الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(144)
أربع وأربعين ومائة من الهجرة، وهو من ثقات أصحاب الزهري، ممن يجمع حديثه (1).
من شيوخه:
إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وذكوان أبي عمرو، مولى عائشة، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وسعيد المقبري، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومحمد بن المنكدر، وموسى بن عمران بن منّاح، وقيل: ابن ميّاح، ويعقوب بن عتبة الثقفي (2).
من تلاميذه:
عبد الله بن جعفر المخرمي، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ومحمد بن إسحاق بن يسار (3).
وكان منقطعا إلى عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، فاتهمه أبو جعفر في أمر محمد بن عبدلله أنه يعلم علمه، فهرب منه إلى طرف القدوم (4)، فتوارى عند محمد بن يعقوب بن عتبة، فمات عنده فجاءة سنة أربع وأربعين ومائة وله أحاديث (5)، وكان له حلف في قريش (6).
روى أن الطفيل بن عمرو قدم مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها فمشى إليه رجال من قريش، وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا فقالوا له: "يا طفيل إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا وفرّق جماعتنا وشتّت أمرنا، وإنما قوله
(1) تحقيق جزء من علل ابن أبي حاتم 3/ 251، والجرح والتعديل 6/ 23، وعمدة القارئ شرح صحيح البخاري 20/ 412.
(2)
تهذيب الكمال في أسماء الرجال (18/ 464.
(3)
تهذيب الكمال في أسماء الرجال (18/ 464.
(4)
اسم جبل بالحجاز قرب المدينة (معجم البلدان 4/ 312).
(5)
الطبقات الكبرى 5/ 428، ومقاتل الطالبيين 1/ 254، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة 2/ 220.
(6)
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير 1/ 184.
كالسّحر يفرّق بين المرء وأبيه، وبين الرجل وأخيه، وبين الرجل وزوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما دخل علينا فلا تكلّمه ولا تسمع منه".
قال: "فواللَّه ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلّمه، وحتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقا من أن يبلغني شيء من قوله، فغدوت إلى المسجد فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبى اللَّه تعالى إلا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا، فقلت في نفسي: إني لرجل لبيب شاعر، ما يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلت، وإن كان قبيحا تركت؟ فمكثت حتى انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتبعته، فقلت: "إنّ قومك قد قالوا لي كذا وكذا، وإني شاعر فاسمع ما أقول".
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هات» فأنشدته.
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «وأنا أقول فاسمع» . ثم قرأ: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إلى آخرها و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إلى آخرها {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلى آخرها، وعرض عليّ الإسلام، فلا واللَّه ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وقلت: "يا نبي اللَّه، إني امرء مطاع في قومي، وإني راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام، فادع اللَّه أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم، فقال:«اللهم اجعل له آية» فخرجت إلى قومي في ليلة مطيرة ظلماء، حتى إذا كنت بثنيّة (1) تطلعني على الحاضر (2) وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت: اللهم في غير وجهي، إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي، فتحوّل فوقع في رأس سوطي كالقنديل المعلّق، وأنا أهبط عليهم من الثنيّة حتى جئتهم، فلما نزلت أتاني أبي فقلت: إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك، فقال: لم يا بني؟ ، فقلت: قد أسلمت وتابعت دين محمد، أي بنيّ فديني دينك، فقلت: اذهب فاغتسل وطهّر ثيابك ففعل ثم جاء، فعرضت عليه الإسلام فأسلم، ثم أتتني
(1) الطريق في الجبل.
(2)
القوم النازلون.
صاحبتي فقلت: إليك عنّي فلست منك ولست منّي قالت: ولم بأبي أنت وأمي؟ ، قلت: فرّق بيني وبينك الإسلام؛ وتابعت دين محمد، قالت: فديني دينك، فقلت: اذهبي فتطهّري ففعلت، فعرضت عليها الإسلام فأسلمت، ولم تسلم أمي، ثم دعوت دوسا فأبطئوا عليّ، ثم جئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي اللَّه إنه قد غلبني على دوس الدير (1) فادع اللَّه عليهم.
فقال: «اللهم اهد دوسا وائت بهم، ارجع إلى قومك وارفق بهم» فرجعت فلم أزل بأرض قومي أدعوهم حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ومضى بدر، وأحد، والخندق، فقدمت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمن أسلم، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخيبر، حتى نزلت المدينة بسبعين أو: ثمانين بيتا من دوس، ثم لحقنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين". وقال الطّفيل لمّا أسلم:
ألا بلّغ لديك بني لؤيّ
…
على الشّنآن والغضب المردّي
بأنّ اللَّه ربّ النّاس فرد
…
تعالى جدّه عن كلّ ندّ
وأنّ محمّدا عبد رسول
…
دليل هدى وموضح كلّ رشد
رأيت له دلائل أنبأتني
…
بأنّ سبيله يهدي لقصد
وأنّ اللَّه جلّله بهاء
…
وأعلى جدّه في كل جدّ
وقالت لي قريش عَدّ عنه
…
فإنّ مقاله كالغرّ يعدي
فلمّا أن أملت إليه سمعي
…
سمعت مقاله كمشور شهد
وألهمني هدايَ اللَّه عنه
…
وبدّل طالعي نحسي بسعدي
ففزت (2) بما حباه اللَّه قلبي
…
وفاز محمّد بصفاء ودّي (3)
وروى قصة الطفيل وابنه عمرو قال: "رجع الطفيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معه بالمدينة حتى قبض، فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فجاهد حتى فرغوا من طليحة وأرض نجد كلها، ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة، ومعه ابنه عمرو بن الطفيل فقتل الطفيل باليمامة شهيدا (4)، وجرح ابنه عمرو بن الطفيل وقطعت يده، ثم
(1) الذين يدورون في الحي مشككين فيما يدعو إليه.
(2)
لعل الصواب: ففاز بما حباه الله قلبي
(3)
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 2/ 418.
(4)
هذا قول، والصواب في أجنادين، انظر: ترجمته.
استبل (1)، وصحت يده، فبينا هو عند عمر بن الخطاب إذ أتي بطعام فتنحى عنه، فقال عمر: ما لك لعلك تنحيت لمكان يدك؟ ، قال: أجل، قال لا والله لا أذوقه حتى تسوطه بيدك، ففعل ذلك، فوالله ما فى القوم أحد بعضه فى الجنة غيرك، ثم خرج عام اليرموك فى خلافة عمر بن الخطاب مع المسلمين فقتل شهيدا (2).
وروى عن الطفيل، قال:"قلنا يارسول الله، اجعلنا ميمنتك، واجعل شعارنا يل مبرور، ففعل صلى الله عليه وسلم " فشعار الأزد كلها يا مبرور (3).
وروى قصة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء بنت النعمان الجونية، وقيل: أميمة، قال: "قدم النعمان بن أبي جون الكندي، وكان ينزل وبنوا أبيه نجدا مما يلي الشربة (4)، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما فقال: يا رسول الله، ألا أزوجك أجمل أيم في العرب؛ كانت تحت ابن عم لها فتوفي عنها فتأيمت، وقد رغبت فيك وخطبت إليك، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اثنتي عشرة أوقية ونش، فقال: يا رسول الله لا تقصر بها في المهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أصدقت أحدا من نسائي فوق هذا ولا أصدق أحدا من بناتي فوق هذا» فقال النعمان بن أبي جون: ففيك الأسى، فقال: فابعث يا رسول الله إلى أهلك من يحملهم إليك، فإني خارج مع رسولك فمرسل أهلك معه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا أسيد الساعدي، فلما قدما عليها جلست في بيتها وأذنت له أن يدخل، فقال أبو أسيد: إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال، قال أبو أسيد: ــ وذلك بعد أن نزل الحجاب ــ فأرسلت إليه فيسر لي أمري، قال: حجاب بينك وبين من تكلمين من الرجال إلا ذا محرم منك فقبلت، فقال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام ثم تحملت مع الظعينة على جمل في محفة، فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتها في بني ساعدة، فدخل عليها نساء الحي فرحبن بها وسهلن، وخرجن من عندها فذكرن جمالها وشاع ذلك بالمدينة وتحدثوا بقدومها.
(1) شفي من جراحه.
(2)
جامع الأحاديث حديث (30086).
(3)
المستدرك حديث (5132).
(4)
موضع بين السّليلة والرّبذة، وقيل: إذا جاوزت النّقرة وماوان تريد مكّة وقعت في الشربّة، ولها ذكر كثير في أيام العرب (معجم البلدان 3/ 332).