الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(50)
جنادة الفهمي (1) الدوسي
هكذا غير منسوب، وهو والد عبدالله ترجمته (133) وحفيده سُليم، ترجمته (96) والذي يظهر لي خطأ من نقل عن ابن سعد، والبخاري رحمهما الله، وقال: جنادة بن أبي أمية غير جنادة بن مالك (2)، صحيح أن الفهمي غير ابن أبي أمية، ولكن ليس هو أبن مالك، فالفهمي غيرهما، قال البخاري رحمه الله: وجنادة الفهمي مصري، يحدث عن أبي هريرة، ولم ينسبه لأبي أمية، ولا لمالك على التفريق، وكذلك قال ابن لهيعة: عن سعيد بن نشيط، عن مسلم بن جنادة الفهمي، عن أبيه، عن أبي هريرة (3).
قلت: وعلى هذا جاز أن تكون وفاته في سنة ثمانين، اتفاقا مع جنادة بن أبي أمية، المسمى كبيرا أو مالكا، رحمة الله علينا وعليهما.
(51) جندب بن عامر بن الطفيل الدوسي
لم أقف على ذكر له في غير فتوح الشام، وكذلك والده عامر بن الطفيل، وظني أن وهما وقع في اسمه واسم أبيه؛ إشتبه الإبن جندب بعمرو بن الطفيل، ترجمته (170) واشتبه الأب عامر بن الطفيل، ترجمته (109) بالطفيل بن عمرو، ترجمته (106) وهو ظن شك؛ لوجود ما يؤيد الظن بالتفريق، فقصة الرؤياء المحكية لكل منهما واحدة، إلا أن رؤيا الطفيل أكثر تفصيلا، وذكر أنها في اليمامة، ورؤيا عامر مختصرة، وذكرت في اليرموك، فإن الطفيل بن عمرو قال: إني قد رأيت رؤيا فاعبروها لي، رأيت كأن رأسي حلق، وأنه يخرج من فمي طائر، وأنه أتتني امرأت فادخلتني في فرجها، وأرى ابني يطلبني طلبا حثيثا، ثم رأيته خنس عني، قالوا: خيرا، قال: أما فقد والله أولتها، قالوا: ماذا أولت؟ ، قال: أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي، وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض
(1) ليس كل من نسب إلى فهم يكون دوسيا بإطلاق؛ لأن فهم بطن من قيس عيلان، وبطن من الأزد، وبطن من أسد وبرة (لب اللباب في تحرير الأنساب 1/ 200) والغالب إن لم يكن الكل من المصريين ينتسبون بالولاء حلفا أو غيره إلى فهم من قيس عيلان.
(2)
الاستيعاب 1/ 249. بتصرف.
(3)
الإكمال 2/ 151، بتصرف، وترجمة مسلم بن جنادة (218).
تحفر لي، فأتجبب (1) فيها، وأما طلب ابني إياي ثم خنسه عني، فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني.
فقتل، وجرح ابنه، ولا أراهما إلا واحدل، هو الطفيل بن عمرو رضي الله عنه، وابنه عمرو بن الطفيل، لكثرة ورودهما في العديد من المصادر.
أما جندب بن عامر بن الطفيل فإن صح ذلك فقد قيل: قتل أبو عامر بن الطفيل ــ هكذا بالكنيةـ وكان جندب معه راية أبيه، فأقبل إلى أبي عبيد رضي الله عنه وقال: أيها الأمير، إن أبي قد قتل، وأريد أن آخذ بثأره أو أقتل، فادفع رايتك لمن شئت من دوس، فأخذ أبو عبيدة الراية ودفعها لرجل (2) من دوس، فحملها وخرج جندب إلى قتال جبلة بن الأيهم الغساني، وهو ينشد ويقول:
سأبذل مهجتي أبدا لأني
…
أريد العفو من رب كريم
وأضرب في العدا جهدي بسيفي
…
وأقتل كل جبار لئيم
فإن الخلد في الجنات حق
…
تباح لكل مقدام سليم
ودنا من جبلة وقال له: اثبت يا قاتل أبي لأقتلك به، فقال جبلة: ومن أنت من المقتول؟ ، قال: ولده، قال جبلة: ما الذي حملكم على قتل نفوسكم وأولادكم وقتل النفس محرم؟ ، قال جندب: إن قتل النفس في سبيل الله محمود عند الله، وننال به الدرجة العالية، فقال له جبلة: إني لا أريد قتلك، فقال جندب فكيف أرجع وأنا المفجوع بأبي؟ ! ، والله لا رجعت أو آخذ بثأر أبي أو ألحق به، ثم حمل على جبلة وجعلا يقتتلان، وقد شخصت نحوهما الأبصار، ونظر جبلة إلى الغلام وما أبدى من شجاعتة فعلم أنه شديد البأس صعب المراس، فأخذ منه حذره، وغسان ترمق صاحبها، فرأت الغلام جندبا وقد ظهر على صاحبه وقارنه في الحرب، فصاح بعضهم على بعض وقالوا: إن هذا الغلام الذي برز إلى سيدكم غلام نجيب، وإن تركتموه ظهر عليه، فانجدوه ولا تدعوه، فتأهبت غسان للحملة ليستنقذوه، ونظر المسلمون إلى جندب وما قد ظهر منه، ومن شجاعته وشدته ففرحواا بذلك، ونظر
(1) أُقبر، لأن القبر شبيه بالجب.
(2)
لماذا يكون هذا الرجل مجهولا في الفتوح، علما أنه حامل الراية؟ ! .
الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه إلى ذلك وما فعل فبكى وقال: "هكذا يكون من يبذل مهجته في سبيل الله، اللهم تقبل له فعله" قال جابر بن عبدالله رضي الله عنه: شهدت قتال اليرموك فما رأيت غلاما كا أنجب من جندب بن عامر بن الطفيل، حين قاتله جبلة، وبعد ذلك حمل عليه جبلة وضربه ضرة أردته.
وأصيب المسلمون بعامر بن الطفيل وولده جندب، قال: فعندها صاحت دوس الجنة الجنة، خذوا بثأر سيدكم عامر، وساعدتها الأزد، وكانوا أحلافهم، وحملو على غسان ولخم وجذام، وتناشدوا الأشعار، فصاح أبو عبيدة رضي الله عنه بالمسلمين، وقال:"أيها الناس: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (1) ومعانقة الحور العين في جنات النعيم، فما من موطن أحب إلى الله من هذا الموطن، ألا وأن للصابرين فضلهم الله على غيرهم ممن لم يشهد مشهدهم هذا، " ولما سمعت الأزد حملت مع دوس، وكان شعارهم يومئذ الجنة الجنة (2).
قلت: وغير بعيد أن يكون عامر وابنه جندب، شخصيتان دوشيتان، غير الطفل وابنه عمرو، وإنما وقع الخلط في نسبة الرؤيا، المنسوبة للطرفين، والأشهر أنها للطفيل رضي الله عنهم، ولا يبعد حصولها لكل منهما بالصفة الواردة عن كل منهما، والله أعلم.
(52)
جندب (3) بن عمرو الدوسي
جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رافع بن ربيعة (4) بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غانم بن دُهمان بن منهب بن دوس الدوسي، قد ينسب إلى جده فيقال: جندب بن حممة الدوسي، كان يقول في الجاهلية: إن للخلق خالقا، لكني لا أدري من هو (5)، فلما سمع بخبر الني صلى الله عليه وسلم خرج وخرج معه خمسة وسبعون رجلا من قومه،
(1) الآية (133) من سورة آل عمران.
(2)
فتوح الشام 1/ 200، 201.
(3)
تصحفت في بعض المصادر جنيدب، وهذا اسم ابنه التالي ذِكْره، وفي البعض "خندف" أنظر مثلا: تاريخ المدينة 3/ 982، تاريخ دمشق 2/ 153 قال: جهمة، وكذلك ومختصره 1/ 433.
(4)
ومنهم من أسقط "ربيعة" وهو الصواب.
(5)
وردت هذه المقولة عن عمرو بن حممة، ولا لأظنها من قول جندب بل من قول والده: عمرو بن حممة.
فأسلم وأسلموا، قال أبو هريرة رضي الله عنه:"فكان جندب يقدمهم رجلا رجلا"، وكان والده عمرو بن حممة حاكما على دوس ثلاثمائة سنة (1).
روى الشعبي رحمه الله قال: "كنا عند ابن عباس وهو في ضفة زمزم يفتي الناس، إذ قام إليه أعرابي فقال: أفتيتهم فافتنا، قال: هات، قال: ما معنى قول الشاعر:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
…
وما علم الإنسان إلا ليعلما
فقال له ابن عباس: ذاك عمرو بن حممة الدوسي، قضى بين العرب ثلاثمائة سنة، كبر فألزموه السابع أو التسع من وِلْده، فكان إذا غفل قرع له العصا، فلما حضره الموت اجتمع إليه قومه فأوصاهم بوصية حسنة فيها حكم" (2).
قدم جندب المدينة مهاجرا، ثم أتى الشام غازيا، وخلف ابنته عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:"إن حدث بي حدث فزوجها كفئا ولو بشراك نعله"، فكان يدعوها ابنتي، وتدعوه أبي، فلما استشهد أبوها قال عمر رضي الله عنه:"من يتزوج الجميلة الحسيبة؟ "، فقال عثما رضي الله عنه: أنا، فزوجه إياها على صداق بذله (3)، أنظر: ترجمتها (30).
شارك في الفتح الإسلامي، فكان مع قومه دوس من الأزد، واسم لوائهم مبرور، ومعهم غيرهم من قبائل العرب يوم أجنادين، وكان يوما مشهودا، لم تثبت فيه القبائل ثبات الأزد، وقاتلت قتالا لم يقاتل أحد مثله، من تلك القبائل، وقتل منهم مقتلة لم يقتل مثلها من قبيلة من القبائل، وقتل يومئذ عمرو بن الطفيل ذو النور رضي الله عنه، وهو يقول:"يا معشر الأزد، لا يؤتين المسلمون من قبلكم"، وقاتل قتالا شديدا، قتل من أشداء الروم تسعة، ثم قُتل رضي الله عنه، وقال جندب بن عمرو بن حممة ورفع رايته:"يا معشر الأزد، إنه لا يبقى منكم ولا ينجو من الإثم والعار إلا من قاتل، ألا وإن المقتول شهيد، والخائب من هرب اليوم"، وقاتل حتى قتل رضي الله عنه، ونادى أبو هريرة رضي الله عنه "يا مبرور، يا مبرور"، فأطافت به الأزد، قال عبدالله بن سراقة: انتهيت إلى أبي هريرة يومئذ وهو يقول: "تزينوا للحور العين، وارغبوا في جوار بكم في جنات النعيم، فما أنتم في موطن من مواطن الخير أحب فيه منكم في هذا الموطن، ألا وإن للصابرين
(1) الإصابة في تمييز الصحابة 2/ 67، 510.
(2)
الإصابة في تمييز الصحابة 2/ 510.
(3)
الإصابة في تمييز الصحابة 1/ 168، وأنساب الأشراف 2/ 257 ..