الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو لا فإن كان الأول فهو باطل ينقض سواء كان الحاكم قلد غيره في ذلك الحكم أو لم يقلد. وإن كان الثاني فإما أن يخالف قاطعا أو لا والأول ينقض والثاني لا يجوز نقضه لا للحاكم ولا لغيره لئلا يتسلسل فتفوت مصلحة نصب الحاكم ، فإذا أدى اجتهاده إلى صحة التزوج بغير ولي ثم تغير اجتهاده. اختلفوا في وجوب العمل بالثاني. والمختار وجوبه فتحرم الزوجة ، وقيل بعدم وجوبه إذا اتصل بالأول حكم الحاكم لأن الثاني كان كالأول فإذا اتصل الحكم بالأول ترجح. وكذلك إذا تغير اجتهاد المقلد يجب على المقلد العمل باجتهاد الثاني ولو حكم مقلد على خلاف مذهب إمامه جرى ذلك على جواز تقليد مقلد بعد أن قلد شخصا آخر فإن جاز تقليد غير من قلده أولا جاز له الحكم بخلاف إمامه وإلا فلا.
ص -
مسألة: المجتهد قبل أن يجتهد ممنوع من التقليد
. " وقيل: فيما لا يخصه. وقيل: فيما لا يفوت وقته. وقيل: إلا أن يكون أعلم منه. وقال الشافعي: إلا أن يكون صحابيا ، وقيل أرجح. فإن استووا ، تخير. وقيل: أو تابعياً.
وقيل: غير ممنوع ، وبعد الاجتهاد اتفاق ، لنا: حكم شرعي ، فلا بد من دليل ، والأصل عدمه بخلاف النفي فإنه يكفي فيه انتفاء دليل الثبوت. وأيضا: متمكن من الأصل فلا يجوز البدل ، كغيره. واستدل: لو جاز قبله لجاز بعده. وأجيب: بأنه بعده حصل الظن الأقوى. المجوز: (فاسئلوا أهل الذكر). قلنا: للمقلدين ، بدليل (إن كنتم) ولأن المجتهد من أهل الذكر. الصحابة. " أصحابى كالنجوم " وقد سبق.
قالوا: المعتبر الظن ، وهو حاصل. أجيب: بأن ظن اجتهاد أقوى ".
ش - تقليد مجتهد غيره إما أن يكون قبل الاجتهاد أو بعده فإن كان قبله فقد اختلف فيه.
والمختار عند المصنف أنه ممنوع عن ذلك. وقيل: ممنوع عن ذلك فيما لا
يخصه أي فيما لا يفتي به ولا يكون ممنوعا فيما يخصه أي يتعلق بنفسه.
وقيل: إنما يجوز التقليد فيما يخصه إذا فات الوقت إن اشتغل بالاجتهاد.
وقيل: هو ممنوع عنه إلا أن يكون مقلده أعلم منه.
وقال الشافعي: إذا كان مقلده صحابيا.
وقيل: يجوز له تقليد الصحابي إذا كان الصحابي أرجح في نظره من غيره ، وإن استووا في نظره تخير في تقليد من شاء.
وقيل: يجوز له التقليد إذا كان المقلد صحابيا أو تابعيا. وقيل: المجتهد قبل الاجتهاد غير ممنوع عن التقليد مطلقا ، وإن كان بعد الاجتهاد فممنوع بالاتفاق.
واحتج المصنف على المختار بوجهين:
الأول: أن جواز تقليد المجتهد حكم شرعي وكل ما هو كذلك لا بد له من دليل شرعي ولم يجد ما يصلح دليلا والأصل عدمه.
فإن قيل نفي الجواز كذلك.
أجاب بقوله بخلاف النفي ومعناه عدم الجواز نفي والنفي يكفي فيه انتفاء دليل الثبوت.
الثاني: أن الاجتهاد أصل والتقليد بدل والقدرة على الأصل تنفي البدل كالوضوء مع التيمم.
واستدل بأنه لو جاز تقليده قبل الاجتهاد لجاز بعده لأن المانع تمكن المجتهد من معرفة الحكم بالاجتهاد وهو موجود في الحالتين واللازم باطل بالاتفاق.
وأجاب بأن الحاصل بعد الاجتهاد ظن أقوى من الحاصل قبله ولا يلزم من منع المانع القوي منع غيره.
احتج مجوز تقليد المجتهد قبل الاجتهاد مطلقا بقوله - تعالى -: (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) أمر بالسؤال وذلك يقتضي اتباع المسؤول عنه واعتقاد قوله صونا عن الإلغاء.
وأجاب بأن المراد المقلدون بوجهين:
أحدهما: أن السؤال مشروط بعدم العلم فمن له العلم لا يدخل تحته وليس المراد بالعلم حصوله بالفعل البتة بل القوة القريبة من الفعل كافية وللمجتهد قبل الاجتهاد القوة المذكورة فلا يدخل تحت الخطاب.
وقيل تمحل لا يخفي.
والثاني: أن المجتهد من أهل الذكر فيكون مسؤولا سائلا فلا يدخل تحت المأمورين بالسؤال.
واحتج مجوز تقليد المجتهد الصحابي بقوله عليه السلام: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".
وأجاب بما سبق أنه للمقلد.
وقد احتج المجوز مطلقا أيضا بأن المعتبر في جواز العمل بالظن وهو حاصل بالتقليد.
وأجاب: بأن ظن اجتهاده أقوى من الحاصل بفتوى غيره والتمكن من الأقوى
يمنع من غيره.
ص - مسألة: يجوز أن يقال للمجتهد: " احكم بما شئت ، فهو صواب.
وتردد الشافعي: ثم المختار: لم يقع. لنا: لو امتنع - لكان لغيره ، والأصل عدمه. قالوا: يؤدي إلى انتفاء المصالح لجهل العبد. وأجيب بأن الكلام في الجواز ولو سلم - لزمن المصالح ، وإن جهلها. الوقوع. قالوا:(إلا ما حرم إسرائيل على نفسه). وأجيب بأنه يجوز أن يكون بدليل ظني. قالوا قال - صلوات الله عليه: " لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها " فقال العباس: إلا الإذخر. فقال: " إلا الإذخر ".
وأجيب بأن الإذخر ليس من الخلا. فدليله الاستصحاب. أو منه ولم يرده. وصح استثناؤه " لولا أن أشق " و " أحجنا هذا لعامنا أو للأبد " و " لو قلت نعم لوجب ". ولما قتل النضر بن الحارث. ثم أنشدته ابنته.
ما كان ضرك لو مننت وربما
…
من الفتى وهو المغيظ المحنق.
فقال عليه السلام: " لو سمعته ما قتلته ". وأجيب: يجوز أن يكون خير فيه معينا. ويجوز أن يكون بوحي ".
ش - هذه المسألة تعرف بمسألة التفويض وهي أن يفوض الحكم إلى المجتهد فيقال له أحكم بما شئت فإنه صواب.
واختلف في جوازه. ومختار المصنف جوازه. وتردد
الشافعي رحمه الله فيه. والمجوزون اختلفوا في وقوعه. والمختار أنه لم يقع.
لنا: لو امتنع لكان لغيره إذ لا يلزم من فرض وقوعه محال لذاته والأصل عدم الغير.
قال شيخي العلامة: فإن قيل هذا يناقض ما ذكر في جواز تقليد المجتهد وهو أن الامتناع نفي والنفي يكفي فيه عدم دليل الثبوت.
أجيب بأن الجواز والامتناع الإذن الشرعي في العمل بالتقليد وعدم الإذن. ولا شك أن عدم الإذن يكفي فيه عدم دليل الإذن.
والجواز والامتناع هاهنا الإمكان العقلي والامتناع العقلي والأصل في الأشياء الإمكان. فالامتناع العقلي يحتاج إلى دليل دون الإمكان.
واحتج المانعون عن الجواز بأن تفويض الحكم إلى مشيئة المجتهد يؤدي إلى انتفاء المصالح المقصودة من شرع الحكم لأن العباد جاهلون بالمصالح فيجوز أن يختار ما ليس بمصلحة.
وأجاب بأن الكلام في الجواز لا في الوقوع والجواز لا يستلزم انتفاء المصالح. ولو سلم أن الكلام في الوقوع لزمت المصالح وإن جهلها العبد لأن الشرع أخبر عن إصابته لما يختاره العبد يكون مصلحة.
وفيه نظر لأن الشرع أخبر عن إصابته في الاجتهاد لا فيما اختاره عن غير اجتهاد للقطع بعدمها إن خالف قاطعا.
والقائلون بوقوع التفويض احتجوا بأجه:
الأول: قوله - تعالى -: (كل الطعام كان حلا لبنى إسرءيل إلا ما حرم إسرءيل على نفسه) فإنه يدل على أن التحريم كان مفوضا إلى مشيئته.
وأجاب بأنه يدل على أنه حرام على نفسه وليس فيه ما يدل على عدم الدليل فجاز أن يكون تحريمه بدليل ظني.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة " إن الله - تعالى - حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض لا يختلى خلاؤها ولا يعضد شجرها " فقال العباس رضي الله عنه يا رسول الله إلا الإذخر. فقال عليه السلام: " إلا الإذخر " استثنى من تلقاء نفسه لا بدليل لظهور عدم نزول الوحي في تلك اللحظة بعدم ظهور أماراته.
وأجاب بأن الإذخر ليس من جنس الخلاء فجواز اختلائه لا يكون مستفادا من الاستثناء بل بالاستصحاب والاستثناء مؤكد له. سلمنا أن الإذخر من جنس الخلاء لكن يجوز أن لا يكون مراد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يدخل تحت التحريم.
فإن قيل عدم الإرادة تنافي صحة الاستثناء.
أجيب بأنا لو قدرنا أن استثناء النبي صلى الله عليه وسلم تكرير لاستثناء العباس ومعناهما واحد صح الاستثناء وإن لم يرد الرسول عليه السلام لفهم العباس إرادة الآخر فتكون صحته بناء على فهم العباس الإرادة لا على إرادة الرسول.
سلمنا أن الإذخر من جنس الخلاء وأريد منه وقدرنا أن تكرير الاستثناء لأجل الإرادة لكن لا يفيد المطلوب.
فإنه يجوز أن " يثبته " حرمة الإذخر بالعام ونسخ بوحي سريع ، ومثله لا يحتاج إلى ظهور علامة إنما ذلك فيما يطول زمانه.
الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك " فإنه أسند الأمر إلى نفسه وهو دليل التفويض.
الرابع: أنه لما قام سراقة بن مالك في حجة الوداع. وقال يا رسول الله أحجنا هذا لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال عليه السلام: " للأبد "" ولو قلت نعم لوجب ".
وذلك يدل على أنه كان مفوضا إليه وإلا لما كان قوله: نعم موجبا.
الخامس: أنه لما قتل النضر بن الحارث جاءت ابنته قتيلة إلى النبي عليه السلام وأنشدته:
ما ضرك لو مننت وربما
…
من الفتى وهو المغيظ المحنق
فقال صلى الله عليه وسلم: " لو سمعته ما قتلته " ولولا أن قتلته فوض إليه لم يقل.
وأجاب عن الوجوه الثلاثة بأنه يجوز أن يكون الرسول مخيرا بين الأمرين على التعيين على معنى أنه خير بين أن يأمر بالسواك أو لا يأمر ، وبين أن يأمر بالحج في كل سنة وأن لا يأمر ، وأن يقتل وأن لا يقتل بالشفاعة.
ويجوز أن يكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحي لا من تلقاء نفسه فلا يتصل بمحل النزاع.
ص - مسألة: المختار أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على اجتهاد وقيل: بنفي الخطأ. لنا: لو امتنع - لكان المانع ، والأصل عدمه. وأيضا:(لم أذنت). (ما كان لنبي) حتى قال: " لو نزل من السماء عذاب ما نجا منه غير عمر " لأنه أشار بقتلهم وأيضا: " إنكم تختصمون إلي ، ولعل أحدكم ألحن بحجته. فمن قضيت له بشيء من مال أخيه ، فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار ".
وقال: " أنا أحكم بالظاهر ". وأجيب بأن الكلام في الأحكام ، لا في فصل الخصومات. ورد بأنه مستلزم للحكم الشرعي المحتمل.
قالوا: لو جاز - لجاز أمرنا بالخطأ. وأجيب بثبوته للعوام. قالوا: الإجماع معصوم ، فالرسول أولى. قلنا: اختصاصه بالرتبة. واتباع الإجماع له يرفع الأولوية. فيتبع الدليل قالوا: الشك في حكمه مخل بمقصود البعثة. وأجيب بأن الاحتمال في الاجتهاد لا يخل. بخلاف الرسالة والوحي ".
ش - اختلفوا في جواز الخطأ على الرسول صلى الله عليه وسلم في اجتهاده.
والمختار أنه لا يقر عليه ومن الناس من نفاه عنه.
واستدل المصنف على المختار بالمعقول والكتاب والسنة.
أما المعقول فهو أنه لو لم يجز الخطأ في اجتهاده لكان لمانع حيث هو ليس بممتنع لذاته والأصل عدم المانع.
ولقائل أن يقول رتبة الرسالة توجب العصمة المانعة عن الكفر والمعاصي لا محالة فلم لا يجوز أن تمنع الخطأ في الاجتهاد.
وأما الكتاب فقوله: (عفا الله عنك لم أذنت لهم) دل على الخطأ في الإذن ولم يكن بالوحي وإلا لما عوتب.
وقوله - تعالى - في أسارى بدر: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) والوحي لا ينكر.
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيها: " لو نزل من السماء عذاب لما نجا منه غير عمر " لأنه
أشار بقتلهم وترك الفداء والموحى إليه والمجتهد فيه إذا لم يكن خطأ لا يوجبان ذلك.
وفيه نظر لأن العذاب والإنكار إنما هو على تركه للأولى وذلك ليس بخطأ فإن سماه به أحد صار النزاع لفظيا.
وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلي ولعل أحدكم ألحن بحجته فأقضي على نحو ما أسمع منه. فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنه ، فإنما أقطع له قطعة من نار " وظاهره يدل على جواز وقوع ما لا يطابق الواقع فكان خطأ.
وفيه نظر لأنه يستلزم القرار على الخطأ فإن التهديد إنما يفيد إذا استقر ما حكم به وأخذه المحكوم له. وأما إذا لم يقر وظهر الخطأ فإنه يرجع عن الحكم فلا يأخذه أو يرده إن أخذ والقرار على الخطأ على خلاف الإجماع.
وقوله عليه السلام: " إنما أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر " فإنه يدل على جواز مخالفة ما يحكم به لما هو في نفس الأمر
وفيه نظر لأنه يدل على أنه يحكم بالظاهر وأما أن الظاهر الذي يحكم به على
خلاف الواقع فلا دليل عليه.
وأجيب على هذه الأدلة بأنها لا تدل على المتنازع فيه " فإنه الأحكام لا فصل الخصومات " ، وهي إنما تدل على الخطأ فيها.
وفيه نظر فإنه مختص بالحديثين وليس له تعلق الآيتين.
ورد هذا الجواب بأن جوازه فيه يستلزم جوازه ففي الأحكام لأن المآل المتنازع فيه بين الخصمين يحتمل أن يكون حراما على من أباح له النبي صلى الله عليه وسلم فيلزم جواز الخطأ في الحكم الشرعي المحتمل وهو كونه حلالا عليه اجتهادا.
وقال النافون لو جاز خطؤه في الاجتهاد لجاز أن يؤمر بالخطأ لأنا مأمورون باتباعه ، والشرع لا يأمر بالخطأ.
وأجاب بنفي بطلان التالي لوقوعه فإن العوام مأمورون باتباع المجتهد وقد وقع الخطأ منهم.
وفيه نظر لأن كلامنا في اجتهاد النبي بناء على أنه قادر على اليقين فلا " يجوز " عليه الخطأ وليس المجتهد كذلك. وفيه تأمل.
وقالوا: أهل الإجماع معصومون عن الخطأ فالرسول أولى بذلك لعلو مرتبته.
وأجاب بأن اختصاصه صلى الله عليه وسلم بأعلى المراتب وهو رتبة الوحي والرسالة تدفع الأولوية فإن الخلو عن مرتبة سفلى مع اتصافه بالمرتبة العليا لا يوجب نقصا لفوات الأمارة عن السلطان.
وأيضا وجوب اتباع أهل الإجماع له يدفع الأولوية. وإذا جاز أن يكون وأن لا يكون يتبع الدليل وقد دل على جواز الخطأ في الاجتهاد دون الإجماع.
وقالوا أيضا الخطأ في الحكم مخل بالمقصود بالبعثة لأن المقصود بها اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام الشرعية المفضية إلى المصالح المقصودة من شرع الأحكام
فلو جاز الخطأ في الحكم لم يحصل المقصود.
وأجاب بأن احتمال الخطأ في الحكم لا يخل بالمقصود من البعثة لأنه لا يقرر عليه بخلاف احتماله في الرسالة والوحي فإنه يخل بالمقصود بها وهو منفي عنه بالاتفاق.
ص - مسألة: المختار أن النافي يطالب بدليل وقيل: في العقلي ، لا الشرعي.
لنا: لو لم يكن - لكان ضروريا نظريا وهو محال.
وأيضا: الإجماع على ذلك في دعوى الوحدانية والقدم ، وهو نفي الشريك ونفي الحدوث.
النافي: لو لزم للزم " منكر مدعي " النبوة ، وصلاة سادسة ، ومنكر الدعوى.
وأجيب بأن الدليل يكون استصحابا مع عدم الرافع. وقد يكون انتفاء لازم. ويستدل بالقياس الشرعي بالمانع وانتفاء الشرط على النفي.
بخلاف من لا يخصص العلة ".
ش - واختلفوا في أن النافي هل يطالب بالدليل على ما نفاه أو لا؟
والمختار أنه يطالب به سواء كان نافيا لحكم عقلي أو شرعي إذاا لم يكن النفي ضرورياً.
وقيل: لا يطالب به مطلقا. وقيل: يطالب به في العقلي لا الشرعي.
واحتج المصنف على المختار بوجهين:
الأول: أنه لو لم يطالب لزم كون النفي ضروريا نظريا لأن عدم الطلب إنما يكون لكون النفي ضروريا إذ الأصل عدم الغير والفرض أنه نظري فكان ضروريا نظريا وهما لا يجتمعان.
الثاني: أن الإجماع على المطالبة به في دعوى وحدانية الله وقدمه ودعوى الوحدانية نفي الشريك ودعوى القدم ودعوى الحدوث فكان الإجماع على مطالبة النافي به.
وفيه نظر لأن النفي هاهنا لازم للمدعي وليس الكلام فيه.
واحتج النافي بأنه لو لزم لزم منكر مدعي النبوة وصلاة سادسة ومنكر الدعوى أي المدعى عليه لأن كلا منهم ناف واللازم باطلة بالإجماع.
وأجاب بأن الدليل قد يكون استصحابا مع عدم الرافع كما في منكر الدعوى وقد يكون انتفاء لازم كما في الصلاة السادسة إذ الاشتهار من لوازمها عادة وقد انتفى وكذا في دعوى الرسالة إذ المعجزة لازمها وقد انتفى.
والحاصل منع بطلان اللوازم فإن الثلاثة المذكورة مطالبون بالدليل لكنه مقرر معلوم عند الجمهور فلا حاجة إلى التصريح به.
فإذا قلنا بأن النافي مطالب بالدليل فالنافي لحكم شرعي هل يجوز له الاستدلال بالقياس أو لا؟
اختلف فيه قيل والحق إنما يستدل به إذا كان الجامع عدم شرط أو وجود مانع لا باعثا فإن عدم الحكم لا يكون لباعث بل يكفي فيه عدم الباعث عليه وذلك إنما يصح إذا جاز تخلف الحكم عن العلة ولا يكون قادحا في العلية فهو فرع