المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة التاسعة عشرة - الروح - ابن القيم - ط العلمية

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى وَهِي هَل تعرف الْأَمْوَات زِيَارَة الْأَحْيَاء وسلامهم أم لَا قَالَ

- ‌فصل وَيدل على هَذَا أَيْضا مَا جرى عَلَيْهِ عمل النَّاس قَدِيما وَإِلَى الْآن

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وهى أَن ارواح الْمَوْتَى هَل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لَا

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وهى هَل تتلاقي أَرْوَاح الْأَحْيَاء وأرواح الْأَمْوَات أم لَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَهِي أَن الرّوح هَل تَمُوت أم الْمَوْت للبدن وَحده اخْتلف

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَهِي أَن الْأَرْوَاح بعد مُفَارقَة الْأَبدَان إِذا تجردت بأى شَيْء

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَهِي أَن الرّوح هَل تُعَاد إِلَى الْمَيِّت فِي قَبره وَقت السُّؤَال أم

- ‌فصل فَإِذا عرفت هَذِه الْأَقْوَال الْبَاطِلَة فلتعلم أَن مَذْهَب سلف الْأمة وأئمتها

- ‌فصل وَنحن نثبت مَا ذَكرْنَاهُ فَأَما أَحَادِيث عَذَاب الْقَبْر ومساءلة مُنكر وَنَكِير

- ‌فصل وَهَذَا كَمَا انه مُقْتَضى السّنة الصَّحِيحَة فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ بَين أهل السّنة

- ‌فصل وَمِمَّا ينبغى أَن يعلم أَن عَذَاب الْقَبْر هُوَ عَذَاب البرزح فَكل من

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وهى قَول للسَّائِل مَا جَوَابنَا للملاحدة والزنادقة المنكرين

- ‌فصل الْأَمر الأول أَن يعلم أَن الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم لم يخبروا

- ‌فصل الْأَمر الثانى أَن يفهم عَن الرَّسُول مُرَاد من غير غلو وَلَا

- ‌الْفَصْل الْأَمر الرَّابِع أَن الله سُبْحَانَهُ جعل أَمر الْآخِرَة وَمَا كَانَ مُتَّصِلا بهَا

- ‌فصل الْأَمر الْخَامِس أَن النَّار الَّتِي فِي الْقَبْر والخضرة لَيست من نَار الدُّنْيَا

- ‌فصل الْأَمر السَّابِع أَن الله سبحانه وتعالى يحدث فِي هَذِه الدَّار مَا هُوَ أعجب

- ‌فصل الْأَمر الثَّامِن أَنه غير مُمْتَنع أَن ترد الرّوح إِلَى المصلوب والغريق

- ‌فصل الْأَمر التَّاسِع أَنه ينبغى أَن يعلم أَن عَذَاب الْقَبْر ونعيمه اسْم لعذاب

- ‌فصل الْأَمر الْعَاشِر أَن الْمَوْت معاد وَبعث أول فَإِن الله سبحانه وتعالى جعل

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَهِي قَول السَّائِل مَا الْحِكْمَة فَيكون عَذَاب الْقَبْر لم يذكر

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَهِي قَول السَّائِل مَا الْأَسْبَاب الَّتِي يعذب بهَا أَصْحَاب الْقُبُور

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة الْأَسْبَاب المنجية من عَذَاب الْقَبْر جوابها أَيْضا من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشر

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة وهى أَن سُؤال مُنكر وَنَكِير هَل هُوَ مُخْتَصّ بِهَذِهِ الْأمة أَو

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة وَهِي أَن الْأَطْفَال هَل يمْتَحنُونَ فِي قُبُورهم اخْتلف

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة وَهِي قَوْله عَذَاب الْقَبْر دَائِم أم مُنْقَطع جوابها أَنه

- ‌فصل وَأما قَول مُجَاهِد لَيْسَ هِيَ فِي الْجنَّة وَلَكِن يَأْكُلُون من ثمارها ويجدون

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ الْأَرْوَاح على أفنية قبورها فان أَرَادَ أَن هَذَا

- ‌فصل وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يعلم أَن مَا ذكرنَا من شَأْن الرّوح يخْتَلف بِحَسب

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ عِنْد الله تَعَالَى وَلم يزدْ على

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية وأرواح الْكفَّار

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِنَّهَا تَجْتَمِع فِي الأَرْض الَّتِي قَالَ الله فِيهَا

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي عليين فِي السَّمَاء السَّابِعَة

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تَجْتَمِع ببئر زَمْزَم فَلَا دَلِيل

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي برزخ من الأَرْض تذْهب

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ عَن يَمِين آدم وأرواح الْكفَّار

- ‌فصل وَأما قَول أَبى مُحَمَّد بن حزم أَن مستقرها حَيْثُ كَانَت قبل خلق

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ مستقرها الْعَدَم الْمَحْض فَهَذَا قَول من قَالَ إِنَّهَا

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن مستقرها بعد الْمَوْت أبدان أخر غير هَذِه

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌فصل وَالدَّلِيل على انتفاعه بِغَيْر مَا تسبب فِيهِ الْقُرْآن وَالسّنة وَالْإِجْمَاع

- ‌فصل وَأما وُصُول ثَوَاب الصَّدَقَة فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا أَن

- ‌فصل وَأما وُصُول ثَوَاب الصَّوْم فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا أَن

- ‌فصل وَأما وُصُول ثَوَاب الْحَج فَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضى الله

- ‌فصل وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى

- ‌فصل وَأما استدلالكم بقوله إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله فاستدلال سَاقِط

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم الإهداء حِوَالَة وَالْحوالَة إِنَّمَا تكون بِحَق لَازم فَهَذِهِ حِوَالَة

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم الإيثار بِسَبَب الثَّوَاب مَكْرُوه وَهُوَ مسالة الإيثار بِالْقربِ

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ الإهداء إِلَى الْمَيِّت لساغ إِلَى الْحَيّ فَجَوَابه من وَجْهَيْن

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ إهداء نصف الثَّوَاب وربعه إِلَى الْمَيِّت فَالْجَوَاب من

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ ذَلِك لساغ إهداؤه بعد أَن يعمله لنَفسِهِ وَقد

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ الإهداء لساغ إهداء ثَوَاب الْوَاجِبَات الَّتِي تجب على

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم إِن التكاليف امتحان وابتلاء لَا تقبل الْبَدَل إِذْ الْمَقْصُود

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم انه لَو نَفعه عمل غَيره لنفعه تَوْبَته عَنهُ وإسلامه عَنهُ

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم الْعِبَادَات نَوْعَانِ نوع تدخله النِّيَابَة فيصل ثَوَاب إهدائه

- ‌فصل وَأما رد حَدِيث رَسُول الله وَهُوَ قَوْله من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام

- ‌فصل أما قَوْلكُم ابْن عَبَّاس هُوَ رَاوِي حَدِيث الصَّوْم عَن الْمَيِّت وَقد قَالَ

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم انه حَدِيث اخْتلف فِي إِسْنَاده فَكَلَام مجازف لَا يقبل قَوْله

- ‌فصل وَأما كَلَام الشَّافِعِي رحمه الله فِي تغليط رَاوِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رضى

- ‌فصل وَنحن نذْكر أَقْوَال أهل الْعلم فِي الصَّوْم عَن الْمَيِّت لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم أَنه يصل إِلَيْهِ فِي الْحَج ثَوَاب النَّفَقَة دون أَفعَال الْمَنَاسِك

- ‌فصل فَإِن قيل فَهَل تشترطون فِي وُصُول الثَّوَاب ان يهديه بِلَفْظِهِ أم يَكْفِي

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌فصل وَالَّذِي يدل على خلقهَا وُجُوه الْوَجْه الأول قَول الله تَعَالَى

- ‌فصل وَأما مَا احتجت بِهِ هَذِه الطَّائِفَة فَأَما مَا أَتَوا بِهِ من اتِّبَاع

- ‌فصل وَأما استدلالهم بإضافتها إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بقوله تَعَالَى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌فصل وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا رَوَاهُ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن

- ‌فصل وَنَازع هَؤُلَاءِ غَيرهم فِي كَون هَذَا معنى الْآيَة وَقَالُوا معنى قَوْله

- ‌فصل فَهَذَا بعض كَلَام السّلف وَالْخلف فِي هَذِه الْآيَة وعَلى كل تَقْدِير فَلَا

- ‌فصل وَأما الدَّلِيل على أَن خلق الْأَرْوَاح مُتَأَخّر عَن خلق أبدانها فَمن وُجُوه

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌فصل الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ حَدِيث أبي مُوسَى تخرج نفس الْمُؤمن أطيب من ريح الْمسك

- ‌فصل الرَّابِع وَالسِّتُّونَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة إِذا خرجت روح الْمُؤمن تَلقاهُ ملكان

- ‌فصل الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن الْمُؤمن تحضره

- ‌فصل الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ قَوْله الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف

- ‌فصل الْمِائَة مَا قد اشْترك فِي الْعلم بِهِ عَامَّة أهل الأَرْض من لِقَاء

- ‌فصل الْوَجْه الثَّانِي بعد الْمِائَة قَوْله تَعَالَى

- ‌فصل الْوَجْه الثَّالِث بعد الْمِائَة قَول النَّبِي يَا بِلَال مَا دخلت الْجنَّة

- ‌فصل فَإِن قيل قد ذكرْتُمْ الْأَدِلَّة الدَّالَّة على جسميتها وتحيزها فَمَا جوابكم

- ‌فصل فَأَما قَوْلهم أَن الْعُقَلَاء متفقون على قَوْلهم الرّوح والجسم وَالنَّفس

- ‌فصل وَأما الشُّبْهَة الثَّانِيَة فَهِيَ أقوى شبههم الَّتِي بهَا يصلونَ وَعَلَيْهَا يعولون

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْوَجْه الثَّالِث أَن الصُّور الْعَقْلِيَّة الْكُلية مُجَرّدَة وتجردها

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الرَّابِع أَن الْعَقْلِيَّة تقوى على أَفعاله غير متناهية وَلَا شَيْء

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْخَامِس لَو كَانَت الْقُوَّة الْعَاقِلَة حَالَة فِي آلَة جسمانية لوَجَبَ

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّادِس ان كل أحد يدْرك نَفسه والإدراك عبارَة عَن حُصُول

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّابِع الْوَاحِد منا يتخيل بحرا من زئبق وجبلا من ياقوت

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّامِن لَو كَانَت الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة جسدانية لضعفت فِي زمن

- ‌فصل قَوْلكُم فِي التَّاسِع أَن الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة غنية فِي أفعالها عَن الْجِسْم وَمَا

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْعَاشِر أَن الْقُوَّة الجسمانية تكل بِكَثْرَة الْأَفْعَال وَلَا تقوى

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْحَادِي عشر إِنَّا إِذا حكمنَا بِأَن السوَاد مضاد للبياض وَجب

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّانِي عشر أَنه لَو كَانَ مَحل الإدراكات جسما وكل جسم

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّالِث عشر أَن الْمَادَّة الجسمانية إِذا حصلت فِيهَا نقوش

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الرَّابِع عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لَكَانَ بَين تَحْرِيك المحرك

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْخَامِس عشر لَو كَانَت جسما لكَانَتْ منقسمة ولصح عَلَيْهَا أَن

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّادِس عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لوَجَبَ ثقل الْبدن بِدُخُولِهَا

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّابِع عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لكَانَتْ على صِفَات سَائِر

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّامِن عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لوَجَبَ أَن تقع تَحت

- ‌فصل قَوْلكُم فِي التَّاسِع عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لكَانَتْ ذَات طول وَعرض

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْوَجْه الْعشْرين أَن خَاصَّة الْجِسْم أَن يقبل التجزيء وَأَن الْجُزْء

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْوَجْه الْحَادِي وَالْعِشْرين أَن الْجِسْم يحْتَاج فِي قوامه وبقائه

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين لَو كَانَت جسما لَكَانَ اتصالها بِالْبدنِ إِن

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ وَهِي هَل النَّفس وَالروح شَيْء وَاحِد أَو شَيْئَانِ متغايران

- ‌فصل وَقَالَت فرقة أُخْرَى من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه والتصوف الرّوح غير النَّفس

- ‌الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ وَهِي هَل النَّفس وَاحِدَة أم ثَلَاث فقد وَقع فِي

- ‌فصل والطمأنينة إِلَى أَسمَاء الرب تَعَالَى وَصِفَاته نَوْعَانِ طمأنينة إِلَى

- ‌فصل وَهَا هُنَا سر لطيف يجب التَّنْبِيه عَلَيْهِ والتنبه لَهُ والتوفيق لَهُ بيد

- ‌فصل فَإِذا اطمأنت من الشَّك إِلَى الْيَقِين وَمن الْجَهْل إِلَى الْعلم وَمن الْغَفْلَة

- ‌فصل ثمَّ يلحظ فِي ضوء تِلْكَ البارقة مَا تَقْتَضِيه يقظته من سنة غفلته

- ‌فصل وَأما النَّفس اللوامة وَهِي الَّتِي أقسم بهَا سُبْحَانَهُ فِي قَوْله

- ‌فصل وَأما النَّفس الأمارة فَهِيَ المذمومة فَإِنَّهَا الَّتِي تَأمر بِكُل سوء وَهَذَا من

- ‌فصل فَالنَّفْس المطمئنة وَالْملك وجنده من الْإِيمَان يقتضيان من النَّفس

- ‌فصل وَقد انتصبت الأمارة فِي مُقَابلَة المطمئنة فَكلما جَاءَت بِهِ تِلْكَ من خير

- ‌فصل وتربة صُورَة الْإِخْلَاص فِي صُورَة ينفر مِنْهَا وَهِي الْخُرُوج عَن حكم الْعقل

- ‌فصل وتربة صُورَة للصدق مَعَ الله وَجِهَاد من خرج عَن دينه وَأمره فِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين خشوع الْإِيمَان وخشوع النِّفَاق أَن خشوع الْإِيمَان هُوَ خشوع

- ‌فصل وَأما شرف النَّفس فَهُوَ صيانتها عَن الدنايا والرذائل والمطامع الَّتِي

- ‌فصل وَكَذَلِكَ الْفرق بَين الحمية والجفاء فالحمية فطام النَّفس عَن رضَاع اللوم

- ‌فصل وَالْفرق بَين التَّوَاضُع والمهانة أَن التَّوَاضُع يتَوَلَّد من بَين الْعلم بِاللَّه

- ‌فصل وَكَذَلِكَ الْقُوَّة فِي أَمر الله هِيَ من تَعْظِيمه وتعظيم أوامره وحقوقه حَتَّى

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْجُود والسرف أَن الْجواد حَكِيم يضع الْعَطاء موَاضعه

- ‌فصل وَالْفرق بَين المهابة وَالْكبر أَن المهابة أثر من آثَار امتلاء الْقلب

- ‌فصل وَالْفرق بَين الصيانة والتكبر أَن الصائن لنَفسِهِ بِمَنْزِلَة رجل قد لبس

- ‌فصل وَالْفرق بَين الشجَاعَة والجرأة أَن الشجَاعَة من الْقلب وَهِي ثباته

- ‌فصل وَأما الْفرق بَين الحزم والجبن فالحازم هُوَ الَّذِي قد جمع عَلَيْهِ همه

- ‌فصل وَأما الْفرق بَين الاقتصاد وَالشح أَن الاقتصاد خلق مَحْمُود يتَوَلَّد من

- ‌فصل وَالْفرق بَين الِاحْتِرَاز وَسُوء الظَّن أَن المحترز بِمَنْزِلَة رجل قد خرج

- ‌فصل وَالْفرق بَين الفراسة وَالظَّن أَن الظَّن يخطىء ويصيب وَهُوَ يكون مَعَ ظلمَة

- ‌فصل وَالْفرق بَين النَّصِيحَة والغيبة أَن النَّصِيحَة يكون الْقَصْد فِيهَا تحذير

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْهَدِيَّة والرشوة وَإِن اشتبها فِي الصُّورَة الْقَصْد فَإِن الراشي

- ‌فصل وَالْفرق بَين الصَّبْر وَالْقَسْوَة أَن الصَّبْر خلق كسبى يتخلق بِهِ العَبْد وَهُوَ

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْعَفو والذل أَن الْعَفو إِسْقَاط حَقك جودا وكرما وإحسانا مَعَ

- ‌فصل وَالْفرق بَين سَلامَة الْقلب والبله والتغفل أَن سَلامَة الْقلب تكون من

- ‌فصل وَالْفرق بَين الثِّقَة والغرة أَن الثِّقَة سُكُون يسْتَند إِلَى أَدِلَّة وإمارات

- ‌فصل وَالْفرق بَين الرَّجَاء وَالتَّمَنِّي أَن الرَّجَاء يكون مَعَ بذل الْجهد واستفراغ

- ‌فصل وَالْفرق بَين التحدث بنعم الله وَالْفَخْر بهَا أَن المتحدث بِالنعْمَةِ مخبر

- ‌فصل وَالْفرق بَين فَرح الْقلب وَفَرح النَّفس ظَاهر فَإِن الْفَرح بِاللَّه ومعرفته

- ‌فصل وَهَا هُنَا فرحة أعظم من هَذَا كُله وَهِي فرحته عِنْد مُفَارقَته الدُّنْيَا

- ‌فصل وَالْفرق بَين رقة الْقلب والجزع أَن الْجزع ضعف فِي النَّفس وَخَوف فِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين الموجدة والحقد أَن الوجد الإحساس بالمؤلم وَالْعلم بِهِ

- ‌فصل وَالْفرق بَين المنافسة والحسد أَن المنافسة الْمُبَادرَة إِلَى الْكَمَال الَّذِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين حب الرياسة وَحب الْإِمَارَة للدعوة إِلَى الله هُوَ الْفرق بَين

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْحبّ فِي الله وَالْحب مَعَ الله وَهَذَا من أهم الفروق

- ‌فصل وَالْفرق بَين التَّوَكُّل وَالْعجز أَن التَّوَكُّل عمل الْقلب وعبوديته اعْتِمَادًا

- ‌فصل وَالْفرق بَين الِاحْتِيَاط والوسوسة ان الِاحْتِيَاط الِاسْتِقْصَاء وَالْمُبَالغَة فِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين إلهام الْملك وإلقاء الشَّيْطَان من وُجُوه مِنْهَا أَن مَا كَانَ

- ‌فصل وَالْفرق بَين الاقتصاد وَالتَّقْصِير أَن الاقتصاد هُوَ التَّوَسُّط بَين طرفِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين النَّصِيحَة والتأنيب أَن النَّصِيحَة إِحْسَان إِلَى من تنصحه بِصُورَة

- ‌فصل وَالْفرق بَين بالمبادرة والعجلة أَن الْمُبَادرَة انتهاز الفرصة فِي وَقتهَا

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْأَخْبَار بِالْحَال وَبَين الشكوى وَإِن اشتبهت صورتهما ان

- ‌فصل وَهَذَا بَاب من الفروق مطول وَلَعَلَّ إِن ساعد الْقدر أَن نفرد فِيهِ

- ‌فصل وَنحن نختم الْكتاب بِإِشَارَة لَطِيفَة إِلَى الفروق بَين هَذِه الْأُمُور إِذْ كل

- ‌فصل وَالْفرق بَين تَنْزِيه الرُّسُل وتنزيه المعطلة أَن الرُّسُل نزهوه سُبْحَانَهُ عَن

- ‌فصل الْفرق بَين إِثْبَات حقائق الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَبَين التَّشْبِيه والتمثيل يما

- ‌فصل وَالْفرق بَين تَجْرِيد التَّوْحِيد وَبَين هضم أَرْبَاب الْمَرَاتِب أَن تَجْرِيد

- ‌فصل وَالْفرق بَين تَجْرِيد مُتَابعَة الْمَعْصُوم وإهدار أَقْوَال الْعلمَاء وإلغائها

- ‌فصل وَالْفرق بَين أَوْلِيَاء الرَّحْمَن وأولياء الشَّيْطَان أَن أَوْلِيَاء الرَّحْمَن

- ‌فصل وَبِهَذَا يعلم الْفرق بَين الْحَال الإيماني وَالْحَال الشيطاني فَإِن الْحَال

- ‌فصل وَالْفرق بَين الحكم الْمنزل الْوَاجِب الِاتِّبَاع وَالْحكم المؤول الَّذِي غَايَته

الفصل: ‌المسألة التاسعة عشرة

فينفخ فِيهِ فَإِذا نفخ فِيهِ كَانَ ذَلِك سَبَب حُدُوث الرّوح فِيهِ وَلم يقل يُرْسل الْملك إِلَيْهِ بِالروحِ فيدخلها فِي بدنه وَإِنَّمَا أرسل إِلَيْهِ الْملك فأحدث فِيهِ الرّوح بنفخته فِيهِ لَا أَن الله سُبْحَانَهُ أرسل إِلَيْهِ الرّوح الَّتِي كَانَت مَوْجُودَة قبل ذَلِك بِالزَّمَانِ الطَّوِيل مَعَ الْملك فَفرق بَين أَن يُرْسل إِلَيْهِ ملك ينْفخ فِيهِ الرّوح وَبَين أَن يُرْسل إِلَيْهِ روح مخلوقة قَائِمَة بِنَفسِهَا مَعَ الْملك وَتَأمل مَا دلّ عَلَيْهِ النَّص من هذَيْن الْمَعْنيين وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

وَهِي مَا حَقِيقَة النَّفس هَل هِيَ جُزْء من أَجزَاء الْبدن أَو عرض من أعراضه أَو جسم مسَاكِن لَهُ مُودع فِيهِ أَو جَوْهَر مُجَرّد وَهل هِيَ الرّوح أَو غَيرهَا وَهل الْإِمَارَة واللوامة والمطمئنة نفس وَاحِدَة لَهَا هَذِه الصِّفَات أم هِيَ ثَلَاث أنفس

فَالْجَوَاب أَن هَذِه مسَائِل قد تكلم النَّاس فِيهَا من سَائِر الطوائف واضطربت أَقْوَالهم فِيهَا وَكثر فِيهَا خطؤهم وَهدى الله أَتبَاع الرَّسُول أهل سنته لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق بِإِذْنِهِ وَالله يهدى من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم فَنَذْكُر أَقْوَال النَّاس وَمَا لَهُم وَمَا عَلَيْهِم فِي تِلْكَ الْأَقْوَال وَنَذْكُر الصَّوَاب بِحَمْد الله وعونه

قَالَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ فِي مقالاته اخْتلف النَّاس فِي الرّوح وَالنَّفس والحياة وَهل الرّوح هِيَ الْحَيَاة أَو غَيرهَا وَهل الرّوح جسم أم لَا فَقَالَ النظام الرّوح هِيَ جسم وَهِي النَّفس وَزعم أَن الرّوح حَيّ بِنَفسِهِ وَأنكر أَن تكون الْحَيَاة وَالْقُوَّة معنى غير الْحَيّ الْقوي وَقَالَ آخَرُونَ الرّوح عرض

وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُم جَعْفَر بن حَرْب لَا نَدْرِي الرّوح جَوْهَر أَو عرض كَذَا قَالَ وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِك بقوله تَعَالَى {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي} وَلم يخبر عَنْهَا مَا هِيَ لَا أَنَّهَا جَوْهَر وَلَا عرض قَالَ وأظن جعفرا أثبت أَن الْحَيَاة غير الرّوح أثبت أَن الْحَيَاة عرضا

وَكَانَ الجبائي يذهب إِلَى أَن الرّوح جسم وَأَنَّهَا غير الْحَيَاة والحياة عرض ويعتل بقول أهل اللُّغَة خرجت روح الْإِنْسَان وَزعم أَن الرّوح لَا تجوز عَلَيْهَا الْأَعْرَاض

ص: 175

وَقَالَ قَائِلُونَ لَيْسَ الرّوح شَيْئا أَكثر من اعْتِدَال الطبائع الْأَرْبَع وَلم يرجِعوا من قَوْلهم اعْتِدَال إِلَّا إِلَى المعتدل وَلم يثبتوا فِي الدُّنْيَا شَيْئا إِلَّا الطبائع الْأَرْبَع الَّتِي هِيَ الْحَرَارَة والبرودة والرطوبة واليبوسة

وَقَالَ قَائِلُونَ أَن الرّوح معنى خَامِس غير الطبائع الْأَرْبَع وَأَنه لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا الطبائع الْأَرْبَع وَالروح وَاخْتلفُوا فِي أَعمال الرّوح فثبتها بَعضهم طباعا وثبتها بَعضهم اخْتِيَارا وَقَالَ قَائِلُونَ الرّوح الدَّم الصافي الْخَالِص من الكدر والعفونات وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْقُوَّة

وَقَالَ قَائِلُونَ الْحَيَاة هِيَ الْحَرَارَة الغريزية وكل هَؤُلَاءِ الَّذين حكينا أَقْوَالهم فِي الرّوح من أَصْحَاب الطبائع يثبتون أَن الْحَيَاة هِيَ الرّوح

وَكَانَ الْأَصَم لَا يثبت للحياة وَالروح شَيْئا غير الْجَسَد وَيَقُول لَيْسَ أَعقل إِلَّا الْجَسَد الطَّوِيل العريض العميق الَّذِي أرَاهُ وأشاهده وَكَانَ يَقُول النَّفس هِيَ هَذَا الْبدن بِعَيْنِه لَا غير وَإِنَّمَا جرى عَلَيْهَا هَذَا الذّكر على جِهَة الْبَيَان والتأكيد بِحَقِيقَة الشَّيْء لَا على أَنَّهَا معنى غير الْبدن

وَذكر عَن أرسططا لَيْسَ أَن النَّفس معنى مُرْتَفع عَن الْوُقُوع تَحت التَّدْبِير والنشوء والبلى غير دَائِرَة وَأَنَّهَا جَوْهَر بسيط منبث فِي الْعَالم كُله من الْحَيَوَان على جِهَة الْأَعْمَال لَهُ وَالتَّدْبِير وَأَنه لَا تجوز عَلَيْهِ صفة قلَّة وَلَا كَثْرَة قَالَ وَهِي على مَا وصفت من انبساطها فِي هَذَا الْعَالم غير منقسمة الذَّات والبنية وَأَنَّهَا فِي كل حَيَوَان الْعَالم بِمَعْنى وَاحِد لَا غير

وَقَالَ آخَرُونَ بل النَّفس معنى مَوْجُود ذَات حُدُود وأركان وَطول وَعرض وعمق وَأَنَّهَا غير مُفَارقَة فِي هَذَا الْعَالم لغَيْرهَا مِمَّا يجْرِي عَلَيْهِ حكم الطول وَالْعرض والعمق وكل وَاحِد مِنْهُمَا يجمعهما صفة الْحَد وَالنِّهَايَة وَهَذَا قَول طَائِفَة من الثنوية يُقَال لَهُم المثانية

وَقَالَت طَائِفَة أَن النَّفس مَوْصُوفَة بِمَا وصفهَا هَؤُلَاءِ الَّذين قدمنَا ذكرهم من معنى

ص: 176

الْحُدُود والنهايات إِلَّا أَنَّهَا غير مُفَارقَة لغَيْرهَا مِمَّا لَا يجوز أَن يكون مَوْصُوفا بِصفة الْحَيَوَان وَهَؤُلَاء الديصانية وَحكى الحريري عَن جَعْفَر بن مُبشر أَن النَّفس جَوْهَر لَيْسَ هُوَ هَذَا الْجِسْم وَلَيْسَ بجسم لكنه معنى بِابْن الْجَوْهَر والجسم

وَقَالَ آخَرُونَ النَّفس معنى غير الرّوح وَالروح غير الْحَيَاة والحياة عِنْده عرض وَهُوَ أَبُو الْهُذيْل وَزعم أَنه قد يجوز أَن يكون الْإِنْسَان فِي حَال نَومه مسلوب النَّفس وَالروح دون الْحَيَاة وَاسْتشْهدَ على ذَلِك بقوله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها}

وَقَالَ جَعْفَر بن حَرْب النَّفس عرض من الْأَعْرَاض يُوجد فِي هَذَا الْجِسْم وَهُوَ أحد الْآلَات الَّتِي يَسْتَعِين بهَا الْإِنْسَان على الْفِعْل كالصحة والسلامة وَمَا أشبههما وَأَنَّهَا غير مَوْصُولَة بِشَيْء من صِفَات الْجَوَاهِر والأجسام هَذَا مَا حَكَاهُ الْأَشْعَرِيّ

وَقَالَت طَائِفَة النَّفس هِيَ النسيم الدَّاخِل وَالْخَارِج بالتنفس قَالُوا وَالروح عرض وَهُوَ الْحَيَاة فَقَط وَهُوَ غير النَّفس وَهَذَا قَول القَاضِي أَبُو بكر بن الباقلاني وَمن اتبعهُ من الأشعرية

وَقَالَت طَائِفَة لَيست النَّفس جسما وَلَا عرضا وَلَيْسَت النَّفس فِي مَكَان وَلَا لَهَا طول وَلَا عرض وَلَا عمق وَلَا لون وَلَا بعض وَلَا هِيَ فِي الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا مجانبة لَهُ وَلَا مباينة وَهَذَا قَول الْمَشَّائِينَ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْأَشْعَرِيّ عَن ارسططا لَيْسَ وَزَعَمُوا أَن تعلقهَا بِالْبدنِ لَا بالحلول فِيهِ وَلَا بالمجاورة وَلَا بالمساكنة وَلَا بالالتصاق وَلَا بالمقابلة وَإِنَّمَا هُوَ التَّدْبِير لَهُ فَقَط وَاخْتَارَ هَذَا الْمَذْهَب البسنجي وَمُحَمّد بن النُّعْمَان الملقب بالمفيد وَمعمر بن عباد الْغَزالِيّ وَهُوَ قَول ابْن سينا وَأَتْبَاعه وَهُوَ أردى الْمذَاهب وأبطلها وأبعدها من الصَّوَاب

قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم وَذهب سَائِر أهل الْإِسْلَام والملل المقرة بالمعاد إِلَى أَن النَّفس جسم طَوِيل عريض عميق ذَات مَكَان جثة متحيزة مصرفة للجسد قَالَ وَبِهَذَا نقُول قَالَ وَالنَّفس وَالروح اسمان مُتَرَادِفَانِ لِمَعْنى وَاحِد ومعناهما وَاحِد

وَقد ضبط أَبُو عبد الله بن الْخَطِيب مَذَاهِب النَّاس فِي النَّفس فَقَالَ مَا يُشِير إِلَيْهِ كل إِنْسَان بقوله إِنَّا إِمَّا أَن نَكُون جسما أَو عرضا ساريا فِي الْجِسْم أَو لَا جسما وَلَا عرضا ساريا فِيهِ أما الْقسم الأول وَهُوَ أَنه جسم فَذَلِك الْجِسْم إِمَّا أَن يكون هَذَا الْبدن وَإِمَّا أَن يكون جسما مشاركا لهَذَا الْبدن وَإِمَّا أَن يكون خَارِجا عَنهُ وَأما الْقسم الثَّالِث وَهُوَ أَن نفس الْإِنْسَان

ص: 177

عبارَة عَن جسم خَارج عَن هَذَا الْبدن فَهَذَا لم يقلهُ أحد وَأما الْقسم الأول وَهُوَ أَن الْإِنْسَان عبارَة عَن هَذَا الْبدن والهيكل الْمَخْصُوص فَهُوَ قَول جُمْهُور الْخلق وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد أَكثر الْمُتَكَلِّمين

قلت هُوَ قَول جُمْهُور الْخلق الَّذين عرف الرَّازِيّ أَقْوَالهم من أهل الْبدع وَغَيرهم من المضلين وَأما أَقْوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأهل الحَدِيث فَلم يكن لَهُ بهَا شُعُور الْبَتَّةَ وَلَا أعتقد أَن لَهُم فِي ذَلِك قولا على عَادَته فِي حِكَايَة الْمذَاهب الْبَاطِلَة فِي الْمَسْأَلَة وَالْمذهب الْحق الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَالسّنة وأقوال الصَّحَابَة لم يعرفهُ وَلم يذكرهُ وَهَذَا الَّذِي نسبه إِلَى جُمْهُور الْخلق من أَن الْإِنْسَان هُوَ هَذَا الْبدن الْمَخْصُوص فَقَط وَلَيْسَ وَرَاءه شَيْء هُوَ من ابطل الْأَقْوَال فِي الْمَسْأَلَة بل هُوَ أبطل من قَول ابْن سينا وَأَتْبَاعه بل الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الْعُقَلَاء أَن الْإِنْسَان هُوَ الْبدن وَالروح مَعًا وَقد يُطلق اسْمه على أَحدهمَا دون الآخر بِقَرِينَة

فَالنَّاس لَهُم أَرْبَعَة أَقْوَال فِي مُسَمّى الْإِنْسَان هَل هُوَ الرّوح فَقَط أَو الْبدن فَقَط أَو مجموعهما أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا وَهَذِه الْأَقْوَال الْأَرْبَعَة لَهُم فِي كَلَامه هَل هُوَ اللَّفْظ فَقَط أَو الْمَعْنى فَقَط أَو مجموعهما أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا فَالْخِلَاف بَينهم فِي النَّاطِق ونطقه

قَالَ الرَّازِيّ وَأما الْقسم الثَّانِي وَهُوَ أَن الْإِنْسَان عبارَة عَن جسم مَخْصُوص مَوْجُود فِي دَاخل هَذَا الْبدن فالقائلون بِهَذَا القَوْل اخْتلفُوا فِي تعْيين ذَلِك الْجِسْم على وُجُوه

الأول أَنه عبارَة عَن الأخلاط الْأَرْبَعَة الَّتِي مِنْهَا يتَوَلَّد هَذَا الْبدن

وَالثَّانِي انه الدَّم

وَالثَّالِث أَنه الرّوح اللَّطِيف الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْجَانِب الْأَيْسَر من الْقلب وَينفذ فِي الشريانات إِلَى سَائِر الْأَعْضَاء

وَالرَّابِع أَنه الرّوح الَّذِي يصعد فِي الْقلب إِلَى الدِّمَاغ ويتكيف بالكيفية الصَّالِحَة لقبُول قُوَّة الْحِفْظ والفكرة وَالذكر

وَالْخَامِس أَنه جُزْء لَا يتَجَزَّأ فِي الْقلب

وَالسَّادِس أَنه جسم مُخَالف بالماهية لهَذَا الْجِسْم المحسوس وَهُوَ جسم نور أَنى علوي خَفِيف حَيّ متحرك ينفذ فِي جَوْهَر الْأَعْضَاء ويسري فِيهَا سريان المَاء فِي الْورْد وسريان الدّهن فِي الزَّيْتُون وَالنَّار فِي الفحم فَمَا دَامَت هَذِه الْأَعْضَاء صَالِحَة لقبُول الْآثَار الفائضة عَلَيْهَا من هَذَا الْجِسْم اللَّطِيف بَقِي ذَلِك الْجِسْم اللَّطِيف مشابكا لهَذِهِ الْأَعْضَاء وأفادها هَذِه الْآثَار من الْحس وَالْحَرَكَة الإرادية

ص: 178

وَإِذا فَسدتْ هَذِه الْأَعْضَاء بسب اسْتِيلَاء الأخلاط الغليظة عَلَيْهَا وَخرجت عَن قبُول تِلْكَ الْآثَار فَارق الرّوح الْبدن وانفصل إِلَى عَالم الْأَرْوَاح

وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّوَاب فِي الْمَسْأَلَة هُوَ الَّذِي لَا يَصح غَيره وكل الْأَقْوَال سواهُ بَاطِلَة وَعَلِيهِ دلّ الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وأدلة الْعقل والفطرة وَنحن نسوق الْأَدِلَّة عَلَيْهِ على نسق وَاحِد

الدَّلِيل الأول قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} نفي الْآيَة ثَلَاثَة أَدِلَّة الْأَخْبَار بتوفيها وإمساكها وإرسالها

الرَّابِع قَوْله تَعَالَى {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون} إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة}

وفيهَا أَرْبَعَة أَدِلَّة

أَحدهَا بسط الْمَلَائِكَة أَيْديهم لتناولها

الثَّانِي وصفهَا بِالْإِخْرَاجِ وَالْخُرُوج

الثَّالِث الْإِخْبَار عَن عَذَابهَا فِي ذَلِك الْيَوْم

الرَّابِع الْإِخْبَار عَن مجيئها إِلَى رَبهَا فَهَذِهِ سَبْعَة أَدِلَّة

الثَّامِن قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ وَيعلم مَا جرحتم بِالنَّهَارِ ثمَّ يبعثكم فِيهِ ليقضى أجل مُسَمّى ثمَّ إِلَيْهِ مرجعكم} إِلَى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون} وفيهَا ثَلَاثَة أَدِلَّة

أَحدهَا الْإِخْبَار بتوفي الْأَنْفس بِاللَّيْلِ

الثَّانِي بعثها إِلَى أجسادها بِالنَّهَارِ

الثَّالِث توفّي الْمَلَائِكَة لَهُ عِنْد الْمَوْت فَهَذِهِ عشرَة أَدِلَّة

الْحَادِي عشر قَوْله تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي} وفيهَا ثَلَاثَة أَدِلَّة

أَحدهَا وصفهَا بِالرُّجُوعِ

ص: 179

الثَّانِي وصفهَا بِالدُّخُولِ

الثَّالِث وصفهَا بِالرِّضَا

وَاخْتلف السّلف هَل يُقَال لَهَا ذَلِك عِنْد الْمَوْت أَو عِنْد الْبَعْث أَو فِي الْمَوْضِعَيْنِ على ثَلَاثَة أَقْوَال وَقد روى فِي حَدِيث مَرْفُوع أَن النَّبِي قَالَ لأبي بكر الصّديق أما أَن الْملك سيقولها لَك عِنْد الْمَوْت قَالَ زيد بن أسلم بشرت بِالْجنَّةِ عِنْد الْمَوْت وَيَوْم الْجمع وَعند الْبَعْث وَقَالَ أَبُو صَالح {ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية} هَذَا عِنْد الْمَوْت فأدخلي عبَادي وادخلي جنتي قَالَ هَذَا يَوْم الْقِيَامَة فَهَذِهِ أَرْبَعَة عشر دَلِيلا

الْخَامِس عشر قَوْله إِن الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر فَفِيهِ دليلان

أَحدهمَا وَصفه بِأَنَّهُ يقبض

الثَّانِي أَن الْبَصَر يرَاهُ

السَّابِع عشر مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ حَدثنَا أَبُو دَاوُد عَن عَفَّان عَن حَمَّاد عَن أَبى جَعْفَر عَن عمَارَة بن خُزَيْمَة أَن أَبَاهُ قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أَسجد على جبهة النَّبِي فَأَخْبَرته بذلك فَقَالَ إِن الرّوح ليلقى الرّوح فأقنع رَسُول الله هَكَذَا قَالَ عَفَّان بِرَأْسِهِ إِلَى حلقه فَوضع جَبهته على جبهة النَّبِي فَأخْبر أَن الْأَرْوَاح تتلاقى فِي الْمَنَام وَقد تقدم قَول ابْن عَبَّاس تلتقي أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات فِي الْمَنَام فيتساءلون بَينهم فَيمسك الله أَرْوَاح الْمَوْتَى

الثَّامِن عشر قَوْله فِي حَدِيث بِلَال إِن الله قبض أرواحكم وردهَا إِلَيْكُم حِين شَاءَ فَفِيهِ دليلان وصفهَا بِالْقَبْضِ وَالرَّدّ

الْعشْرُونَ قَوْله نسمَة الْمُؤمن طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة وَفِيه دليلان

أَحدهمَا كَونهَا طائرا

الثَّانِي تعلقهَا فِي شجر الْجنَّة وأكلها على اخْتِلَاف التفسيرين

الثَّانِي وَالْعشْرُونَ قَوْله أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي حواصل طير خضر تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ

ص: 180

شَاءَت وتأوي إِلَى قناديل معلقَة بالعرش فَأطلع إِلَيْهِم رَبك اطلاعة فَقَالَ أَي شَيْء تُرِيدُونَ الحَدِيث وَقد تقدم وَفِيه سِتَّة أَدِلَّة

أَحدهَا كَونهَا مودعة فِي جَوف طير

الثَّانِي أَنَّهَا تسرح فِي الْجنَّة

الثَّالِث أَنَّهَا تَأْكُل من ثمارها وتشرب من أنهارها

الرَّابِع أَنَّهَا تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل أَي تسكن إِلَيْهَا

الْخَامِس أَن الرب تَعَالَى خاطبها واستنطقها فأجابته وخاطبته

السَّادِس أَنَّهَا طلبت الرُّجُوع إِلَى الدُّنْيَا فَعلم أَنَّهَا مِمَّا يقبل الرُّجُوع فَإِن قيل هَذَا كُله صفه الطير لَا صفة الرّوح قيل بل الرّوح المودعة فِي الطير قصد وعَلى الرِّوَايَة الَّتِي رجحها أَبُو عمر وَهِي قَوْله أَرْوَاح الشُّهَدَاء كطير يَنْفِي السُّؤَال بِالْكُلِّيَّةِ

التَّاسِع وَالْعشْرُونَ قَوْله فِي حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله أردْت مَالِي بِالْغَابَةِ فأدركني اللَّيْل فأويت إِلَى قبر عبد الله بن عَمْرو بن حزَام فَسمِعت قِرَاءَة من الْقَبْر مَا سَمِعت أحسن مِنْهَا فَقَالَ رَسُول الله ذَاك عبد الله ألم تعلم أَن الله قبض أَرْوَاحهم فَجَعلهَا فِي قناديل من زبرجد وَيَاقُوت ثمَّ علقها وسط الْجنَّة فَإِذا كَانَ اللَّيْل ردَّتْ إِلَيْهِم أَرْوَاحهم فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى إِذا طلع الْفجْر ردَّتْ أَرْوَاحهم إِلَى مَكَانهَا الَّتِي كَانَت وَفِيه أَرْبَعَة أَدِلَّة سوى مَا تقدم

أَحدهَا جعلهَا فِي الْقَنَادِيل

الثَّانِي انتقالها من حيّز إِلَى حيّز

الثَّالِث تكلمها وقراءتها فِي الْقَبْر

الرَّابِع وصفهَا بِأَنَّهَا فِي مَكَان

الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ حَدِيث الْبَراء بن عَازِب وَقد تقدم سِيَاقه وَفِيه عشرُون دَلِيلا

أَحدهَا قَول ملك الْمَوْت لنَفسِهِ {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية} وَهَذَا الْخطاب لمن يفهم وَيعْقل

الثَّانِي قَوْله اخْرُجِي إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان

الثَّالِث قَوْله فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من فِي السقاء

ص: 181

الرَّابِع قَوْله فَلَا يدعونها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يأخذوها مِنْهُ

الْخَامِس قَوْله حَتَّى يكفنوها فِي ذَلِك الْكَفَن ويحنطوها بذلك الحنوط فَأخْبر أَنه تكفن وتحنط

السَّادِس قَوْله ثمَّ يصعد بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء

السَّابِع قَوْله وَيُوجد مِنْهَا كأطيب نفحة مسك وجدت

الثَّامِن قَوْله فتفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء

التَّاسِع قَوْله ويشيعه من كل سَمَاء مقربوها حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الرب تَعَالَى

الْعَاشِر قَوْله فَيَقُول تَعَالَى ردوا عَبدِي إِلَى الأَرْض

الْحَادِي عشر قَوْله فَترد روحه فِي جسده

الثَّانِي عشر قَوْله فِي روح الْكَافِر فَتفرق فِي جسده فيجذبها فتنقطع مِنْهَا الْعُرُوق والعصب

الثَّالِث عشر قَوْله وَيُوجد لروحه كأنتن ريح وجدت على وَجه الأَرْض

الرَّابِع عشر قَوْله فيقذف بِرُوحِهِ عَن السَّمَاء وتطرح طرحا فتهوى إِلَى الأَرْض

الْخَامِس عشر قَوْله فَلَا يَمرونَ بهَا على مَلأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرّوح الطّيب وَمَا هَذَا الرّوح الْخَبيث

السَّادِس عشر قَوْله فيجلسان ويقولان لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَإِن كَانَ هَذَا للروح فَظَاهر وَإِن كَانَ للبدن فَهُوَ بعد رُجُوع الرّوح إِلَيْهِ من السَّمَاء

السَّابِع عشر قَوْله فَإِذا صعد بِرُوحِهِ قيل أَي رب عَبدك فلَان

الثَّامِن عشر قَوْله أرجعوه فأروه مَاذَا أَعدَدْت لَهُ من الْكَرَامَة فَيرى مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار

التَّاسِع عشر قَوْله فِي الحَدِيث إِذا خرجت روح الْمُؤمن صلى عَلَيْهَا كل ملك لله بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فالملائكة تصلى على روحه وَبني آدم يصلونَ على جسده

الْعشْرُونَ قَوْله فَينْظر إِلَى مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار حَتَّى تقوم السَّاعَة وَالْبدن قد تمزق وتلاشى وَإِنَّمَا الَّذِي يرى الْمَقْعَدَيْنِ الرّوح

ص: 182