الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(168) عمر بن حفص الدوسي
لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من شيوخ جعفر بن محمد أبي محمد الخواص، المعروف بالخلدي، وسمع منه حبيب بن الحسن القزاز.
(169) عمرو بن أمية الدوسي
لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه كان من الوافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخلت المسجد الحرام، فلقيني رجال من قريش، فقالوا: إياك أن تلقى محمدا أو تسمع مقالته فيخدعك، وذكر المستغفري الحديث في إسلامه، أخرجه أبو موسى، وقال: هذه القصة مشهورة بعمرو بن الطفيل (1).
قلت: قد كان هذا شأن قريش؛ يخذلون الوافدين، ويحذرونهم من لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثلهم اليوم الذين يحذرون من أهل السنة، ويصفونهم "بالوهابية" لأنهم يعملون بالكتاب والسنة، وهم أمة وسد بين الغلو في الدين والتفريط فيه، يفهمون من النصوص ما أفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وعن الصحابة الكرام رضي الله عنهم أخذوا؛ ومنهم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم.
(170) عمرو بن حممة الدوسي
عند أبي علي القالي تحرف لفظ "حممة" بالحاء المهملة إلى "جمعة" وقد ورد الاسمان عنده في سياق واحد (2)، وهو عمرو بن حممة بن الحارث بن رافع (3) بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غَنْم بن دُهمان بن منهب بن دوس، ذكر أنه من
(1) أسد الغابة 4/ 182، وجامع المسانيد 6/ 488، والإصابة 4/ 497، بتصرف.
(2)
الأمالي 1/ 198.
(3)
المحبر 1/ 137، والطبقات لخليفة بن خياط 1/ 419، تاريخ دمشق 6/ 151، الإصابة 1/ 615 قال: رافع بن ربيعة بن ثعلبة، جمهرة أنساب العرب لابن حزم 1/ 383، اللباب في تهذيب الأنساب 1/ 520، وغيرها كثي، ورافع هو المرجح عندي، ومن قال: رافع بن الحارث فقد أخطأ.
وفي بعض المصادر "رفاعة" تاريخ المدينة لابن شبة 3/ 952، وتاريخ الطبري، وصلته 4/ 42، والطبقات الكبرى 5/ 114، تاريخ دمشق 6/ 150، وغيرها كثير.
المهاجرين الأولين (1)، وذكر ابن دريد أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر هذا أحد غيره (2)، وكان قائد دوس فيما جرى بينهم وبين بني الحارث في الجاهلية (3)، وهم أبناء العم إلتقوفي حضوة (4)، حتى وقف على رأس عويرة جبل هناك (5)، وكان عمرو أحد حكماء العرب، ذكروا أنه عاش ثلاثمائة سنة، وتسعين سنة، وذكروا له شعرا، قلوا: إنه قال فيه: إنه جاوز الثلاثمائة من العمر، وأنه قد كبر، ولا بد أن يأتيه يوم يموت فيه (6)، وهو القائل:
وأصبحت مثل النسر طارت فراخه
…
إذا رام تطيارا يقل له وقع
وقال:
ولا عيب فينا غير أنا عروق لمعشر
…
كرام وأنا لا نخط على النمل (7).
وذكروا أنه ذو الحلم الذي ضرب به العرب المثل، وهو الذي قُرعت له العصا؛ لأنه بعد أن كبر صار يذهل، فاتخذوا له من يوقظه بقرع العصا، فيرجع إليه فهمه، وأنه هو الذي أشار إليه الحارث بن وعلة بقوله:
وزعمتم ألا حلوم لنا
…
وإن العصا قُرعت لذي الحلم.
ويظهر من ذلك أن العصبية قد لعبت دورا في هذه القصة: قصة أول من قرعت له العصا، فزعم القيسيون أن أول من قرعت له العصا، هو عامر بن الضرب العدواني،
(1) جمهرة أنساب العرب 1/ 158، ولا أشك أن هذا خطأ ولعله التبس بعمرو بن طريف، والد الطفيل، وهذا جاهلي لم يدرك الإسلام.
(2)
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 10/ 317، 18/ 55.
(3)
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 18/ 55.
(4)
الأنساب للصحاري 1/ 274، وحضوة قرية من قرى دوس بزهران، عامرة وبهذا الاسم إلى اليوم.
(5)
سميت به قرية عويرة المعروفة بهذا الاسم إلى اليوم، لأنها في سفح الجبل في ذلك الوقت، وهي عامرة من قرى دوس اليوم، ولي فيها شأن.
(6)
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 18/ 54.
(7)
أمالي القالي 1/ 198، المعاني الكبير 1/ 150، والنَّمَل: قروح تظهر في الساق (المعاني الكبير 1/ 151).
وزعم أهل اليمن أنه عمرو بن حممة (1)، والمراد باليمن في ذلك الوقت ما كان في الجهة اليمانية من الكعبة.
وذكروا أن عمرو بن حممة الدوسي قضى بين العرب ثلاثماة سنة، وهذا يؤيد أنه عاش أكثر من ذلك، فلما كبر قزنوا به السابع أو: التاسع من وِلده، فإذا غفل الشيخ قرع له العصا، فكانت هذه الأمارة بينهما ليرجع إلى الصواب، وذلك قول الشاعر:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
…
وما علم الإنسان إلا ليعلما
فلما خشي عليه قومه الموت فاجتمعوا فقالوا: إنك سيدنا وشريفنا فاجعل لنا سيدا، وشريفا بعدك، فقالك يا معشر دوس، كلفتموني تعبا، إن القلب يخلق كما يخلق الجسم، ومن لك بأخيك كله، إن كنتم شرفتموني فإني أفرشتكم نفسي، وتحملت مؤنكم، وخففت عنكم مؤنتي، وألنت لكم جانبي، افهموا ما أقول لكم، إنه من جمع بين الحق والباطل لم يجتمعا له، وكان الباطل أولى به، فإن الحق لم يزل ينفر من الباطل، والباطل ينفر من الحق، يا معشر دوس، لا تشتموا بالزلة، ولا تفرحوا بالعلو، فإن الفقير يعيش بفقره، كما يعيش الغني بغناه، ومن يَر يوما يُر به، واعدوا لكل أمر قدره، وقبل لرما تملأ الكنائن، ومع السفاهى الندامة، ولليد العليا العاقبة، وإذا شئت وجدت مثلك، إن عليك كما أن لك، وللكثرة الرعب، وللصبر الغلبة، من طلب شيئا وجده، وإلا يجده يوشك أن يقع قريبا منه (2).
ولما مات عمرو بن حممة الدوسي مرّ بقبره ثلاثة نفر من أهل يثرب قادمين من الشام (3): الهدم بن امرئ القيس بن الحارث بن زيد أَبُو كلثوم بن الهدم الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعتيك بن قيس بن هيشة بن أمية بن معاوية، وحاطب بن قيس بن هيشة الذي كانت بسببه حرب حاطب، فعقروا رواحلهم عَلَى قبره، وقام الهدم، فقال:
(1) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 1/ 3156.
(2)
لعله أول من قال هذه الحكم، وانظر: التذكرة الحمدونية 1/ 104.
(3)
هذا يؤيد خطأ ابن دريد، ووقوف النفر الثلاثة على قبره وتأبينه وهم من يثرب قدموا من الشام يوحي بأنهم قدموا إلى دوس، فإن من قدم من الشمال إلى الجنوب يقال فيه: قدم من الشام، وعقْرهم الرواحل يوحي بأنهم جروا على ما اعتادوا من أمر الجاهلية، من تأبين العظما. والله أعلم.
لقد ضمّت الأثراءُ منك مرزّأ
…
عظيمَ رمادِ النارِ مشتركُ القِدر
حليماً إذا ما الحلم كان حزامةً
…
وقوراً إذا كان الوقوفُ عَلَى الجمر
إذا قلت لم تترك مقالاً لقائل
…
وإن صُلت كنت الليثَ يحمى حمى الأجر
ليَبْك من كانت حياتُك عزُّه
…
فأصبح لمّا بنتَ يُغْضي على الصُّغر (1)
سقى الأرض ذات الطول والعرض مُجْثِمٌ (2)
…
أحمّ الرّحا (3) واهي العرى دائم القطر
ومابي سقيا الأرض لكن تربةً
…
أضلّك فِي أحشائها مُلْحَد القبر
وقام عتيك بن قيس فقال:
برغم العلى والجود والمجد والندى
…
طواك الردى يا خير حافٍ وناعل
لقد غال صرف الدهر منك مرزأً
…
نهوضاً بأعباء الأمور الأثاقل
يضمّ العفاة الطارقين فناؤه
…
كما ضمّ أمَّ الرأس شعب القبائل
ويسرو دجى الهيجا مضاءً عزيمةً
…
كما كشف الصبح اطّراق الغياطل (4)
ويستهزم الجيشَ العرمرمَ باسُه
…
وإن كان جرّاراً كثير الصواهل (5)
وينقاد ذو البأس الأبيُّ لحكمه
…
فيرتدّ قسراً وهو جمّ الدغاول (6)
ويمضي إذا ما الحرب مدّ رواقه
…
عَلَى الروع وارفضّت صدور العوامل (7)
فإمّا تصبنا الحادثات بنكبة
…
رمتك بها إحدى الدواهي الضآبل (8)
فلا تبعدن إن الحتوف مواردٌ
…
وكل فتىً من صرفها غير وائل
وقام حاطب بن قيس فقَالَ:
سلامٌ عَلَى القبر الذي ضمّ أعظماً
…
تحوم المعالي حوله فتسلّم
سلام عليه كلما ذرّ شارقٌ
…
وما امتدّ قطعٌ من دجى الليل مظلم
(1) الذل.
(2)
مقيم.
(3)
أحم: أسود، والرحا: وسط الغيم ومعظمه، وتقال للحرب إذا استدارت.
(4)
الظلمات؛ مفردها غيطلة.
(5)
الخيل.
(6)
الدواهي، مرادف الضآبل.
(7)
الإبل أخرجت العرق من شدة الجري في الحرب.
(8)
مرادف الدواهي، والدغاول.
فيا قبر عمرو جاد أرضا تعطفت
…
عليك ملثٌّ (1) دائم القطر مرزم
تضمنت جسما طاب حيّاً وميّتاً
…
فأنت بما ضمّنت فِي الأرض مَعْلَم
فلو نطقت أرضٌ لقَالَ ترابها
…
إِلَى قبر عمرو الأزد حلّ التكرم
إِلَى مرمسٍ قد حلّ بين ترابه
…
وأحجاره بدرٌ وأضبط ضيغم
فلو ألت (2) من سطوة الموت مهجةٌ
…
لكنت ولكن الردى لا يثمثم
فلا يبعدنك الله حياً وميتاً
…
فقد كنت نورا لخطب والخطب مظلم
وقد كنت تمضي الحكم غير مهلّل (3)
…
إذا غال فِي القول الأبلّ (4) الغشمشم (5)
لعمرو الذي حطّت إليه عَلَى الوَنا (6)
…
حدابير (7) عوجٌ نيّها (8) متهمّم (9).
لقد هدّم العلياءَ موتُك جانباً
…
وكان قديما ركنها لا يهدم (10).
وذكروا عن عمرو بن حممة الدوسي أنه أتى مكة حاجا وكان من أجمل العرب، فنظرت إليه امرأة فقالت: لا أدري وجهه أحسن أم فرسه، وكانت لخ جمة تسمى الزَّينة؛ فكان إذا جلس مع أصحابه نشرها، وإذا قام عقصها، فقالت له المرأة: أين منزلك؟ ، قال: نجد، قالت: ما أنت بنجدي، ولا تهامي فاصدقني، فقال: رجل من أهل السراة؛ فيما بين مكو واليمن، ثم أشار إليها اتدفي خلفي ففعلت، فمضى بها إلى السراةوتبها زوجها فلم يلحقها (11).
(1) مختلظ.
(2)
نجت.
(3)
المتوقف، يقال: حمل عليه فما هلل.
(4)
الظلوم.
(5)
المتسرع الذي لا يثنيه شيء عما يحب ويهوى، أي الذي يركب راسه.
(6)
التعب.
(7)
جمع حدبار: الإبل اتلمنحنية الظهر.
(8)
شحمها
(9)
ذائب.
(10)
أمالي القالي 2/ 144، وانظر:(زهر الآداب وثمر اللباب 2/ 428).
(11)
روضة المحبين 1/ 303.