الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحتج بأن جميع التكاليف أحكام فكما جاز نسخ بعضها جاز نسخ جميعها.
وفيه نظر لما تقرر في العقل أن زوال الحكمة يستلزم عبث ما هي حكمته وحكمة اتخاذ الجن والإنس العبادة لقوله - تعالى -: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فلو جاز نسخ العبادات كان الاتخاذ عبثا وهو محال ، قال الله - تعالى -:(أفحسبتم أنما خلقنكم عبثا) الآية.
واحتج الغزالي بأن المنسوخ لا ينفك عن وجوب معرفة النسخ والناسخ وهو الله - تعالى - وذلك تكليف فلا يكون جميع التكاليف منسوخا.
وأجاب المصنف بأن المكلف يعلم النسخ والناسخ وينقطع التكليف بهما وبغيرهما بعد معرفتهما.
وهذا غلط لأن المكلف يعلمهما قبل النسخ أو بعده لا سبيل إلى الأول لأنه لا نسخ ولا ناسخ قبل النسخ فتعين الثاني وهو تكليف لا ينتسخ بالناسخ قبله وهو واضح ولا بعده وإلا تسلسل وهو محال وما كفى المصنف اعتقاده حتى سعى في إبطال صريح الحق. والله أعلم.
القياس
ص - القياس: التقدير والمساواة. وفي الاصطلاح: مساواة فرع لأصل في علة حكمه. ويلزم المصوبة زيادة: في نظر المجتهد ، لأنه صحيح ، وإن تبين الغلط والرجوع. بخلاف المخطئة. وإن أريد الفاسد معه - قيل: تشبيه. وأورد قياس الدلالة فإنه لا يذكر فيه علة.
وأجيب بإما بأنه غير مراد ، وإما بأنه يتضمن المساواة لها وأورد قياس العكس مثل: لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذر.
عكسه: الصلاة لما لم تجب فيه بالنذر لم تجب بغير نذر.
وأجيب بالأول. أو بأن المقصود مساواة الاعتكاف بغير نذر في اشتراط الصوم له بالنذر بمعنى لا فارق أو بالسبر وذكرت الصلاة لبيان الإلغاء. أو قياس الصوم بالنذر على الصلاة بالنذر.
ش - لما فرغ من المباحث المتعلقة بالكتاب والسنة والإجماع شرع في القياس فعرفه: وهو في اللغة التقدير والمساواة. يقال: قس النعل بالنعل.
واستعمل في الشرع بعلى تلويحا إلى معنى البناء.
وفي اصطلاح الأصوليين: هو مساواة فرع لأصل في علة الحكم.
والمراد بالفرع صورة أريد إلحاقها بمثلها في حكم " الاتحاد " العلة نوعا وبالأصل الصورة الملحق بها فتسميتها بذلك باعتبار ما يؤول إليه فإنهما يصيران
أصلا وفرعا بعد القياس فلا يلزم دور.
وهذا تعريف للقياس الصحيح في نفس الأمر ولم يتناول ما هو صحيح في نظر المجتهد وليس بمطابق للواقع فيلزم المصوبة أن يزيدوا: في نظر المجتهد ، ليتناوله لأنه صحيح عندهم وإن تبين الغلط بتوهم ما ليس بعلة في نفس الأمر علة والرجوع عن الحكم بخلاف المخطئة فإنه لا تلزمهم هذه الزيادة لأن هذا التعريف تعريف للقياس الصحيح.
والقسم الثاني عندهم غير صحيح.
ولو أريد تعريف القياس على وجه يشمل الفاسد أيضا قيل: تشبيه فرع بأصل في علة الحكم.
وأورد عليه قياس الدلالة: وهو مساواة فرع لأصل في وصف جامع لا يكون علة للحكم في نفس الأمر ولا في نظر المجتهد بل يكون مساويا لها دالا عليها مثل الجمع بين الخمر والنبيذ بالرائحة الدالة على الشدة المطربة لأن الرائحة ليست بعلة بل العلة الشدة المطربة والرائحة دالة عليها فإنه خارج عن التعريف المذكور للقياس لأنه لم يذكر فيه علة الحكم مع أنه قياس فلا ينعكس الحد.
وفيه نظر لأنا لا نسلم دلالتها عليها لأن الرائحة قد توجد بدونها كما قال:
يقولون لي انكه شربت مدامة
…
فقلت لهم لا بل أكلت سفرجلان
ويعلم ذلك في الفقه في باب حد الخمر.
وأجاب بوجهين:
أحدهما: أن المراد غير قياس الدلالة فكأنه يقول القياس في هذا الاصطلاح غير قياس الدلالة.
والثاني: إنه قياس وليس بخارج عن التعريف لأن المساواة في الوصف الجامع الدال على العلة يتضمن المساواة في العلة.
وأورد أيضا على عكسه قياس العكس: وهو إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لتحقق نقيض علة حكم الأصل في الفرع. كقول الحنفية لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر وجب أيضا بغيره كالصلاة فإنها لما لم تجب في الاعتكاف بالنذر لم تجب بغيره.
فالفرع هو الصيام والأصل هو الصلاة والحكم في الأصل عدم الوجوب في الواقع وفي الفرع الوجوب فيه والعلة في الفرع الوجوب بالنذر لأنه علة العلم بالوجوب في الواقع وفي الأصل عدم الوجوب بالنذر فإنه قياس ولا يصدق عليه الحد إذ لا مساواة بين الأصل والفرع في العلة ولا في الحكم.
وأجاب بثلاثة أوجه:
الأول: هو أن قياس العكس غير مراد من هذا التعريف وهو المذكور أولا في جواب الإيراد الأول.
والثاني: أن المقصود ههنا مساواة الاعتكاف بغير نذر في اشتراط الصوم للاعتكاف المنذور في ذلك إما بمعنى أنه لا فارق بين الاعتكاف المنذور وغير
المنذور في اشتراط الصوم فإن الاختلاف بالنذر وعدمه لا مدخل له في اشتراط الصوم وعدمه كما في الصلاة وإما بالسبر بأن يقال الموجب لاشتراط الصوم إما الاعتكاف أو الاعتكاف بالنذر ولا سبيل إلى الثاني لأن النذر لو كان له أثر في الاشتراط لأثر في اشتراط الصلاة لكن لا أثر له في ذلك بالاتفاق فتعين أن يكون الموجب لاشتراط الصوم هو الاعتكاف فقط فيكون ذكر الصلاة لبيان كون النذر لا مدخل له في ذلك وعلى هذا يكون الاعتكاف المنذور أصلا وغير المنذور فرعا والحكم وجوب الاشتراط فيهما والعلة الاعتكاف فيصدق حد القياس عليه وينعكس.
الثالث: أن المقصود قياس الصوم بالنذر على الصلاة بالنذر بأن يقال على تقدير أن لا يشترط الصوم في الاعتكاف لم يشترط فيه بالنذر كالصلاة فإنها لما لم تكن شرطا في الاعتكاف لم تصر شرطا فيه بالنذر أي بنذر الاعتكاف فالصلاة أصل والصوم فرع والحكم عدم الصيرورة شرطا بالنذر والعلة كونهما عبادتين فيصدق حد القياس عليه وينعكس.
ص - وقولهم: بذل الجهد في استخراج الحق.
وقولهم: الدليل الموصل إلى الحق. وقولهم العلم عن نظر. مردود بالنص والإجماع. وبأن البذل حال " القياس " ، والعلم ثمرة القياس.
وأبو هاشم: حمل الشيء على غيره بإجراء حكمه عليه ، ويحتاج بجامع.
وقول القاضي: حمل معلوم على معلوم في إثبات " حكم " لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما. حسن إلا أن حمل ثمرته.
وإثبات الحكم فيهما معا ليس به. وبجامع كاف. وقولهم: ثبوت حكم الرفع ، فرع القياس ، فتعريفه به دور.
أجيب بأن المحدود القياس الذهني وثبوت حكم الفرع الذهني والخارجي ليس فرعا له.
ش - لما ذكر ما هو عنده مرضي من حد القياس ذكر حدودا ذكرها المتقدمون وزيفها.
الأول: قولهم: القياس بذل الجهد في استخراج الحق.
وزيفه بأن البذل حال القائس والقياس هو المساواة المذكورة فلا يصدق أحدهما على الآخر فيصدق الحد بدون المحدود فلا يطرد.
وفيه نظر لأنه على هذا التقدير لا نسلم أن القياس هو المساواة بل هو مصدر ولا شك حينئذ في كونه حالا قائمة بالقائس فيصدق أحدهما على الآخر.
والثاني: قولهم هو الدليل الموصل إلى الحق.
وزيفه بأنه مردود لصدقه على النص والإجماع لأن كل واحد منهما دليل موصل إلى الحق فلا يطرد.
والثالث: قولهم: العلم عن نظر.
وزيفه بأن العلم ثمرة القياس والقياس سببه وهو غير المسبب فيصدق الحد بدون المحدود فلا يطرد.
والرابع: ما قاله أبو هاشم: بأنه حمل الشيء على غيره بإجراء حكمه عليه.
وزيفه بأنه يحتاج إلى ذكر الجامع لأن حمل الشيء على غيره بإجراء حكمه عليه بغير جامع لا يكون قياسا.
والخامس: ما قال القاضي: وهو حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما.
واستحسنه: وهو منقوض بزيد قائم مثلا فإنه يصدق عليه حمل معلوم على
معلوم في إثبات حكم وهو كونهما جزئي جملة أو صفة حكم وهي كونهما مسندا ومسندا إليه بجامع بينهما وهو الإسناد.
وزيفه المصنف: بقوله: إن الحمل ثمرة القياس وهو كما تقدم.
وبأن قوله: في إثبات حكم لهما يشعر بأن الحكم في الأصل والفرع مثبت بالقياس وهو باطل لأن القياس فرع على ثبوت الحكم في الأصل فلو ثبت الحكم في الأصل بالقياس لزم الدور.
وبأن قوله بجامع كاف فلا يحتاج إلى قوله: من إثبات حكم أو صفة نفيهما
- لأنها أقسام الجامع والمعتبر في التعريف نفس الجامع لا أقسامه.
وقد أورد بعض المتأخرين بأنه أخذ في تعريف القياس القياس ثبوت حكم الفرع وثبوت حكم الفرع فرع القياس فيتوقف معرفته على معرفة القياس فتعريف القياس به دور.
وأجاب عنه بأن هذا تعريف للقياس الذهني ولا يتوقف معرفة ثبوت حكم الفرع الذهني والخارجي على القياس الذهني لأن ثبوت حكم الفرع الذهني والخارجي لا يكون فرعا للقياس الذهني بل هما متضايفان
ص - وأركانه: الأصل والفرع وحكم الأصل والوصف الجامع.
الأصل: الأكثر: محل الحكم المشبه به.
وقيل: دليله. وقيل: حكمه. والفرع: المحل المشبه. وقيل: حكمه. والأصل: ما ينبني عليه غيره. فلا بعد في الجميع ولذلك كان الجامع فرعا للأصل ، أصلا للفرع.
ومن شرط حكم الأصل أن يكون حكما شرعيا.
وأن لا يكون منسوخا لزوال اعتبار الجامع.
وأن يكون غير فرع خلافا للحنابلة والبصري.
لنا: إن اتحدت فذكر الوسط ضائع.
كالشافعية في السفرجل مطعوم فيكون ربويا كالتفاح ، ثم يقيس التفاح على البر.
وإن لم تتحد فسد ، لأن الأولى لم يثبت اعتبارها ، والثانية ليست في الفرع كقوله في الجذام عيب يفسح به البيع فيفسخ به النكاح كالقرن والرتق. ثم يقيس القرن على الجب بفوات الاستمتاع. فإن كان فرعا خالفه المستدل: كقول الحنفي في الصوم بنية النفل: أتى بما أمر به كفريضة الحج.
ففاسد ، لأنه متضمن اعترافه بالخطأ في الأصل.
ومنها أن لا يكون معدولا به عن سنن القياس كشهادة خزيمة ، وأعداد الركعات ، ومقادير الحدود والكفارات.
ومنها ما لا نظير له كان له معنى ظاهر كترخص المسافر ، أو غير ظاهر كالقسامة.
ومنها أن لا يكون ذا قياس مركب وهو أن يستغني بموافقة الخصم في الأصل أو منعه وجودها في الأصل. فالأول مركب الأصل. ومثل: عبد ، فلا يقتل به الحر ، كالمكاتب.
فيقول الحنفي: العلة جهالة المستحق من السيد والورثة فإن صحت بطل الإلحاق. وإن بطلت منع حكم الأصل. فما ينفك عن عدم العلة في الرفع أو " منع الأصل. فلو سلم أنها العلة " وأنها موجودة أو أثبت أنها موجودة انتهض الدليل عليه لاعترافه كما لو كان مجتهدا.
وكذلك لو أثبت الأصل بنص ثم أثبت العلة بطريقها على الأصح لأنه لو لم