المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يكفي رجحان المعين ولا كونه متعديا لاحتمال الجزئية - الردود والنقود شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٢

[البابرتي]

فهرس الكتاب

- ‌ الأمر

- ‌ مسألة صيغة الأمر بعد الحظر

- ‌ مسألة: الأمر بالأمر بالشيء

- ‌ مسألة: الأمران المتعاقبان بمتماثلين

- ‌حده

- ‌ النهي

- ‌العام والخاص

- ‌ مسألة: جواب السائل غير المستقل دونه تابع للسؤال في عمومه

- ‌ مسألة: المقتضى:

- ‌ مسألة: من الشرطية تشمل المؤنث

- ‌حده

- ‌ التخصيص:

- ‌ المخصص متصل ومنفصل

- ‌ المطلق والمقيد

- ‌ المجمل

- ‌ مسألة: لا إجمال في نحو: (حرمت عليكم الميتة)

- ‌ مسألة: لا إجمال في نحو: " لا صلاة إلا بطهور

- ‌البيان والمبين

- ‌الظاهر والمؤول

- ‌ تعريف التأويل

- ‌ النسخ:

- ‌ مسألة: إذا نقص جزء العبادة أو شرطها فنسخ " لجزء الشرط " لا للعبادة

- ‌القياس

- ‌ شروط حكم الأصل

- ‌أن يكون حكم الأصل شرعيا

- ‌أن لا يكون حكم الأصل منسوخا

- ‌أن لا يكون حكم الأصل فرعا

- ‌أن لا يكون معدولا به عن القياس

- ‌أن لا يكون حكم الأصل عديم النظير

- ‌أن لا يكون حكم الأصل ذا قياس مركب

- ‌أن لا يكون دليل حكم الأصل شاملا لحكم الفرع

- ‌شروط علة الأصل

- ‌اختلفوا في جواز تعليل حكمين بعلة واحدة

- ‌ ومن شروط علة الأصل

- ‌ شروط الفرع:

- ‌ أن يساوي في العلة علة الأصل

- ‌وأن يساوي حكمه حكم الأصل

- ‌ مسالك العلة:

- ‌ الأول - الإجماع:

- ‌ الثاني - النص:

- ‌والنص على مراتب:

- ‌المرتبة الثانية: - التنبيه والإيماء

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌ الثالث

- ‌ الرابع

- ‌ الثالث: السبر والتقسيم

- ‌طرق الحذف

- ‌دليل العمل بالسبر وتخريج المناط

- ‌ الرابع: المناسبة والإخالة

- ‌ المقصود من شرع الحكم قد يحصل يقينا وقد يحصل ظنا

- ‌ المؤثر

- ‌ المرسل

- ‌ الملائم

- ‌ الغريب

- ‌تثبت علية الشبه بجميع المسالك

- ‌القياس جلي وخفي

- ‌ مسألة: القائلون بالجواز قائلون بالوقوع إلا داود وابنه

- ‌لا يكفي رجحان المعين ولا كونه متعديا لاحتمال الجزئية

- ‌ الاستدلال

- ‌ الأول من أقسام الاستدلال: التلازم

- ‌ القسم الثالث من الاستدلال شرع من قبلنا

- ‌ مذهب الصحابي

- ‌ الاستحسان

- ‌ المصالح المرسلة

- ‌ الاجتهاد

- ‌ الإجماع على أن المصيب في العقليات واحد

- ‌ مسألة تقابل الدليلين: " العقليين محال

- ‌ مسألة: لا ينقض الحكم في الاجتهاديات

- ‌ مسألة: المجتهد قبل أن يجتهد ممنوع من التقليد

- ‌ التقليد والمفتي والمستفتي

- ‌ مسألة: " لا " تقليد في العقليات

- ‌ مسألة: غير المجتهد يلزمه التقليد

- ‌ مسألة: " الاتفاق " على استفتاء من عرف " بالعلم والعدالة

- ‌ مسألة: إفتاء من ليس بمجتهد " بمذهب مجتهد

- ‌ إذا قلد العامي مجتهدا في حكم من الأحكام لا يجوز الرجوع إلى غيره من المجتهدين في ذلك الحكم بالاتفاق

- ‌ الترجيح:

- ‌ ما يتعلق بحال المروي

- ‌ الترجيح بحسب المدلول

الفصل: ‌لا يكفي رجحان المعين ولا كونه متعديا لاحتمال الجزئية

ص - و‌

‌لا يكفي رجحان المعين ولا كونه متعديا لاحتمال الجزئية

فيجئ التحكم والتصحيح جواز تعدد الأصول لقوة الظن به. وفي جواز اقتصار المعارضة على أصل واحد قولان. وعلى الجميع في جواز اقتصار المستدل على أصل واحد قولان.

ش - إذا عارض المعترض الوصف المعلل به في الأصل فترجيح المستدل وصفه الذي عينه للعلية على وصف المعترض بجهة من جهات الترجيح أو بيان كون وصفه متعديا دون وصف المعترض ليس بكاف في بيان استقلال وصف.

أما الأول: فلبقاء احتمال الجزئية فإن بعض الأجزاء يجوز أن يكون مرجحا على بعض كالقتل العمد العدوان بالجارح فإن الجارح في التأثير أرجح من غيره لأنه متفق عليه وقد يوجد العمد ولا يقتص ثم القتل أرجح من الباقيين.

وأما الثاني: فلأن الوصف المتعدي إن ترجح من جهة الاتساع فالقاصر ترجح من جهة موافقة الأصل فإن الأصل عدم الأحكام.

ولو سلم رجحان المتعدي لم يستلزم الاستقلال لاحتمال الجزئية كما مر. وإذا كان ذلك محتملا كان الحكم بكون وصف المستدل مستقلا دون المعترض تحكما باطلا.

واختلف الجدليون في جواز تعدد أصول المستدل. فقيل لا يجوز لأن

ص: 627

مقصوده الظن وهو يحصل به فالزيادة لغو. والصحيح جوازه لأن الظن يقوى به وقوته مقصودة كأصله.

وإذا جاز تعددها جاز أن يقتصر المعترض في المعارضة على أصل واحد ولا يتعرض لغيره في قول ، وفي آخر لا يجوز.

وجه الأول أن إبطال جزء من كلامه يبطل كلامه.

ووجه الثاني أنه لو سلم له أصل كفاه في مقصوده فلا بد من إبطال الجميع.

وعلى تقدير وجوب المعارضة في جميع الأصول فقد اختلفوا في جواز اقتصار المستدل على أصل واحد في جواب المعارضة فمنهم من جوز لحصول مقصود المستدل به ومنهم من منع لأن المستدل التزم صحة قياسه على جميع الأصول فإذا عورض في الجميع يجب الدفع عن الجميع.

ص - التركيب: تقدم.

ش - الاعتراض السادس عشر: سؤال التركيب. وقد تقدم فيما مر أن شرط حكم الأصل أن لا يكون ذا قياس مركب. وأنه قسمان مركب الأصل ومركب الوصف

وأن مرجع أحدهما منع حكم الأصل أو منع العلية ومرجع الآخر منع الحكم أو منع وجود العلة في الفرع فليس بالحقيقة سؤالا برأسه وقد تقدم الأمثلة أيضا فلا حاجة إلى الإعادة.

ص - التعدية. وتمثيلها في إجبار البكر البالغة: بكر فجاز إجبارها كالبكر الصغيرة. فيعارض بالصغر وتعدية إلى الثيب الصغيرة يرجع به إلى المعارضة في الأصل.

ص: 628

ش - الاعتراض السابع عشر: التعدية. وهي معارضة المعترض وصف المستدل بوصف آخر متعد إلى فرع آخر مختلف فيه أيضا.

مثالها قول الشافعي في إجبار البكر البالغة: البكر البالغة بكر فجاز إجبارها كالبكر الصغيرة.

فيعارض المعترض بالصغر ويقول: البكارة وإن تعدت إلى البالغة فالصغر يتعدى إلى الثيب الصغيرة.

فالمعترض يرجع بهذا الاعتراض إلى المعارضة في الأصل لوصف آخر غير البكارة وهو الصفر مع زيادة تعرض للتساوي في التعدية دفعا لترجيح الوصف المعين بالتعدية فلا يكون سؤالا آخر.

ص - منع وجوده في الفرع. مثل: أمان صدر من أهله كالمأذون فيمنع الأهلية. ز جوابه ببيان وجود ما عناه بالأهلية كجواب منعه في الأصل.

والصحيح منع السائل من تقريره لأن المستدل مدع فعليه إثباته لئلا ينتشر.

ش - الاعتراض الثامن عشر: منع وجود الوصف الذي جعله المستدل علة في الفرع. وهو أن يقول لا نسلم وجود الوصف المعلل به في الفرع.

ص: 629

ومثاله: قول الفقهاء في أمان العبد الغير المأذون أمان صدر من أهله فيصح قياسا على أمان العبد المأذون فيمنع المعترض وجود الأهلية في الفرع وهو العبد الغير مأذون.

وجواب هذا الاعتراض ببيان ما عناه المستدل بالأهلية كجواب منع وجود الوصف المدعى علة في الأصل فإنه أيضا ببيان وجود الوصف في الأصل.

فإن تعرض المعترض لبيان الأهلية ليبين عدمها في الفرع فالصحيح أنه لا يمكن من ذلك لأن تفسيرها وظيفة من تلفظ لأنه أعلم بمراده فيتولاه لئلا ينتشر الجدال.

ص - المعارضة في الفرع بما يقتضي نقيض الحكم على نحو إثبات العلة.

طرق إثبات العلة.

" والمختار " قبول الترجيح أيضا فيتعين العمل وهو المقصود. والمختار: لا يجب الإيماء إلى الترجيح في الدليل لأنه خارج عنه وتوقف العمل عليه من توابع ورود المعارضة لدفعها ، لا أنه منه.

ش - الاعتراض التاسع عشر: المعارضة في الفرع بوصف يقتضي نقيض المدعى على وجه يكون مستندا إلى طريق من طرق إثبات العلة التي يثبت المستدل علته فيصير مستدلا.

واختلفوا في قبولها. والمختار قبولها لئلا تختل فائدة المناظرة فإنها من

ص: 630

جانب المستدل إثبات الحكم ولا يثبت ما لم يعلم عدم المعارض ، ومن جانب السائل رد ما ذهب إليه المستدل فلو لم تقبل لاختلت.

وفيه نظر لأنها قد تقوم بغيرها من الاعتراضات.

قال المانعون: قبوله يفضي إلي قلب التناظر بأن يصير المستدل سائلا والسائل مستدلا وهو خروج عما قصداه من معرفة صحة نظر المستدل في دليله إلى أمر آخر وهو معرفة صحة نظر المعترض في دليله والمستدل لا تعلق له بذلك ولا عليه أن يتم نظره أو لا وأجاب المصنف بأن المقصود هدم ما بناه المستدل وهو حاصل ولا حجر على المعترض في سلوك طريق الهدم.

والحق جوازه لكنه ضعيف لأنه التزام وصف الخصم والتصدي للجواب عما يتوجه على المستدل من أنواع الاعتراضات.

فإن جواب هذا الاعتراض بما يعترض به على المستدل ابتداء لصيرورته مستدلا.

واختلفوا في قبول ترجيح ما ذكره المستدل على ما ذكره المعترض.

والمختار قبوله فإنه يتعين بالترجيح العمل بما ذكره المستدل وهو المقصود.

وقد اختلف أيضا في وجوب الإيماء إلى الترجيح على المستدل عند الاستدلال.

والمختار عدمه.

وجه الوجوب أن الترجيح شرط العمل به فلا يثبت الحكم بدونه فكان كجزء العلة.

ووجه المختار ما ذكره أن الترجيح خارج عن الدليل فلا يكون التعرض له واجباً.

ص: 631

فإن قيل لا نسلم خروجه عن الدليل لتوقف العمل به عليه والخارج لا يتوقف عليه العمل.

أجاب بأن توقف العمل بالدليل على الترجيح من توابع ورود المعارضة لدفع المعارضة بالترجيح فيبقى الدليل معمولا به لأن الترجيح من أجزاء الدليل.

قال شيخي العلامة: إن توقف العمل بالدليل على الترجيح إنما هو لأجل ورود المعارضة لا لأن الترجيح جزء منه.

وأقول الظاهر أن السؤال ساقط لا يستحق الجواب لأن العمل بالدليل متوقف على الترجيح لا الدليل والعمل به ليس عينه ولا جزءه.

ص - الفرق وهو راجع إلى إحدى المعارضتين وإليهما معا على قول.

ش - الاعتراض العشرون: هو الفرق. وهو جعل أمر مخصوص بالأصل علة للحكم أو أمر مخصوص بالفرع مانعا عنه.

والأول معارضة في الأصل ، والثاني في الفرع. فلهذا قال راجع إلى إحدى المعارضتين.

ص: 632

وجواب كل منهما قد سبق.

وقيل هو راجع إلى المعارضتين معا.

وإليه أشار بقوله: وإليهما معا على قول. وقيل في بيانه: الفرق إبداء خصوصية في الأصل هو شرط.

وله أن لا يتعرض لعدمها في الفرع فيكون معارضة في الأصل أو إبداء خصوصية " في الفرع " هو مانع.

وله أن لا يتعرض لعدمها في الأصل فيكون معارضة في الفرع. وعلى قول لا بد من التعرض لعدم الشرط في الفرع وعدم المانع في الأصل فيكون مجموع المعارضتين.

ص - اختلاف الضابط في الأصل والفرع مثل: تسببوا بالشهادة ، فوجب القصاص كالمكره.

فيقال: الضابط في الفرع الشهادة وفي الأصل الإكراه فلا يتحقق التساوي.

وجوابه أن الجامع ما اشتركا فيه من التسبب المضبوط عرفا. أو بأن إفضاءه في الفرع مثله أو أرجح كما لو كان أصله المغري للحيوان فإن انبعاث الأولياء على "القتل " طلبا للتشفي أغلب من انبعاث الحيوان بالإغراء بسبب نفرته وعدم علمه فلا

ص: 633

يضر اختلاف أصلي التسبب فإنه اختلاف فرع وأصل.

كما يقاس الإرث في طلاق المريض على القاتل في منع الإرث.

ولا يفيد أن التفاوت فيهما ملغى لحفظ النفس كما ألغي التفاوت بين قطع الأنملة وقطع الرقبة. فإنه لم يلزم من إلغاء العالم إلغاء الحر.

ش - الاعتراض الحادي والعشرون: اختلاف الضابط في الأصل والفرع إذا قال المستدل على قتل شهود الزور الذين قتل بشهادتهم المشهود عليه: تسببوا للقتل فيقتص منهم كالمكره.

فيقول المعترض الضباط مختلف فيه إذ هو في الأصل الإكراه وفي الفرع الشهادة فلا تساوي بينهما في الضابط والتساوي بينهما من شروط القياس.

وجوابه بوجهين:

أحدهما: أن الجامع بينهما هو التسبب إلى القتل وهو مضبوط عرفا ومشترك بين الإكراه والشهادة.

والثاني: ببيان أن اقتضاء الضابط في الفرع مثل اقتضائه في الأصل أو أرجح منه.

كما لو كان أصل القياس المغري للحيوان على القتل بجامع تسببهما إلى القتل فإن اقتضاء الضابط في الفرع أرجح فإن انبعاث الأولياء على القتل بسبب الشهادة طلبا للتشفي أرجح من انبعاث الحيوان بالإغراء لنفرة فيه من الإنسان مانعة من الانبعاث. ولعدم علمه بجواز القتل وعدمه فإنه يمنعه عن الانبعاث.

ص: 634

وفيه نظر لأن عدم العلم لا يمنعه ولا يزيده انبعاثا.

وإذا كان التسبب في الفرع مثله في الأصل أو راجحا لم يضر اختلاف أصلي التسبب وهو كونه شهادة وإكراها فإن اختلاف أصلي التسبب اختلاف أصل وفرع فإنه قيس أصل التسبب في الفرع الذي هو الشهادة على أصل التسبب في الأصل الذي هو الإغراء والجامع كون كل منهما سببا للقتل.

والاختلاف بين الأصل والفرع لا بد منه في القياس وذلك كما يقاس إرث المبتوتة في مرض الموت على حرمان القاتل عن الإرث بجامع ارتكاب أمر محرم.

فكما جعل القتل موجبا لنقيض المقصود وجعل الطلاق أيضا موجبا لنقيض المقصود وإن كانا مختلفين ، تجعل الشهادة والإغراء أيضا موجبين للقصاص فإن الاختلاف بين الشهادة والإكراه كالاختلاف بين الطلاق والقتل.

فإن أجاب المستدل عن هذا الاختلاف بأن التفاوت بين ضابط الأصل وضابط الفرع ملغى مراعاة لحفظ النفس الضروري كالتفاوت بين قطع الأنملة إذا سرى إلى الموت وبين حز الرقبة الموجب للقصاص فإنه يلغى لم يمنع عن قياس الأول على الثاني.

قال المصنف: لا يفيده لأن الإلغاء في صورة لا توجب الإلغاء في جميع الصور ألا ترى أن إلغاء التفاوت بين العبد والحر في وجوب القصاص.

ص - اختلاف جنس المصلحة كقول الشافعي أولج فرجا في فرج مشتهي طبعا محرم شرعا فيحد كالزاني.

فيقال: حكمة الفرع: الصيانة عن رذيلة اللواط ، وفي الأصل: دفع المحذور اختلاط الأنساب. فقد يتفاوتان في نظر الشرع.

وحاصله معارضة. وجوابه كجوابه بحذف خصوص الأصل.

ص: 635

ش - الاعتراض الثاني والعشرون: اختلاف جنس المصلحة كقول الشافعي.

أولج اللائط فرجا في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا فيحد كالزاني.

فيقول المعترض: حكمة الفرع صيانة النفس عن رذيلة اللواط ، وحكمة الأصل دفع محذور اختلاط الأنساب المفضي إلى هلاك الأولاد بعدم متعهدها. وهما مختلفان لا محالة. وجاز أن يعتبر الشارع الثاني دون الأول.

وحاصلة معارضة في الأصل لأن المستدل جعل علة الحكم وصفا موجودا في الأصل والفرع جميعا والمعترض جعلها وصفا مشتملا على حكمة مخصوصة بالأصل.

فجوابه جواب المعارضة بأن يحذف المخصوص بالأصل عن الاعتبار.

ص - مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل كالبيع على النكاح وعكسه. وجوابه ببيان أن الاختلاف راجع إلى المحل الذي اختلافه شرط لا في الحكم.

ش - الاعتراض الثالث والعشرون: مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل كقياس البيع على النكاح في الصحة وعكسه. مثل أن يقال في صحة بين الغائب: عقد على مال فيصح كالنكاح.

فيقول المعترض: حكم الفرع ملك الرقبة ، وحكم الأصل ملك المنفعة وهما متخالفان قطعا ، فيجوز أن يجوز الثاني لأنه يثبت بالشبهات دون الأول ، وعكسه في عدم الصحة نظير عكسه.

وجوابه ببيان أن هذا الاختلاف راجع إلى المحل الذي اختلافه شرط في القياس

ص: 636

فإن محل الحكم الأصل والفرع فلا بد من اختلافهما في القياس وليس الاختلاف في نفس الحكم وهو الصحة أو عدمها ولا في البيان الذي هو الجامع وهو العقد على مال.

ص - القلب. قلب لتصحيح مذهبه. وقلب لإبطال مذهب المستدل صريحا. وقلب بالالتزام.

الأول: لبث فلا يكون قربة بنفسه ، كالوقوف بعرفة.

فيقول الشافعي: فلا يشترط فيه الصوم ، كالوقوف بعرفة.

الثاني: عضو وضوء فلا يكتفي فيه بأقل ما ينطلق ، كغيره.

فيقول الشافعي: فلا يتقدر بالربع.

الثالث: عقد معارضة فيصح مع الجهل بالمعوض كالنكاح.

فيقول الشافعي: فلا يشترط فيه خيار الرؤية لأن من قال بالصحة قال بخيار الرؤية. فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.

والحق أنه " نوع معارضة " اشترك فيه الأصل والجامع فكان أولى بالقبول.

ش - الاعتراض الرابع والعشرون: القلب. وهو تعليق نقيض الحكم

ص: 637

المذكور أو لازم نقيضه على العلة المذكورة إلحاقا بالأصل المذكور. وله أقسام.

وقد ذكر المصنف أشهرها وهو ثلاثة:

الأول: ما يذكره المعترض لتصحيح مذهبه. كقول الحنفي في أن الصوم شرط الاعتكاف: الاعتكاف لبث فلا يكون قربة بنفسه كالوقوف بعرفة فلا بد من انضمام عبادة أخرى إليه لتحصل به قربة.

وفيه نظر لأن غايته الدلالة على ضم عبادة لا على الصوم وهو المطلوب.

فيقول الشافعي: الاعتكاف لبث فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة.

فقد صحح المعترض بهذا القلب مذهبه وهو أن الصوم ليس بشرط فيه.

ص: 638

وفيه نظر لأنه يخرج الاعتكاف عن كونه قربة مطلقا لأنه ليس بقربة بنفسه ولا بشيء ينضم إليه لكنه قربة بالإجماع وفيه تأمل.

والثاني: ما يذكره لإبطال مذهب المستدل صريحا كقول الحنفي في مسح الرأس: عضو من أعضاء الوضوء فلا يكتفى فيه بأقل ما ينطلق اسم المسح كغيره من أعضاء الوضوء وإذا بطل الأقل ثبت الربع لأن ما عاداه باطل باتفاق الخصمين.

فيقول الشافعي الرأس عضو من أعضاء الوضوء فلا يقدر بالربع كغيره من أعضاء الوضوء. أبطل به مذهب المستدل صريحا.

وفيه نظر لأن حكم قياس المستدل عدم الاكتفاء بأقل ما ينطلق عليه اسم المسح وحكم القلب عدم التقدير بالربع وليس نقيضا للأول وهو ظاهر ولا لازم نقيضه لجواز أن يكون مسح الكل فرضا كما ذهب إليه مالك أو لأن الربع ثبت بدليل آخر بعد تمام القياس لدفع الأقل.

والثالث: ما يذكره لإبطال مذهبه بالالتزام كقول الحنفي في صحة بيع الغائب عقد معاوضة فيصح مع الجهل بالمعوض كالنكاح.

فيقول الشافعي: بيع الغائب عقد معاوضة فلا يشترط فيه خيار الرؤية كالنكاح.

واشترط الخيار لازم لصحة بيع الغائب فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.

ص: 639

أبطل به مذهب المستدل بالالتزام لا بالصريح.

وفيه نظر لأن الحنفي يقول نعم القياس يقتضي ذلك لكن الخيار ثبت بالنص على خلاف القياس فكان استحسانا بالأثر.

قال المصنف. والحق أن القلب نوع معارضة فإنه يوجب نقيض الحكم إلا أنه وجب فيه أن يكون الأصل والجامع والفرع ما جعله المستدل أصلا وفرعا وجامعا فكان أولى بالقبول من معارضة لا تكون كذلك لأن الاشتراك فيها أبلغ في المناقضة ما لم يكن كذلك لأنه يمنع المستدل من ترجيح أصله أو جامعه على أصل الغالب وجامعه للاتحاد بخلاف غيره.

ص - القول بالموجب. وحقيقته تسليم الدليل مع بقاء النزاع. وهو ثلاثة:

الأول: أن يستنتجه ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازمه. مثل: قتل بما يقتل

ص: 640

غالبا فلا ينافي وجوب القصاص كحرقه.

فيرد. بأن عدم المنافاة ليس محل النزاع ولا يقتضيه.

الثاني: أن يستنتجه إبطال ما يتوهم أنه مأخذ الخصم.

مثل: التفاوت في الوسيلة لا ينافي وجوب القصاص كالمتوسل إليه فيرد ، إذ لا يلزم من إبطال مانع انتفاء الموانع ووجود الشرائط والمقتضي.

الصحيح أنه مصدق في مذهبه. وأكثر القول بالموجب كذلك لخفاء المأخذ بخلاف محل الخلاف.

الثالث: أن يسكت عن الصغرى " عن " مشهور مثل: ما ثبت قربة فشرطه النية كالصلاة. ويسكت عن: الوضوء قربة.

فيرد. ولو ذكرها لم يرد إلا المنع.

وقولهم فيه انقطاع أحدهما بعيد في الثالث لاختلاف المرادين.

وجواب الأول بأنه محل النزاع أو مستلزم.

كما لو قال لا يجوز قتل المسلم بالذمي. فيقال بالموجب: لأنه يجب. فيقول المعني بـ " لا يجوز ": تحريمه ، ويلزم نفي الوجوب.

وعن الثاني أنه المأخذ. وعن الثالث بأن الحذف سائغ.

ش - الاعتراض الخامس والعشرون: القول بالموجب. وهو تسليم الدليل

ص: 641

مع بقاء النزاع بدعوى نصب الدليل في غير محل النزاع. وهو ثلاثة:

الأول: أن يستنتج المستدل من دليله ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازمه ولا يكون كذلك. كقول الشافعي في القتل بالمثقل: إنه قتل به غالبا فلا ينافي وجوب القصاص كالقتل بالحرق. فيرد القول بالموجب وهو أن يقال: سلمنا موجب هذا الدليل وهو أنه لا ينافي وجوبه لكن ليس محل النزاع عدم المنافاة بل وجوب القصاص به ولا يقتضيه محل النزاع إذ لا يلزم من عدم المنافاة بين الشيئين كون أحدهما علة للآخر.

الثاني: أن يستنتج منه إبطال ما يتوهم أنه مأخذ الخصم ، ولا يكون كذلك.

كقول الشافعي " في المسألة " التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص كالتفاوت في المتوسل إليه من أنواع الجرحات القاتلة بناء على أن مأخذ الخصم تفاوت الوسيلة.

ص: 642

فيرد القول بالموجب: يقول المعترض: تفاوت الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص عندي أيضا ولكنه لا يستلزم وجوب القصاص إذ لا يلزم من إبطال مانع انتفاء الموانع ووجود الشرائط ووجود المقتضي ووجود القصاص يتوقف على كل ذلك.

واختلفوا فيما إذا قال المعترض ليس هذا مأخذي هل يصدق أو لا؟

فقيل: لا يصدق حتى يظهر مأخذه لجواز أن يكون ما ذكره المستدل مأخذ المعترض إلا أنه يعانده ويكابره.

والصحيح عند " المصدق " أنه مصدق لأنه أعرف بمذهبه ومذهب إمامه.

وأكثر القول بالموجب كذلك أس من باب الغلط في المأخذ لخفاء المأخذ بخلاف الحكم ولهذا يشترك العوام مع الخواص في معرفة الأحكام دون المآخذ.

الثالث: أن يذكر المستدل كبرى القياس دون الصغرى وهي غير مشهورة كقول الشافعي في اشتراط النية: ما ثبت قربه فشرطه النية كالصلاة. ويسكت عن الصغرى وهي: الوضوء ثبت قربة.

فيقول المعترض: نعم ما ثبت قربة فشرطه النية ولكن الكبرى وحدها لا تنتج المطلوب.

فإن ذكر الصغرى فالدفع حينئذ لا يكون بالقول بالموجب بل بمنع الصغرى.

قال المصنف: وقولهم: أي قول الأصوليين أو قول الجدليين فإنهم قالوا:

ص: 643

القول بالموجب فيه انقطاع أحد المناظرين.

لأن المستدل إن بين أن المثبت مدعاه أو ملزومه أو المبطل مأخذ الخصم أو أن الصغرى حق انقطع المعترض إذ لم يبق بعده إلا التسليم وإلا فقد انقطع المستدل لأنه ظهر عدم إفضاء دليله إلى مطلوبه.

وقال: قولهم هذا بعيد في القسم الثالث لاختلاف مرادهما لأن مراد المستدل أن المتروك في حككم المذكور لظهوره.

ومراد المعترض أن المذكور وحده لا يفيد فإذا منع مراده فله المنع ويستمر البحث.

وأما في القسمين الأولين فهو صحيح لما ذكرنا.

والجواب عن القسم الأول بأن ما لزم من الدليل هو محل النزاع أو مستلزم له. ويبين ذلك بالنقل المشهور.

كما لو قال الشافعي: لا يجوز قتل المسلم بالذمي. فيقول الحنفي قتل المسلم بالذمي لا يجوز عندي " لأنه يجب ".

ص: 644

فيقول المستدل: المعني بعدم الجواز التحريم ، وتحريم قتل المسلم بالذمي يستلزم نفي الوجوب.

وعن القسم الثاني بأن ما ذكرته هو المأخذ. وبيانه باشتهاره بين النظار وبالنقل عن أئمة مذهبهم.

وعن القسم الثالث بأن حذف الصغرى جائز والدليل مجموعهما لا الكبرى وحدها.

وفيه نظر لأن حذفها جائز إذا كان معلوما مشهورا أو مطلقا والأول مسلم وليس الكلام فيه لأه قال عن الصغرى غير مشهورة والثاني ممنوع.

ص - والاعتراضات من جنس واحد " تتعد " اتفاقا ، ومن أجناس كالمنع والمطالبة " والنقض " والمعارضة. منع أهل سمرقند التعدد للخبط.

والمترتبة منع الأكثر لما فيه من التسليم للمتقدم ، فيتعين الآخر والمختار جوازه لأن التسليم تقديري فليترتب وإلا كان منعا بعد تسليم فيقدم ما يتعلق بالأصل ، ثم العلة ، لاستنباطها منه. ثم الفرد لبنائه عليها.

وقدم النقض على معارضة الأصل لأنه يورد لإبطال العلة والمعارضة لإبطال استقلالها.

ش - الاعتراضات إما أن تكون من جنس واحد كالاستفسار أو النقض أو المعارضة في أحد ركني القياس ، أو من أجناس مختلفة كالمنع والمطالبة والنقض والمعارضة.

فإن كانت من جنس واحد فقد اتفق المناظرون على جواز إيرادها معاً إذ لا

ص: 645

يلزم منها تناقض والانتقال من سؤال إلى آخر.

وإن كانت أجناسا مختلفة فقد منع أهل سمرقند جواز تعددها مرتبة كانت أو غيرها لأنه يؤدي إلى الخبط فإنه خلط منع بمنع ، ويزول من سؤال إلى آخر.

وأوجبوا الاقتصار على سؤال واحد لقربه إلى الضبط.

وفصل أكثر أهل المناظرة بين المرتبة وغيرها فمنع التعدد في المرتبة دون غيرها لأن في تعدد المرتبة تسليما للمتقدم ، فإن المعترض إذا طالبه بتأثير الوصف بعد أن منع وجود الوصف فقد نزل عن المنع ، وتسليم وجود الوصف الذي هو المقدم لأن الإصرار على منع وجود الوصف يستلزم عدم المطالبة بتأثيره لأن تأثير المعدوم محال فلا يستحق المعترض غير جواب السؤال الأخير فيتعين الآخر للورود فقط. فالتعرض للمتقدم يكون ضائعا.

ومختار المصنف جواز التعدد في المرتبة كجوازه في غيرها لأن تسليم المتقدم تسليم تقديري لأن معناه لو سلم وجود الوصف لم يسلم تأثيره والتسليم التقديري لا ينافي المنع.

بخلاف التسليم تحقيقا " فإنه ينافي " المنع. فلو منع بعد التسليم تحقيقا لم يسمع.

ص: 646