُولَى. لأَنَّ النَّفَلَ مَطْلُوبٌ لِلشَّارِعِ، وَمُطْلَقُ الطَّلَبِ مَوْجُودٌ فِي الْوَاجِبِ، فَتَصِيرُ نِيَّةُ النَّفْلِ مُؤَكِّدَةً لا مُخَصِّصَةً (2).
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ قَلَبَ الْمُصَلِّي صَلاتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا صَلاةً أُخْرَى عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ صَحَّتْ صَلاتُهُ، وَانْقَلَبَتْ نَفْلا. وَذَلِكَ كَظَنِّهِ دُخُولَ الْوَقْتِ، فَأَحْرَمَ بِالْفَرْضِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ دُخُولِ الْوَقْتِ فَقَلَبَ صَلاتَهُ نَفْلا، أَوْ قَلَبَ صَلاتَهُ الْمُنْفَرِدَةَ نَفْلا لِيُدْرِكَ جَمَاعَةً. لَكِنْ لَوْ قَلَبَهَا نَفْلا مُعَيَّنًا كَرَكْعَتَيِ الضُّحَى لَمْ تَصِحَّ، أَمَّا إِذَا حَوَّلَ نِيَّتَهُ بِلا سَبَبٍ أَوْ غَرَضٍ صَحِيحٍ فَالأَظْهَرُ عِنْدَهُمْ بُطْلانُ الصَّلاةِ (3).
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ بُطْلانَ الصَّلاةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا حَوَّلَ نِيَّتَهُ مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ، وَتَنْقَلِبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ نَفْلا.
وَإِنِ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إِلَى نَفْلٍ فَلا تَبْطُلُ، لَكِنْ تُكْرَهُ، إِلا إِنْ كَانَ الانْتِفَالُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَلا تُكْرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهَا لا تَصِحُّ، كَمَنْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مَشْرُوعَةً وَهُوَ مُنْفَرِدٌ، فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيُدْرِكَهَا، فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْلِبَهَا نَفْلا، وَأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ؛ لأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ تَضَمَّنَتْ نِيَّةَ النَّفْلِ، فَإِذَا قَطَعَ نِيَّةَ الْفَرْضِ بَقِيَتْ نِيَّةُ النَّفْلِ (4).
وَمِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ يَتَبَيَّنُ اتِّفَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ تَحْوِيلَ نِيَّةِ الصَّلاةِ مِنْ نَفْلٍ إِلَى فَرْضٍ لا أَثَرَ لَهُ فِي نَقْلِهَا، وَتَظَلُّ نَفْلا، وَذَلِكَ لأَنَّ فِيهِ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.
(1) حاشية ابن عابدين 1/ 441، وحاشية الطحطاوي ص 184.
(2)
حاشية الدسوقي 1/ 235، ومواهب الجليل مع التاج والإكليل 1/ 516.
(3)
المجموع 3/ 286، ونهاية المحتاج 1/ 438.
(4)
كشاف القناع 1/ 318، والإنصاف 2/ 26.