الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأدرك الإسلام، وأسلم وغزا، وله قصيدتان: إحداهما لامية في خمسة وستين بيتا، له بيت إسلامي يقول فيه:
لا عيش إلا الجنة المخضرة
…
من يدخل النار يلاقي ضُرَّة (1).
(155) عقبة بن أوس الدوسي
لم أقف على ما يفيد عنه إلا ما روى عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "يكون على الروم ملك لا يعصونه ــ أو: لا يكادون يعصونه ــ فيجيء حتى ينزل بأرض كذا وكذا، ويستمد المؤمنون بعضهم بعضا، حتى يمدهم أهل عدن أبين على قلصاتهم، فيقتتلون عشرا، لا يحجز بينهم إلا الليل، ليس لهم طعام إلا ما في أداويهم، وأنتم أيضا، ثم يأمر ملكهم بالسفن فتحرق" قال: ثم يقول: "من شاء الآن فليفر" فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتلون مقتلة لم ير مثلها، حتى إن الطائر ليمر بهم فيقع ميتا من نتنهم، للشهيد يومئذ كفلان على من مضى قبله من الشهداء، وللمؤمن يومئذ كفلان على من مضى قبله من المؤمنين". قال:"وبقيتهم لا يزلزلهم شيء أبدا، وبقيتهم يقاتل الدجال".
قال ابن سيرين: فكان عبدالله بن سلام يقول: "إن أدركني هذا القتال وأنا مريض؛ فاحملوني على سريري حتى تجعلوني بين الصفين"(2).
قلت: هذا من بشائر الفتح الإسلامي، وليست من الفتن بل من ملاحم الفتح، ولقد كان هذا في اليرموك وأجنادين وغيرهما من فتوح الشام.
(156) عقبة بن سلم بن نافع الدوسي
هو عقبة بن سلم بن نافع بن هلال بن صهبان بن هراب بن عائذ بن خنزير بن أسلم بن هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن مالك بن الأزد (3)، أوفد عمر بن حفص وفدا من السند
(1) تراجم شعراء الموسوعة الشعرية 1/ 547، والإصابة 4/ 480.
(2)
إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة 1/ 396، ومصنف عبدالرزاق برجال ثقات 11/ 387.
(3)
تراجم شعراء الموسوعة الشعرية 1/ 2292، ومعجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 4/ 1673، جمهرة أنساب العرب لابن حزم 1/ 380 ..
فيهم عقبة، فدخلوا على أبي جعفر، فلما قضوا حوائجهم نهضوا، فاسترد عقبة فأجلسه، ثم قال له: من أنت؟ قال: رجل من جند أمير المؤمنين وخدمه، صحبت عمر بن حفص، قال: وما اسمك؟ قال: عقبة بن سلم بن نافع، قال: ممن أنت؟ قال: من الأزد ثم من بني هناءة، قال: إنى لأرى لك هيئة وموضعا، وإني لأريدك لأمر أنا به معني، لم أزل أرتاد له رجلا، عسى أن تكونه إن كفيتنيه رفعتك، فقال: أرجو أن أصدّق ظن أمير المؤمنين فيّ، قال: فأخف شخصك، واستر أمرك، وأتني في يوم كذا وكذا في وقت كذا وكذا، فأتاه في ذلك الوقت، فقال له: إن بني عمنا هؤلاء قد أبوا إلا كيدا لملكنا واغتيالا له، ولهم شيعة بخراسان بقرية كذا، يكاتبونهم ويرسلون إليهم بصدقات أموالهم وألطاف من ألطاف بلادهم، فاخرج بكساً وألطاف وعين، حتى تأتيهم متنكرا بكتاب تكتبه عن أهل هذه القرية، ثم تسير ناحيتهم، فإن كانوا قد نزعوا عن رأيهم فأحبب والله بهم وأقرب، وإن كانوا على رأيهم علمت ذلك، وكنت على حذر واحتراس منهم، فاشخص حتى تلقى عبد الله بن حسن متقشفا متخشعا، فإن جبهك ــ وهو فاعل ــ فاصبر وعاوده، فإن عاد فاصبر حتى يأنس بك وتلين لك ناحيته، فإذا ظهر لك ما في قلبه فاعجل عليّ قال: فشخص حتى قدم على عبدالله، فلقيه بالكتاب، فأنكره ونهره، وقال: ما أعرف هؤلاء القوم، فلم يزل ينصرف ويعود إليه حتى قبل كتابه وألطافه، وأنس به، فسأله عقبة الجواب، فقال: أما الكتاب فإني لا أكتب إلى أحد، ولكن أنت كتابي إليهم، فأقرئهم السلام وأخبرهم أن ابنيَّ خارجان لوقت كذا وكذا قال: فشخص عقبة حتى قدم على أبي جعفر، فأخبره الخبر (1).
ولاه المنصور البحرين والبصرة، فأكثر القتل في ربيعة حتى كان ذلك سبب انحلال الحلف بين الأزد وربيعة، وقتله رجل من ربيعة، فتك به في جامع البصرة بحضرة الناس (2).
قلت: شكك أبو عبيد في نسبه بأن جده مولى (3)، ولكن الطبري وغيره ذكروا نسبه سردا. بشار بن برد
(1) تاريخ الطبري وصلته 7/ 519، 520.
(2)
جمهرة أنساب العرب لابن حزم 1/ 380.
(3)
القرط على الكامل 1/ 158.
وكان الشاعر بشار بن برد منقطا إليه، ومدحه بقصائد كثيرة (1)، ورثاه بقصيدة عصما ومطلعها غزل على عادة الشعراء في مقدمات قصائدهم، أو لها:
ريق سعدى يا ابن الدجيل الشفاء
…
فاسقنيه لكل داء دواء
وقال في آخرها رثاءً لعقبة:
همها أن تزور عقبة في الملـ
…
ـك فتروى من جوده بدلاء
مالكي تنشق عن وجهه الحر
…
ب كما انشقت الدجى عن ضياء
أيها السائلي عن الحزم والنجـ
…
ـدة والبأس والندى والوفاء
إن تلك الخلال عند ابن سلم
…
ومزيدا من مثلها في الغناء
كخراج السماء سيبُ يديه
…
لقريب ونازح الدار ناء
حرَّمَ الله أن ترى كابن سلم
…
عقبةُ الخير مطعم الفقراء
يسقط الطير حيث ينتثر الحبـ
…
ـب وتُغشى منازل الكرماء
ليس يعطيك للرجاء ولا الخو
…
ف ولكن يلذ طعم العطاء
لا ولا أن يقال شيمته الجو
…
د ولكن طبائع الآباء
إنما لذة الجواد ابن سلم
…
في عطاءٍ ومركبٍ للقاء
لا يهاب الوغى ولا يعبد الما
…
ل ولكن يهينه للثناء
أريحيٌ له يد تمطر النيـ
…
ـل وأخرى سم على الأعداء
قد كساني خزا وأخدمني الحو
…
ر وخلى بنيَّتي في الحُلاء
وحباني به أغرَّ طويل الـ
…
ـباع صلت الخدين غض الفَتاء
فضى الله أن يموت كما ما
…
ت بنونا وسالف الآباء
راح في نعشه ورحت إلى عقـ
…
ـبة أشكو فقال غير نجاء
إن يكن منصف أصبت فعندي
…
عاجل مثله من الوصفاء
فتنجزته أشم كجرو الليـ
…
ـث غاداك خارجا من ضَراء
فجزى الله عن أخيك ابن سلم
…
حين قل المعروف خير الجزاء
صنعتني يداه حتى كأني
…
ذو ثراء من سر أهل الثراء
(1) الأعلام للزركلي 8/ 5.