الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدخلتني فرجها فالأرض تحفر لي فأتجبب (1) فيها، وأما طلب ابني إياي ثم خنسه عني فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني، فقتل الطفيل رضي الله عنه باليمامة شهيدا، وقيل: توفي في أجنادين، باليرموك، وهو المرجح لدي.
وجرح ابنه عمرو بن الطفيل جراحة شديدة، ثم استبلَّ (2) منها حتى قتل عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه شهيدا (3)، هذا قول، والقول الراحج أنه في اليرموك يوم أجنادين، يؤيد هذا ما رواه ابن عساكر عن أبي عقبة محمد بن عبد الله بن حوالة الأزدي عن آبائه ممن أدرك منهم عن عمرو بن الطفيل الدوسي ذي النور من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له فنور له سوطه فكان يستضئ به وكان ينزل بيتا من أرض فلسطين واستشهد يوم اليرموك (4).
وكان الطفيل مجاب الدعوة فقد دعا أن يحول الله الآية المؤيدة له، وهي: نور يسطع من وجهه حتى يضيء ما حوله، دعا الله أن يحولها من وجهه حتى لا يقول الناس: إنها مُثلة، فاستجيب له رضي الله عنه، وجعلت الآية في طرف سوطه.
(107) عاتكة بنت أبي أزيهر الدوسي
عاتكة بنت أبي أزيهر بن أنيس بن الحمق (5)، بن مالك الدوسي، قال ابن حجر رحمه الله: قتل أبو ها ببدر كافرا، ثم تزوجها أبو سفيان بن حرب، فهي والدة ولدية: محمد وعنبسة (6).
قلت: هذا خطأ، والصواب أنه قتل بعد وقعة بدر، في حياة النبي (7)، وانظر التفصيل في ترجمته (3).
(1) أقبر، لأن القبر شبيه بالجب.
(2)
شفي، وقد تحفت في بعض المصادر إلى "استقبل" وهو خطأ.
(3)
معرفة الصحابة لأبي نعيم 11/ 175.
(4)
تاريخ دمشق لابن عساكر 46/ 106.
(5)
هذا في الإصابة 8/ 226، وقيل: الجيسق بالجيم، وقيل بالحاء المهملة، وقيل: بالخاء المعجمة، وقيل: الحسن (تاريخ دمشق 47/ 18، 21، 53/ 277، والمنمق 1/ 58، والمناقب المزيدية 1/ 38، )
(6)
الإصابة 4/ 24، وطبقات خليفة 1/ 406.
(7)
الإصابة 30/ 310.
وأما عنبسة ولد عاتكة من أبي سفيان فقد روى محمد بن ذكوان القرشي قال: تنازع عتبة، وعنبسة ابنا أبي سفيان رضي الله عنه، وأم عتبة هند، وأم عنبسة ابنة أبي أزيهر الدوسي، فأغلظ معاوية لعنبسة، وقال عنبسة: وأنت أيضا يا أمير المؤمنين؟ ، فقال: يا عنبسة، إن عتبة ابن هند، فقال عنبسة:
كنا لصخر صالحا ذات بيننا
…
جميعا فأمست فرقت بيننا هند
وإن تك هند لم تلدني فإنني
…
لبيضاء تنميها غطارفة مجد
أبوها أبو الأضياف في كل شتوة
…
ومأوى ضعاف قد أضر بها الجهد
له جفنات ما تزال مقيمة
…
لمن ساقه غورا تهامة أو نجد
فقال له معاوية لا تسمعها مني بعدها.
قلت: كان سبب ما وقع بين عتبة وأخيه عنبسة أن عنبسة كان واليا لمعاوية أخيه على الطائف، فعزله وولَّى عتبة شقيقه، فعاتبه عتبة، فقال معاوية: ما قال، وكان معاوية استعمله على الصائفة سنة اثنتين وأربعين فبلغ مرج الشحم وولاه الموسم بمكة (1)، وكان عتبة شهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها، ثم نجا فعيره عبد الرحمن بن الحكم وقال:
لعمرك والأمور لها دواعي
…
لقد أبعدت يا عتب الفرارا
وذلك حين لحق عتبة بأخيه معاوية بالشام، وبقي عنده حتى ولاه على الطائف (2).
قلت: عنبسة هذا من التابعين أدرك رسول الله رضي الله عنه ولم تثبت له صحبة، ولا رؤية، روى عن أخته أم المؤمنين رضي الله عنها، ولما حضرته الوفاة جزع، وكان لعنبسة نجوى، فقيل له: ما يجزعك، ألم تكن على سمت من الإسلام حسن؟ ، قال: ما لي لا أجزع ولست أدري على ما أقدم عليه، مع أن أرجى عملي في نفسي أني سمعت أختي أم حبيبة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حافظ على أربع ركعات قبل
(1) تاريخ دمشق 47/ 15.
(2)
تاريخ دمشق 38/ 263.
الظهر وأربعا بعدها حرمه الله على النار» فوالله ما تركتهن منذ سمعتهن إلى يومي هذا (1).
ومن ولده عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان (2)، والذي يظهر أن أبناء العَلَّات: معاوية وبنيه، وعنبسة وبنيه من ولد أبي سفيان وقع بينهم تفاخر بالأمهات، والأجداد، والأخوال، ومن ذلك قول عثمان:
وإن تك هند مجدكم وساءكم
…
فإن حواري النبي كريم
وإن تك هند أمكم دون أمنا
…
فإن لنا في الأكرمين أروم
وله:
أبونا أبو سفيان أكرم به أبا
…
وجدي الزبير ما أعف وأكرما
حواري رسول الله يضرب دونه
…
رؤوس الأعادي حاسرا وملأما
وخالي ابن أسماء الذي قد علمتم
…
يشبَّه يوم الروع في الحرب ضيغنا
قلت: لا غرابة في الأمر فقد سبقهم بالعداوة إخوة يوسف عليه السلام، وهي صفة في الناس يحركها الشيطان إلى يوم القيامة، إلا من هداه الله وعصمه.
أما محمد بن أبي سفيان شقيق عنبسة فقد ورد أنه صاحب قصة عنبسة لما نزل به الموت (3)، وهو خطأ الصواب عنبسة (4) وقد ذكر الحافظ وروده في جميع النسخ من النسائي على الخطأ (5)، وله ولد اسمه عثمان استعمله يزيد بن معاوية على المدينة، ولم تكن له تجربة في مداورة الأمور، ولا حنكة في السن، فكان سببا في وقعة الحرة ببعثه وفدا إلى يزيد، فأكرمهم يزيد وأحسن إليهم، وأعظم جوائزهم، فلما عادوا إلى المدينة قاموا في الناس فأظهروا شتم يزيد وعيبه، وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له
(1) تاريخ دمشق 47/ 23.
(2)
معجم الشعراء 1/ 255.
(3)
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، حديث (15866).
(4)
خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 338.
(5)
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، حديث (15866).