الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأجل هذا الوصف تلقته بالقبول وهو حسن لكونه أقرب إلى اللغة يقال هذا الشيء مناسب لهذا الشيء أي ملائم له لكن إثباته على الخصم متعذر في مقام النظر لجواز أن عقل الخصم لا يتلقاه بالقبول فلا يكون مناسبا بالنسبة إلى الخصم وتلقي عقل غيره لا يكون حجة عليه.
وفيه نظر لجواز أن يكون التعذر في العقول القابلة شرطا فإنه لو قال: ما لو عرض على العقول فإذا قبله عقول ولم يتلق عقل الخصم حمل على قصور عقله أو عناده لكونه متهما.
ص - وقد يحصل المقصود من شرع الحكم يقينا وظنا كالبيع والقصاص وقد يكون الحصول ونفيه متساويين كحد الخمر. وقد " يكون ارجح " كنكاح الآيسة لمصلحة التوالد. وقد " يناسب " الثاني والثالث.
أن البيع مظنة الحاجة إلى التعاوض وقد اعترض ، وإن انتفى الظن في بعض الصور. والسفر مظنة المشقة. وقد اعتبر ، وإن انتفى الظن في الملك المترفه. أما لو كان فائتا قطعا كلحوق نسب المشرقي بتزوج مغربية وكاستبراء جارية يشتريها بائعها في المجلس فلا يعتبر خلافا للحنفية.
ش -
المقصود من شرع الحكم قد يحصل يقينا وقد يحصل ظنا
وقد يتساوى حصوله ونفيه وقد يكون نفي حصوله راجحا.
والأول: كالبيع فإنه يحصل بالصحيح منه الملك الذي هو المقصود يقيناً.
والثاني: كالقصاص فإن المقصود وهو صيانة النفس المعصومة عن التلف يحصل به ظنا لأن الغالب أن من علم أنه إذا قتل اقتص منه ارتدع لكن بعض المكلفين مع علمه قد يقتل فلا يحصل يقينا.
والثالث: قل ما يقع له على التحقيق في الشرع بل على سبيل التصور وذلك مثل حد الشرب فإن حصول المقصود وهو حفظ العقل ونفيه منه متساويان فإن استيلاء ميل الطباع إلى شرب الخمر يقاوم خوف عقاب الحد فلهذا يقاوم كثرة الممتنعين عند كثرة المقدمين عليه.
والرابع: كنكاح الآيسة فإن المقصود الذي هو التوالد قد يمكن أن يحصل من نكاحها لكن عدم التوالد راجح.
وجعل المصنف الأول والثاني قسما واحدا فيكون القسمان الآخران ثانيا وثالثا وجوز التعليل بجميع الأقسام وقد أنكر بعض التعليل بالثاني والثالث أي القسمين الأخيرين بناء على المساواة بين حصول المقصود ونفيه في الثاني ومرجوحيته في الثالث.
واحتج المصنف على صحة التعليل بها بما حاصله أن احتمال حصول المقصود من شرع الحكم يكفي في صحة التعليل به وذلك لأن بيع مظنة الحاجة إلى التعاوض وقد ينتفي ظنها في بعض الصور كما إذا كان العوض المطلوب حاصلا عنده.
وفيه نظر لأن البيع مظنة الحاجة إلى التعاوض لا إلى العوض وحصول العوض لا ينافي الحاجة إلى التعاوض. وكذلك السفر مظنة المشقة وقد لا توجد المشقة كما في حق المترفه ومع ذلك فانه يفيد جواز الترخص.
قيل: هذا غير صحيح لأن المقصود في الصورتين مرتب في الغالب وعدم الترتيب إنما هو في بعض الصور. بخلاف صورة النزاع فإن الترتب وعدمه سواء أو عدم الترتب راجح وهو وراد.
قال: وأما لو كان يعني المقصود فائتا قطعا أي بالكلية بحيث لا يكون متساويا ولا مرجوحا كلحوق نسب المشرقي يتزوج مغربية ، والاستبراء في شراء جارية يشتريها البائع في المجلس فغير معتبر أي لا يجوز التعليل به لأن من عادة الشرع رعاية الحكم المقصودة فحيث يكون المقصود فائتا بالكلية لم يجز إضافة الحكم إليه لئلا يلزم خلاف عادة الشرع خلافا للحنفية فإنهم يعتبرون ذلك.
ولهم أن يجيبوا عن الأولى بأن الاعتبار في ذلك لاحتمال الحصول. وإنكاره في المتنازع فيه إنكار لكرامة الأولياء وهو عن الحق بمعزل.
وعن الثاني بأن ذلك إنما يرد أن لو كان الحكم فيه مضافا إلى الحكمة وليس كذلك لتأخرها عن الحكم أو إلى العلة الحقيقية وهو إرادة الوطء وليس كذلك لأنها أمر خفي لا يطلع عليه فإن من يستحدث الملك قد لا يريده فمدار الحكم على دليلها وهو التمكن من الوطء فإن صحيح المزاج إذا تمكن منه أراده والتمكن إنما يثبت بالملك واليد فانتصب سببا وأدير الحكم عليه وجودا وعدما تيسيرا.
وذلك إنما يكون على المشتري والبائع أجنبي فلا معتبر بفعله حيث لم ينظر إلى الحكمة وهي براءة الرحم.
ص - والمقاصد ضربان: ضروري في أصله ، وهي أعلى المراتب كالخمسة التي روعيت في كل ملة: حفظ الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل ، والمال. كقتل الكفار ، والقصاص ، وحد المسكر ، وحد الزنا وحد السارق والمحارب. ومكمل
للضروري. كحد قليل المسكر وغير ضروري ، حاجي ، كالبيع والإجارة والقراض والمساقاة. وبعضها آكد من بعض. وقد يكون ضروريا كالإجارة على تربية الطفل وشراء المطعوم والملبوس له ولغيره.
ومكمل له ، كرعاية الكفاءة ومهر المثل في الصغيرة. فإنه أفضى إلى دوام النكاح.
وغير حاجي ، ولكنه تحسيني كسلب العبد أهلية الشهادة لنقصه عن المناصب " الشريفة " جريا على ما ألف من محاسن العادات.
ش - المقاصد من شرع الأحكام ضروري وغير ضروري. والضروري إما أن يكون ضروريا في أصله أو مكملا لما هو ضروري في أصله. والمقاصد الضرورية في أصلها هي أعلى المراتب كالخمسة التي روعيت في كل ملة: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال والحصر فيها عادي.
أما الدين فهو محفوظ بقتل الكافر لقوله - تعالى -: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله).
وأما النفس فهي محفوظة بالقصاص لقوله - تعالى -: (ولكم في القصاص حياة).
وأما العقل فمحفوظ بحد الشرب لقوله - تعالى -: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة) اللآية.
وأما النسل فمحفوظ بحد الزنا لقوله - تعالى -: (الزانية والزاني فاجلدوا) فإن المزاحمة على الأبضاع تؤدي إلى اختلاط الأنساب المفضي إلى هلاك الولد بانقطاع التعهد من الاولاد.
وأما المال فمحفوظ بقطع السارق لقوله - تعالى -: (فاقطعوا أيديهما) وعقوبة المحارب لقوله - تعالى -: (إنما جزاؤا الذين يحاربون الله) الآية.
والمكمل له كالمبالغة في تحريم قليل الخمر وإيجاب الحد عليه فإن أصل المقصود من حفظ العقل حاصل بتحريم شربها لا بتحريم قليله وإنما تحريم القليل للتكميل والتتميم له.
وأما غير الضروري فإما حاجي أو غيره ، والحاجي إما في أصله أو مكمل له.
أما الحاجي فكالبيع والإجارة والقراض والمساقاة وغيرها من
المعاملات. وبعضها آكد من بعض وقد يكون في رتبة الضروري كالإجارة على تربية الطفل وشراء المطعوم والملبوس للطفل ولغيره للهلاك بدونها. وهذا في الحقيقة داخل في الضروري وأما المكمل للحاجي فكرعاية الكفاءة ومهر المثل في تزويج الصغيرة لأن ذلك أفضى أي أكثر إفضاء وأشده - استعمل أفعل التفضيل من الرباعي وهو شاذ - إلى دوام النكاح الذي هو في محل الحاجة.
وأما غير الحاجي فلا بد وأن يكون في حيز التحسين والتزيين وإلا لم يكن مقصودا ويسمى تحسينيا كسلب أهلية الشهادة عن
العبد لنقصه في لنقصه في كرامات البشر المناصب الشريفة جريا على ما هو المألوف والمعهود من محاسن العادات.
ص - مسألة المختار انخرام المناسبة بمفسدة تلزم راجحة أو مساوية.
لنا: أن العقل قاض بأن لا مصلحة مع مفسدة مثلها.
قالوا: الصلاة في الدار المغصوبة تلزم مصلحة ومفسدة تساويها أو تزيد وقد صحت.
قلنا: مفسدة الغصب ليست عن الصلاة ، وبالعكس.
ولو نشاء معا عن الصلاة - لم تصح.
والترجيح يختلف باختلاف المسائل. ويرجح بطريق إجمالي وهو أنه إن لم يقدر رجحان المصلحة لزم التعبد بالحكم.
ش - الوصف المشتمل على مصلحة خالصة أو راجحة على المفسدة مناسب بلا خلاف. والمشتمل على مفسدة راجحة أو مساوية للمصلحة فيه خلاف.
" ومختار " أنه تنخرم مناسبته للحكم لأن المصلحة لا تكون مطلوبة عند التساوي ألا ترى أن من أخذ يسقي رجلا ليسقيه نسب إلى السفه.
ولما ثبت انخرامها في المفسدة المساوية كانت الراجحة أجدر ولهذا لم يذكرها.
واستدل المانعون من انخرامها بالصلاة في الدار المغصوبة فإنها صحيحة مع
أنها تلزم مصلحة ومفسدة تساويها إن غلب الحرام على غير الواجب أو تزيد عليها إن
غلب على الحلال مطلقا كما هو مذهب بعض.
وأجاب بأن مفسدة الغصب ليست بناشئة عن الصلاة وبالعكس أي مصلحة
الصلاة ليست بناشئة عن الغصب لأن الصلاة مصلحة خالصة.
ولو فرضنا " أنها " نشأتا معا من الصلاة لم تصح الصلاة بل تكون فاسدة.
وإذا ثبت أنه لا بد للوصف من ترجيح المصلحة فعلى المستدل أن يرجح الوصف والترجيح يختلف باختلاف المسائل فإنه في بعضها يكون ظاهرا وفي آخر يحتاج إلى أدنى تأمل وفي آخر إلى نظر واستدلال.
وله ترجيح إجمالي مطرد وهو أن يقول لو لم تكن المصلحة راجحة على ما عارضها من المفسدة لزم أن يكون الحكم تعبديا محضا لأنا بحثنا ولم نجد مصلحة أخرى تصلح للعلية والأصل عدم الغير. وثبوت التعبدي الصرف على خلاف الأصل.
ص - والمناسب: مؤثر وملائم وغريب ومرسل لأنه إما معتبر أولا والمعتبر بنص أو إجماع هو المؤثر والمعتبر بترتيب الحكم على وفقه فقط إن ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو بالعكس أو جنسه في جنس الحكم فهو الملائم وإلا فهو الغريب. وغير المعتبر هو المرسل. فإن كان غريبا أو ثبت إلغاؤه فمردود اتفاقا
وإن كان ملائما فقد صرح الإمام والغزالي بقبوله وذكر عن مالك والشافعي.
والمختار رده.
وشرط الغزالي فيه أن تكون المصلحة ضرورية قطعية كلية. فالأول - كالتعليل بالصغر في حمل النكاح على المال في الولاية. فإن عين الصغر معتبر في جنس حكم الولاية بالإجماع.
والثاني: كالتعليل بعذر الحرج في حمل الحضر بالمطر على السفر في الجمع فإن جنس الحرج معتبر في عين رخصة الجمع.
والثالث: كالتعليل بجناية القتل العمد العدوان في حمل المثقل على المحدد في القصاص فإن جنس الجناية معتبر في جنس القصاص كالأطراف وغيرها.