الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأثبت الجبائى وَابْنه البلخى عَذَاب الْقَبْر وَلَكنهُمْ نفوه عَن الْمُؤمنِينَ وأثبتوه لأَصْحَاب التخليد من الْكفَّار والفساق على أصولهم
وَقَالَ كثير من الْمُعْتَزلَة لَا يجوز تَسْمِيَة مَلَائِكَة الله بمنكر وَنَكِير وَإِنَّمَا الْمُنكر مَا يَبْدُو من تلجلجه إِذا سُئِلَ والنكير تقريع الْملكَيْنِ لَهُ
وَقَالَ الصالحى وَصَالح فِيهِ عَذَاب الْقَبْر يجرى على الْمُؤمن من غير رد الْأَرْوَاح إِلَى الأجساد وَالْمَيِّت يجوز أَن يألم ويحس وَيعلم بِلَا روح وهذ قَول جمَاعَة من الكرامية
وَقَالَ بعض الْمُعْتَزلَة ان الله سُبْحَانَهُ يعذب الْمَوْتَى فِي قُبُورهم وَيحدث فيهم الآلام وهم لَا يَشْعُرُونَ فَإِذا حشروا وجدوا تِلْكَ الآلام وأحسوا بهَا قَالُوا وسبيل الْمُعَذَّبين من الْمَوْتَى كسبيل السَّكْرَان والمغشى عَلَيْهِ لَو ضربوا لم يَجدوا الآلام فاذا عَاد عَلَيْهِم الْعقل أحسوا بألم الضَّرْب
وَأنكر جمَاعَة مِنْهُم عَذَاب الْقَبْر رَأْسا مثل ضرار بن عَمْرو وَيحيى بن كَامِل وَهُوَ قَول المريسى فَهَذِهِ أَقْوَال أهل الخزية والضلال
فصل وَمِمَّا ينبغى أَن يعلم أَن عَذَاب الْقَبْر هُوَ عَذَاب البرزح فَكل من
مَاتَ وَهُوَ مُسْتَحقّ للعذاب ناله نصِيبه مِنْهُ قبر أَو لم يقبر فَلَو أَكلته السبَاع أَو أحرق حَتَّى صَار رَمَادا ونسف فِي الْهَوَاء أَو صلب أَو غرق فِي الْبَحْر وصل إِلَى روحه وبدنه من الْعَذَاب مَا يصل إِلَى الْقُبُور
وَفِي صَحِيح البخارى عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ كَانَ النَّبِي إِذا صلى صَلَاة أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ من رأى مِنْكُم اللَّيْلَة رُؤْيا قَالَ فان رأى أحد رُؤْيا قصها فَيَقُول مَا شَاءَ الله فسألنا يَوْمًا فَقَالَ هَل رأى أحد مِنْكُم رُؤْيا قُلْنَا لَا قَالَ لكنى رَأَيْت اللَّيْلَة رجلَيْنِ اتيانى فأخذا بيدى وأخرجانى إِلَى الأَرْض المقدسة فَإِذا رجل جَالس وَرجل قَائِم بِيَدِهِ كَلوب من حَدِيد يدْخلهُ فِي شدقه حَتَّى يبلغ قَفاهُ ثمَّ يفعل بشدقه الآخر مثل ذَلِك ويلتئم شدقه هَذَا فَيَعُود فيصنع مثله قلت مَا هَذَا قَالَا انْطلق فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا على رجل مُضْطَجع على قَفاهُ وَرجل قَائِم على رَأسه بصخرة أَو فهر فيشدخ بهَا رَأسه فاذا ضربه تدهده الْحجر فأنطلق اليه ليأخذه فَلَا يرجع إِلَى هَذَا حَتَّى يلتئم رَأسه وَعَاد رَأسه كَمَا هُوَ فَعَاد إِلَيْهِ فَضَربهُ قلت مَا هَذَا قَالَا انْطلق فَانْطَلَقْنَا إِلَى نقب مثل التَّنور أَعْلَاهُ ضيق وأسفله وَاسع يُوقد تَحْتَهُ نَار فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة فيأتيهم اللهب من تَحْتهم فَإِذا اقْترب ارتفعوا حَتَّى
كَادُوا يخرجُوا فَإِذا خمدت رجعُوا فَقلت مَا هَذَا قَالَا انْطلق فأنطلقنا حَتَّى أَتَيْنَا على نهر من دم فِيهِ رجل قَائِم وعَلى وسط النَّهر رجل بَين يَدَيْهِ حِجَارَة فَأقبل الرجل الَّذِي فِي النَّهر فَإِذا أَرَادَ أَن يخرج رمى الرجل بِحجر فِي فِيهِ فَرده حَيْثُ كَانَ فَجعل كلما جَاءَ ليخرج رمى فِي فِيهِ بِحجر فَرجع كَمَا كَانَ فَقلت مَا هَذَا قَالَا انْطلق فَانْطَلَقْنَا حَتَّى اتينا إِلَى رَوْضَة خضراء فِيهَا شَجَرَة عَظِيمَة وَفِي اصلها شيخ وصبيان واذا رجل قريب من الشَّجَرَة بَين يَدَيْهِ نَار يوقدها فصعدا بى الشَّجَرَة وأدخلانى دَارا لم أرقط أحسن مِنْهَا فِيهَا شُيُوخ وشبان ثمَّ صعدا بى فأدخلانى دَارا هِيَ أحسن وَأفضل قلت طوفتمانى اللَّيْلَة فأخبرانى عَمَّا رَأَيْت قَالَا نعم الَّذِي رَأَيْته يشق شدقه كَذَّاب يحدث بالكذبة فَتحمل عَنهُ حَتَّى تبلغ الْآفَاق فيصنع بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة والذى رَأَيْته يشدخ رَأسه فَرجل علمه الله الْقُرْآن فَنَامَ عَنهُ بِاللَّيْلِ وَلم يعْمل بِهِ بِالنَّهَارِ يفعل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الَّذِي رَأَيْت فِي النقب فهم الزناة وَالَّذِي رَأَيْته فِي النَّهر فَآكل الرِّبَا وَأما الشَّيْخ الَّذِي فِي اصل الشَّجَرَة فإبراهيم وَالصبيان حوله فأولاد النَّاس وَالَّذِي يُوقد النَّار فمالك خَازِن النَّار وَالدَّار الأولى دَار عَامَّة الْمُؤمنِينَ وَأما هَذِه الدَّار فدار الشُّهَدَاء وَأَنا جِبْرَائِيل وَهَذَا مِيكَائِيل فَارْجِع رَأسك فَرفعت رأسى فَإِذا قصر مثل السحابة قَالَا ذَلِك مَنْزِلك قلت دعانى أَدخل منزلى قَالَا انه بقى لَك عمر لم تستكمله فَلَو اسكملته أتيت مَنْزِلك
وَهَذَا نَص فِي عَذَاب البرزخ فَإِن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وحى مُطَابق لما فِي نفس الْأَمر
وَقد ذكر الطحاوى عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي قَالَ امْر بِعَبْد من عباد الله ان يضْرب فِي قَبره مائَة جلدَة فَلم يزل يسْأَل ويدعوه حَتَّى صَارَت وَاحِدَة فَامْتَلَأَ قَبره عَلَيْهِ نَارا فَلَمَّا ارْتَفع عَنهُ أَفَاق فَقَالَ علام جلدتمونى قَالُوا إِنَّك صليت صَلَاة بِغَيْر طهُور ومررت على مظلوم فَلم تنصره
وَذكر البيهقى حَدِيث الرّبيع بن أنس عَن أَبى الْعَالِيَة عَن أَبى هُرَيْرَة عَن النَّبِي فِي هَذِه الْآيَة {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} إِلَّا أَنه أَتَى بفرس فَحمل عَلَيْهِ قَالَ كل خطْوَة مُنْتَهى أقْصَى بَصَره فَسَار وَسَار مَعَه جِبْرِيل فَأتى على قوم يزرعون فِي يَوْم ويحصدون فِي يَوْم كلما حصدوا عَاد كَمَا كَانَ فَقَالَ يَا جِبْرَائِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ المجاهدون فِي سَبِيل الله يُضَاعف لَهُم الْحَسَنَة بسبعمائة {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين} ثمَّ أَتَى على قوم ترضخ رُءُوسهم بالصخر كلما رضخت عَادَتْ كَمَا كَانَت لَا يفتر عَنْهُم شَيْء من ذَلِك قَالَ يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين تتثاقل رُءُوسهم عَن الصَّلَاة قَالَ ثمَّ أَتَى على قوم على اقبالهم رقاع وعَلى أدبارهم يسرحون كَمَا تسرح الْأَنْعَام على الضريع والزقوم ورضف جَهَنَّم وحجارتها قَالَ مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرَائِيل قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يؤدون صدقَات أَمْوَالهم
وَمَا ظلمهم الله وَمَا الله بظلام للعبيد ثمَّ أَتَى على قوم بَين أَيْديهم لحم من قدر نضيج وَلحم آخر خَبِيث فَجعلُوا يَأْكُلُون من الْخَبيث وَيدعونَ النضيج الطّيب فَقَالَ يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَذَا الرجل يقوم وَعِنْده امْرَأَة حَلَالا طيبا فيأتى الْمَرْأَة الخبيثة فتبيت مَعَه حَتَّى تصبح ثمَّ أَتَى على خَشَبَة على الطَّرِيق لَا يمر بهَا شَيْء إِلَّا قصفته يَقُول الله تَعَالَى {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} ثمَّ مر على رجل قد جمع حزمه عَظِيمَة لَا يَسْتَطِيع حملهَا وَهُوَ يزِيد عَلَيْهَا قَالَ يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ هَذَا رجل من أمتك عَلَيْهِ أَمَانه لَا يَسْتَطِيع أداءها وَهُوَ يزِيد عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى على قوم تقْرض شفاههم بمقاريض من حَدِيد كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت لَا يفتر عَنْهُم شَيْء قَالَ يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ خطباء الفتنه ثمَّ أَتَى على حجر صَغِير يخرج مِنْهُ نور عَظِيم فَجعل النُّور يُرِيد ان يدْخل من حَيْثُ خرج وَلَا يَسْتَطِيع قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ هَذَا الرجل يتَكَلَّم با لكلمه فيندم عَلَيْهَا فيريد ان يردهَا فَلَا يَسْتَطِيع وَذكر الحَدِيث
وَذكر الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي حَدِيث الاسراء من رِوَايَة أَبى سعيد الخدرى عَن النَّبِي فَصَعدت أَنا وَجِبْرِيل فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَإِذا بِآدَم كَهَيْئَته يَوْم خلقه الله على صورته تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْمُؤمنِينَ فَيَقُول روح طيبه وَنَفس طيبه اجْعَلُوهَا فِي عليين ثمَّ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْفجار فَيَقُول روح خبيثة وَنَفس خبيثة اجْعَلُوهَا فِي سِجِّين ثمَّ مضيت هنيَّة فَإِذا أَنا بأخونة عَلَيْهَا لحم مشرح لَيْسَ بقربها أحد وَإِذا بأخونة أُخْرَى عَلَيْهَا لحم قد أروح ونتن وَعِنْدهَا نَاس يَأْكُلُون مِنْهَا قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ يتركون الْحَلَال ويأتون الْحَرَام قَالَ ثمَّ مضيت هنيهة فاذا أَنا بِأَقْوَام بطونهم أَمْثَال الْبيُوت كلما نَهَضَ أحدهم خر يَقُول اللَّهُمَّ لَا تقم السَّاعَة قَالَ وهم على سابلة آل فِرْعَوْن قَالَ فتجىء السابلة فتطأهم فيصيحون قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ {الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} قَالَ ثمَّ مضيت هنيهة فاذا أَنا بِقوم مشافرهم كمشافر الْإِبِل فتفتح أَفْوَاههم فيلقمون الْجَمْر ثمَّ يخرج من أسافلهم فَسَمِعتهمْ يصيحون قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما ثمَّ مضيت هنيهة فاذا أَنا بنساء معلقات بثديهن فسمعتهن يصحن قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الزوانى ثمَّ مضيت هنيهة فاذا أَنا بِقوم يقطع من جنُوبهم اللَّحْم فيلقمون فَيُقَال كل كَمَا كنت تَأْكُل لحم أَخِيك قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ الهمازون من أمتك وَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ