الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي النَّار فَجَاءَتْهُ دمعته الَّتِي قد بَكَى من خشيَة الله عز وجل فاستنقذته من ذَلِك وَرَأَيْت رجلا من أمتى قَائِما على الصِّرَاط يرعد كَمَا ترْعد السعفة فِي ريح عاصف فَجَاءَهُ حسن ظَنّه بِاللَّه عز وجل فسكن روعه وَمضى وَرَأَيْت رجلا من أمتى يزحف على الصِّرَاط يحبو أَحْيَانًا وَيتَعَلَّق أَحْيَانًا فَجَاءَتْهُ صلَاته فأقامته على قَدَمَيْهِ وأنقذته وَرَأَيْت رجلا من أمتى انْتهى إِلَى أَبْوَاب الْجنَّة فغلقت الْأَبْوَاب دونه فَجَاءَتْهُ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ففتحت لَهُ الْأَبْوَاب وأدخلته الْجنَّة قَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى هَذَا حَدِيث حسن جدا رَوَاهُ عَن سعيد بن الْمسيب وَعمر بن ذَر وعَلى ابْن زيد بن جدعَان
وَنَحْو هَذَا الحَدِيث مِمَّا قيل فِيهِ أَن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وحى فَهُوَ على ظَاهرهَا لَا كنحو مَا روى عَنهُ أَنه قَالَ رَأَيْت كَأَن سَيفي انْقَطع فَأَوَّلْته كَذَا وَكَذَا وَرَأَيْت بقرًا تنحر وَرَأَيْت كأنا فِي دَار عقبَة بن رَافع
وَقد روى فِي رُؤْيَاهُ الطَّوِيلَة من حَدِيث سَمُرَة فِي الصَّحِيح وَمن حَدِيث على وأبى أُمَامَة وَرِوَايَات هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قريب بَعْضهَا من بعض مُشْتَمِلَة على ذكر عقوبات جمَاعَة من الْمُعَذَّبين فِي البرزخ فَأَما فِي هَذِه الرِّوَايَة فَذكر الْعقُوبَة وأنبعها بِمَا يُنجى صَاحبهَا من الْعَمَل وراوى هَذَا الحَدِيث عَن ابْن الْمسيب هِلَال أَبُو جبلة مدنى لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث ذكره ابْن أَبى حَاتِم عَن ابيه هَكَذَا ذكره الْحَاكِم أَبُو أَحْمد وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله أَبُو جبل بِلَا هَاء وحكياه عَن مُسلم وَرَوَاهُ عَنهُ الْفرج بن فضَالة وَهُوَ وسط فِي الرِّوَايَة لَيْسَ بالقوى وَلَا الْمَتْرُوك وَرَوَاهُ عَنهُ بشر ابْن الْوَلِيد الْفَقِيه الْمَعْرُوف بأبى الْخَطِيب كَانَ حسن الْمَذْهَب جميل الطَّرِيقَة وَسمعت شيخ الْإِسْلَام يعظم أَمر هَذَا الحَدِيث وَقَالَ أصُول السّنة تشهد لَهُ وَهُوَ من أحسن الْأَحَادِيث
الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشر
وهى أَن السُّؤَال فِي الْقَبْر هَل هُوَ عَام فِي حق الْمُسلمين وَالْمُنَافِقِينَ وَالْكفَّار أَو يخْتَص بِالْمُسلمِ وَالْمُنَافِق
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي كتاب التَّمْهِيد والْآثَار الدَّالَّة تدل على أَن الْفِتْنَة فِي الْقَبْر لَا تكون إِلَّا لمُؤْمِن أَو مُنَافِق كَانَ مَنْسُوبا إِلَى أهل الْقبْلَة وَدين الْإِسْلَام بِظَاهِر الشَّهَادَة وَأما الْكَافِر الجاحد الْمُبْطل فَلَيْسَ مِمَّن يسْأَل عَن ربه وَدينه وَنبيه وَإِنَّمَا يسْأَل عَن هَذَا أهل الْإِسْلَام فَيثبت الله الَّذين آمنُوا ويرتاب المبطلون
وَالْقُرْآن وَالسّنة تدل على خلاف هَذَا القَوْل وَأَن السُّؤَال للْكَافِرِ وَالْمُسلم قَالَ الله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَنَّهَا نزلت فِي عَذَاب الْقَبْر حِين يسْأَل من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك
وَفِي الصحيحن عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي أَنه قَالَ إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه انه ليسمع قرع نعَالهمْ وَذكر الحَدِيث زَاد البخارى وَأما الْمُنَافِق وَالْكَافِر فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أدرى كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَا دَريت وَلَا تليت وَيضْرب بِمِطْرَقَةٍ من حَدِيد يَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ إِلَّا الثقلَيْن هَكَذَا فِي البخارى وَأما الْمُنَافِق وَالْكَافِر بِالْوَاو وَقد تقدم فِي حَدِيث أَبى سعيد الخدرى الذى رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْإِمَام أَحْمد كُنَّا فِي جَنَازَة مَعَ النَّبِي فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فاذا الْإِنْسَان دفن وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه جَاءَ ملك وَفِي يَده مطراق فأقعده فَقَالَ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُول لَهُ صدقت فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيَقُول هَذَا مَنْزِلك لَو كفرت بِرَبِّك وَأما الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَيَقُول لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أدرى فَيُقَال لَا دَريت وَلَا اهتديت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيَقُول لَهُ هَذَا مَنْزِلك لَو آمَنت بِرَبِّك فَأَما إِذْ كفرت فان الله أبدلك بِهِ هَذَا ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار ثمَّ يقمعه الْملك بالمطراق قمعة يسمعهُ خلق الله إِلَّا الثقلَيْن فَقَالَ بعض الصَّحَابَة يَا رَسُول الله مَا أحد يقوم على رَأسه ملك إِلَّا هيل عِنْد ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء
وَفِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب الطَّوِيل وَأما الْكَافِر إِذا كَانَ فِي قبل من الْآخِرَة وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا نزل عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة من السَّمَاء مَعَهم مسوح وَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ ثمَّ تُعَاد روحه فِي جسده فِي قَبره وَذكر الحَدِيث وَفِي لفظ فاذا كَانَ كَافِر جَاءَهُ ملك الْمَوْت فَجَلَسَ عِنْد رَأسه فَذكر الحَدِيث إِلَى قَوْله مَا هَذِه الرّوح الخبيثة فَيَقُولُونَ فلَان بأسو أَسْمَائِهِ فاذا انْتهى بِهِ إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا أغلقت دونه قَالَ يرْمى بِهِ من السَّمَاء ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} قَالَ فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان شَدِيدا الِانْتِهَار فيجلسانه وينتهرانه فَيَقُولَانِ من رَبك فَيَقُول هاه لَا أدرى فَيَقُولَانِ لَا دَريت فَيَقُولَانِ مَا هَذَا النَّبِي الذى بعث فِيكُم فَيَقُول سَمِعت
النَّاس يَقُولُونَ ذَلِك لَا ادرى فَيَقُولَانِ لَهُ لَا دَريت وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} وَذكر الحَدِيث
وَاسم الْفَاجِر فِي عرف الْقُرْآن وَالسّنة يتَنَاوَل الْكَافِر قطعا كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم} وَقَوله تَعَالَى {كلا إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} وَفِي لفظ آخر فِي حَدِيث الْبَراء وَإِن الْكَافِر إِذا كَانَ فِي قبل من الْآخِرَة وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا نزل اليه مَلَائِكَة شَدَّاد غضاب مَعَهم ثِيَاب من نَار وسرابيل من قطران فيحتوشونه فتنزع روحه كَمَا ينْزع السفود الْكثير الشّعب من الصُّوف المبتل فاذا أخرجت لَعنه كل ملك بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وكل ملك فِي السَّمَاء
وَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ انه ليسمع خَفق نعَالهمْ إِذا ولوا مُدبرين فَيُقَال يَا هَذَا من رَبك وَمَا دينك وَمن نبنيك فَيَقُول لَا أدرى فَيُقَال لَا دَريت وَذكر الحَدِيث رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن يُونُس بن خباب عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن زَاذَان عَن الْبَراء
وَفِي حَدِيث عِيسَى بن الْمسيب عَن عدى بن ثَابت عَن الْبَراء خرجنَا مَعَ رَسُول فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار وَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ وَإِن الْكَافِر إِذا كَانَ فِي دبر من الدُّنْيَا وَقبل من الْآخِرَة وحضره الْمَوْت نزلت عَلَيْهِ مَلَائِكَة مَعَهم كفن من نارو وحنوط من نَار فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ فَترد روحه إِلَى مضجعه فيأتيه مُنكر وَنَكِير يثيران الأَرْض بأنيابهما ويفحصان الأَرْض بأشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيجلسانه ثمَّ يَقُولَانِ يَا هَذَا من رَبك فَيَقُول لَا أدرى فينادى من جَانب الْقَبْر لادريت فيضربانه بمرزبة من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهَا من بَين الْخَافِقين لم تقل ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه وَذكر الحَدِيث
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده عَن أَبى النّظر هَاشم بن الْقَاسِم حَدثنَا عِيسَى بن الْمسيب فَذكره
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن سَلمَة عَن خصيف عَن مُجَاهِد عَن الْبَراء قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار ومعنا رَسُول الله فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ وَقَالَ رَسُول الله وَإِذا وضع الْكَافِر أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول لَا أدرى فَيَقُولَانِ لَهُ لادريت الحَدِيث وَقد تقدم
وَبِالْجُمْلَةِ فعامة من روى حَدِيث الْبَراء بن عَازِب قَالَ فِيهِ وَأما الْكَافِر بِالْجَزْمِ وَبَعْضهمْ قَالَ وَأما الْفَاجِر وَبَعْضهمْ قَالَ وَأما الْمُنَافِق والمرتاب وَهَذِه اللَّفْظَة من شكّ بعض الروَاة هَكَذَا فِي الحَدِيث لَا أدرى أى ذَلِك قَالَ