الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
العلم بالشخص المقابل ومكانته العلمية: ليتمكن المحاور من معرفة كيفية التعامل معه والاستعداد لذلك ، فلا بد من " العلم بالطرف الآخر من حيث منزلته ومقدار علمه ومعرفة ظروفه وأحواله "(1).
لذا نجد أن مصعب بن عمير رضي الله عنه كان يحمل معه علماً شرعياً في حواراته قد نهله من النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما كان يتردد عليه سراً في دار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه (2) ، فعندما أقبل أسيد بن حضير رضي الله عنه على مصعب بن عمير رضي الله عنه ، أخذ مصعب رضي الله عنه يعلمه الإسلام ، ويقرأ عليه القرآن، ولأن مصعب بن عمير رضي الله عنه متمكنٌ من العلم الشرعي أسلم كل من أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ رضي الله عنهما (3).
وكذلك علم مصعب بن عمير رضي الله عنه بظروف وأحوال الطرف الآخر ، عندما قال له أسعد بن زرارة رضي الله عنه:" جاءك والله سيّد من وراءه من قومه إن يتبعك لا يتخلّف عنك منهم اثنان "(4).
ثانياً: التدرج والبدء بالأهم:
التدرج مبدأ تربوي يعين على تحقيق الأهداف والغايات المنشودة ، ويعطي النفس قبولاً للآراء والأفكار المطروحة ، ومن التدرج أن يبدأ المحاور بالأصول ثم الفروع ، فالكافر مثلاً يدعوه إلى التوحيد ، فالأهم ثم المهم ، وهذا من الحكمة ، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ
(1) زمزمي ، يحيى بن محمد: مصدر سابق ، ص 278.
(2)
ابن سعد: مصدر سابق ،3/ 117.
(3)
ابن هشام: مصدر سابق ، 1/ 435.
(4)
المصدر السابق ، 1/ 435.
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} (1)،يقول السعدي رحمه الله تعالى: " ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل والبداءة بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم، وبما يكون قبوله أتم
…
" (2).
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تطبيق التدرج في حياته كلها (3) ، ومن ذلك عندما أرسل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن أمره بالتدرج في دعوتهم إلى الإسلام فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن، فقال:«إنك تأتي قوماً أهل كتابٍ، فادعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعْلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلواتٍ في كل يوم وليلةٍ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعْلِمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهِم، وترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب» (4). قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: وفيه " البداءة بالأهم فالأهم"(5).
وفي المدينة حرص مصعب بن عمير رضي الله عنه في حواره مع الانصار على أن يبدأ بالأهم ، ويتدرج معهم في الدعوة إلى الله ، فعندما كان مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة رضي الله عنهما جالسين جاءهما سعد بن معاذ رضي الله عنه فاستقبله مصعب بن
(1) سورة النحل: آية (125).
(2)
السعدي: مصدر سابق ، ص452.
(3)
ينظر: المطلق ، إبراهيم بن عبد الله: التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - مركز البحوث والدراسات الإسلامية ، ط1 ، 1417هـ.
(4)
أبو داود: مصدر سابق ، كتاب الزكاة ، باب في زكاة السائمة ، 2/ 104 ، رقم 1584 ، صححه الألباني.
(5)
التميمي ، محمد بن عبدالوهاب: كتاب التوحيد ، مجموعة التحف النفائس الدولية ، الرياض ، ط1 ، 1416هـ ، ص34.