المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تمهيد لفت نظري منذ سنين عديدة تكرر نسب بعض الرواة هكذا: - الجوس في المنسوب إلى دوس

[مرزوق بن هياس الزهراني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد

- ‌(1) إبراهيم بن أحمد الدوسي

- ‌(2) ابن حميد الدوسي

- ‌(3) أبو أزيهر الدوسي

- ‌(4) أبو إسحاق الدوسي

- ‌(5) أبو الأسود الدوسي

- ‌(6) أبو العوام الدوسي

- ‌(8) أبو زهر الدوسي

- ‌(9) ابو زيد الدوسي

- ‌(10) أبو صفيح بن سعد الدوسي

- ‌(11) أبو عامر الدوسي

- ‌(12) أبو عبد الله بن سليمان بن زيد الدوسي

- ‌(13) أبو عوف الدوسي

- ‌(14) أبو فاطمة الدوسي

- ‌من تلاميذه:

- ‌(15) أبو كلثم الدوسي

- ‌نسبه:

- ‌(16) أبو هاشم الدوسي

- ‌(17) أحمد بن أبي عبيدالله الدوسي

- ‌نسبه:

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌(18) أحمد بن محمد أبو الحسين الدوسي

- ‌(19) أحمد بن محمد بن أحمد الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌(20) أحمد بن مسدد الدوسي

- ‌(21) أحمد بن معافى بن عمران الدوسي

- ‌(22) أدهم أبو بشر الدوسي

- ‌(23) أزد الدوسي رسول أبي بكر رضي الله عنه

- ‌(25) إسحاق بن إبراهيم بن رجاء الدوسي

- ‌(26) إسحاق بن محمد بن معتمر الدوس

- ‌نسبه:

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌(27) الأغلب بن نباتة الدوسي

- ‌(28) أم جميل بنت خليد الدوسي

- ‌(31) إياد بن لقيط الدوسي

- ‌(32) إياس بن أبي فاطمة الدوسي

- ‌(33) إياس بن الحارث الدوسي

- ‌(34) إياس بن عبدالله الدوسي

- ‌(35) بشر بن منصور الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(36) بشر بن مدرك الهنائي الدوسي

- ‌(37) بكر بن حازم الدوسي

- ‌(38) بلال بن أبي هريرة الدوسي

- ‌(39) ثابت بن سرح أبو سلمة الدوسي

- ‌(40) ثعلبة بن بكر الدوسي

- ‌(41) ثعلبة بن سُليم الدوسي

- ‌(42) جابر بن عمران الدوسي

- ‌(43) جديع بن علي بن شبيب الدوسي

- ‌(44) جذيمة بن مالك الدوسي

- ‌(45) جرير بن حازم الجهضمي الدوسي

- ‌مولده:

- ‌نسبه:

- ‌من شيوخ جرير:

- ‌من تلاميذ:

- ‌(46) جرير بن زيد الجهضمي الدوسي

- ‌نسبه:

- ‌من شيوخه:

- ‌(48) جمعة الدوسي رضي الله عنه

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(51) جندب بن عامر بن الطفيل الدوسي

- ‌(53) جنيدب الدوسي

- ‌(54) جهمة بن عوف الدوسي

- ‌(55) الحارث بن سعد بن أبي ذباب

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(57) الحارث بن عبدالله الدوسي

- ‌(58) الحارث بن قيس الدوسي

- ‌(59) الحارث بن معيقيب الدوسي

- ‌(61) حجاج بن سليمان الدوسي

- ‌(62) حجية الدوسي

- ‌(63) حداد بن معن الدوسي

- ‌(64) الحسن بن مسدد الدوسي

- ‌(65) الحسن بن مخلد الجهضمي الدوسي

- ‌نسبه:

- ‌وفاته:

- ‌(66) الحسن بن عمرو الدوسي

- ‌(67) الحسين بن محمد الدوسي

- ‌(70) حمامي بن جرو الدوسي

- ‌(71) حممة بن أبي حممة الدوسي

- ‌(73) حنظلة الدوسي

- ‌(74) حميد بن عبد الرحمن الدوسي

- ‌(75) خالد بن شعيب الحداني

- ‌(76) خالد بن عوف الدوسي

- ‌(77) خالد أبو كلثم الدوسي

- ‌(78) خالد بن مغراء الدوسي

- ‌(79) خباب بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌(80) خفاف بن عمرو

- ‌(81) خليل بن أحمد الفراهيدي الدوسي

- ‌(82) خمام بن مالك الدوسي

- ‌(83) ديسم الدوسي

- ‌(85) ربخة بن حارث الدوسي

- ‌(86) راشد بن عمرو الدوسي

- ‌(87) رافع بن الحارث الدوسي

- ‌(88) ربيعة بن الحارث الدوسي رضي الله عنه

- ‌(89) رفاعة الدوسي

- ‌(90) زهير الدوسي

- ‌(91) زياد بن عبد الرحمن الدوسي

- ‌(93) سعيد بن زبير الدوسي

- ‌(94) سلم بن سمي الدوسي رضي الله عنه

- ‌(95) سلم بن افع الدوسي

- ‌(96) سليم بن عبدالله الفهمي الدوسي

- ‌(97) سليمان بن جنادة الدوسي

- ‌(98) سمي بن الحارث الدوسي

- ‌(99) سنان بن نوفل الدوسي

- ‌قصة إسلامه:

- ‌(101) شبابة بن مالك الدوسي

- ‌(102) شريك بن سلمة الدوسي رضي الله عنه

- ‌(103) شريك بن مالك الدوسي

- ‌(105) صبيح بن سعد الدوسي

- ‌(106) الطفيل بن عمرو الدوسي

- ‌قصة إسلامه:

- ‌أول من أسلم بعده:

- ‌موقف الطفيل من قومه:

- ‌(107) عاتكة بنت أبي أزيهر الدوسي

- ‌(108) العاض بن ثعلبة الدوسي

- ‌(109) عامر بن الطفيل الدوسي

- ‌(110) عبد الجبار بن شعيب الدوسي

- ‌(111) عبد الخالق الزهراني أبو همام

- ‌(112) عبدربه بن سيلان الدوسي

- ‌(113) عبد الرحمن بن أبي هريرة الدوسي

- ‌(114) عبد الرحمن بن إسحاق الدوسي

- ‌(115) عبد الرحمن بن بلال بن أبي هريرة

- ‌(116) عبد الرحمن بن الصامت الدوسي

- ‌(117) عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه

- ‌أمه رضي الله عنها:

- ‌أقاربه:

- ‌صفته الخِلقية:

- ‌إسلامه:

- ‌كنيته:

- ‌نزله بالمدينة:

- ‌روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الوعاء الأول:

- ‌الوعاء الثاني:

- ‌موقفه مع مروان بن الحكم:

- ‌صبره على طلب العلم:

- ‌روايته للقرآن:

- ‌منهجه في العبادة والتحصيل:

- ‌تواضعه:

- ‌كرمه رضي الله عنه

- ‌خوفه من العاقبة:

- ‌حب الناس أبا هريرة:

- ‌الرواة عنه رضي الله عنه

- ‌مواعظه:

- ‌أمانته:

- ‌شجاعته رضي الله عنه

- ‌أبناؤه:

- ‌وفاته رضي الله عنه

- ‌(118) عبد الرحمن بن عبدالله الدوسي

- ‌(119) عبد الرحمن بن عبدالله الدوسي

- ‌(120) عبد الرحمن بن عفراء الدوسي

- ‌(121) عبد الرحمن بن مصعب القطان الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌(122) عبد الرحمن بن معن الدوسي

- ‌(123) عبد الرحمن بن مغراء الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(124) عبد الرحمن بن الهضاض الدوسي

- ‌(125) عبد الصمد بن عبد الرحمن الدوسي

- ‌(126) عبد الغافر بن مسعود

- ‌(127) عبد الكبير بن معافى بن عمران الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(128) عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي

- ‌(129) عبد الله بن أبي ذباب الدوسي

- ‌(130) عبد الله بن أبي زهير بن كيسان الدوسي

- ‌(131) عبد الله بن أزيهر الدوسي رضي الله عنه

- ‌(132) عبد الله بن إياس بن أبي فاطمة الدوسي

- ‌(133) عبد الله بن جنادة الفهمي

- ‌(134) عبد الله بن حصن الدوسي

- ‌(135) عبد الله بن حوالة الدوسي رضي الله عنه

- ‌(136) عبد الله بن سعد بن أبي ذباب الدوسي

- ‌(137) عبد الله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية الدوسي

- ‌(138) عبد الله بن عبد الرحمن الدوسي

- ‌(139) عبد الله بن عبيد الدوسي

- ‌(140) عبد الله بن علي الدوسي

- ‌(141) عبد الله بن عمرو الدوسي

- ‌(142) عبد الله بن المغيرة بن أبي ذباب الدوسي

- ‌(143) عبد الله بن النعمان الدوسي

- ‌(144) عبد الله بن هلال الدوسي

- ‌(145) عبد الله بن وهب الدوسي

- ‌(146) عبد الملك بن مروان الدوسي

- ‌(147) عبد الواحد بن أبي عون الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(148) عبيد الله بن غياد بن لقيط الدوسي

- ‌(149) عبيد الله بن جنادة الدوسي

- ‌(150) عبيد الله بن جهضم الدوسي

- ‌(151) عبيد الله بن المغيرة بن أبي ذباب الدوسي

- ‌(152) عثمان بن جديع الدوسي

- ‌(153) عثمان بن عبيد الدوسي

- ‌(154) عدي بن وادع الدوسي

- ‌(155) عقبة بن أوس الدوسي

- ‌(156) عقبة بن سلم بن نافع الدوسي

- ‌(157) علي بن أحمد الدوسي

- ‌(158) علي بن جديع الدوسي

- ‌(159) علي بن الحسن الهنائي الدوسي

- ‌(160) علي بن عبدالحميد بن مصعب الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌(161) علي بن المبارك الهنائي الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(162) علي بن نصر بن علي الجهضمي

- ‌من شيوخه:

- ‌‌‌من تلاميذه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(163) علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي

- ‌من شيوخه:

- ‌وفاته:

- ‌(164) علي بن مالك الدوسي

- ‌(165) عمار الدوسي

- ‌(166) عمارة بن عمرو بن أبي كلثم الدوسي

- ‌(167) عمار الدوسي

- ‌(168) عمر بن حفص الدوسي

- ‌(169) عمرو بن أمية الدوسي

- ‌(170) عمرو بن حممة الدوسي

- ‌(171) عمرو بن طريف الدوسي

- ‌(172) عمرو بن الطفيل بن عمرو الدوسي

- ‌(173) عمرو بن فلان الدوسي

- ‌(174) عمرو بن مالك الدوسي

- ‌(175) عنبسة بن عمار الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(176) عوف بن نضلة الدوسي

- ‌(177) عياض بن الحارث الدوسي رضي الله عنه

- ‌(178) عياض بن عبدالله الدوسي

- ‌(179) عيسى بن سالم الدوسي

- ‌(180) قتادة بن دعامة الدوسي

- ‌(181) قضاعة بن عامر الدوسي

- ‌(182) كبير أبو أمية الدوسي

- ‌(183) كعب بن سور بن بكر الدوسي

- ‌(184) كرماني بن عمرو الدوسي

- ‌(185) كهمس بن شعيب الدوسي

- ‌(186) مالك بن فهم الدوسي

- ‌(187) محرر بن أبي هريرة الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(188) محرر بن بلال بن أبي هريرة

- ‌(189) محمد بن أحمد بن محمد الدوسي

- ‌(190) محمد بن أحمد بن النضر الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(191) محمد بن الحسن بن دريد الدوسي

- ‌مولده:

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(192) محمد بن عبد الرحمن بن نضلة الدوسي

- ‌(193) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب الدوسي

- ‌(194) محمد بن عبد الله الدوسي

- ‌(195) محمد بن عبد الله بن حوالة الدوسي رضي الله عنه

- ‌(196) محمد بن عقبة الدوسي

- ‌(197) محمد بن عيسى بن سالم الدوسي

- ‌مولده:

- ‌من شيوخه:

- ‌وفاته:

- ‌(198) محمد بن أحمد أبو القاسم الدوسي

- ‌(199) محمد بن عمر الدوسي

- ‌(200) محمد بن عمر الدوسي

- ‌(201) محمد بن بن أحمد بن قطبة الدوسي

- ‌(202) محمد بن المثنى الفراهيدي الدوسي

- ‌(203) محمد بن محمد بن أحمد الدوسي

- ‌(204) محمد بن محمد الدوسي

- ‌(205) محمد قطبة الدّوسي

- ‌(206) محمد بن قطبة الدّوسي

- ‌(207) محمد بن قطبة الدوسي

- ‌(208) محمد بن معنمر الدوسي

- ‌(209) محمد بن منصور بن السمح الدوسي

- ‌(210) محمد بن يحيى الدوسي

- ‌(211) مخلد بن حازم الحهضمي الدوسي

- ‌(212) مربان بن بن سعد الدوسي

- ‌(213) مرداس بن قيس الدوسي

- ‌(214) مروان بن الحارث بن أبي ذباب الدوسي

- ‌(215) مروان بن قيس الدوسي رضي الله عنه

- ‌(216) مسدد بن مسرهد الوسي

- ‌نسبه:

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌(217) مسعود بن عمرو بن عدي الدوسي

- ‌(218) مسعود بن معافى الدوسي

- ‌(219) مسلم بن جنادو الفهمي الدوسي

- ‌(220) مسلم بن يسار الدوسي

- ‌(221) مصعب بن عبد الله بن جنادة الدوسي

- ‌(222) معافى بن عمران الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(223) معاوية بن الحارث بن رافع الدوس

- ‌(224) معاوية بن عمرو الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌(225) معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي رضي الله عنه

- ‌(226) مغراء بن عياض الدوسي

- ‌(227) المغيرة بن شعبة الجهضمي الدوسي

- ‌(228) منهال الدوسي

- ‌(229) متير بن عبد الله الدوسي

- ‌(230) مهلب بن بكر بن حازم الدوسي

- ‌(231) نافع بن عقبة الدوسي

- ‌(232) نجد بن الصامت الدوسي رضي الله عنه

- ‌(233) نصر بن علي الكبير الجهضمي الدوسي

- ‌‌‌من شيوخه:

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(234) نصر بن علي الدوسي

- ‌من تلاميذه:

- ‌(235) هشام بن علي الدوسي

- ‌(236) وائلة الدوسي

- ‌(237) وكيع بن حميد الدوسي

- ‌(238) وهب بن جرير الجهضمي الدوسي

- ‌نسبه:

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌(239) وهب بن عبد الله الدوسي

- ‌(240) يحيى بن بسكان الزهراني

- ‌(241) يحيى بن الحسن الدوسي

- ‌(242) يحيى بن المتمم الدوسي

- ‌(243) يحيى بن يزيد الهنائي الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌(244) يزيد بن حازم الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌(245) بعقوب بن شيبة الدوسي

- ‌(246) يوسف بن حماد الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذ:

- ‌(247) يوسف بن يحيى الدوسي

- ‌من شيوخه:

- ‌من تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌تمهيد لفت نظري منذ سنين عديدة تكرر نسب بعض الرواة هكذا:

‌تمهيد

لفت نظري منذ سنين عديدة تكرر نسب بعض الرواة هكذا: الزهراني، الدوسي، العتكي، الأزدي، فقررت تدوين ما أقف عليه أثناء البحث، على أمل الكتابة فيه لاحقا، فجمعت قدرا مشجعا على الكتابة، ولكن سمعت من بعض الزملاء أثناء المذاكرة في أبواب من العلم أن من أبناء القبيلة من هو معني بهذا الأمر، فقلت: كفيتُ الأمر، ولا داعي لتكرار الجهد، غير أني توقعت أن الأمر ليس من السهولة بمكان أن يكتب فيه بدقة لا كمال فيها، لكنها تتسم بعناية يقصر عنها عمل المستعجل مثلي، فقلت لأخٍ عزيز أثناء الحوار حول من تصدر للأمر: إن الأمر ليس سهلا، فالأنساب تحتاج إلى دقة، وأتوقع الخلط بين المنتسب والحليف "المولى" هذا من جانب، ومن جانب آخر هل زهران المنتسب إليه واحد، أو: أكثر من شخص؟ ، فضحك زميلي عاليا، وعرفت في ضحكته شيئا من السخرية مما ذكرت، وقال: أما الموالي فهم يعدون في الأنساب؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مولى القوم منهم» (1)، وأما زهران المنتسب إليه فواحد لا غير، فقلت: نعم صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن المراد أن لهم العزة والكرامة، على خلاف في أخذ الصدقة لموالي بني هاشم، وأبعد من ذلك أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقضي على العصبية، ودعوى الجاهلية في المواقف، أما الأنساب فالعربي عربي، والرومي رومي، والفارسي فارسي وهكذا، ألا ترى علماء النسب يذكرون قيد الولاء، فيقولون:"مولاهم" أو من أنفسهم، وهذا تحقيق لقول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (2)، وأما زهران فإن سبقتني أنت أو غيرك إلى البحث فإنك ستجد توقعي حقيقة تكد ذهنك أمامها لتجد حلا، وهكذا مرت السنون تترى حتى جاوزت العشرين سنة، وتفرغت من العمل في الجامعة، وازدادت حاجتي للأنيس، فقررت معاودت البحث علِّي أجد فيه حلا، وإلا فلن أخسر الوقت في معاشرة عشرات الألوف من الرواة رحمني الله وإياهم، ومن يقرأ كتابي هذا، وجميع المسلمين،

(1) النسائي، حديث (2565).

(2)

الآية (13) من سورة الحجرات ..

ص: 6

ها أنذا أطرق الباب على مهل في هذا العام "1431" الحادي والثلاقين بعد الأربعمائة والألف من الهجرة، وهنا يظهر لي بجلاء ما توقعته قبل أكثر من عشرين سنة، وظهر لي الشبة بقوة بين أقوال العلماء في تراجم الرواة وما يقولون من ألفاظ الجرح والتعديل، التي تحار فيها اليوم عقول الباحثين، لكثرة اختلافها وتعارضها بين القوة والضعف والتوسط في الأمر، وكان هذا منطبقا على أقوالهم في الأنساب، فلنأخذ زهران المنتسب إليه، فقد تبين بعد البحث أن من ينسب إليهم أربعة هم:

الأول: زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد (1) بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان (2)، وهو قبيل عظيم من نسله (3)، قبائل دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران، وكل دوسي منسوب فإلى دوس هذا، وهو ابن حفيد زهران بن كعب، وهو أحد أحفاد زهران على العموم، ولكن يظهر الإشكال في اختلاف المصادر في "عُدثان" هل هو كما ذكر هذا المصدر هكذا: بالعين المهملة، والدال المهملة، والثاء المثلثة، بعده ألف ثم نون (4)، وإلا كما في المصدر الآخر هكذا: دوس بن "عدنان" بالعين المهملة، والدال المهملة، والنونين بينهما ألف (5)، ابن عبد الله بن حُمى، وهو عبد الله بن نصر بن زهران، والإشكال الثاني في هذا المصدر أن دوسا أصبح حفيد نصر بن زهران، وفي المصدر السابق حفيد عبد الله بن زهران، والإشكان الآخر هل عبد الله بن نصر، حفيد زهران كما في هذا المصدر، أم هو أخو نصر بن زهران كما في المصدر التالي، هكذا: دوس بن عبد الله بن زهران (6)، والذي يظهر لي أن هناك عدم دقة في النقل رواية، أو تصحيفا،

(1) ويقال: الأسْد، بسكون السين، وهي لغة في الأزد، (تهذيب سيرة ابن هشام 1/ 23).

(2)

طبقات خليفة بن خياط 1/ 201.

(3)

وقع خلل في النسب عند ابن الأثير حيث قال: عبد الله بن زهران بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد (جامع الأصول في أحاديث الرسول 12/ 805).

(4)

اللباب في تهذيب الأنساب 1/ 513، وتهذيب الكمال 30/ 181، طبقات الشافعية الكبرى 10/ 414، تهذيب سيرة ابن هشام 1/ 23.

(5)

الأنساب للصحاري 1/ 249، والإنباه على قبائل الرواة 1/ 29.

(6)

تهذيب سيرة ابن هشام 1/ 23.

ص: 7

وهو الأقوى عندي، وأن الصواب في النسب "دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب" لاتفاق الكثرة من علماء الأنساب الأقدمين عليه، وأن "عدنان" تحريف، درج عليه أكثر المتأخرين، لاستغرابهم "عدثان" في مقابل "عدنان".

ومن نسل زهران بن كعب أيضا:

أوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران (1)، وكذلك ابن عمه أوس بن مبشر بن صعب بن دُهمان (2) بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد (3)، ولم يسلم السياق في بعض المصادر من التحريف، فقد ورد في المصدر التالي هكذا: نمر بن عيمان بن نصر بن زهران بن كعب (4)، هكذا "عيمان" بالعين المهملة، والميم قبلها ياء مثناة من تحت، والصواب "عثمان" بالعين المهملة، والثاء المثلة، ثم الميم بعدها، ومن هذا يتبين أن الدوسيين، والأوسيين في زهران هم أبناء الأخوين: عبد الله بن زهران بن كعب من نسله قبائل دوس، ونصر بن زهران بن كعب من نسله قبائل أوس، المنطوق اليوم "يوس" عند العامة، وهم اليوم قبيلة بني حسن أكبر قبائل زهران، شيخها الأول عصيدان بن محمد الحسني الزهراني، توفي سنة "1353" وخلفه ابنه أحمد بن عصيدان، شيخا للقبيلة حتى توفي سنة "1360" وخلفه ابنه منسي بن أحمد شيخا للقبيلة حتى توفي سنة "1415" رحمهم الله، وخلفه إبنه مبارك بن منسي، شيخ القبيلة

(1) جمهرة أنساب العرب 2/ 383. وقد وقعت مني غفلة فدونت على عجل في كتابي "ظروف وحروف" أن أوسا هو أخو دوس وأنه تحرف اسم عدثان إلى عدنان، معتمدا على الأنساب للصحاري 1/ 66 قال: فهم بن غانم بن أوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران، هكذا، والحق أنه خطأ، والصواب ما أثبته هنا إن شاء الله، فأوس من أبناء العمومة، والله أعلم.

(2)

نسب معد واليمن الكبير 2/ 505، والتعريف بالأنساب والتنويه بذوي الأحساب 1/ 419، وكثيرا ما يتصحف اسم "صعب" إلى "صقب" بالقاف بل العين.

(3)

الإيناس بعلم الأنساب 1/ 41.

(4)

تاج العروس 1/ 3577 ..

ص: 8

اليوم، ندعو له بالتوفيق للقيام بما يجب عليه تجاه قبيلته (1)، وقبيلة بني تتكون من أربعة أفخاذ هي:

1 ــ أيل (2) وجه الذيب قرى الفرعة والعفوص، وهم الفخذ الذي فيه المشيخة.

2 ــ بني مسعود قرى نقاع بني حسن وتوابعها.

3 ــ بني مروان قرى قرن ظبي وتوابعها.

4 ــ الفضيلة قرى الجوفاء وتوابعها.

وقبيلة بني حسن رأس بني "يوس"(3)، باعتبار أنها أكبر قبيلة في زهران، وأكبر قبائل بني "يوس" وهم تسع قبائل: قبيلة بني حسن، قبيلة بني كنانة (4)، قبيلة بلخزمر، الأحلاف ست قبائل متحالفة هي: قبيلة بني عامر، قبيلة بيضان، قبيلة أحلاف بلَّسْوَد، قبيلة بلَّعْوَر، قبيلة أيل عبدالحميد، قبيلة أيل سعدي، وهذه القبائل تنتسب إلى رجلين اسم كل منهما أوس:

أحدهما: أوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب من الأزد (5)، من نسله أخو عائشة، وعبد الرحمن ابني أبي بكر لأمهما رضي الله عنهم؛ الطفيل (6) ابن

(1) وبالمناسب وصلني اليوم الثلاثاء 5/ 8/ 1433 وأنا أسطر هذه المعلومات خبر وفاة حفيدة الشيخ عصيدان خديجة بنت مفرح بن عصيدان، وهي أخت زوجتي، توفيت خديجة عن عمر قارب المائة سنة، فإنها روت لي مشاهدتها جنازة جدها عصيدان، وذكرت لي أنها رأت يده اليمنى خارج الكفن، ممدودة مبسوطة الكف، قالت: سألت أمي عن ذلك فقالت: أوصى أن تكون يده خارج الكفن مبسوطة ليعلم الناس بماذا خرج من الدنيا، وهو شيخ أكبر قبيلة في زهران، رحمهم الله.

(2)

هكذا تنطقها العامة وهي "آل" وقد قيل: رب خطأ شائع خير من صحيح ضائع، وليس هذا على الإطلاق فالمراد ما لم يعارض الشرع والأخلاق.

(3)

هكذا تنطقها العامة وهي "أوس".

(4)

إن كان كنانة فيما بعد أوس، أو كان هو أخو دوس فهم أبنا العم، على ما بينا في النص.

(5)

الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 194، وجمهرة أنساب العرب 1/ 383، وعمدة القاري شرح صحيح البخاري 17/ 17، ومعجم الصحابة لابن قانع 2/ 50، وتاريخ دمشق 33/ 347.

(6)

في تحفة الأحوذي حديث (3880) عوف بن الحارث) بن الطفيل بن سخبرة بفتح المهملة وسكون المعجمة بعدها موحدة مفتوحة الأزدي مقبول من الثالثة (وفي مسند أحمد ط الرسالة 1/ 143) مع أنه احتج به البخاري، وذكره ابن حبان في " الثقات " وروى عنه جمع. وفي تهذيب التهذيب (8/ 168: رضيع عائشة وابن أخيها لأمها روى عنها وعن أخته رميثة بنت الحارث.

عن رميثة بضم الراء وفتح الميم مصغرا بنت الحارث بن الطفيل بن سخبرة الأزدية أخت عوف رضيع عائشة مقبولة.

ص: 9

الحارث بن سخبرة بن جرثومة بن عادية بن مرة بن جشم بن الأوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب من الأزد (1)؛ وذلك أن أم رومان امرأة الحارث بن سخبرة ولدت له الطفيل المذكور، وقدم الحارث بن سخبرة من السراة إلى مكة ومعه امرأته أم رومان وولده منها الطفيل، فحالف أبا بكر الصديق ثم مات الحارث بمكة، فتزوج أبو بكر أم رومان رضي الله عنهما، فولدت له عبد الرحمن، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلمت أم رومان بمكة قديما، وبايعت وهاجرت إلى المدينة مع أهل رسول الله وولده، وأهل أبي بكر حين قدم بهم في الهجرة، وكانت أم رومان امرأة صالحة، وتوفيت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، في ذي الحجة سنة ست من الهجرة (2)، ومن المصادر من قال في نسب الطفيل: القرشي، وقيل: الأزدي (3)، وقال بعضهم في نسب الأوس: ابن عامر بن عبد الله ــ وهو حُمى ــ بن عثمان ــ ويسمى نجا ــ؛ وقال ابن الأثير رحمه الله: طفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة الأزدي، وقد ينسب إلى جده فيقال: طفيل بن سخبرة وهو هذا، وهو أخو عائشة رضي الله عنها (4)، وقد تحرف اسم "حفين" في بعض المصادر.

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 194.

(2)

الطبقات لابن سعد 8/ 276.

(3)

جامع الأصول 12/ 576، قلت: كلاهما صحيح؛ وذلك أن الحارث أبا الطفيل قدم مكة وتحته أم رومان؛ فحالف أبا بكر قبل الإسلام، ومات الحارث وقد ولدت له أم رومان الطفيل، فتزوجها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن، وعائشة، فتصح نسبته إلى قريش بهذا الاعتبار، وإلى الأزد بني أوس باعتبار النسب، (جامع الأصول 12/ 576) بتصرف.

وبين هذا الحافظ ابن كثير رحمه الله فقال: حليف قريش (جامع المسانيد والسنن 4/ 399) وانظر: امتاع الأسماع 6/ 182، 209، وطبقات خليفة 1/ 194، وقال ابن الأثير رحمه الله: والصحيح أنه أزدي وليس بقرشي. (أسد الغابة 3/ 76).

(4)

أسد الغابة 3/ 76، بتصرف.

ص: 10

تنبيه: أوس بن عامر هو أخو كنانة، فبني كنانة ليسوا من بني أوس، وهم أبناء العم، ومن وِلد كنانة الحارث بن حصيرة بن عبد الله بن الحارث بن دريد بن شبل بن عويف بن مازن بن علي بن كنانة بن عامر بن حفين (1).

والثاني: أوس بن مبشر بن صعب بن دُهمان (2) بن نصر بن زهران بن كعب بن الأزد (3).

وهنا ملاحظة: ورود ثلاثة أسماء: الأوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر، وأوس بن النمر بن عثمان بن نصر، وأوس بن مبشر بن صعب بن دُهمان بن نصر، وعليه فلا إشكال بين الأول والثاني، فالثاني هو الأول نسب إلى جده النمر، أما الثالث فهو ابن العم للأول؛ لأن عثمان ودهمان أخوان ابنا نصر، وهنا يرد احتمالان:

الأول: أن يكون أوس بن مبشربن صعب بن دهمان لم يعقب، وقد بحثت فلم أجد من ينسب إليه، وهنا تكون قبائل بني أوس تنتسب إلى أوس بن عامر.

الثاني: أن يكون لأوس بن مبشر عقب؛ وهو ما لا أرجحه، وبناء على احتمال وجود العقب فبني أوس أبناء عم يتكونون من فريقين منهم من ينتسب إلى أوس بن عامر، وآخرون ينتسبون إلى أوس بن مبشر، يلتقي بهما النسب في نصر بن زهران، فلا يستطيع أحد من قبائل بني أوس اليوم تحديد نسبه إلى أي الأوسين، وما ورد عن الشاعر محمد الثوابي الزهراني رحمه الله من ذكر "اليوسين" في بعض قصائده فإنما يريد "بني يوس" في السراة، وبني "يوس" في تهامة (4)، وقد عرفنا ذلك من كبار السن قبل أكثر من خمسين سنة، وكان جدي رحمه الله من كبارهم، وشارك في مواجهة

(1) نسب معد واليمن الكبير 1/ 468، وجمهرة أنساب العرب 1/ 383.

(2)

التعريف بالأنساب والتنويه بذوي الأحساب 1/ 44، بتصرف.

(3)

الإيناس بعلم الأنساب 1/ 41، منه تكملة النسب.

(4)

سبق أن قلت: هذا لفظ العامة؛ والمراد بنوا أوس.

ص: 11

الأتراك سنة "1320" جزامه جنبية وبندقة، وعاصر الشاعر الثوابي، وقد عشت معه إلى سن العشرين من عمري، وتوفي رحمه الله في جمادى الآخرة سنة "1386".

أما قبائل دوس اليوم فهم: قبيلة دوس بني علي، وشيخها مساعد بن عبدربه بن فرحة العلي الزهراني، وقبيلة دوس أيل (1) عياش، وكان شيخها يحيى بن أحمد، ومن بعده ابنه محمد بن يحيى العياسي، وترشح لها بعده عيسى بن مسفر ولم يبت فيها، وقبيلة دوس بني فهم، وشيخها خضران بن فراج بن سعيد الداموك الفهمي، وقبيلة بني منهب، وبالطفيل، وبني سليم، وشيخها عوض بن خضران بن عطية المنهبي، ومنهم أبو هريرة، والطفيل وغيرهما من الصحابة رضي الله عنه، وهذه القبائل متفرعة من أبناء دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب.

أولاد دوس هم:

منهب بن دوس، وغَنْم بن دوس، وقد صُحِّف في بعض المصادر إلى "غانم" وإلى "عمرو" ومنهب، وغنم قبيلان نسلهما أكبر قبائل دوس، أما عبد نهم بن دوس فليس أخا لمنهب وغنم، بل هو ابن دوسٍ آخر (2).

وتميم بن دوس من نسله بنوا واشح بن عمرو بن مالك بن فهم بن تميم بن دوس، ولم أقف عليه في غير تاريخ بغداد، وذيوله 17/ 11، فقد يكون من أبناء دوس بن عُدثان، وقد يكون آخر.

ومالك بن دوس هو أخو منهب وغَنم، وهو مالك بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران، من ولده عويمر بن أشقر له صحبة، ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه عباد بن تميم، وعبد الله بن عبد الرحمن بن الخليل بن الأشقر أبو القاسم، ولي قضاء الكرخ، وحدث عن لوين، وزيد بن أخزم، وخلق كثير، وروى عنه محمد بن المظفر، وابن حيوة، وابن شاهين، وغيرهم (3)، ولم أقف عليه في غير الإكمال.

(1) لفظ العامة والمراد " آل".

(2)

انظر: طبقات خليفة 1/ 414.

(3)

الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب 1/ 95.

ص: 12

وعامر بن دوس ليس من إخوتهم؛ لأن عامر بن دوس هذا حليف أبي بكر رضي الله عنه، وهو متأخر (1).

وفهم بن دوس، من أبناء دوس بن عدثان؛ من وِلده: جهضم بن مالك بن فهم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران (2)، من وِلده جذيمة.

فتبين من أبناء دوس بن عدثان على اليقين أربعة هم: منهب، وغَنْم، ومالك، وفهم. أولاد نصر بن زهران:

عثمان بن نصر بن زهران (3)، ودُهمان بن نصر بن زهران (4)، وعبد الله بن نصر بن زهران: لقبه حُمى (5)، وغَنْم بن نصر بن زهران (6).

وبناء على هذا فقبائل زهران دوس وما تفرع عنها، وأوس وما تفرع عنها، هم أبناء عم يلتقون في زهران بن كعب؛ دوس من طريق عبد الله بن زهران، وأوس من طريق نصر بن زهران.

أما زهران الثاني فهو:

زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو بن عامر (7)، وقيل: زهران بن حجر بن عمران بن مزيقيا (8)، ولا خلاف فمزيقيا هو عمرو بن عامر، ومن ولد زهران بن الحجر:

1 ــ فضالة بن عمير بن عامر بن عمرو بن عبدة بن زيد بن ذبيان بن حارثة بن الحارث بن زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو "مزيقيا" بن عامر.

(1) الكنى والأسماء للدولابي 1/ 172، وتاريخ ابن عساكر 67/ 310، والإصابة 7/ 349.

(2)

الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة 1/ 86، ومعجم قبائل العرب 1/ 24، والصحاح 5/ 1884، ولسان العرب، وتاج العروس.

(3)

جامع الأصول في أحاديث الرسول 12/ 961.

(4)

عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 3/ 60.

(5)

تراجم شعراء الموسوعة الشعرية 1/ 398.

(6)

مغاني الأخيار 5/ 427.

(7)

طبقات خليفة بن خياط 5/ 427.

(8)

الأعلام للزركلي 3/ 50.

ص: 13

2 ــ الحريش بن جذيمة بن زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو "مزيقيا" بن عامر (1)، وهذا غير زهران بن كعب قطعا.

ومن ولد الحريش: ثور بن زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو "مزيقيا" بن عامر (2).

وزهران الثالث:

هو زهران بن مراد من ولده قيس بن هبيرة المكشوح بن عبد يغوث بن الغربل بن سلم بن عَوتبان بن زهران بن مراد؛ وإنما سمي المكشوح؛ لأنه كشح نفسه بالنار، وهو الذي قتل الأسود العنسي، الذي تنبأ باليمن، وكان قيس بن هبيرة المكشوح رضي الله عنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتوح فارس أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالقادسية ونهاوند، وهو أحد فرسان العرب المذكورين في الجاهلية والإسلام (3) رضي الله عنه.

زهران الرابع هو:

زهران بن بن مالك ينسب إليه حي عظيم، ولهم كانت اليمامة (4)، وهذا في نظري لا علاقة له بالسراة، والله أعلم.

تنبيه:

كل من ينسب إلى العتيك ليس من ولد زهران بن كعب، ولا من ولد زهران بن الحجر؛ لأنهما أبناء عم، زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو مزيقيا، والعتيك بن أحمد (5) بن عمران بن عمرو مزيقيا، قال القاضي عياض رحمه الله: ذكر مسلم أبا الربيع الزهراني؛ كذا يعرف بفتح الزاي، وسكون الهاء، بعد الألف نون وياء النسبة، ونسبه مرة العتكي، ومرة جمع له النسبتين، ومرة اختلف رواته في نسبيه هذين، وهما لا يجتمعان، إنما يرجع إلى الأزد، لأن العتيك وزهران ابنا عم، جدهما عمران ين

(1) طبقات خليفة 1/ 201، والمؤتلف والمختلف للدار قطني 3/ 25.

(2)

طبقات الشافعية الكبرى 10/ 414.

(3)

الأنساب للصحاري 1/ 119.

(4)

المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 2/ 21.

(5)

مشارق الأنوار على صحيح الآثار 1/ 623، وسواءً كان والد العتيك أحمد أو الأسد فلا يخل بأن العتيك وزهران ابنا عم.

ص: 14

عمرو مزيقيا، إلا أن يكون أصله من أحدهما، وله نسب من جوار أو حلف من الآخر، والله أعلم (1).

قلت: صدق القاضي رحمه الله العتيك بطن من الأزد (2)، فالعتكي في الأزد ينسب إلى العتيك بن أحمد أو بن الأسْد بن عمران بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (3).

والذي أراه أن الخطط التي عُملت في الفتح في البصرة والفسطاط كانت تجمع كل قبيلة في موقع، وكان الدوسيون، والعتكيون، والأزديون، ومن تفرع منهم في موقع، ومن هنا تكون النسبة متعددة كما ذكر في نسبة الإمام أبي الربيع رحمه الله، فمن نسب إلى الأزد فهو الجد الأبعد، ومن نسب إلى زهران فهو الذي دونه، ومن نسب إلى دوس فهو الذي دونه، ومن نسب إلى جهضم فهو الذي دونه، ومن نسب إلى العتيك فهو من دون الأزد، ولكون الأزد الجد الأبعد يلتقي فيه كل القبائل المتفرعة عنه، وكانوا في وقت يحتاجون فيه إلى العصبية والتناخي والجوار، وللمجاورة تعددت النسبة للشخص الواحد، ومن هذا نشأ الخطأ، كما في نسبة أبي الربيع الزهراني وليس منهم، إنما هو عتكي أو العكس، ولم أذكر ترجمته رحمه الله لعدم جزمي بنسبته إلى واحد منهما، وغيره كثير، نعم الكل أزديون، والأزد تنقسم إلى أربعة أقسام: أزد شنوءة، وأزد السراة، وأزد غسان، وأزد عمان (4)، ونحن اليوم من قبائل العرب في المملكة العربية السعودية حرسها الله، ومنها زهران؛ ينتسبون إلى زهران الجد الأبعد وهو قبيل كبير، وهم قبائل متفرعة منه، وهم أزد السراة ومنهم دوس اليوم، وأنا من بني حسن، فكل دوسي زهراني، وكل حسني زهراني، وكذلك بقية القبائل، وعلى هذا قس القبائل، منها من ينتسب إلى القبيل: الجد الأبعد، ومنها من ينتسب إلى من تفرع منه.

(1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 623.

(2)

تفسير الطبري 1/ 12.

(3)

عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 2/ 86.

(4)

معجم البلدان 3/ 369.

ص: 15

وكذلك كل من ينسب إلى المهلب ليس من أولاد زهران بن كعب، بل من العتيك، ومنهم المهلب بن أبي صفرة، واسم أبي صفرة ظالم بن سَرَّاق، ومنهم جديع بن سعيد بن قبيصة، ومنهم عمرو بن الأشرف؛ قتل مع عائشة رضي الله عنها يوم الجمل؛ وهو والد زياد الآخذ بثأر مسعود بن عمرو الدوسي قتله الأزارقة فأخذ بثأره منهم، وهذا يؤيد التناخي بين الأزديين، وغيرهم كثير.

وكان عمرو فارس أهل البصرة، لا يخرج إليه أحد من أصحاب علي رضي الله عنه إلا قتله وهو يرتجز ويقول:

يا أمنا يا خير أم نعلم

الأم تغذو وِلدها وترحم

ألا ترين كم جواد يكلم

وتختلى هامته والمعصم (1)

فأقبل إليه الحارث بن زهير الأزدي من فرسان علي رضي الله عنه وهو يقوا:

يا أمنا يا خير أم نعلم

أما ترين كم شجاع يكلم

وتختلى هامته والمعصم (2)

واختلفا ضربتين فقتل كل واحد صاحبه (3).

وقد أهملت من لم يرق نسبه إلى دوس بن عدثان، أو لم يرد نسبه إلى أحد من نسل دوس، كفلان الأزدي، أو فلان العتكي، أو فلان الزهراني، وهذا كثير، فما كل أزدي دوسي، أو زهراني، ولا كل زهراني دوسي، وليس العتكي دوسى ولا زهراني، ولكنه أزدي، وكل دوسي زهراني أزدي، وكل زهراني أزدي، وسمعت من يزعم أن الأوس والخزرج من زهران وهو خطأ، إنما هم من الأزد؛ وهو الجد الأبعد لزهران، وغامد، وعدد كبير من القبائل (4)، فالأوس والخزرج هما ابنا حارثة بن ثعلبه بن عمرو بن

(1) الأخبار الطوال 1/ 149، 150. بتصرف.

(2)

البداية والنهاية 7/ 271. بتصرف.

(3)

الوجيز في أسباب ونتائج قتل عثمان رضي الله عنه 1/ 50.

(4)

المعارف 1/ 109

ص: 16

عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ؛ وهما ابنا قيلة، نسبا إلى أمهما وهم الأنصار.

وكذلك أهملت من ورد في نسبه "مولاهم" ومنهم أئمة كبار كشعبة بن الحجاج، وهشام بن حسان، وحماد بن زيد، وغيرهم كثير، ومعلوم اشتغال العرب بالفتوحات والرياسة بعد ذلك، وعدم تفرغهم للعلم إلا النادر منهم، ولذلك قال ابن شهاب الزهري رحمه الله، قدمت على عبدالملك بن مروان فقال لي: من أين قدمت يا زهري؟ ، قلت: من مكة، قال: فمن خلفت يسودها؟ ، قلت: عطاء بن أبي رباح، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فبما سادهم؟ قلت: بالديانة، قال: إن أهل الديانة والرواية ينبغي أن يسودوا.

قال: فمن يسود أهل اليمن؟ ، قلت: طاووس بن كيسان، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال: فبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء، قال: فمن يسود أهل مصر؟ ، قلت: يزيد بن أبي حبيب، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فمن يسود أهل الشام؟ ، قلت: مكحول، قال: أمن العرب هو أم من الموالي؟ ، قلت: من الموالي؛ عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل، قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ ، قلت: ميمون بن مهران، قال: أمن العرب هو؟ ، قلت: بل من الموالي، قال: فمن يسود أهل خراسان؟ ، قلت: الضحاك بن مزاحم، قال: أفمن العرب هو؟ ، قلت: بل من الموالي، قال: فمن يسود أهل البصرة؟ ، قلت: الحسن البصري، قال: أفمن العرب هو؟ ، قلت: بل من الموالي، قال: ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ ، قلت: إبراهيم النخعي، قال: أفمن العرب؟ ، قلت: من العرب، قال: ويلك فرجت عني، والله ليسودن الموالي العرب، حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، قلت: يا أمير المؤمنين إنما هو دين، من حفظه ساد، ومن ضيعه سقط (1).

ولم أذكر الأخساء من دوس؛ الجعد بن أبي ضِمام الخارجي الدوسي، والعلباء بن دراع الدوسي، وإليه ينسب العلبائية من الرافضة، وهو كان يفضل عليا على النبي

(1) البصائر والذخائر 1/ 439.

ص: 17

- صلى الله عليه وسلم، وكان يقول بذم محمد صلى الله عليه وسلم، وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي، فدعا إلى نفسه (1)، ولا الخارجي صاحب يوم قديد؛ المختار بن عوف بن عبدالله بن مازن بن مخاشن بن سليمة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس (2).

إن من أبناء زهران بن كعب من سكن السراة، ومعهم العديد من القبائل المهاجرة من اليمن بعد دمار سد مأرب، كبني مالك، وغامد، وغيرهم من قبائل الأزد، وقد دون ابن بطوطة (3) بعض صفات قبائل بني مالك "بجيلة" وزهران، وغامد، وهو شاهد عيان، فقال: وبلاد السروات التي يسكنها بجيلة، وزهران، وغامد، وسواهم من القبائل مُخْصِبة، كثيرة الأعناب، وافرة الغلات، وأهلها فصحاء الألسن، لهم صدق نية، وحسن اعتقاد، وهم إذا طافوا بالكعبة يتطارحون عليها، لائذين بجوارها، متعلقين بأستارها، داعين بأدعية تتصدع لرقتها القلوب، وتدمع العيون الجامدة، فترى الناس حولهم باسطي أيديهم، مؤمنين على أدعيتهم، ولا يتمكن لغيرهم الطواف معهم، ولا استلام الحجر لتزاحمهم على ذلك، وهم شجعان أنجاد، ولباسهم الجلود، وإذا وردوا مكة هابت أعراب الطريق مقدمهم، وتجنبوا اعتراضهم، ومن صحبهم من الزوار حمد صحبتهم، وذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم، وأثنى عليهم خيرا، وقال:«علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء» (4).

وكفاهم شرفا دخولهم في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان يماني، والحكمة يمانية» (5)، وذكر أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يتحرى وقت طوافهم، ويدخل في جملتهم تبركا بدعائهم، وشأنهم عجيب كله، وقد جاء في أثر:«زاحمهم في الطواف، فإن الرحمة تنصب عليهم صبا» (6).

(1) الصائر والذخائر 1/ 439.

(2)

الأعلام 7/ 193.

(3)

رحلة ابن بطوطة 1/ 402.

(4)

لم أقف عليه عند غيره، وهو صوفي قبوري، لا نعلم من أين أتى بهذا الحديث.

(5)

أخرجه أحمد (أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبا، الإيمان يمانٍ، الفقه يمانٍ، الحكمة يمانية) صحيح، حديث (7723).

(6)

لم أقف عليه عند غيره، كسابقه.

ص: 18

أما عن الانتاج الزراعي الذي كانت تتمتع به مناطق القبائل المذكورة فقال: وأهل الجهات الموالية لمكة مثل: بجيلة، وزهران، وغامد، يبادرون لحضور عمرة رجب (1)

ويجلبون إلى مكة الحبوب، والسمن، والعسل، والزبيب، واللوز، فترخص الأسعار بمكة، ويرغد عيش أهلها، وتعمهم المرافق، ولولا أهل هذه البلاد لكان أهل مكة في شظف من العيش، ويذكر أنهم متى أقاموا ببلادهم، ولم يأتوا بهذه الميرة أجدبت بلادهم، ووقع الموت في مواشيهم، ومتى أوصلوا الميرة أخصبت بلادهم، وظهرت فيها البركة، ونمت أموالهم، فهم إذا حان وقت ميرتهم وأدركهم كسل عنها اجتمعت نساؤهم فأخرجنهم، ! وهذا من لطائف صنع الله تعالى، وعنايته ببلده الأمين (2).

قلت: لا شك فقد كانت مناطق زهران وغامد وبني مالك وغيرها سلة غذاء لأهلها، ولمكة وجدة وغيرها أيضا، وكانت قبائل السروات عموما تهامة وسراة؛ من الطائف

(1) إن تخصيص شهر رجب بالعمرة من بين سائر الشهور بدعة، ولا أصل له حسب علمي، وقد ردت عائشة رضي الله عنها على من زعم أن ابن عمر رضي الله عنه كان يعتمر في رجب، وصحح حديثها الإمام الألباني رحمه الله، وما روي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه فعل ذلك لما انتهى من بناء الكعبة في السابع والعشرين من رجب، نقول: إن صح فلم يكن سنة للناس إلى يوم القيامة، إنما كان اتفاقا، أما أن يفعل الناس ذلك خصوصا فلا سنة فيه، نعم يجوز ذلك اتفاقا.

ولكون ابن بطوطة صوفيا مبالغا في طقوسها لم ينكر ذلك، وقال: وأهل مكة يحتفلون بعمرة رجب، الاحتفال الذي لا يعهد مثله، وهي متصلة ليلا ونهارا، وأوقات الشهر كله معمورة بالعبادة، وخصوصا أول يوم منه، ويوم خمسة عشر، والسابع والعشرين، فإنهم يستعدون لها قبل ذلك بأيام، وشاهدتهم في ليلة السابع والعشرين منه وشوارع مكة قد غصت بالهوادج، عليها كساء الحرير والكتان الرفيع، وكل واحد يفعل بقدر استطاعته، والجمال مزينة مقلدة بقلائد الحرير، وأستار الهوادج ضافية تكاد تمس الأرض، فهي كالقباب المضروبة، ويخرجون إلى ميقات التنعيم، فتسيل أباطح مكة بتلك الهوادج، والنيران مشعلة بجنبتي الطريق، والشمع والمشاعل أمام الهوادج، والجبال تجيب بصداها إهلال المهلين، فترق النفوس، وتنهمر الدموع، فإذا قضوا العمرة

وهم يسمون هذه العمرة بالعمرة الأَكَمِيّة؛ لأنهم يحرمون بها من أكمة مسجد عائشة رضي الله عنها.

قلت: أشهد أنها بدعة لم ينزل بجوازها كتاب، ولم ترد بها سنة حسب علمي، ويكفي لبطلانها هذا الوصف والغلو في المسير إليها.

(2)

رحلة ابن بطوطة 1/ 401.

ص: 19

إلى عسير تتمتع بما ذكر من الخيرات، فالمحاصيل فيها كثيرة ومتنوعة، وما يزرع في تهامة لا تجود زراعته في السراة، كالدخن، والسيال، والدقسة، والمجدولة، وكذلك المحصيل الشتوية في السراة متنوعة، منها البر "الحنطة" وتسمى "الشوقلي" والعسيرية، والمابية، والعجلانة، والشعير، والعدس الأسمر "البوسن" ومحاصيل الصيف: اللوبية "الدجر" وأنواع الذرة منها: الدفين، والقشاشة، والصفراء، والقريطة، والبسيسة، والبلس "ذرة حمراء" والقذافة، والذرة الحبشية "حب الحاج".

وكانت حبوب البر"الحنطة" والعسيرية ترسل لبيت المال، عن طريق أمراء المراكز، وفي ذلك يقول الشاعر محمد بن حسن المالحي الزهراني رحمه الله، وقد حل عيد الفطر، وكانت الحنطة من أحب ما يقدم طعاما في العيد، مع السمن، والعسل، والمرق، حسب أحوال الناس، ولكون ما نتج من مزارع المالحي ذهب لبيت المال، ولا يملك إلا حب البلس "ذرة حمراء" قال: معتذرا:

إنه يقول المالحي مالبلس (1) عيدي*

حمول الشوقبي راحت لتركي (2) ورادبها (3) *

وكان الناس يفرحون بالعيد، ويقيمون له ألعابا منها: العرضة، واللِّعْب، والمُدْرَيها، ولكل نوع من هذه الفنون لحنه الحاص به، وقول المالحي هذا من لحن المدريها، ومن الألعاب: المباراة في الرماية، وإصابة الهدف "المناش" ومن ألحانهم عندها قولهم: حنا رجاجيل الرماية

واللي يغمُّض ما يصيب

وقد عشت فترة من عمري في هذا الواقع، وذلك قبل ستين سنة من الآن، وقد تدرج الوضع في التصحر في البيئة والعادات حتى وصل إلى ما هو قائم اليوم، عدا

(1) المراد من البلس؛ الذرة الحمراء صنعتُ طعام العيد، لأني لا أجد سواه، فما زرعت من الحنطة "الشوقبي" ذهب لبيت المال، عن طريق أمير المنطقة المدعو تركي.

(2)

تركي بن ماضي كان أميرا على المنطقة، وتجبى إليه حبوب الحنطة، المسماة الشوقبي، والعسيرية لبيت المال.

(3)

جمع إردب والإردب عندهم أربعين مدا، والمد ثلاثة كيلو ونصف = "140" كيلو جرام.

ص: 20

بعض هواة الزراعة من كبار السن وهم قلة، يذكرون الأبناء والأحفاد وأحفاد الأبناء بما كان علية الآباء والأجداد.

ولكن المقولة التي ذكرها ابن نطوطة عن أهل السراة عموما هي خطأ، قال:"إنهم متى أقاموا ببلادهم، ولم يأتوا بهذه الميرة أجدبت بلادهم، ووقع الموت في مواشيهم، ومتى أوصلوا الميرة أخصبت بلادهم، وظهرت فيها البركة، ونمت أموالهم" ليست صحيحة؛ لأن القبائل المذكورة وغيرها في ذلك الزمان لا موارد لها سوى الزراعة، وتربية المواشي، فهم من أبعد الناس عن الكسل عن مزارعهم، ومصالح معاشهم، بل يتنافسون في الهمة والرجالة في ذلك.

وقوله: "فهم إذا حان وقت ميرتهم وأدركهم كسل عنها اجتمعت نساؤهم فأخرجنهم"! كلك غير صحيح فليس للنساء دور في أمر الرجال بشيء، أو منعهم من شيء، إلا في المشاركة في العمل، وهو أمر يشمل كل أفراد العائلة، ويتعاون الناس القريب منهم والبعيد، ولكن قد يحصل الجدب في بعض المناطق، وتخصب مناطق أخر، وكان من عادتهم المواساة في هذه الظروف، فيحل المجدب على المخصب، وينال خيرا كثيرا، والأيام دول بينهم، ولذلك يقول الشاعر الغامدي في وصف السنة المجدبة في قصيدة طويلة منها:

واشرب الما من آلبيار واتروح قاعا صفصفا*

وا تدهن بسمن البدو والتاجر اتسلط عليه*

واندر (1) الساروري وَيْلَ (2) التهامي يدوِّرْ للمعوشة*

والتهامي نبيِّح ميرته واطلعه وَيْلَ (3) السراة*

(1) ينزل من السراة إلى الغور تهامة.

(2)

جهته، ويقولون: انظر الشيء ويلاك، يعني جهتك.

(3)

جهة السراة، وهو صعود من الغور تهامة إلى السراة أعالي الجبال.

ص: 21