الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاته:
توفي الإمام مسدد سنة (228) ثمان وعشرين ومائتين، رحمه الله.
(217) مسعود بن عمرو بن عدي الدوسي
مسعود بن عمرو بن عدي بن محارب بن صنيم بن مليح بن شرطان (1) بن معن بن مالك بن فهم، الذي يقال له: قمر العراق، قتلته بنو تميم. كان سيد الأزد، وأخو المهلب بن أبي صفرة لأمه، وهو الذي أجار عبيد الله بن زياد أيام الفتنة.
وكان مسعود بن عمرو الدوسي قتله الخوارج بالبصرة، فوقعت من الحرب بين مضر والأزد وحلفائهم ربيعة، وكان المتولي حربهم زياد بن عمرو بن الأشرف العتكي، الذي كانت الأزد تسميه القمر لجماله أيضا (2).
وكان من قصة مسعود بن عمرو الدوسي، المعْني: نسبة إلى معن بن مالك: أن رجلا من الأزارقة رماه وهو على المنبر بالبصرة يخطب الناس فقتله، فادعت بنو تميم قتله، فحاربتهم الأزد عليه، فظفرت بهم وأكثرت فيهم القتل، فلما رأى ذلك الأحنف بن قيس، صالح الأزد على أن يؤدي دية مسعود بن عمرو، ودية الملك (3) مائة الف درهم. ويُودَى كل من قتل من الأزد في تلك الحروب، ويهدر دم القتلى من بني تميم، وكان قتلاهم أضعافا كثيرة على قتلى الأزد، وعلى أن يجعل للأزد خراج دسمستان (4) في تلك السنة، على أن يكفوا عنهم الحرب، فاصطلحوا على ذلك وتركوا الحرب. وفي ذلك يقول دعبل الخزاعي:
وكَّنا يوم مسعود بن عمرو
…
غداة البصرة المتحكمينا (5)
(1) اشتقاق شرطان: على وزن فعلان، إما من الشرط واحد الشروط، أو من الشرطين وهو منزل من منازل القمر (الاشتقاق 1/ 502) ومسعود يجتمع مع جديع الدوسي في الجد الثالث: صنيم بن شرطان.
(2)
الاشتقاق 1/ 502، والأنساب للصحاري 1/ 249.
(3)
هكذا كان يسمى سيد القوم، باعتبار نفوذ رأيه في قومه، وطاعتهم له.
(4)
لم أقف على تعريف بها، ولا أشك أنها من نواحي مرو، فمرو، ومروالروذ همي مدار هي موقع الأزديين عموما وغيرهم كبني تميم وربيعة، استقروا فيها بعد الفتح.
(5)
الأنساب للصحاري 1/ 249.
كان مسعود بن عمرو الدوسي سيد الأزد عموما، ولأنه أخو المهلب بن أبي صفرة العتكي لأمه، وزياد وأبوه عمرو الأشرف ليسا دوسيين، فهما من ولد العتيك، والعتكي في الأزد ينسب إلى العتيك بن أحمد (1) أو: بن الأسْد بن عمران بن عمرو مزيقيا بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (2).
قتل عمرو الأشرف مع عائشة رضي الله عنها يوم الجمل (3).
وكان ابنه زياد بن عمرو شريفا (4) أيضا كأبيه تولى الحرب لأن مسعودا أخو المهلب لأمه، والمهلب من أجداد زياد وأبيه فهما عتكيان، وللعصبية للأزد أبضا، فمسعود دوسي أزدي، وزياد عتكي أزدي.
ومسعود بن عمرو الدوسي هو مجير عبيد الله بن زياد الهارب من الناس أيام الفتنة، حمله إليه الحارث بن قيس الوسي، روى قصته غير واحد منهم أبو لبيد الجهضمي الدوسي، عن الحارث بن قيس الدوسي، الذي اصطحب زيادا إلى مسعود، والحارث هو: حارث بن قيس بن صهبان بن عون بن علاج بن مازن بن أسود بن جهضم بن جذيمة بن مالك بن فهم، الجهضمي، الدوسي، فقال له عبيد الله: يا حار (5) ــ أما والله إني لأعرف سوء رأيٍ كان في قومك ــ وإن أبي كان أوصاني إن احتجت إلى الهرب يوما أن أختاركم، وإن نفسي تأبى غيركم، فقال الحارث: قد أبلوك في أبيك ما قد علمت، وأبلوه فلم يجدوا عنده ولا عندك مكافأة، وما لك مرد إذا اخترتنا، وما أدري كيف أتاني لك؛ إن أخرجتك نهارا! إني أخاف ألا أصل بك إلى قومي حتى تقتل وأقتل، ولكني أقيم معك حتى إذا وارى دمسٌ دمسا وهدأت القدم، ردفت خلفي لئلا تعرف، ثم أخذتك على أخوالي بني ناجية، قال عبيد الله: نعم ما رأيت، فأقام حتى
(1) مشارق الأنوار على صحيح الآثار 1/ 623، وسواءً كان والد العتيك أحمد أو الأسد فلا يخل بأن العتيك وزهران ابنا عم.
(2)
عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 2/ 86.
(3)
عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 1/ 219.
(4)
العقد الفريد 1/ 40.
(5)
ترخيم لحارث.
إذا قيل: أخوك أم الذئب (1)،
حمله خلفه، وقد نقل تلك الأموال فأحرزها، ثم انطلق به يمر به على الناس، وكانوا يتحارسون مخافة الحرورية فيسأل عبيد الله أين نحن؟ فيخبره، فلما كانوا في بني سليم قال عبيد الله: أين نحن؟ قال: في بني سليم، قال: سلمنا إن شاء الله، فلما أتى بني ناجيه قال: أين نحن؟ قال: في بني ناجية، قال: نجونا إن شاء الله، فقال بنو ناجية: من أنت؟ قال: الحارث بن قيس، قالوا: ابن أختكم، وعرف رجل منهم عبيد الله فقال: ابن مرجانة! فأرسل سهما فوقع في عمامته، وكان مضى به الحارث حتى ينزله دار نفسه في الجهاضم، ثم قال عبيد الله: يا حارث، إنك قد أحسنت وأجملت، فهل أنت صانع ما أشير عليك؟ قد علمت منزلة مسعود بن عمرو في قومه وشرفه وسنه وطاعة قومه له، فهل لك أن تذهب بي إليه فأكون في داره، فهي وسط الأزد، فإنك إن لم تفعل صدع عليك أمر قومك، قلت: نعم، فانطلقت به، فما شعر مسعود بشيء حتى دخلنا عليه وهو جالس ليلتئذ يوقد بقضيب على لبنه، وهو يعالج خفيه قد خلع أحدهما وبقي الآخر، فلما نظر في وجوهنا عرفنا وقال: إنه كان يتعوذ من طوارق السوء، قال الحارث: لم أطرقك إلا بخير، وقد علمت أن قومك قد أنجوا زيادا فوفوا له، فصارت لهم مكرمة في العرب يفتخرون بها عليهم، وقد بايعتم عبيد الله بيعة الرضا، رضا عن مشورة، وبيعة أخرى قد كانت في أعناقكم قبل البيعة ــ يعني بيعة الجماعة ــ فقال له مسعود: يا حار، أترى لنا أن نعادي أهل مصرنا في عبيد الله، وقد أبلينا في أبيه ما أبلينا، ثم لم نكافأ عليه، ولم نشكر! ما كنت أحسب أن هذا من رأيك، قال الحارث: إنه لا يعاديك أحد على الوفاء ببيعتك حتى تبلغه مأمنه.
ثم قال الحارث: أفتخرجه بعد ما دخل عليك بيتك! قال: فأمره فدخل بيت عبد الغافر بن مسعود ــ وامرأة عبد الغافر يومئذ خيرة بنت خفاف بن عمرو ــ قال: ثم ركب مسعود من ليلته ومعه الحارث وجماعة من قومه، فطافوا في الأزد ومجالسهم، فقالوا: إن ابن زياد قد فقد، وإنا لا نأمن أن تلطخوا به، فأصبحوا في السلاح، وفقد الناس ابن زياد فقالوا: أين توجه؟ فقالوا: ما هو إلا في الأزد (2).
(1) كلمة سر بينهما ..
(2)
تاريخ الطبري وصلته 5/ 509، 510، 51، بتصرف.