الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الممتحنة
قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآية: 1
[2944]
وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن بشير 1 عن قتادة عن أنس قال: "لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مشركي قريش كتب إليهم حاطب بن أبي بلتعة يحذرهم " فذكر الحديث إلى أن قال "فأنزل الله فيه القرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآية2.
1 سعيد بن بشير الأزدي، ضعيف. وقد تقدم، بل وصفه بعضهم بأنه منكر الحديث، يروي عن قتادة منكرات.
2 فتح الباري 8/636.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 8/125-126 ونسبه إلى ابن مردويه فقط. وتمامه "فأطلع الله نبيه على ذلك، فوجد الكتاب مع امرأة في قرن من رأسها فقال له: "ما حملك على الذي صنعت؟ " قال: أما والله ما ارتبت في أمر الله، ولا شككت فيه، ولكنه كان لي بها أهل ومال، فأردت مصانعة قريش، وكان حليفا لهم، ولم يكن منهم، فأنزل الله فيه القرآن"، فذكر هذه الآية.
وإسناده ضعيف لحال سعيد بن بشير. ولكن صحّت هذه القصة من حديث علي وغيره فيما أخرجه الشيخان وغيرهما من أن هذه الآية نزلت في حاطب انظر: البخاري مع الفتح، كتاب التفسير، تفسير سورة الممتحنة، باب {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} رقم4890، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بدر، رقم2494-161.
وفي هذا قال ابن كثير: كان سبب نزول صدر هذه السورة الكريمة قصة حاطب بن أبي بلتعة، وذلك أن حاطبا هذا كان رجلا من المهاجرين، وكان من أهل بدر أيضا، وكان له بمكة أولاد ومال، ولم يكن من قريش أنفسهم، بل كان حليفا لعثمان، فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة لما نقض أهلها العهد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتجهيز لغزوهم، وقال:"اللهم عمِّ عليهم خبرنا". فعمد حاطب هذا فكتب كتابا، وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة، يعلمهم بما عزم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتخذ بذلك عندهم يداً، فأطلع الله رسوله على ذلك، استجابة لدعائه. فبعث في أثر المرأة فأخذ الكتاب منها. أهـ. تفسير القرآن العظيم 8/105.
قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} الآية: 5
[2945]
وصل الفريابي عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد {لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} قال: لا تعذبنا بأيديهم، ولا بعذاب من عندك، وزاد في آخره "ما أصابهم مثل هذا، كذا أخرجه عبد بن حميد عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه1.
[2946]
وللطبري من طريق أخرى عن ورقاء، عن عيسى عن ابن أبي نجيح كذلك2.
[2947]
وأخرج الحاكم مثل هذا من طريق آدم بن أبي إياس عن ورقاء فزاد فيه ابن عباس وقال: صحيح على شرط مسلم3.
1 فتح الباري 8/633.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/337-338 ثنا ورقاء، به. ولفظه في آخره "فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم مثل هذا ".
2 فتح الباري 8/633.
أخرجه ابن جرير 28/64 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، به مثله.
قال ابن حجر: فاتفقوا كلهم على أنه موقوف عن مجاهد.
3 فتح الباري 8/633.
أخرجه الحاكم 2/485 أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهمدان، ثنا إبراهيم ابن الحسين، ثنا آدم ابن أبي إياس، به. وفيه قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وهو على شرط مسلم فحسب كما ذكره ابن حجر - كما في الأعلى-. قال ابن حجر: وما أظن زيادة ابن عباس فيه إلا وهما لاتفاق أصحاب ورقاء على عدم ذكره.
[2948]
وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: {لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} لا تسلطهم علينا فيفتنونا1.
[2949]
وأخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله {لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} قال: لا تظهرهم علينا فيفتنونا، يرون أنهم إنما ظهروا علينا بحقهم2.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} الآية: 10
[2950]
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر من النساء: بالله ما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ورسوله 3.
[2951]
وأخرج عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه وزاد "ولا خرج بك عشق رجل منا، ولا فرار من زوجك"4.
1 فتح الباري 8/633.
أخرجه ابن جرير 28/64 حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، به.
قال ابن حجر: وهذا بخلاف تفسير مجاهد، وفيه تقوية لما قلته.
قلت: وليس تفسيره يخالف تفسير مجاهد، بل هو في معناه؛ فإن قوله "لا تعذبنا بأيديهم" بمعنى "لا تسلطهم علينا فيفتنونا".
2 فتح الباري 8/633.
أخرجه ابن جرير 28/64 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، به.
قال ابن حجر: وهذا يشبه تأويل مجاهد.
3 فتح الباري 8/637.
أخرجه عبد الرزاق 2/288 به نحوه. وأخرجه ابن جرير 28/68 من طريق أبي ثور، عن معمر، به. وهذا مرسل مع صحة إسناده؛ لأن قتادة لم يخضر الحادث.
4 فتح الباري 8/637. قد تكرر هذا الإسناد كثيراً، وعبد بن حميد إنما يروي فيه عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، فهذا إسناد صحيح.
[2952]
وعند ابن مردويه وابن أبي حاتم والطبراني من حديث ابن عباس نحوه، وسنده ضعيف1.
[2953]
وذكر الطبري وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أن المرأة من المشركين كانت إذا غضبت على زوجها قالت: والله لأهاجرن إلى محمد، فنزلت {فَامْتَحِنُوهُنَّ} 2.
قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} الآية: 10
[2954]
وصل عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت
1 فتح الباري 8/637.
لعله أشار إلى الرواية التي أوردها السيوطي في الدر المنثور 8/137 وعزاها لابن أبي أسامة والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، وحسّن - أي السيوطي - أسنادها. ولفظها "عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} أنه سئل بم كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتحن النساء؟ قال: كانت المرأة إذا جاءت النبي صلى الله عليه وسلم حلفها عمر رضي الله عنه: بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله. واللفظ لابن المنذر كما قال السيوطي.
هذا وقد أخرج هذا الأثر البزار كشف الأستار، رقم2272 - تفسير سورة الممتحنة -، وابن جرير 28/67 من طريق قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر الأسدي، عن ابن عباس. قال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، وأبو نصر لم يرو عنه إلا خليفة.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/126 وقال: رواه البزار، وفيه قيس بن الربيع، وثقّه شعبة والثوري وضعّفه غيرهما، وبقية رجاله ثقات.
2 فتح الباري 8/637.
أخرجه ابن جرير 28/68 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فذكره. وزاد في آخره "إن كان الغضب أتى بها فردّوها، وإن كان الإسلام أتى بها فلا تردّوها".
اليوم امرأة من أهل الشرك جاءت إلى المسلمين أيعاوض زوجها منها لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} ؟ قال: لا، إنما كان ذلك بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل العهد1.
قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الآية: 10
[2955]
وصل الفريابي من طريق مجاهد {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} أمر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بفراق نسائهم كن كوافر بمكة2، وأخرجه الطبري من طريقه أيضا ولفظه "أمر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بطلاق نسائهم كوافر بمكة قعدن مع الكفار"3.
[2956]
ولسعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي قال: نزلت في المرأة من المسلمين تلحق بالمشركين فتكفر فلا يمسك زوجها بعصمتها قد برئ منها. انتهى4.
[2957]
روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري لما نزلت {وَلا تُمْسِكُوا
1 فتح الباري 9/422.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم12707 - في الطلاق، باب {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} ، به سنداً ومتناً.
2 فتح الباري 8/633.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/338 عن ورقاء، وعبد بن حميد كما في تغليق التعليق أيضا عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
3 فتح الباري 8/633.
أخرجه ابن جرير 28/72 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، به مثله. وأخرجه البيهقي في السنن 7/171 من طريق آدم بن أبي إياس، ثنا ورقاء، به نحوه.
4 فتح الباري 8/633.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه كتاب التفسير، ل 180/ب حدثنا جرير، عن معن، عن إبراهيم، به.
بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فذكر القصة وفيها "فطلق عمر امرأتين كانتا له بمكة"1.
[2958]
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن من رواية بني طلحة مسلسلا بهم عن موسى بن طلحة2 عن أبيه قال "لما نزلت هذه الآية {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} طلقت امرأتي أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وطلق عمر قريبة وأم كلثوم بنت جرول"3.
[2959]
وقد روى الطبري من طريق سلمة بن الفضل4 عن محمد
1 فتح الباري 9/419.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/288 عن معمر، عن الزهري - مطولا. ولفظه "نزلت عليه وهو في أسفل الحديبية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم على أنه من أتاه منهم فإنه يرده إليهم، فلما جاء النساء نزلت عليه هذه الآية، وأمره أن يرد الصداق على أزواجهن وحكم على المشركين بمثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى زوجها، قال الله تعالى:{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} قال: فطلّق عمر امرأتين كانتا له بمكة
…
إلخ.
2 موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي، أبو عيسى، أو أبو محمد المدني، نزيل الكوفة، ثقة جليل، ويقال إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن أبيه وغيره، وعنه ابنه عمران وحفيده سليمان بن عيسى بن موسى وابنا أخيه إسحاق وطلحة ابنا يحيى بن طلحة وابن أخيه الآخر موسى بن إسحاق بن طلحة وابن أخيه موسى بن عبد الله بن إسحاق ابن طلحة وغيرهم. مات سنة ثلاث ومائة على الصحيح. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 10/312، والتقريب 2/284.
3 فتح الباري 9/419.
لم أقف على إسناده، وقد حسنه ابن حجر كما في الأعلى. ويشهد له مرسل الزهري الآتي.
ورواية بني طلحة قد تكرر كثير في كتب المسندة وهذه السلسلة هي "سليمان بن أيوب ابن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة بن عبيد الله. انظر هذه السلسة مثلا في: تفسير الطبري 21/147، والمختارة للضياء المقدسي 3/19، وتفسير ابن كثير 6/394.
4 سلمة بن الفضل الأبرش، مولى الأنصار، أبو عبد الله الأزرق، قاضي الريّ، روى عن محمد بن إسحاق وغيره، وعنه محمد بن حميد الرازي وغيره، صدوق كثير الخطأ، مات بعد التسعين ومائة. وقد جاوز المائة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/135، والتقريب 1/318.
ابن إسحاق قال "قال الزهري: لما نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ}
…
إلى قوله {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} طلق عمر قريبة وأم كلثوم وطلق طلحة أروى بنت ربيعة فرق بينهما الإسلام، حتى نزلت {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} ثم تزوجها بعد أن أسلمت خالد بن سعيد ابن العاصي1.
قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا} الآية: 10
[2960]
وصل ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا} قال: من ذهب من أزواج المسلمين إلى الكفار فليعطهم الكفار صدقاتهن وليمسكوهن، ومن ذهب من أزواج الكفار إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فكذلك، هذا كله في صلح كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش2.
[2961]
وعن معمر عن الزهري نحو قول مجاهد، وزاد: وقد انقطع ذلك يوم الفتح فلا يعاوض زوجها منها بشيء 3.
1 فتح الباري 9/419.
أخرجه ابن جرير 28/72 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وقال الزهري، نحوه مطولا. وإسناده ضعيف، ثم إنه مرسل.
2 فتح الباري 9/422.
أخرجه ابن جرير 28/73 من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.
3 فتح الباري 9/422.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم12708 - في الطلاق، باب {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} - عن معمر، عن الزهري، به. ولفظه "قال: إنما كان هذا صلح بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين قريش، يوم الحديبية فقد انقطع ذلك يوم الفتح ولا يعاوض وزجه منها بشيء.
قوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} الآية: 11
[2962]
وصل عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} أي إن أصبتم مغنما من قريش فاعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا عوضا1.
[2963]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث عن الحسن في قوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} قال: نزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان ارتدت فتزوجها رجل ثقفي، ولم ترتد امرأة من قريش غيرها، ثم أسلمت مع ثقيف حين أسلموا 2.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ} الآية: 12
[2964]
فقد أخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس قال: "لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء فبايعهن أن لا يشركن بالله شيئا، الآية قالت
1 فتح الباري 9/418، 422.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/464 حدثني شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه. وأخرجه ابن جرير 28/76 من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
2 فتح الباري 9/422.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 8/138 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط. وقال ابن حجر عقب ذكره - فإن ثنت هذا استثنى من الحصر المذكور في حديث الزهري، لأن أم الحكم هي أخت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وقج تقدم في حديث ابن عباس أنها كانت تحت عياض بن غنم، وظاهر سياقه أنها كانت عند نزول قوله تعالى:{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} مشركة، وأن عياض بن غنم فارقها لذلك فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي، فهذا أصح من رواية الحسن. أهـ. فتح الباري 9/422.
خولة بنت حكيم: يا رسول الله، كان أبي وأخي ماتا في الجاهلية، وإن فلانة أَسْعَدَتْنِي1 وقد مات أخوها" الحديث 2.
[2965]
وأخرج الترمذي من طريق شهر بن حوشب3 عن أم سلمة الأنصارية وهي أسماء بنت يزيد قالت: "قلت يا رسول الله، إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بد من قضائهن، فأبى. قالت: فراجعته مرارا فأذن لي4، ثم لم أنح بعد"5.
[2966]
وأخرج أحمد والطبري من طريق مصعب بن نوح6 قال:
1 أسعدتني من الإسعاد، وهو إسعاد النساء في المناحاة، تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النيّاحة. وهو خاص بهذا المعنى، ولا يستعمل إلا في البكاء والمساعدة عليه. وأما المساعدة فعامّة في كل معونة. انظر: النهاية لابن الأثير 2/366، مادة "سعد"، وفتح الباري 8/638.
2 فتح الباري 8/639.
لم أقف على من ذكره غير ابن حجر، وله شواهد تأتي.
3 شهر بن حوشب الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن، صدوق، كثير الإرسال والأوهام، مات سنة اثنتي عشرة ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/323، والتقريب 1/355.
4 قال ابن حجر: وظهر من هذا كله أن أقرب الأجوبة أنها كانت مباحة ثم كرهت كراهة تنزيه، ثم تحريم والله أعلم.
5 فتح الباري 8/639.
أخرجه الترمذي رقم3307 - في التفسير، باب "ومن سورة الممتحنة" - حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يزيد بن عبد الله الشيباني، قال: سمعت شهر بن حوشب، به. وأوله " قال أم سلمة: قال امرأة من النسوة: ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه؟ قال: لا تَنُحْن، قلت: يا رسول الله
…
الحديث نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن. كما حسّنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2635.
6 مصعب بن نوح الأنصاري، ذكره ابن أبي حاتم وقال: روى عنه عمرو بن فرّوخ، سمعت أبي يقول: هو مجهول. وذكره الذهبي باسمه فقط، ولم يذكر شيئا في ترجمته. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر "لكنه - أي ابن حبان - ذكره في الطبقة الثالثة، فقال: يروي المقاطيع، فكأنه عنده لم يسمع من الصحابية المذكورة.
انظر: الجرح والتعديل 8/308، والميزان 5/247، رقم8573، وتعجيل المنفعة رقم1039.
"أدركت عجوزاً لنا كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فأخذ علينا ولا يَنُحْن، فقالت عجوز: يا نبي الله، إن ناسا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا، وإنهم قد أصابتهم مصيبة، فأنا أريد أن أسعدهم، قال: "فاذهبي فكافئهم". قالت: فانطلقت فكافأتهم، ثم إنها أتت فبايعته"1.
[2967]
وقد أخرج البزار من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قال: جاءت فاطمة بنت عتبة - أي ابن ربيعة ابن عبد شمس أخت هند بنت عتبة - تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عليها أن لا تزني، فوضعت يدها على رأسها حياء، فقالت لها عائشة: بايعي أيتها المرأة،
1 فتح الباري 8/639.
أخرجه الإمام أحمد 4/55، وابن جرير 28/79 كلاهما من طريق عمرو بن فروخ القتات، قال: حدثنا مصعب بن نوح الأنصاري، به نحوه. وليس في رواية أحمد قوله "فاذهبي فكافئهم"، وإنما هي في رواية الطبري. وقد زادا في آخره "قال: هو المعروف الذي قال الله {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/127 وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات!
قلت: وقد عرفت ما قال علماء الجرح والتعديل في "مصعب بن نوح - فيما تقدم من ترجمته -.
ولكن للحديث شواهد تقدمت، وآخر من حديث أم عطية رضي الله عنها، أخرجه البخاري رقم4892 عنها قالت:"بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا {أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً} ، ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها فقالت: أسعدتني فلانة، فأريد أن أجزيها، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فانطلقت ورجعت، فبايعها".
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 8/141 ونسبه إلى أحمد وعبد بن حميد وابن سعد وابن مردويه. وقد وجوّد - أي السيوطي - إسناده!
فوالله ما بايعناه إلا على هذا، قالت: فنعم إذاً 1.
قوله تعالى: {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} الآية: 12
[2968]
وأخرج الطبري من طريق زهير بن محمد2 قال في قوله {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} : لا يخلو الرجل بامرأة 3.
[2969]
وقد جمع بينهما قتادة: فأخرج الطبري عنه قال "أخذ عليهن أن لا ينحن ولا يحدثن الرجال، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أضيافا وإنا نغيب عن نسائنا، فقال: ليس أولئك عَنَيْتُ"4.
[2970]
وللطبري من حديث ابن عباس المتقدم ذكره "إنما أنبئكن بالمعروف الذي لا تعصينني فيه، لا تخلونّ بالرجل وحدانا، ولا تنحن نوح الجاهلية"5.
1 فتح الباري 13/204.
2 زهير بن محمد التميمي، تقدم ترجمته، ورواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، قال البخاري: عن أحمد: كان زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم: حدثّ بالشام من حفظه، فكثر غلطه.
3 فتح الباري 8/639-640.
أخرجه ابن جرير 28/81 حدثنا محمد بن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو ابن أبي سلمة، عن زهير، به. وإسناده صحيح إلا ما قيل في زهير بن محمد في رواية الشاميين عنه، فعمرو بن أبي سلمة شامي. ولكن الإمام أحمد يرى - كما سبق في ترجمته - أن الذي يروي عنه الشاميون "زهير" آخر. والله أعلم.
4 فتح الباري 8/640.
أخرجه ابن جرير 28/78-79 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} حتى بلغ {فَبَايِعْهُنَّ} قال: ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ عليهن يومئذ النياحة، ولا يتحدثن الرجال
…
الخ.
وهذا منقطع مع صحة إسناده.
5 فتح الباري 8/640. لم أقف عليه في تفسير الطبري.
[2971]
ومن طريق أسيد بن أبي أسيد البراد 1 عن امرأة من البايعات قالت "كان فيما أخذ علينا أن لا نعصيه في شيء من المعروف، ولا نخدش وجها، ولا ننشر شعراً، ولا تشق جيبا، ولا ندعو ويلا"2.
1 أسيد بن أبي أسيد البراد، أبو سعيد المديني، صدوق، روى عنه الحجاج بن صفوان وغيره. مات في أول خلافة المنصور. أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة.
انظر ترجمته في: التهذيب 1/300، والتقريب 1/77.
2 فتح الباري 8/640.
أخرجه ابن أبي حاتم فيما ذكره ابن كثير في تفسيره 8/128 حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا القعنبي، حدثنا الحجاج بن صفوان، عن أسيد بن أبي أسيد البراد، به. وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 8/142 ونسبه إلى ابن سعد وابن أبي حاتم وابن مردويه.