الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومات إسماعيل سنة خمس وخمسين ومائتين (1).
(27) الأغلب بن نباتة الدوسي
لم اقف على ما يفيد عنه سوى ما أورد ابن القيسراني: أنه ثالث من يسمى الأغلب من الشعراء، وذكر من شعره:
ولست بذي قلبين قلب مشيع
…
وقلب إذا ما أرعد القوم أرعدا
ولكن قلبي قلب أغلب باسل
…
إذا صلتت عنه الليالي تمردا
وقال: لم أر له ذكرا في أشعار الأزد، وأظنه إسلاميا متأخرا (2).
(28) أم جميل بنت خليد الدوسي
لم أقف على ما يفيد عنها سوى أنها أم عمرو بن عبيدالله، وكان من وجوه قريش، وفيه يقول الفرزدق، أو: غيره:
تمشي تبختر حولي غير مكترث
…
لو كنت عمرو بن عبدالله لم تزد
وكان لعمرو بن عبدالله رقيق يتجرون، وكان ذلك مما يعينه على فعاله وتوسُّعه.
وأمه أم جميل بنت خليد الدوسي (3).
ولم أقف على ذِكرٍ لأبيها خليد الدوسي سوى ارتباطه باسم ابنته هذه، ولعلها التي أجارة ضرار بن الخطاب بن مرداس القرشي، فإن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي قتل أبا أزيهر الزهراني، فبلغ ذلك قومه في السراة، وعندهم ضرار بن الخطاب بن مرداس القرشي، ثم الفهري، فوثبوا به يقتلونه، فدخل بيت أم جميل، وضربه رجل منهم بالسيف، فأصاب ذبابه باب البيت، وقامت دونه ونادت في قونها فجاؤا فمنعوه، فلما قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتته بالمدينة، فذكرت له أنها أجارت أخاه لمكان الاسم، فغلَّطها الحاضرون، فقال:"دعوها دعوها، إني لأظنها التي أجارت ضرار بن الخطاب" ثم استشرح منها الأمر فأخبرته، فقال:"إني لست أخاه إلا في الإسلام، فهو غازٍ، وقد عرفنا منتك" وأعطاها على أنها بنت سبيل (4).
(1) تهذيب الكمال 3/ 48 ــ 49.
(2)
المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء 1/ 8.
(3)
نسب قريش 1، 130.
(4)
المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسْدية 1/ 38.
وقصة أخرى تقول: إن ضرار بن الخطاب بن مردس الفهري خرج في نفر من قريش إلى أرض دوس، فنزلوا على امرأة يقال لها: أم غيلان؛ مولاة لدوس، وكانت تمشط النساء، وتجهز العرائس، فأرادت دوس قتلهم بأبي أزيهر، فقامت دونهم أم غيلان، ونسوة معها حتى منعنهم، فقال ضرار بن الخطاب في ذلك:
جزى الله عنا أم غيلان صالحا
…
ونسوتها إذ هن شعث عواطل
فهن دفعن الموت بعد اقترابه
…
وقد برزت للثائرين المقاتل
دعت دعوة دوسا فسالت شعابها
…
بعز وأدتها الشرج القوابل
وعمرا (1) جزاه الله خيرا فما ونى
…
وما بردت منه لدي المفاصل
فجردت سيفي ثم قمت بنصله
…
وعن أي نفس بعد نفسي أقاتل
قال ابن هشام رحمه الله: حدثني أبو عبيدة أن التي قامت دون ضرار أم جمل، ويقال لها: أم غيلان، قال: ويجوز أن تكون أم غيلان قامت مع أم جميل فيمن قام دونه (2).
قلت: ويجوز أن أم جميل إسما لها لا كنية، وتقدم أن عمرو بن عبيدالله والدها، وقد ورد الثناء عليه في أبيات ضرار، ويجوز أن أم جميل أجارت ضرارا في موقف منفصل عن قصة النفر الذين نزلوا على أم غيلان، إذ ورد أنه كان مقيما في دوس، وتكون قصة النفر الذين نزلوا على أم غيلان منفصلة بموقف آخر، وحينه لا يمنع أن تكون أم جميل من النسوة اللواتي شاركن أم غيلان، فيصح التوفيق بين الموقفين.
(29)
أم شريك (3) الدوسية
صحابية رضي الله عنها اسمها غُزية، واختلف في اسم أبيها فقيل: بنت جابر بن حكيم الدوسي (4)، وقيل: دودان بن عمرو (5) ، والأكثرون على أنها هي التي وهبت
(1) هذا يؤيد أن أم جميل هي الوافدة على عمر رضي الله عنه، وعمرو المذكور هو لدها، وتقدم أنه من ذوي الجاه في قريش.
(2)
سيرة ابن هشام 2/ 262.
(3)
أم شريك بن أبي العكر الأزدي من ميدعان، وأمها خبية بنت غزوان بن هلال بن عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو. إكمال الإكمال 3/ 119.
(4)
المنتظم 2/ 156، وتفسير الألوسي 17/ 180.
(5)
إكمال الإكمال 3/ 119.
نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها، فلم تتزوج حتى ماتت (1)، قال محمد بن عمر الواقدي: رأيت مَن عندنا يقولون: إن الآية نزلت في أم شريك وإن الثبت عندنا أنها امرأة من دوس من الأزد (2).
قلت: الصحيح أنه قبلها بغير مهر، ودخل عليها (3) ، وهي التي غارت منها عائشة رضي الله عنها، وكانت أم شريك جميلة، وهي غير أسماء الجونية المتعوذة، قالت عائشة رضي الله عنها: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير، قالت أم شريك رضي الله عنها: فأنا تلك، فسماها الله مؤمنة قال تعالى:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (4)، فلما نزلت الآية قالت عائشة رضي الله عنها: إن الله يسارع لك في هواك (5) - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السيوطي: نزلت في أم شريك الدوسية (6) ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن تقضي عدتها عند أم شريك، فقال:«كوني عند أم شريك ولاتسبقيني بنفسك» (7).
قلت: كان من قصتها: أن وقع في قلبها الإسلام فأسلمت وهي بمكة، وكانت تحت أبي العَكَر، أو العكير الدوسي (8)، ثم جعلت تدخل على النساء قريش سرا فتدعوهن
(1) الصحيح أنه قبلها، ودخل بها وعليه أكثر العلماء، وزعم بعضهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بغزيّة كبرة فطلقها (أنساب الأشراف 1/ 186).
(2)
الطبقات الكبرى 8/ 155.
(3)
المنتظم 2/ 156، وحلية الأولياء 1/ 231، وصفة الصفوة 1/ 184، والإصابة في تمييز الصحابة 4/ 101، وتخييل من حرف التوراة والإنجيل 1/ 469.
(4)
الآية (50) من سورة الأحزاب.
(5)
مسلم حديث (3704).
(6)
الدر المنثور 8/ 181.
(7)
انظر: لفظ مسلم حديث (3773).
(8)
معرفة الصحابة لأبي نعيم 24/ 241، وأسد الغابة 3/ 446.
وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم.
وذكر ابن سعد بسنده عن منير بن عبدالله الدوسي قال: أسلم زوج أم شريك؛ غزية بنت جابر الدوسية من الأزد، وهو أبو العَكر فهاجر إلى رسول الله إلى رسول الله مع أبي هريرة، مع دوس حين هاجروا، قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العَكر فقالوا: لعلك على دينه؟ ، قلت: أي والله إني لعلى دينه (1)، قالوا: لا جرم والله لنعذبنك عذابا شديدا، فارتحلوا بنا من دارنا، ونحن كنا بذي الخلصة (2)، وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلا، وحملوني على جمل ثفال (3)، شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقوني قطرة ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري (4)، ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد، قالت: فوالله إني لعلى ذلك وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلو على صدري، فأخذته فشربت منه نفسا واحدا، ثم انتزع مني فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه، ثم دلي إليَّ ثانية فشربت منه نفسا، ثم رفع فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض، ثم دلي إليَّ الثالثة فشربت منه حتى رويت، وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، فخرجوا فنظروا فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ ! ، فقلت لهم: إن عدوة الله غيري: من خالف دينه، وأما قولكم: من
(1) السياق أن الضمير في " دينه" يعود لأبي العُكر، فهل أسلم أبو العكر وهاجر؟ وأسلمت أم شريك وبقيت؟ ، وإذا صح هذا فكيف عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم؟ ، والجواب إما أن تكون أسلمت قبل زوجها وفرق بينهما إسلامها، كما في أسد الغابة، أو أنه طلقها لما أسلمت، وهاجرا منفصلين، والله أعلم.
(2)
هذا يؤيد من قال: كان عمرو بن لحي بن قمعة نصبه بأسفل مكة حين نصب الأصنام في مواضع شتى، (الفائق في غريب الحديث 1/ 389) وهو غير الذي بتبالة، والقيض في مكة وليس في السراة، ولا تضرب فيها الأخبية من حر الشمس، وفعلا المسافة بين والسراة لا تقل في ذلك الوقت عن ثلاثة أيام بالركائب، فبطل قول من زعم أن صنم ذي الخلصة في دوس.
(3)
بطيئا ثقيلا (الكنز اللغوي 1، 106).
(4)
مبالغة في الوصف لشدة ما نزل بها.
أين هذا؟ ، فمن عند الله رزقا رزقنيه الله، فانطلقوا سراعا إلى قربهم وإداواتهم فوجدوها موكأة لم تحل، فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا، وأن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا هو الذي شرع الإسلام، فأسلموا وهاجروا جميعا إلى رسول الله، وكانوا يعرفون فضلي عليهم، وما صنع الله إليَّ (1).
(30)
أم عمرو بنت جندب (2) الدوسية
أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رفاعة بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غَنْم بن دُهمان بن منهب بن دوس، ترجمة أبيها (52) كنَّاها ابن حجر أم أبان، أحد أبنائها، عاش جدها عمرو ثلاثمائة سنة، ترجمته (168) تزوجها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وله منها: عمرو، وخالد، وأبان، وعمر، ومريم (3)، ترجم لهم ابن سعد في الطبقات (4).
قلت: زوَّجها من عثمان عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وكان من قصة زواجها ما قال ابو الفرج: قدم جندب بن عمرو بن حممة الدوسي المدينة مهاجرا في خلافة عمر بن الخطاب، ثم مضى إلى الشام، وخلف ابنته أم ابان عند عمر، وقال له: يا أمير المؤمنين، إن وجدت لها كفئا فزوجها ولو بشراك نعله، وإلا فامسكها حتى تلحقها بدار قومها بالسراة، فكانت عند عمر، واستشهد أبوها، فكانت تدعو عمر أباها ويدعوها ابته، قال: فإن عمر على المنبر يوما يكلم الناس في بعض الأمر إذ خطر على قلبه ذكرها، فقال:"من له في الجميلة الحسيبة، بنت جندب بن عمرو بن حممة، وليعلم امرؤ من هو؟ ! " فقام عثمان فقال: "أنا يا أمير المؤمنين" فقال: "أنت لعمر الله! ، كم سقت لها؟ " قال: كذا وكذا، قال:"قد زوجتكها فعجِّلة؛ فإنها معدة" قال: ونزل عن المنبر، فجاء عثمان رضي الله عنه بمهرها، فأخذه عمر في ردنه فدخل به عليها، فقال:"يا بنية، مدي حجرك" ففتحت حجرها، فألقى فيه المال، ثم قال:"يا بنية، قولي: اللهم بارك لي فيه" فقالت: اللهم بارك لي فيه، وما هذا يا أبتاه؟ ، قال:
(1) الطبقات الكبرى 8/ 155، 156.
(2)
تحرف في تاريخ دمشق إلى "خندف" وهو خطأ، وفي تاريخ المدينة "جنيدب" وهو اسم أخيها.
(3)
الطبقات الكبرى 3/ 54، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم 1/ 265.
(4)
3/ 54، 150، 151.