الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فينفخ فِيهِ فَإِذا نفخ فِيهِ كَانَ ذَلِك سَبَب حُدُوث الرّوح فِيهِ وَلم يقل يُرْسل الْملك إِلَيْهِ بِالروحِ فيدخلها فِي بدنه وَإِنَّمَا أرسل إِلَيْهِ الْملك فأحدث فِيهِ الرّوح بنفخته فِيهِ لَا أَن الله سُبْحَانَهُ أرسل إِلَيْهِ الرّوح الَّتِي كَانَت مَوْجُودَة قبل ذَلِك بِالزَّمَانِ الطَّوِيل مَعَ الْملك فَفرق بَين أَن يُرْسل إِلَيْهِ ملك ينْفخ فِيهِ الرّوح وَبَين أَن يُرْسل إِلَيْهِ روح مخلوقة قَائِمَة بِنَفسِهَا مَعَ الْملك وَتَأمل مَا دلّ عَلَيْهِ النَّص من هذَيْن الْمَعْنيين وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة
وَهِي مَا حَقِيقَة النَّفس هَل هِيَ جُزْء من أَجزَاء الْبدن أَو عرض من أعراضه أَو جسم مسَاكِن لَهُ مُودع فِيهِ أَو جَوْهَر مُجَرّد وَهل هِيَ الرّوح أَو غَيرهَا وَهل الْإِمَارَة واللوامة والمطمئنة نفس وَاحِدَة لَهَا هَذِه الصِّفَات أم هِيَ ثَلَاث أنفس
فَالْجَوَاب أَن هَذِه مسَائِل قد تكلم النَّاس فِيهَا من سَائِر الطوائف واضطربت أَقْوَالهم فِيهَا وَكثر فِيهَا خطؤهم وَهدى الله أَتبَاع الرَّسُول أهل سنته لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق بِإِذْنِهِ وَالله يهدى من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم فَنَذْكُر أَقْوَال النَّاس وَمَا لَهُم وَمَا عَلَيْهِم فِي تِلْكَ الْأَقْوَال وَنَذْكُر الصَّوَاب بِحَمْد الله وعونه
قَالَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ فِي مقالاته اخْتلف النَّاس فِي الرّوح وَالنَّفس والحياة وَهل الرّوح هِيَ الْحَيَاة أَو غَيرهَا وَهل الرّوح جسم أم لَا فَقَالَ النظام الرّوح هِيَ جسم وَهِي النَّفس وَزعم أَن الرّوح حَيّ بِنَفسِهِ وَأنكر أَن تكون الْحَيَاة وَالْقُوَّة معنى غير الْحَيّ الْقوي وَقَالَ آخَرُونَ الرّوح عرض
وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُم جَعْفَر بن حَرْب لَا نَدْرِي الرّوح جَوْهَر أَو عرض كَذَا قَالَ وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِك بقوله تَعَالَى {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي} وَلم يخبر عَنْهَا مَا هِيَ لَا أَنَّهَا جَوْهَر وَلَا عرض قَالَ وأظن جعفرا أثبت أَن الْحَيَاة غير الرّوح أثبت أَن الْحَيَاة عرضا
وَكَانَ الجبائي يذهب إِلَى أَن الرّوح جسم وَأَنَّهَا غير الْحَيَاة والحياة عرض ويعتل بقول أهل اللُّغَة خرجت روح الْإِنْسَان وَزعم أَن الرّوح لَا تجوز عَلَيْهَا الْأَعْرَاض
وَقَالَ قَائِلُونَ لَيْسَ الرّوح شَيْئا أَكثر من اعْتِدَال الطبائع الْأَرْبَع وَلم يرجِعوا من قَوْلهم اعْتِدَال إِلَّا إِلَى المعتدل وَلم يثبتوا فِي الدُّنْيَا شَيْئا إِلَّا الطبائع الْأَرْبَع الَّتِي هِيَ الْحَرَارَة والبرودة والرطوبة واليبوسة
وَقَالَ قَائِلُونَ أَن الرّوح معنى خَامِس غير الطبائع الْأَرْبَع وَأَنه لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا الطبائع الْأَرْبَع وَالروح وَاخْتلفُوا فِي أَعمال الرّوح فثبتها بَعضهم طباعا وثبتها بَعضهم اخْتِيَارا وَقَالَ قَائِلُونَ الرّوح الدَّم الصافي الْخَالِص من الكدر والعفونات وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْقُوَّة
وَقَالَ قَائِلُونَ الْحَيَاة هِيَ الْحَرَارَة الغريزية وكل هَؤُلَاءِ الَّذين حكينا أَقْوَالهم فِي الرّوح من أَصْحَاب الطبائع يثبتون أَن الْحَيَاة هِيَ الرّوح
وَكَانَ الْأَصَم لَا يثبت للحياة وَالروح شَيْئا غير الْجَسَد وَيَقُول لَيْسَ أَعقل إِلَّا الْجَسَد الطَّوِيل العريض العميق الَّذِي أرَاهُ وأشاهده وَكَانَ يَقُول النَّفس هِيَ هَذَا الْبدن بِعَيْنِه لَا غير وَإِنَّمَا جرى عَلَيْهَا هَذَا الذّكر على جِهَة الْبَيَان والتأكيد بِحَقِيقَة الشَّيْء لَا على أَنَّهَا معنى غير الْبدن
وَذكر عَن أرسططا لَيْسَ أَن النَّفس معنى مُرْتَفع عَن الْوُقُوع تَحت التَّدْبِير والنشوء والبلى غير دَائِرَة وَأَنَّهَا جَوْهَر بسيط منبث فِي الْعَالم كُله من الْحَيَوَان على جِهَة الْأَعْمَال لَهُ وَالتَّدْبِير وَأَنه لَا تجوز عَلَيْهِ صفة قلَّة وَلَا كَثْرَة قَالَ وَهِي على مَا وصفت من انبساطها فِي هَذَا الْعَالم غير منقسمة الذَّات والبنية وَأَنَّهَا فِي كل حَيَوَان الْعَالم بِمَعْنى وَاحِد لَا غير
وَقَالَ آخَرُونَ بل النَّفس معنى مَوْجُود ذَات حُدُود وأركان وَطول وَعرض وعمق وَأَنَّهَا غير مُفَارقَة فِي هَذَا الْعَالم لغَيْرهَا مِمَّا يجْرِي عَلَيْهِ حكم الطول وَالْعرض والعمق وكل وَاحِد مِنْهُمَا يجمعهما صفة الْحَد وَالنِّهَايَة وَهَذَا قَول طَائِفَة من الثنوية يُقَال لَهُم المثانية
وَقَالَت طَائِفَة أَن النَّفس مَوْصُوفَة بِمَا وصفهَا هَؤُلَاءِ الَّذين قدمنَا ذكرهم من معنى
الْحُدُود والنهايات إِلَّا أَنَّهَا غير مُفَارقَة لغَيْرهَا مِمَّا لَا يجوز أَن يكون مَوْصُوفا بِصفة الْحَيَوَان وَهَؤُلَاء الديصانية وَحكى الحريري عَن جَعْفَر بن مُبشر أَن النَّفس جَوْهَر لَيْسَ هُوَ هَذَا الْجِسْم وَلَيْسَ بجسم لكنه معنى بِابْن الْجَوْهَر والجسم
وَقَالَ آخَرُونَ النَّفس معنى غير الرّوح وَالروح غير الْحَيَاة والحياة عِنْده عرض وَهُوَ أَبُو الْهُذيْل وَزعم أَنه قد يجوز أَن يكون الْإِنْسَان فِي حَال نَومه مسلوب النَّفس وَالروح دون الْحَيَاة وَاسْتشْهدَ على ذَلِك بقوله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها}
وَقَالَ جَعْفَر بن حَرْب النَّفس عرض من الْأَعْرَاض يُوجد فِي هَذَا الْجِسْم وَهُوَ أحد الْآلَات الَّتِي يَسْتَعِين بهَا الْإِنْسَان على الْفِعْل كالصحة والسلامة وَمَا أشبههما وَأَنَّهَا غير مَوْصُولَة بِشَيْء من صِفَات الْجَوَاهِر والأجسام هَذَا مَا حَكَاهُ الْأَشْعَرِيّ
وَقَالَت طَائِفَة النَّفس هِيَ النسيم الدَّاخِل وَالْخَارِج بالتنفس قَالُوا وَالروح عرض وَهُوَ الْحَيَاة فَقَط وَهُوَ غير النَّفس وَهَذَا قَول القَاضِي أَبُو بكر بن الباقلاني وَمن اتبعهُ من الأشعرية
وَقَالَت طَائِفَة لَيست النَّفس جسما وَلَا عرضا وَلَيْسَت النَّفس فِي مَكَان وَلَا لَهَا طول وَلَا عرض وَلَا عمق وَلَا لون وَلَا بعض وَلَا هِيَ فِي الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا مجانبة لَهُ وَلَا مباينة وَهَذَا قَول الْمَشَّائِينَ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْأَشْعَرِيّ عَن ارسططا لَيْسَ وَزَعَمُوا أَن تعلقهَا بِالْبدنِ لَا بالحلول فِيهِ وَلَا بالمجاورة وَلَا بالمساكنة وَلَا بالالتصاق وَلَا بالمقابلة وَإِنَّمَا هُوَ التَّدْبِير لَهُ فَقَط وَاخْتَارَ هَذَا الْمَذْهَب البسنجي وَمُحَمّد بن النُّعْمَان الملقب بالمفيد وَمعمر بن عباد الْغَزالِيّ وَهُوَ قَول ابْن سينا وَأَتْبَاعه وَهُوَ أردى الْمذَاهب وأبطلها وأبعدها من الصَّوَاب
قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم وَذهب سَائِر أهل الْإِسْلَام والملل المقرة بالمعاد إِلَى أَن النَّفس جسم طَوِيل عريض عميق ذَات مَكَان جثة متحيزة مصرفة للجسد قَالَ وَبِهَذَا نقُول قَالَ وَالنَّفس وَالروح اسمان مُتَرَادِفَانِ لِمَعْنى وَاحِد ومعناهما وَاحِد
وَقد ضبط أَبُو عبد الله بن الْخَطِيب مَذَاهِب النَّاس فِي النَّفس فَقَالَ مَا يُشِير إِلَيْهِ كل إِنْسَان بقوله إِنَّا إِمَّا أَن نَكُون جسما أَو عرضا ساريا فِي الْجِسْم أَو لَا جسما وَلَا عرضا ساريا فِيهِ أما الْقسم الأول وَهُوَ أَنه جسم فَذَلِك الْجِسْم إِمَّا أَن يكون هَذَا الْبدن وَإِمَّا أَن يكون جسما مشاركا لهَذَا الْبدن وَإِمَّا أَن يكون خَارِجا عَنهُ وَأما الْقسم الثَّالِث وَهُوَ أَن نفس الْإِنْسَان
عبارَة عَن جسم خَارج عَن هَذَا الْبدن فَهَذَا لم يقلهُ أحد وَأما الْقسم الأول وَهُوَ أَن الْإِنْسَان عبارَة عَن هَذَا الْبدن والهيكل الْمَخْصُوص فَهُوَ قَول جُمْهُور الْخلق وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد أَكثر الْمُتَكَلِّمين
قلت هُوَ قَول جُمْهُور الْخلق الَّذين عرف الرَّازِيّ أَقْوَالهم من أهل الْبدع وَغَيرهم من المضلين وَأما أَقْوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأهل الحَدِيث فَلم يكن لَهُ بهَا شُعُور الْبَتَّةَ وَلَا أعتقد أَن لَهُم فِي ذَلِك قولا على عَادَته فِي حِكَايَة الْمذَاهب الْبَاطِلَة فِي الْمَسْأَلَة وَالْمذهب الْحق الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَالسّنة وأقوال الصَّحَابَة لم يعرفهُ وَلم يذكرهُ وَهَذَا الَّذِي نسبه إِلَى جُمْهُور الْخلق من أَن الْإِنْسَان هُوَ هَذَا الْبدن الْمَخْصُوص فَقَط وَلَيْسَ وَرَاءه شَيْء هُوَ من ابطل الْأَقْوَال فِي الْمَسْأَلَة بل هُوَ أبطل من قَول ابْن سينا وَأَتْبَاعه بل الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الْعُقَلَاء أَن الْإِنْسَان هُوَ الْبدن وَالروح مَعًا وَقد يُطلق اسْمه على أَحدهمَا دون الآخر بِقَرِينَة
فَالنَّاس لَهُم أَرْبَعَة أَقْوَال فِي مُسَمّى الْإِنْسَان هَل هُوَ الرّوح فَقَط أَو الْبدن فَقَط أَو مجموعهما أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا وَهَذِه الْأَقْوَال الْأَرْبَعَة لَهُم فِي كَلَامه هَل هُوَ اللَّفْظ فَقَط أَو الْمَعْنى فَقَط أَو مجموعهما أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا فَالْخِلَاف بَينهم فِي النَّاطِق ونطقه
قَالَ الرَّازِيّ وَأما الْقسم الثَّانِي وَهُوَ أَن الْإِنْسَان عبارَة عَن جسم مَخْصُوص مَوْجُود فِي دَاخل هَذَا الْبدن فالقائلون بِهَذَا القَوْل اخْتلفُوا فِي تعْيين ذَلِك الْجِسْم على وُجُوه
الأول أَنه عبارَة عَن الأخلاط الْأَرْبَعَة الَّتِي مِنْهَا يتَوَلَّد هَذَا الْبدن
وَالثَّانِي انه الدَّم
وَالثَّالِث أَنه الرّوح اللَّطِيف الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْجَانِب الْأَيْسَر من الْقلب وَينفذ فِي الشريانات إِلَى سَائِر الْأَعْضَاء
وَالرَّابِع أَنه الرّوح الَّذِي يصعد فِي الْقلب إِلَى الدِّمَاغ ويتكيف بالكيفية الصَّالِحَة لقبُول قُوَّة الْحِفْظ والفكرة وَالذكر
وَالْخَامِس أَنه جُزْء لَا يتَجَزَّأ فِي الْقلب
وَالسَّادِس أَنه جسم مُخَالف بالماهية لهَذَا الْجِسْم المحسوس وَهُوَ جسم نور أَنى علوي خَفِيف حَيّ متحرك ينفذ فِي جَوْهَر الْأَعْضَاء ويسري فِيهَا سريان المَاء فِي الْورْد وسريان الدّهن فِي الزَّيْتُون وَالنَّار فِي الفحم فَمَا دَامَت هَذِه الْأَعْضَاء صَالِحَة لقبُول الْآثَار الفائضة عَلَيْهَا من هَذَا الْجِسْم اللَّطِيف بَقِي ذَلِك الْجِسْم اللَّطِيف مشابكا لهَذِهِ الْأَعْضَاء وأفادها هَذِه الْآثَار من الْحس وَالْحَرَكَة الإرادية
وَإِذا فَسدتْ هَذِه الْأَعْضَاء بسب اسْتِيلَاء الأخلاط الغليظة عَلَيْهَا وَخرجت عَن قبُول تِلْكَ الْآثَار فَارق الرّوح الْبدن وانفصل إِلَى عَالم الْأَرْوَاح
وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّوَاب فِي الْمَسْأَلَة هُوَ الَّذِي لَا يَصح غَيره وكل الْأَقْوَال سواهُ بَاطِلَة وَعَلِيهِ دلّ الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وأدلة الْعقل والفطرة وَنحن نسوق الْأَدِلَّة عَلَيْهِ على نسق وَاحِد
الدَّلِيل الأول قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} نفي الْآيَة ثَلَاثَة أَدِلَّة الْأَخْبَار بتوفيها وإمساكها وإرسالها
الرَّابِع قَوْله تَعَالَى {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون} إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة}
وفيهَا أَرْبَعَة أَدِلَّة
أَحدهَا بسط الْمَلَائِكَة أَيْديهم لتناولها
الثَّانِي وصفهَا بِالْإِخْرَاجِ وَالْخُرُوج
الثَّالِث الْإِخْبَار عَن عَذَابهَا فِي ذَلِك الْيَوْم
الرَّابِع الْإِخْبَار عَن مجيئها إِلَى رَبهَا فَهَذِهِ سَبْعَة أَدِلَّة
الثَّامِن قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ وَيعلم مَا جرحتم بِالنَّهَارِ ثمَّ يبعثكم فِيهِ ليقضى أجل مُسَمّى ثمَّ إِلَيْهِ مرجعكم} إِلَى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون} وفيهَا ثَلَاثَة أَدِلَّة
أَحدهَا الْإِخْبَار بتوفي الْأَنْفس بِاللَّيْلِ
الثَّانِي بعثها إِلَى أجسادها بِالنَّهَارِ
الثَّالِث توفّي الْمَلَائِكَة لَهُ عِنْد الْمَوْت فَهَذِهِ عشرَة أَدِلَّة
الْحَادِي عشر قَوْله تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي} وفيهَا ثَلَاثَة أَدِلَّة
أَحدهَا وصفهَا بِالرُّجُوعِ
الثَّانِي وصفهَا بِالدُّخُولِ
الثَّالِث وصفهَا بِالرِّضَا
وَاخْتلف السّلف هَل يُقَال لَهَا ذَلِك عِنْد الْمَوْت أَو عِنْد الْبَعْث أَو فِي الْمَوْضِعَيْنِ على ثَلَاثَة أَقْوَال وَقد روى فِي حَدِيث مَرْفُوع أَن النَّبِي قَالَ لأبي بكر الصّديق أما أَن الْملك سيقولها لَك عِنْد الْمَوْت قَالَ زيد بن أسلم بشرت بِالْجنَّةِ عِنْد الْمَوْت وَيَوْم الْجمع وَعند الْبَعْث وَقَالَ أَبُو صَالح {ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية} هَذَا عِنْد الْمَوْت فأدخلي عبَادي وادخلي جنتي قَالَ هَذَا يَوْم الْقِيَامَة فَهَذِهِ أَرْبَعَة عشر دَلِيلا
الْخَامِس عشر قَوْله إِن الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر فَفِيهِ دليلان
أَحدهمَا وَصفه بِأَنَّهُ يقبض
الثَّانِي أَن الْبَصَر يرَاهُ
السَّابِع عشر مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ حَدثنَا أَبُو دَاوُد عَن عَفَّان عَن حَمَّاد عَن أَبى جَعْفَر عَن عمَارَة بن خُزَيْمَة أَن أَبَاهُ قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أَسجد على جبهة النَّبِي فَأَخْبَرته بذلك فَقَالَ إِن الرّوح ليلقى الرّوح فأقنع رَسُول الله هَكَذَا قَالَ عَفَّان بِرَأْسِهِ إِلَى حلقه فَوضع جَبهته على جبهة النَّبِي فَأخْبر أَن الْأَرْوَاح تتلاقى فِي الْمَنَام وَقد تقدم قَول ابْن عَبَّاس تلتقي أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات فِي الْمَنَام فيتساءلون بَينهم فَيمسك الله أَرْوَاح الْمَوْتَى
الثَّامِن عشر قَوْله فِي حَدِيث بِلَال إِن الله قبض أرواحكم وردهَا إِلَيْكُم حِين شَاءَ فَفِيهِ دليلان وصفهَا بِالْقَبْضِ وَالرَّدّ
الْعشْرُونَ قَوْله نسمَة الْمُؤمن طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة وَفِيه دليلان
أَحدهمَا كَونهَا طائرا
الثَّانِي تعلقهَا فِي شجر الْجنَّة وأكلها على اخْتِلَاف التفسيرين
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ قَوْله أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي حواصل طير خضر تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ
شَاءَت وتأوي إِلَى قناديل معلقَة بالعرش فَأطلع إِلَيْهِم رَبك اطلاعة فَقَالَ أَي شَيْء تُرِيدُونَ الحَدِيث وَقد تقدم وَفِيه سِتَّة أَدِلَّة
أَحدهَا كَونهَا مودعة فِي جَوف طير
الثَّانِي أَنَّهَا تسرح فِي الْجنَّة
الثَّالِث أَنَّهَا تَأْكُل من ثمارها وتشرب من أنهارها
الرَّابِع أَنَّهَا تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل أَي تسكن إِلَيْهَا
الْخَامِس أَن الرب تَعَالَى خاطبها واستنطقها فأجابته وخاطبته
السَّادِس أَنَّهَا طلبت الرُّجُوع إِلَى الدُّنْيَا فَعلم أَنَّهَا مِمَّا يقبل الرُّجُوع فَإِن قيل هَذَا كُله صفه الطير لَا صفة الرّوح قيل بل الرّوح المودعة فِي الطير قصد وعَلى الرِّوَايَة الَّتِي رجحها أَبُو عمر وَهِي قَوْله أَرْوَاح الشُّهَدَاء كطير يَنْفِي السُّؤَال بِالْكُلِّيَّةِ
التَّاسِع وَالْعشْرُونَ قَوْله فِي حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله أردْت مَالِي بِالْغَابَةِ فأدركني اللَّيْل فأويت إِلَى قبر عبد الله بن عَمْرو بن حزَام فَسمِعت قِرَاءَة من الْقَبْر مَا سَمِعت أحسن مِنْهَا فَقَالَ رَسُول الله ذَاك عبد الله ألم تعلم أَن الله قبض أَرْوَاحهم فَجَعلهَا فِي قناديل من زبرجد وَيَاقُوت ثمَّ علقها وسط الْجنَّة فَإِذا كَانَ اللَّيْل ردَّتْ إِلَيْهِم أَرْوَاحهم فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى إِذا طلع الْفجْر ردَّتْ أَرْوَاحهم إِلَى مَكَانهَا الَّتِي كَانَت وَفِيه أَرْبَعَة أَدِلَّة سوى مَا تقدم
أَحدهَا جعلهَا فِي الْقَنَادِيل
الثَّانِي انتقالها من حيّز إِلَى حيّز
الثَّالِث تكلمها وقراءتها فِي الْقَبْر
الرَّابِع وصفهَا بِأَنَّهَا فِي مَكَان
الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ حَدِيث الْبَراء بن عَازِب وَقد تقدم سِيَاقه وَفِيه عشرُون دَلِيلا
أَحدهَا قَول ملك الْمَوْت لنَفسِهِ {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية} وَهَذَا الْخطاب لمن يفهم وَيعْقل
الثَّانِي قَوْله اخْرُجِي إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان
الثَّالِث قَوْله فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من فِي السقاء
الرَّابِع قَوْله فَلَا يدعونها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يأخذوها مِنْهُ
الْخَامِس قَوْله حَتَّى يكفنوها فِي ذَلِك الْكَفَن ويحنطوها بذلك الحنوط فَأخْبر أَنه تكفن وتحنط
السَّادِس قَوْله ثمَّ يصعد بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء
السَّابِع قَوْله وَيُوجد مِنْهَا كأطيب نفحة مسك وجدت
الثَّامِن قَوْله فتفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء
التَّاسِع قَوْله ويشيعه من كل سَمَاء مقربوها حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الرب تَعَالَى
الْعَاشِر قَوْله فَيَقُول تَعَالَى ردوا عَبدِي إِلَى الأَرْض
الْحَادِي عشر قَوْله فَترد روحه فِي جسده
الثَّانِي عشر قَوْله فِي روح الْكَافِر فَتفرق فِي جسده فيجذبها فتنقطع مِنْهَا الْعُرُوق والعصب
الثَّالِث عشر قَوْله وَيُوجد لروحه كأنتن ريح وجدت على وَجه الأَرْض
الرَّابِع عشر قَوْله فيقذف بِرُوحِهِ عَن السَّمَاء وتطرح طرحا فتهوى إِلَى الأَرْض
الْخَامِس عشر قَوْله فَلَا يَمرونَ بهَا على مَلأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرّوح الطّيب وَمَا هَذَا الرّوح الْخَبيث
السَّادِس عشر قَوْله فيجلسان ويقولان لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَإِن كَانَ هَذَا للروح فَظَاهر وَإِن كَانَ للبدن فَهُوَ بعد رُجُوع الرّوح إِلَيْهِ من السَّمَاء
السَّابِع عشر قَوْله فَإِذا صعد بِرُوحِهِ قيل أَي رب عَبدك فلَان
الثَّامِن عشر قَوْله أرجعوه فأروه مَاذَا أَعدَدْت لَهُ من الْكَرَامَة فَيرى مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار
التَّاسِع عشر قَوْله فِي الحَدِيث إِذا خرجت روح الْمُؤمن صلى عَلَيْهَا كل ملك لله بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فالملائكة تصلى على روحه وَبني آدم يصلونَ على جسده
الْعشْرُونَ قَوْله فَينْظر إِلَى مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار حَتَّى تقوم السَّاعَة وَالْبدن قد تمزق وتلاشى وَإِنَّمَا الَّذِي يرى الْمَقْعَدَيْنِ الرّوح