الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد توافرت آداب لفظية في حوارات مصعب بن عمير رضي الله عنه ، استطاع من خلالها أن يحقق ما يصبو إليه ، وهي كما يأتي (1):
أولاً: الكلمة الطيبة والعبارة المناسبة
.
ثانياً: حسن العتاب.
ثالثاً: التذكير والوعظ.
رابعاً: أدب السؤال.
خامساً: الإعراض اللفظي.
سادساً: التعريض والتلميح بدل التصريح.
سابعاً: البعد عن التعميم (2).
فهذه الآداب اللفظية لها شأنها ومكانتها في الحوار ، فنبيّن كل واحدة منها على حدة ، ونشاهد مصعب بن عمير رضي الله عنه أنموذجاً تطبيقياً، فهي كما يأتي:
أولاً: الكلمة الطيبة والعبارة المناسبة:
إن الدين الإسلامي يحثنا على الكلمة الطيّبة ، في جميع شؤوننا ، وفي سائر أوقاتنا؛ لما في ذلك من تآلف القلوب ، وشيوع المحبة بين الناس ، فتستوجب لصاحبها القبول ، ويبادل بالتقدير والاحترام ، بل وحرص الإسلام أن يكون
(1) زمزمي ، يحيى بن محمد: مصدر سابق ، ص 427.
(2)
عاشور ، سعد عبدالله: مصدر سابق، ص 101.
ذلك مع جميع الناس بعيدهم وقريبهم، يقول سبحانه:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (1) ، وجعل القول الأحسن مرتبة عليا للمسلمين ، قال جل وعلا:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)} (2) في كلامهم وحواراتهم وخطاباتهم بين بعضهم إلى بعض ، يقول الطبري رحمه الله في هذه الآية:" وقل يا محمد لعبادي يقل بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة "(3)، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«الكلمة الطيبة صدقة» (4) ، فقد كان صلى الله عليه وسلم قدوةً حسنةً في القول الحسن، وكان صلى الله عليه وسلم بعيداً كل البعد عن الفحش من القول ، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول:«إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً» (5) ، لذلك يلزم المحاور التحلي بالكلمة الطيبة والقول الحسن حتى مع غير المسلمين ، ويختار كذلك العبارة المناسبة ، التي تليق بمقام الطرف الآخر ، وبما يكون مناسباً للجو العام في الحوار.
وإذا تتبع القارئ حوارات مصعب بن عمير رضي الله عنه ، يجد حرصه على الكلمة الطيبة ، وانتقاء العبارات المناسبة ، رغم الذي يلاقيه من فحش القول. فعندما كان في المدينة ومعه أسعد بن زرارة رضي الله عنه ، جاءهما أسيد بن حضير رضي الله عنه " فوقف عليهما متشتّما، قال: ما جاء بكما إلينا تسفّهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت
(1) سورة البقرة: آية (83).
(2)
سورة الإسراء: آية (53).
(3)
الطبري: تفسير الطبري ، دار هجر ، الجيزة ، ط1 ، 1422هـ ، 14/ 623.
(4)
البخاري: مصدر سابق ، كتاب الأدب، باب كل معروف صدقة، 8/ 11 ، رقم 6022.
(5)
المصدر السابق ، كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، 4/ 189، رقم 3559.