الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فلقيناه فهزمونا وفضحونا، فرجعنا وقلنا: ويلك! ما تصنعّ بنا؟ قال: ما أدري، كذبني الذي كان يصدقني؛ اسجنوني في بيتي ثلاثا ثم ائتوني ففعلنا به ذلك، ثم أتينا بدء ثالثةٍ، ففتحنا عند فإذا هو كأنه جمرةٌ نار.
فقال: يا معشر دوس حرست السماء، وخرج خير الأنبياء.
قلنا: أين؟ قال: بمكة؛ وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل فإني سوف اضطرم ناراً، وإن تركتموني كنت عليكم عاراً، فإذا رأيتم اضطرامي وتلهُّبي فاقذفوني بثلاثة أحجار، ثم قولوا من كل حجرٍ: باسمك اللهم. فإني أهدأ وأطفأ.
قال: وإنه مات فاشتعل نارا، ففعلنا به ما أمر فقذفناه بثلاثة أحجار نقول مع كلّ حجر باسمك اللهم. فخمد وطفئ.
وأقمنا حتى قدم علينا الحاجُّ فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله (1).
قلت: رغم هذه القصة الميرة بسدها المظلم لم أقتنع بموقع ذي الخلصة في دوس، ولا أشك في عبادتهم الأصنام قبل الإسلام، كسائر قبائل العرب.
(214) مروان بن الحارث بن أبي ذباب الدوسي
لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد عبد الملك بن مروان، ترجمته (146).
(215) مروان بن قيس الدوسي رضي الله عنه
-
وردت القصة التالية في ترجمة مرداس بن قيس، الآنفة الذكر، فإما أن يكون حصل تحريف في اسم مرداس، فتحول إلى "مروان" أو العكس، والذي أرجحه أن الصواب "مروان" لأن المعلومات في ترجمته أكثر، ومنها القصة التالية، ذكرها ابن دريد غير مسندة عن مروان، أما مرداس لم أقف على ما يفيد عنه سوى رواية صالح بن كيسان عمن حدثه عن مروان بن قيس، وهم مجاهيل ذكروا قصة الجارية: خلصة اللاحقة.
كان مروان بن قيس الدوسي خرج يريد الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمر بإبل لثقيف فاطردها، فأغارت ثقيف فأخذت ابنه وامرأتين له وإبلا، فلما طفر (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حنين يريد الطائف شكا إليه مروان ما فعلت به ثقيف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ــ إن
(1) هواتف الجنان للخرائطي 1/ 30 ــ 32.
(2)
وثب يريد الطائف.
كان قاله ــ «خذ أول غلامين تلقاهما من هوزان» فأخذ أُبي بن مالك، ويقال: ابن سلمة بن معاوية بن قشير، والآخر: حيدة؛ أحد بني الجريش، فأتى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسبهما، فقال لأُبي:«أما هذا فإن أخاه يزعم ويزعم له أنه فتى أهل المشرق، كيف قال القائل يا أبا بكر؟ » قال: فقال أبو بكر:
إن نهيكا أبى إلا خليقته
…
حتى تزول جبال الحرة السود
قال أبو زيد بن شبة: والشعر لنهيك، وقيل: هذا البيت منه:
يا خال دعني ومالي ما فعلت به
…
وخذ نصيبك مني إنني مودي
وأما هذا ــ لابن حيدة ــ «فإنه من قوم صليبٌ نسبهم، شديدٌ بأسهم، اشدد يديك بهما حتى تؤدي إليك ثقيف أهلك» .
قال أُبي: يا محمد، ألست تزعم أنك خرجت تضرب رقاب الناس على الحق؟ قال:
«بلى» قال: فأنت والله أولى بثقيف مني، شاركتهم في الدار المسكونة، والأموال المعمورة، والمرأة المنكوحة قال:«بل أنت أولى بهم مني، أنت أخوهم في العصب، وحليفهم بالله ما دام الصالف مكانه، ولن يزول ما دامت السموات والأرض» .
وقال لمروان: «اجلس إليهما» فكأنه لم يفعل، فأجاز بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكوا ذلك إليه، فأمر بلالا بألا يغلق عليهما، فجاءه الضحاك بن سفيان الكلابي أحد بني بكر بن كلاب فاستأذنه في الدخول على ثقيف، فأذن له، فكلمهم في أهل مروان وماله، فوهبوه له، فدفعه إلى مروان فأطلق الغلامين، فعتب الضحاك بعد ذلك على أُبي بن مالك في بعض الأمر فقال يذكر بلاءه عنده:
أتنسى بلائي يا أبي بن مالك
…
غداة الرسول معرض عنك أشوس
يقودك مروان بن قيس بحبله
…
ذليلا كما قيد الذلول المخيس
فعادت عليك من ثقيف عصابة
…
متى يأتهم مستقبس الشر يقبسوا (1)
قال مروان في القصة: حضرت النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت عنده الكهانة فيما كان من آياته عند مخرجه.
(1) تاريخ المدينة لابن شبة 2/ 442.
فقلت له: يا رسول الله، عندنا من ذلك شئ بين، كانت عندنا جارية حُسانة ظُرافة يقال لها: الخلصة، ولم يعلم عليها إلا خيرا، فاذا هي قد جاءتنا في مجلس لنا، فقالت: يا معشر دوس هل علمتم علىّ الا خيرا؟ قلنا: لا والله، قالت: بينا أنا في غنمي اليوم، اذ غشيتني ظلمة، وقد وجدت كحس الرجل مع المراة، وقد خشيت أن اكون قد حملت. فاستمرت حاملا، فولدت غلاما اغضف، له اذنان كأذني كلب، فمكث حتى إذا كان غلاما، فبينا هو يلعب مع الصبيان إذ القى إزاره، ووثب، وصاح بأعلى صوته، وجعل يقول: يا ويله، ياويل غَنْم، وويل فهم، من قابس النار أتى بالدهم، بقتل همدان وقتل فهم، يا ويله يا ويله بالإجلاب، نزلوا والله بالمعشبة المحطاب، الخيل والله وراء العقبة، نقية كالجنة، ياويله، فركبنا واستلأمنا (1)، فقلنا: ويلك، ما ترى؟ فقال: هل من جارية طامث لم تكعب، معها صبي؟ قلنا: وكيف لنا بها؟ فقال شيخ من الحي: عندي هي والله عفيفة عفيفة الام، رأيت أمها نبذت في فراشها البارحة، فقال: عجلها.
فأتت الجارية، فطلعت الخيل، فقال: اطرحي ثوبك، واعدي في وجهي وقال القوم: اتبعوا أثرها، وقال لرجل منا يقال له أحمر بن حابس: يا احمر بن حابس إني حابس عليك أول فارس، وقال: فظهر والله أول مرتجل منا يقال له: أحمر، فلقى أول عادية القوم، فصرعه وغنمناهم، قال: فبنينا عليه بيتا وسميناه ذا الخلصة، كان لا يقول شيئا إلا وجدناه كما يقول، حتى قال لنا يوما: يا معشر دوس، نزلت بنو الحارث بن كعب، والجيش عفاس، فاركبوا، فاستلأمنا وركبنا، فقال: والقوا القوم غدية، واشربوا الخمر عشية، فلقيناهم فهزمونا وفضحونا، فقلنا: ويلك: مالك وما صنعت بنا؟ واغتفرناها له، فمكثنا ما شاء الله، فاذا هو يقول: يا معشر دوس، هل لكم في غزوة تهب لكم عزا؟ قلنا: ما أحوجنا اليها؟ ؟ قال: اركبوا، فركبنا، فقال: إيتوا بني الحارث بن مسلمة فاجعلوها بينه، ثم قال: عليكم بفهم، كلا ليس لكم فيهم دم، عليكم بنصر وجشم، رهط دريد بن الصمة، كلا، قليل الحنث وفي الذمة، عليكم بكعب بن ربيعة، فإنهم أهل فجيعة، فلتكن بهم الوقيعة، قال: فخرجنا فلقيناهم،
(1) أخذوا لامة الحرب.