الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من تلاميذه:
عثمان بن سعيد التنوخي، وغيره، وسمع منه أبو حاتم بالمصيصة، وروى عنه، وأثنى عليه، قال:"كان ثقة رضا، وكان يعد من الأبدال".
قلت: الحديث المروي عن علي رضي الله عنه في الأبدال منقطعٌ سنده، فإن شريح بن عبيد الحمصي لم يدرك عليًّا رضي الله عنه.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: روي في الأبدال حديث أنهم أربعون رجلًا، وأنهم بالشام، وهو في المسند (1) من حديث علي رضي الله عنه، وهو حديث منقطع ليس بثابت، ومعلوم أن عليًّا ومن معه من الصحابة، كانوا أفضل من معاوية رضي الله عنه ومن معه بالشام، فلا يكون أفضل الناس في عسكر معاوية دون عسكر علي رضي الله عنه.
وقال رحمه الله تعالى: "أما الأسماء الدائرة على ألسنة الكثيرين من النساك والعامة مثل: الغوث؛ الذي بمكة، والأوتاد الأربعة، والأقطاع السبعة، والأبدال الأربعين، والنجباء الثلاثمائة؛ فهذه أسماء ليست موجودة في كتاب الله تعالى، ولا هي أيضًا مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح، ولا ضعيف، يحمل عليه ألفاظ الأبدال.
أما الغوث والغياث، فلا يستحقه إلا الله؛ فهو غياث المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره، لا بملك مقرب، ولا نبي مرسل لا بعد موته، ولا في حياته مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، ومن زعم أن أهل الأرض يرفعون حوائجهم التي يطلبون بها كشف الضر عنهم إلى الغوث فهو كاذب ضالٌّ مشرك، قد كان المشركون كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله:{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} (2)، وقال سبحانه:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} (3).
(1) أحمد حديث (896).
(2)
من الآية (67) من سورة الإسراء.
(3)
من الآية (62) من سورة النمل.
فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحجاب، وهو القائل:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (1).
وليس من أولياء الله المتقين، ولا عباد الله المخلصين الصالحين، ولا أنبيائه المرسلين: من كان غائب الجسد دائمًا عن أبصار الناس، بل هذا من جنس قول القائلين إن عليًّا في السحاب، وإن محمد بن الحنفية في جبال رضوى، وأن محمد بن الحسن بسرداب سامرى، وأن الحاكم بجبل مصر، وأن الأبدال الأربعين بجبل لبنان، فكل هذا ونحوه من قول أهل الإفك والبهتان (2).
وجميل قول ابن تيمبة رحمه الله: وأما أهل العلم فكانوا يقولون عن أهل الحديث: هم الأبدال؛ أبدال الأنبياء، وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين؛ الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه: هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعًا، وكانوا يقولون: هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، الظاهرون على الحق؛ لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم، وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا.
إن الذين يعيبون أهل الحديث، ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب، ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن أبي قتيلة أنه ذُكِر عنده أهل الحديث بمكة، فقال: قوم سوء، قام الإمام أحمد، وهو ينفض ثوبه، ويقول: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته (3).
أما عبدالكبير الدوسي، الذي قيل: كان من الأبدال فقد روى عن أبيه، بسده عن جابر بن عبد الله قال: "لما نزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} هرب الغيم إلى المشرق، وسكنت
(1) الآية (186) من سورة البقرة.
(2)
مجموع الفتاوى: 11/ 433، 443. ولأهميته ذكرناه بتصرف واختصار، وانظر: الفرقان بين أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان 1/ 17.
(3)
مجموع الفتاوى 4/ 96، 97.