الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمير رضي الله عنه ثم "عرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن ، قالا: فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهّله، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا: تغتسل فتطّهّر وتطهّر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلّي ركعتين "(1) ، ولعل مصعب بن عمير رضي الله عنه حين عرضه للإسلام بيّن محاسنه ورحمته وعدله ، وكذلك حرص على قراءة القرآن فهو أهم ما يُبدأُ به عند الدعوة إلى الله عز وجل ، ثم عندما أراد سعد بن معاذ رضي الله عنه الدخول في الإسلام لم يأمره بالصيام أو الزكاة ، بل بدأ بما هو أهم ، من خلال التدرج بالاغتسال ، فالتطهر ، فالشهادة ، ثم الصلاة.
وأيضاً في حواره مع أمه ، حينما دعاها إلى الإسلام بدأ بدعوتها إلى النطق بالشهادتين فقال لها:" اشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله "(2) ، فلم يبدأ بفروع الدين ، بل حرص على الأصل والأهم.
ثالثاً: الدليل:
إن المحاور الناجح من ثبّت كلامه وعلمه وآراءه بالدليل والبرهان ، " فإن الإقناع لا بد أن يكون بالحجة والبرهان لا بمجرد الكلام ، والرد من غير دليل ، بمنزلة هدم العلم بالشك المجرد ، وسوق الحقائق المجردة أقل تأثيراً في النفوس من سوقها مدعمة بالشواهد المعتمدة ، سواء من الكتاب أو السنة أو أقوال الأئمة والعلماء "(3) ، والقرآن الكريم من أعظم ما يتسلح به المحاور ، قال تعالى:
(1) ابن هشام: مصدر سابق ، 1/ 435.
(2)
ابن سعد: مصدر سابق ، 3/ 88.
(3)
زمزمي ، يحيى بن محمد: مصدر سابق ، ص 309.
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)} (1)، قال ابن كثير رحمه الله:" وهو الدليل القاطع للعذر والحجة المزيلة للشبهة "(2) ، فالعلم لا بد له من دليل ، قال ابن القيم رحمه الله:" العلم ما قام بدليل "(3) ، فإيراد الدليل في الحوار يكون أدعى للقبول والإجابة ، ويعطي المحاور ثقةً بنفسه ، ويشعر الخصم قوة وحقيقة ما جاء به ذلك المحاور.
وكذلك العلوم الإنسانية والطبيعية لا بد للمحاور أن يسوق معها في حواره ما يدعّم كلامه من تجارب وبراهين.
وأما حوار مصعب بن عمير رضي الله عنه فقد ساق في عرضه للإسلام والدعوة إليه دليلاً يدعم العلم والدين الذي أُرسل من أجله ، ومن العجيب أنه رضي الله عنه لم يقرأ أي آية ، بل اختار ما يناسب الحال ، وهذا من ذكائه رضي الله عنه ، فعندما جاءه سعد بن معاذ رضي الله عنه قرأ عليه قول الله تعالى:{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)} (4)(5)، يقول السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآيات: " هذا قسم بالقرآن على القرآن، فأقسم بالكتاب المبين وأطلق، ولم يذكر المتعلق، ليدل على أنه مبين لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والدين والآخرة. {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} هذا المقسم عليه، أنه جعل بأفصح
(1) سورة النساء: آية (174).
(2)
ابن كثير: مصدر سابق ، 2/ 428.
(3)
ابن القيم: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط3 ، 1416هـ ، 2/ 442.
(4)
سورة الزخرف: آية (1 - 3).
(5)
الهيثمي: مصدر سابق ، باب ابتداء أمر الأنصار
…
، 6/ 41 ، رقم 9876.