الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علم أن الدعاء باللقب المغضب سبب الغضب حتى أن الأطفال يعلمون ذلك.
وأجاب بأنه لولا ظهور انتفاء غير ذلك الوصف المتصف بالطرد والعكس ببحث أو بأن الأصل عدم الغير لم يحصل الظن بالعلية.
وإذا وجد البحث أو السبر كفى في إثباتها لأنه طريق مستقل والدوران مقو له.
ولقائل أن يقول إسناد العلية إلى ظهور الانتفاء ليس بصحيح لأن الانتفاء يصلح أن يكون علة للانتفاء لا للوجود.
ص - و
القياس جلي وخفي
. فالجلي: ما قطع بنفي الفارق فيه كالأمة والعبد في العتق. وينقسم إلى قياس علة ، وقياس دلالة ، وقياس في معنى الأصل.
فالأول: ما صرح فيه بالعلة.
والثاني: ما يجمع فيه بما يلازمها كما لو جمع بأحد موجبي العلة في الأصل لملازمة الآخر. كقياس قطع الجماعة بالواحد على قتلها بالواحد ، بواسطة الاشتراك في وجوب الدية عليهم.
والثالث: الجمع بنفي الفارق.
ش - القياس ينقسم باعتبارين باعتبار القوة وباعتبار العلة.
فبالأول ينقسم إلى جلي وخفي.
والجلي: ما يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع في العلية كقياس الأمة
على العبد في سراية العتق فإن القطع ثابت بنفي الفارق بين الذكر والأنثى في أحكام العتق ولا فارق غير ذلك والخفي بخلافه كقياس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد. فإن نفي " الفارق بينهما " مظنون ولذلك اختلف فيه.
وبالثاني ينقسم إلى قياس علة ، وإلى قياس دلالة ، وإلى قياس في معنى الأصل.
فالأول: أي قياس العلة: هو ما صرح فيه بالعلة. كقياس النبيذ على الخمر في الحرمة إذا صرح بالإسكار فيقال: النبيذ مسكر فيحرم كالخمر.
والثاني: هو ما يجمع بين الأصل والفرع لا بالعلة بل بما يلازمها.
كما لو جمع بينهما بأحد موجبي العلة في الأصل لملازمته للموجب الآخر كما إذا قيل عندما قطع جماعة بيد واحد عمدا يقطع أيدي الجماعة قياسا على قتل الجماعة بواحد قصاصا بجامع وجوب الدية على الجماعة إذا وجبت وهو أحد موجبي العلة في الأصل وهي القتل العمد العدوان فإن له موجبين وجوب القصاص ووجوب الدية وقد جمع بين الأصل والفرع بأحد موجبيها وهو وجوب الدية الذي هو يلازم العلة لأجل إثبات موجبه الآخر وهو القصاص فكأنه يقول: يثبت هذا الحكم في الفرع لثبوت الآخر فيه وهو ملازم له ويرجع إلى الاستدلال بأحد الموجبين على العلة وبالعلة على الموجب الآخر لكن يكتفي بذكر موجبه عنها لكونه ملازمها.
والثالث: هو أن يجمع بين الأصل والفرع بنفي الفارق كقضية الأعرابي بنفي كونه أعرابيا فتلحق به بقية أصناف الإنسان وينفى لغير المحل حلا فتوجب الكفارة في الزنا وينفى كونه رمضان تلك السنة فيلحق به الرمضانات الأخر.
ص - مسألة: يجوز التعبد بالقياس. خلافا للشيعة والنظام وبعض المعتزلة.
وقال القفال وأبو الحسين يجب عقلا.
لنا: القطع بالجواز وأنه لو لم - يجز لم يقع. وسيأتي.
قالوا: العقل يمنع ما لا يؤمن فيه الخطأ.
ورد بأن منعه هنا لي إحالة. ولو سلم فإذا ظن الصواب لا يمنع.
قالوا: قد علم الأمر بمخالفة الظن كالشاهد الواحد والعبيد ورضيعة في أجنبيات.
قلنا: بل علم خلافه كخبر الواحد وظاهر الكتاب والشهادات وغيرها وإنما منع لمانع خاص.
النظام: إذا ثبت ورود الشرع بالفر بين المتماثلات كإيجاب الغسل وغيره بالمني دون البول وغسل بول الصبية ونضح بول الصبي وقطع سارق القليل دون غاصب الكثير والجلد بنسبة الزنا دون نسبة الكفر والقتل بشاهدين دون الزنا وكعدتي الموت والطلاق.
والجمع بين المختلفات كقتل الصيد عمدا وخطأ والردة والزنا والقاتل والواطئ في الصوم والمظاهر في الكفارات استحال تعبده بالقياس.
ورد بأن ذلك لا يمنع الجواز لجواز انتفاء صلاحية ما توهم جامعا أو وجود المعارض في الأصل أو الفرع والاشتراك المختلفات في معنى جامع أو لاختصاص كل بعلة بحكم خلافه.
ش - التعبد بالقياس إما أن يكون جائزا أو واجبا أو ممتنعا وبكل منها قال جماعة من العلماء.
فذهب الجمهور إلى جوازه على منعى أنه يجوز أن يقول الشارع إذا ثبت حكم في صورة ووجد صورة أخرى مشاركة للصورة الأولى في وصف وغلب على ظنكم أن هذا الحكم في الصورة الأولى معلل بذلك الوصف فقيسوا الصورة الثانية على الأولى.
وقال الشيعة والنظام وبعض المعتزلة بامتناعه.
وقال القفال وأبو الحسين يجب التعبد بالقياس عقلا.
واحتج المصنف على مذهب الجمهور بأنا نقطع بجواز التعبد بأنا لو فرضنا أن
يقول الشارع: حرمت الخمر للإسكار ، فقيسوا كل مشارك لها في الإسكار عليها لم يمتنع لذاته ولا ولغيره.
وفيه نظر لأنه لم يرد بذلك شرع والعقل بمعزل عن الإفادة على ما تقدم.
وأيضا الوقوع دليل الجواز وقد وقع على ما سيأتي.
واحتج المانعون بوجهين:
الأول: أن القياس لا يؤمن من وقوع الخطأ فيه لكونه مظنونا وكل ما لا يؤمن وقوع الخطأ فيه يمنعه العقل لكونه محذورا فلا يجوز التعبد بالمحذور.
وفيه نظر لأنه يستلزم " أن " لا يجوز العمل بالآية المأولة وخبر الواحد.
وقد تقدم الكلام في وجوبه والفرق بين الظنين غير ملتزم لأنه غير مسموع.
وأجاب بأن منع العقل في مثل ما لا يؤمن وقوع الخطأ فيه ليس منع إحالة بل منع احتياط ولو سلم أن منعه منع إحالة لكن إذا ظن الصواب لا يمنع لوقوع الأمن بع من وقوع الخطأ.
وفيه نظر لأن ظن الصواب إما أن يكون رافعا لاحتمال وقوع الخطأ أو لا والأول ممنوع فإن القياس لا يفيد العلم إجماعا والثاني غير مفيد لبقاء المحذور.
والثاني: أن الشارع قد أمر بمخالفة الظن لأنه منع الحكم بشاهد واحد وشهادة العبيد وإن أفادت الظن ومنع من نكاح الأجنبيات إذا اشتبهت برضيعة وإن ظن بواحدة منهم أنها أجنبية.
والتعبد بالقياس هو الأمر بمتابعة الظن - فلو جاز لزم التناقض وهو محال.
وأجاب بأنا لا نسلم أنه أمر بمخالفة الظن بل علم أنه أمر بمتابعة الظن كالأمر بمتابعة خبر الواحد وظاهر الكتاب والشهادة وغيرها من المظنونات وإنما منع الشارع في الصور التي ذكرتم العمل بالظن لمانع خاص لا لعدم جواز العمل بالظن جمعاً بين الدليلين.
واحتج النظام على امتناع التعبد بالقياس عقلا بأنه إذا ثبت ورود الشرع بالفرق بين المتماثلات والجمع بين المختلفات استحال تعبده بالقياس والملزوم ثابت فاللازم كذلك أما الملازمة فلأن القياس إنما يكون بجامع شرعي وحيث لم يعتبر الشرع
المثلية بين المتماثلات واعتبر الجمع بين المختلفات لزم عدم اعتبار الجامع لأنه لو جاز اعتباره اعتبر بين المتماثلات لوجوده فيها ضرورة ولم يعتبر بين المختلفات لعدمه كذلك.
وإذا لم يكن الجامع معتبرا امتنع القياس والتعبد به عقلا.
وأما وقوع الشق الأول من المقدم فكإيجاب الغسل وإبطال الصوم ودخول المسجد بالمني دون البول والمذيء وكإيجاب الغسل من بول الصبية ونضح الماء أي رشه من بول الصبي وكإيجاب قطع سارق القليل دون غاصب الكثير
وكإيجاب الجلد بنسبة الزنا دون نسبة الكفر والقتل. وكإيجاب القطع بشاهدين دون إيجاب حد الزنا وكعدة الموت أربعة أشهر وعشرا والطلاق ثلاثة قروء.
وأما وقوع الشق الثاني منه كقتل الصيد عمدا وخطأ في استوائهما في وجوب الضمان عند الإحرام وكالردة والزنا في إيجاب القتل ، وكالقاتل والواطئ في نهار رمضان عامدا والمظاهر عن امرأته في إيجاب الكفارة.
وأجاب بأن ذلك لا يمنع جواز التعبد بالقياس لأن الفرق بين المتماثلات يجوز أن يكون لانتفاء صلاحية ما يوهم جامعا للعلية أو لوجود معارض في الأصل أو في الفرع له أثر في منع الحكم ولجواز اشتراك المختلفات في معنى جامع يوجب اشتراكها في الحكم. ولجواز اختصاص كل من المختلفات بعلة بحكم يقتضي حكم المخالف الآخر فإن العلل المختلفة يجوز إيجابها في المحال المختلفة حكما واحدا.
ولقائل أن يقول في الصورة الأولى من المتماثلات بأن السبر من مسالك العلل لا محالة وسبرت فلم أجد وصفا يوجب الغسل عند خروج المني سوى خروج فضلة
مهضم المتناول من القبل والأصل عدم غيره وهو موجود في البول والمذي فيجب الغسل والالتجاء باحتمال وجود معارض في الأصل أو الفرع له أثر في منع الحكم يوجب رفع الخلاف لأنه ما من صورة من صور القيا إلا وذلك الاحتمال فيه موجود فلو اعتبر ذلك لما جاز التعبد بقياس ما عندكم أيضا وقد ارتفع الخلاف.
وأن يقول في المختلفات احتمال الأمر المشترك ليس بكاف في جوازه بل لا بد من بيانه لينظر في صحته وسقمه.
ص - قالوا: يفضي إلى الاختلاف ، فيرد ، لقوله - تعالى -:(ولو كان من عند غير الله).
ورد بالعمل بالظواهر. وبأن المراد: التناقض ، أو ما يخل بالبلاغة.
فأما الأحكام فمقطوع بالاختلاف فيها.
قالوا: إن كان كل مجتهد مصيبا. فكون الشيء ونقيضه حقا محال. وإن كان المصيب واحدا فتصويب أحد الظنين مع الاستواء محال.
ورد بالظواهر. وبأن النقيضين شرطهما الاتحاد.
وبأن تصويب أحد الظنين لا بعينه جائز.
قالوا: إن كان القياس كالنفي الأصلي فمستغنى عنه وإن كان مخالفا فالظن لا يعارض اليقين.
ورد بالظواهر وبجواز مخالفة النفي الأصلي بالظن.
قالوا: حكم الله يستلزم خبره ويستحيل بغير التوقيف.
قلنا: القياس نوع من التوقيف.
قالوا: يتناقض عند تعارض علتين.
ورد بالظواهر. وبأنه إن كان واحدا أرجح فإن تعذر وقف على قول.
وتخير عند الشافعي وأحمد وإن تعدد فواضح.
الموجب: النص لا يفي بالأحكام. فقضى العقل بالوجوب.
ورد بأن العمومات يجوز أن تفي مثل: " كل مسكر حرام ".
ش - واحتج المانعون بوجوه خمسة:
الأول: أن القياس يفضي إلى الاختلاف وما هو كذلك مردود. أما الصغرى فلأن الأمارات كثيرة فيجوز أن يستنبط كل من المجتهدين أمارة توجب إلحاق الفرع بأصل يخالف أصل الآخر ، وأما الكبرى فلقوله - تعالى -:(أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفا كثيرا) فإنه يدل على أن ما كان من عند الله لا يكون فيه اختلاف والقياس فيه اختلاف لما ذكرنا فلا يكون من عند الله فلا يجوز التعبد به.
وأجاب بأن هذا الدليل منقوض بالظاهر فإن فيه اختلافا وليس بمردود وبأن المراد بالاختلاف: التناقض أو الاختلاف الذي يخل بالبلاغة فيكون معناه والله أعلم: القرآن لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه تناقضا كثيرا أو وجدوا فيه اضطرابا يخل بالبلاغة والحمل على ذلك في قوة الواجب لوجود الاختلاف في الأحكام قطعا.
ولقائل أن يقول الاختلاف الموجود في الأحكام قطعا إما أن يكون المراد به ما في الأحكام المتعددة التي بعضها واجب وبعضها حرام وغير ذلك أو الأحكام التي يستنبطها المجتهدون بالأمارات وألحقها بعضهم بأصل وآخرون بأصل آخر فإن أريد الأول فمسلم ولا كلام فيه وإن أريد الثاني فهو عين النزاع.
الثاني: أنه إذا اختلف أقيسة المجتهدين فأما أن يكون كل مجتهد مصيبا أو لا والأول يستلزم حقيقة الشيء ونقيضه وهو محال والثاني يستلزم تصويب أحد الظنين المستويين دون الآخر وهو ترجيح بلا مرجح.
وأجاب بأنه منقوض بالظاهر مع جواز التعبد به بالاتفاق وبأنا نمنع الملازمة عند تصويب كل مجتهد لعدم التناقض بين مقتضى الاجتهادين بانتفاء شرطه وهو الاتحاد
فيما عدا السبب والإيجاب باختلاف المحل والزمان فإنه يجوز أن تكون الحرمة حكم الله في حق أحد المجتهدين والإباحة في حق الآخر أو الحرمة في زمان والإباحة في آخر فلا يتحقق الاتحاد وبأنا نمنع لزوم الترجيح من غير مرجح عند " تصوب " أحد المجتهدين لأن المرجح واحد لا بعينه ولا امتناع في ذلك.
وفيه نظر لأنه يستلزم عدم العمل بشيء من الأحكام لأن العمل لا يتحقق إلا بمعين وواحد لا بعينه غير معين.
الثالث: أن مقتضى القياس إما أن يكون موافقا للنفي الأصلي أو مخالفا والأول مستغنى عنه لأنه ثابت بالبراءة الأصلية والثاني باطل لأن النفي الأصلي متيقن والقياس مظنون وهو لا يعارض اليقين.
وأجاب بأنه منقوض بالعمل بالظاهر وبأنه يجوز ترك النفي الأصلي للعمل بالظن.
وفيه نظر لأنه إن أراد الظن القياسي فهو عين النزاع ، وإن أراد غيره فليس الكلام فيه.
الرابع: أن حكم الله يستلزم أن يخبر الله عنه لأن مفسر بخطاب الله وخبره عنه بلا توقيف محال والقياس ليس بتوقيف.
وأجاب بأن القياس نوع من التوقيف لأنه ثابت بالكتاب والسنة.
وفيه نظر فإن القياس توقيف من حيث السببية وليس الكلام فيه وإنما الكلام في التوقيف المتعلق بحكم الله المخبر عنه.
الخامس: أنه لو جاز العمل بالقياس لزم التناقض عند تعارض العلتين لأنهما إذا تعارضنا في نظر المجتهد فإما أن يعمل بهما فيلزم التناقض أو إحداهما دون الأخرى فيلزم الترجيح بلا مرجح.
وفيه نظر لأنه قال يلزم التناقض ولم يذكر الشق الآخر وهو ليس ثابتاً.