الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالقطعية أن يكون وجود المصلحة مجزوم الحصول ، وبالكلية أن لا تكون مخصوصة ببعض المسلمين دون بعض كتترس الكفار الصائلين بأسعار المسلمين مع الجزم بأنا لو كففنا عن الترس استولى الكفار على بلاد المسلمين بالقتل حتى الترس فإن قتل الترس حينئذ يكون مصلحة ضرورية قطعية كلية.
وإنما يجب القبول إذا وجدت هذه الشروط لأنه لو لم تقبل لزم عدم اعتبار ما هو مقصود ضروري من الشرع وهو حفظ الدين والنفس وعدم اعتبار ذلك يفضي إلى إبطال الدين وهلاك المسلمين وإنما اشترط القطع ليحصل الجزم بالإخلال المذكور.
وإنما اشترط الكلية لئلا يلزم ترجيح أحد الجائزين على الآخر فإن حفظ نفس غير الأسارى ليس بأولى من حفظ نفوس الأسارى في الدين.
ص - و
تثبت علية الشبه بجميع المسالك
. وفي إثباته بتخريج المناط نظر. ومن ثم قيل: هو الذي لا تثبت مناسبته إلا بدليل منفصل. ومنهم من قال: ما يوهم المناسبة.
ويتميز عن الطردي بأن وجوده كالعدم. وعن المناسب الذاتي بأن مناسبته عقلية ، وإن لم يرد شرع كالإسكار في التحريم.
مثال: طهارة تراد للصلاة. فيتعين لها الماء كطهارة الحدث.
فالمناسبة غير ظاهرة. واعتبارها في مس المصحف والصلاة يوهم. وقول الراد له: إما أن يكون مناسبا أو لا ، والأول: مجمع عليه فليس به. والثاني: طرد فيلغى ..
أجيب: مناسب والمجمع عليه المناسب لذاته أو لا واحد منهما.
ش - ومن مسالك العلية الشبه: وهو لا يفيد العلية بذاته.
وتثبت عليته بجميع المسالك من النص والإجماع والسبر والتقسيم سوى تخريج المناط يعني المناسبة. فإن في إثبات عليته بها نظرا.
وبهذا التقرير يظهر التسامح الذي في عبارته.
ولم يتعرض لوجه النظر وإنما فرع عليه فهو مجهول.
ووجهه بعض الشارحين بأن إثبات علية الشبه بتخريج المناط مبني على تعريف
الشبه فمن عرفه بأنه الذي يوهم المناسبة لا يجوز إثباته بتخريج المناط لأنه يوجب المناسبة ، وما يوهمها لا يكون موجبا له فبينهما تناف.
ومن عرفه بالمناسب الذي ليس له مناسبة لذاته جوز إثبات عليته فإنه لا منافاة حينئذ بين الشبه وتخريج المناط إذ من الجائز أن يكون الوصف الشبهي مناسبا يتبع المناسب بالذات لاشتماله عليه.
ورد بأنه إذا وجد المناسب بالذات لا يعلل بالمناسب بالتبع. وبأن توجيه قوله: ومن ثم على الوجه الذي قرره لا يكون صحيحا.
وقال بعضهم في وجه النظر إذ يخرجه إلى المناسب.
وقال في توجيه قوله: ومن ثم - أي ومن أجل أنه لا يثبت بمجرد المناسبة والظاهر أن إخراجه إلى المناسبة بأن يقال: تخريج المناط إنما يتحقق بثبوت وصف مناسب لذاته فذلك الوصف إما أن يكون هو الوصف الشبهي أو غيره والأول خلاف الفرض لأن الفرض أن الشبهي ليس بمناسب لذاته فتعين الثاني وهو أن لا يكون الشبهي مناسبا بالذات فيكون بالتبع ومع وجود المناسب بالذات لا يعلل بالمناسب بالتبع وعلى هذا كان إثبات الشبه بالمناسبة مغنيا عن الشبه فلهذا كان محل النظر.
وأما توجيه قوله: ومن ثم بما فسره هذا الشارح فليس بصحيح يظهر بالتأمل. ولعله أن يقال: معناه إثباته بتخريج المناط يبطله لإفضائه إلى نفي ما أريد إثباته بما ذكرنا لزوم الاستغناء ومن ثمة أي من أجل أن إثباته باطل قيل: هو الذي لا تثبت مناسبته إلا بدليل منفصل ، إشارة إلى عدم جواز إثباته بتخريج المناط فإنه بالمناسبة الذاتية لا بمنفصل.
ومن الأصوليين من عرف الشبه بأنه ما يوهم المناسبة.
ويتميز الشبه عن الوصف الطردي بأن وجود الطرد كالعدم إذ لا مناسبة له أصلا بخلاف الشبه فإن له مناسبة وإن كان بدليل منفصل.
ويتميز الشبه عن المناسب الذاتي بأن المناسب الذاتي مناسبته عقلية تعلم بالنظر في ذاته عقلا وإن لم يرد الشرع كالإسكار في التحريم فإن مناسبة الإسكار للتحريم
تعلم بالنظر في ذات الإسكار وإن لم يرد الشرع بخلاف الشبه فإن مناسبته لا تعلم بالنظر في ذاته بل تحتاج إلى دليل منفصل وإلى ورود الشرع.
مثاله قول الشافعي في إزالة الخبث بالماء: طهارة الخبث طهارة تراد للصلاة. فيتعين فيها الماء كطهارة الحدث.
فإن مناسبة الطهارة لتعيين الماء غير ظاهرة. ولكن لما اعتبر الطهارة بالماء في مس المصحف والصلاة يوهم مناسبة الطهارة لتعين الماء وهذا التمثيل على التعريف الثاني ولا شك أن الوهم طرف مرجوح ولا يتصور إلا مضافا إلى راجح وترك الراجح إلى المرجوح خطأ وعن هذا لم يعتبره الحنفية.
واحتج الراد إلى القائل بأن الشبه غير معتبر في العلية بأن الوصف الذي يعلل به في الشبه إما أن يكون مناسبا أو لا والأول مجمع عليه في كونه معتبرا فليس شبه لأنه مختلف فيه والثاني طرد وهو ملغى بالاتفاق.
وأجاب بأنه مناسب ولا يلزم أن يكون مجمعا عليه فإن المجمع عليه هو المناسب لذاته والشبه ليس كذلك.
وفيه نظر لأنا لا نسلم أن المناسب بدليل منفصل يجوز التعليل به فهو عين النزاع.
أو بأنه لا واحد منهما أي من المناسب بالذات ومن المناسب بالغير مجمع عليه فحينئذ يبطل قوله: والأول مجمع عليه.
وفيه نظر لجواز أن يكون مرادهم بالإجماع هاهنا اتفاق الخصمين وذلك ثابت لا محالة.
ص - الطرد والعكس. ثالثها: لا يفيد بمجرد قطعا ولا ظنا.
لنا: أن الوصف المتصف بذلك إذا خلا عن السبر ، أو عن أن الأصل عدم غيره أو غير ذلك جاز أن يكون ملازما للعلة كرائحة المسكر فلا قطع ولا ظن.
واستدل الغزالي بأن الاطراد: سلامته من النقض وسلامته من مفسد واحد ، لا توجب انتفاء كل مفسد.
ولو سلم - فلا صحة إلا بمصحح ، والعكس ليس شرطا فيها فلا يؤثر.
وأجيب: قد يكون للاجتماع تأثير كأجزاء العلة.
واستدل بأن الدوران في المتضايفين ، ولا علة.
وأجيب: انتفت بدليل خاص مانع.
قالوا: إذا حصل الدوران ولا مانع من العلة حصل العلم أو الظن عادة. كما لو " ادعي إنسان فغضب ثم ترك فلم يغضب " وتكرر ذلك - علم أنه سبب الغضب حتى أن الأطفال يعلمون ذلك.
قلنا: لولا ظهور انتفاء غير ذلك ببحث أو بأنه الأصل - " لم " وهو طريق مستقل ، ويقوى بذلك.
ش - ومن المسالك الدالة على العلية الطرد والعكس وهو الدوران:
والمراد به ترتب الحكم على الوصف وجودا وعدما - يلزم من وجود
الوصف وجود الحكم وهو الطرد ، ومن عدمه عدمه وهو العكس.
واختلفوا في عليته على ثلاثة مذاهب:
أولها: أنه يفيد العلية قطعا.
وثانيها: أنه يفيدها ظنا.
وثالثها: أن مجرده لا يفيدها لا قطعا ولا ظنا بل إذا انضم إليه أحد المسالك الدالة على العلية كالسبر والتقسيم وغير ذلك وهو مختار المصنف.
واحتج بأن الوصف المتصف بالطرد والعكس إذا خلا عن غيره من المسالك أو عن أن الأصل عدم غيره جاز أن لا يكون علة بل ملازما لها كرائحة المسكر فإنها وصف متصف بالدوران وأنه يلزم وجودها وجود الحرمة ومن عدمها عدمها ومع ذلك ليس علة للحرمة بل هي ملازمة للمسكر الذي هو علة وإذا كان كذلك فلا يحصل بمجرده قطع العلية ولا ظنها.
واستدل الغزالي على أن الدوران بمجرد لا يفيد العلية بأن الاطراد: عبارة عن سلامة الوصف من المقض فإنه يكون بتحقق الحكم عند تحقق الوصف دائما وذلك ينافي النقض والنقض مفسد للعلية لا محالة وسلامة الوصف عن مفسد واحد لا يوجب انتفاء كل مفسد فلا يفيد الاطراد بمجرده العلية ولو سلم أن السلامة عن مفسد واحد يوجب انتفاء كل مفسد لم تصح عليته إلا بمصحح لأن صحة الشيء إنما تتحقق بوجود مصححه. والعكس ليس بمصحح لأنه ليس شرطا في العلة فلا يؤثر الوصف المتصف بالطرد والعكس في العلية لأن الاطراد لا يفيد العلية والعكس فير معتبر.
ولقائل أن يقول لم لا يجوز أن يكون الدوران علة صحيحة لذاتها لا تحتاج إلى علة خارجية تصححه.
وأجاب بأنه لا يلزم من عدم إفادة كل من الطرد والعكس العلية على سبيل الانفراد أن لا يكون المجموع علة فإن للهيئة الاجتماعية تأثيرا ليس للأفراد كأجزاء العلة.
ولقائل أن يقول الكلام إن كان في الاطراد والانعكاس وهو الدوران وجودا وعدما فلا نسلم أن العكس ليس بشرط فيه ولكن لا يكون الجواب صحيحا إذ ليس فيه الهيئة الاجتماعية على ذلك التقدير.
وأيضا الجواب إنما يصح على تقدير التنزيل في الاستدلال ويمكن أن يجعل كل واحد منهما دليلا على حدة فلا يكون الدليل الأول مزيفا.
واستدل أيضا بأن الدوران لا يفيد العلية لوجوده في المتضايفين كالأبوة والبنوة فإنه كلما وجد أحدهما وجد الآخر وكلما انتفى انتفى وليس أحدهما علة للآخر.
وأجاب بأن الدوران إنما يفيدها إذا لم ينف العلية مانع ونفاها في المتضايفين وهو كون كل منهما مع الآخر والعلية تقتضي العلة.
واحتج القائلون بأنه يفيد العلية قطعا أو ظنا بأنه إذا حصل ولم يمنع مانع من علية الوصف كما منع في المتضايفين حصل العلم بالعلية أو الظن بها عادة كما لو دعي إنسان بلقب مغضب فغضب ثم ترك دعاؤه بذلك فلم يغضب وتكر ذلك مراراً