الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاد الْأَرْوَاح وَنَعِيمهَا وعذابها بِدُونِ الْأَبدَان وكلا الْقَوْلَيْنِ خطأ وضلال لَكِن قَول الفلاسفة أبعد عَن أَقْوَال أهل الْإِسْلَام وَإِن كَانَ قد يوافقهم عَلَيْهِ من يعْتَقد أَنه متمسك بدين الْإِسْلَام بل من يظنّ أَنه من أهل الْمعرفَة والتصوف وَالتَّحْقِيق وَالْكَلَام
وَالْقَوْل الثَّالِث الشاذ قَول من يَقُول إِن البرزخ لَيْسَ فِيهِ نعيم وَلَا عَذَاب بل لَا يكون ذَلِك حَتَّى تَقول السَّاعَة الْكُبْرَى كَمَا يَقُول ذَلِك من يَقُوله من الْمُعْتَزلَة وَنَحْوهم مِمَّن يُنكر عَذَاب الْقَبْر ونعيمه بِنَاء على أَن الرّوح لَا تبقى بعد فِرَاق الْبدن وَأَن الْبدن لَا ينعم وَلَا يعذب فَجَمِيع هَؤُلَاءِ الطوائف ضلال فِي أَمر البرزخ لكِنهمْ خير من الفلاسفة فَإِنَّهُم مقرون بالقيامة الْكُبْرَى
فصل فَإِذا عرفت هَذِه الْأَقْوَال الْبَاطِلَة فلتعلم أَن مَذْهَب سلف الْأمة وأئمتها
أَن الْمَيِّت إِذا مَاتَ يكون فِي نعيم أَو عَذَاب وَأَن ذَلِك يحصل لروحه وبدنه وَأَن الرّوح تبقى بعد مُفَارقَة الْبدن منعمة أَو معذبة وَأَنَّهَا تتصل بِالْبدنِ أَحْيَانًا وَيحصل لَهُ مَعهَا النَّعيم أَو الْعَذَاب ثمَّ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة الْكُبْرَى أُعِيدَت الْأَرْوَاح إِلَى الأجساد وَقَامُوا من قُبُورهم لرب الْعَالمين ومعاد الْأَبدَان مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى
فصل وَنحن نثبت مَا ذَكرْنَاهُ فَأَما أَحَادِيث عَذَاب الْقَبْر ومساءلة مُنكر وَنَكِير
فكثيرة متواترة عَن النَّبِي كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي مر بقبرين فَقَالَ انهما ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير أما أَحدهمَا فَكَانَ لَا يستبرئ من الْبَوْل وَأما الآخر فَكَانَ يمشي بالنميمة ثمَّ دَعَا بجريدة رطبَة فَشَقهَا نِصْفَيْنِ فَقَالَ لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا
وَفِي صَحِيح مُسلم عَن زيد بن ثَابت قَالَ رَسُول الله فِي حَائِط لبنى النجار على بغلته وَنحن مَعَه إِذْ حادت بِهِ فَكَادَتْ تلقيه فَإِذا أقبر سِتَّة أَو خَمْسَة أَو أَرْبَعَة فَقَالَ من يعرف أَصْحَاب هَذِه الْقُبُور فَقَالَ رجل أَنا قَالَ فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاك فَقَالَ إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فلولا أَن لَا تدافنوا لَدَعَوْت الله أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر الَّذِي أسمع مِنْهُ ثمَّ أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار قَالُوا نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار قَالَ تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر قَالُوا نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر قَالَ تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن قَالُوا نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن قَالَ تعوذوا بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال قَالُوا نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال
وَفِي صَحِيح مُسلم وَجَمِيع السّنَن عَن أَبى هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير فليتعوذ بِاللَّه من أَربع من عَذَاب جَهَنَّم وَمن عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات وَمن فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال
وَفِي صَحِيح مُسلم أَيْضا وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي كَانَ يعلمهُمْ هَذَا الدُّعَاء كَمَا يعلمهُمْ السُّورَة من الْقُرْآن اللَّهُمَّ إنى أعوذ بك من عَذَاب جَهَنَّم وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال
وَفِي الصحيحن عَن أَبى أَيُّوب قَالَ خرج النَّبِي وَقد وَجَبت الشَّمْس فَسمع صَوتا فَقَالَ يهود تعذب فِي قبورها
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا قَالَت دخلت على عَجُوز من عَجَائِز يهود الْمَدِينَة فَقَالَت ان أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم قَالَت فكذبتها وَلم أنعم أَن أصدقهَا قَالَت فَخرجت وَدخل على رَسُول الله فَقَالَت يَا رَسُول الله ان عجوزا من عَجَائِز يهود أهل الْمَدِينَة دخلت فَزَعَمت أَن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم قَالَ صدقت انهم يُعَذبُونَ عذَابا تسمعه الْبَهَائِم كلهَا قَالَت فَمَا رَأَيْته بعد فِي صَلَاة الا يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر
وَفِي صَحِيح ابْن حبَان عَن أم مُبشر قَالَت دخل على رَسُول الله وَهُوَ يَقُول تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر فَقلت يَا رَسُول الله وللقبر عَذَاب قَالَ إِنَّهُم ليعذبون فِي قُبُورهم عذَابا تسمعه الْبَهَائِم
قَالَ بَعْص أهل الْعلم وَلِهَذَا السَّبَب يذهب النَّاس بدوابهم إِذا مغلت إِلَى قُبُور الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ كالاسماعيلية والنصيرية والقرامطة من بني عبيد وَغَيرهم الَّذين بِأَرْض مصر وَالشَّام فَإِن أَصْحَاب الْخَيل يقصدون قُبُورهم لذَلِك كَمَا يقصدون قُبُور الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالَ فَإِذا سَمِعت الْخَيل عَذَاب الْقَبْر أحدث لَهَا ذَلِك فَزعًا وحرارة تذْهب بالمغل
وَقد قَالَ عبد الْحق الأشبيلى حَدَّثَنى الْفَقِيه أَبُو الحكم برخان وَكَانَ من أهل الْعلم وَالْعَمَل أَنهم دفنُوا مَيتا بقريتهم فِي شرف أشبيلية فَلَمَّا فرغوا من دَفنه قعدوا نَاحيَة يتحدثون ودابة ترعى قَرِيبا مِنْهُم فَإِذا بالدابة قد أَقبلت مسرعة إِلَى الْقَبْر فَجعلت اذنها عَلَيْهِ كَأَنَّهَا تسمع ثمَّ ولت فارة ثمَّ عَادَتْ إِلَى الْقَبْر فَجعلت أذنها عَلَيْهِ كَأَنَّهَا تسمع ثمَّ ولت فارة فعلت ذَلِك مرّة بعد أُخْرَى
قَالَ أَبُو الحكم فَذكرت عَذَاب الْقَبْر وَقَول النَّبِي أَنهم ليعذبون عذَابا تسمعه الْبَهَائِم
ذكر لنا هَذِه الْحِكَايَة وَنحن نسْمع عَلَيْهِ كتاب مُسلم لما انْتهى القارىء إِلَى قَول النَّبِي أَنهم يُعَذبُونَ عذَابا تسمعه الْبَهَائِم
وَهَذَا السماع وَاقع على أصوات الْمُعَذَّبين قَالَ هناد بن السرى فِي كتاب الزّهْد حَدثنَا وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا قَالَت دخلت على يَهُودِيَّة فَذكرت عَذَاب الْقَبْر فكذبتها فَدخل النَّبِي على فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم ليعذبون فِي قُبُورهم حَتَّى تسمع الْبَهَائِم أَصْوَاتهم
قلت وَأَحَادِيث الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر كَثِيرَة كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن عَن الْبَراء بن عَازِب ان رَسُول الله قَالَ الْمُسلم إِذا سُئِلَ فِي قَبره فَشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَذَلِك قَول الله {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَفِي لفظ نزلت فِي عَذَاب الْقَبْر يُقَال لَهُ من رَبك فَيَقُول الله رَبِّي وَمُحَمّد نَبِي فَذَلِك قَول الله {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}
وَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ أهل السّنَن وَالْمَسَانِيد مطولا كَمَا تقدم
وَقد صرح فِي هَذَا الحَدِيث بِإِعَادَة الرّوح إِلَى الْبدن وباختلاف أضلاعه وَهَذَا بَين فِي أَن الْعَذَاب على الرّوح وَالْبدن مُجْتَمعين
وَقد روى مثل حَدِيث الْبَراء قبض الرّوح وَالْمَسْأَلَة وَالنَّعِيم وَالْعَذَاب أَبُو هُرَيْرَة وَحَدِيثه فِي الْمسند وصحيح أَبى حَاتِم أَن النَّبِي قَالَ إِن الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره أَنه يسمع خَفق نعَالهمْ حِين يولون عَنهُ فَإِن كَانَ مُؤمنا كَانَت الصَّلَاة عِنْد رَأسه وَالصِّيَام عَن يَمِينه وَالزَّكَاة عَن شِمَاله وَكَانَ فعل الْخيرَات من الصَّدَقَة والصلة وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان عِنْد رجلَيْهِ فَيُؤتى من قبل رَأسه فَتَقول الصَّلَاة مَا قبلى مدْخل ثمَّ يُؤْتى من يَمِينه فَيَقُول الصّيام مَا قبلى مدْخل ثمَّ يُؤْتى من يسَاره فَتَقول الزَّكَاة مَا قبلى مدْخل ثمَّ يُؤْتى من قبل رجلَيْهِ فَيَقُول فعل الْخيرَات من الصَّدَقَة والصلة وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان مَا قبلى مدْخل فَيُقَال لَهُ اجْلِسْ فيجلس قد مثلت لَهُ الشَّمْس وَقد أخذت الْغُرُوب فَيُقَال لَهُ هَذَا الرجل الذى كَانَ فِيكُم مَا تَقول فِيهِ وماذا تشهد بِهِ عَلَيْهِ فَيَقُول دعونى حَتَّى أصلى فَيَقُولُونَ انك ستصلى أخبرنَا عَمَّا نَسْأَلك عَنهُ أَرَأَيْت هَذَا الرجل الذى كَانَ فِيكُم مَا تَقول فِيهِ وَمَا تشهد عَلَيْهِ فَيَقُول مُحَمَّد أشهد أَنه رَسُول الله جَاءَ بِالْحَقِّ من عِنْد الله فَيُقَال لَهُ على ذَلِك حييت وعَلى ذَلِك مت وعَلى ذَلِك تبْعَث إِن شَاءَ الله ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك وَمَا أعد الله لَك فِيهَا فَيَزْدَاد غِبْطَة وسرورا ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا وينور لَهُ فِيهِ ويعاد الْجَسَد لما بدىء
مِنْهُ وَتجْعَل نسمته فِي النسم الطّيب وَهِي طير مُعَلّق فِي شجر الْجنَّة قَالَ فَذَلِك قَول الله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَذكر فِي الْكَافِر ضد ذَلِك إِلَى أَن قَالَ ثمَّ يضيق عَلَيْهِ فِي قَبره إِلَى أَن تخْتَلف فِيهِ أضلاعه فَتلك الْمَعيشَة الضنك الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى}
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي قَالَ إِن الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه انه ليسمع خَفق نعَالهمْ أَتَاهُ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل مُحَمَّد فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله قَالَ فَيَقُول أنظر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة قَالَ رَسُول الله فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَة وَذكر لنا أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا يمْلَأ عَلَيْهِ خضرًا إِلَى يَوْم يبعثون ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيث أنس قَالَ فَأَما الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا ادرى كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيَقُولَانِ لَا دَريت وَلَا تليت ثمَّ يضْرب بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة فيسمعها من عَلَيْهَا غير الثقلَيْن
وَفِي صَحِيح أَبى حَاتِم عَن أَبى هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله قبر أحدكُم أَو الْإِنْسَان أَتَاهُ ملكان أسودان أزرقان يُقَال لأَحَدهمَا الْمُنكر وَللْآخر النكير فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل مُحَمَّد فَهُوَ قَائِل مَا كَانَ يَقُول فان كَانَ مُؤمنا قَالَ هُوَ عبد الله وَرَسُوله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُولَانِ لَهُ إِن كُنَّا لنعلم أَنَّك تَقول ذَلِك ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي سبعين ذِرَاع وينور لَهُ فِيهِ وَيُقَال لَهُ نم فَيَقُول ارْجع إِلَى أهلى ومالى فَأخْبرهُم فَيَقُولَانِ نم كنومة الْعَرُوس الذى لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك وَإِن كَانَ منافقا قَالَ لَا أدرى كنت أسمع النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَكنت أقوله فَيَقُولَانِ لَهُ كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول ذَلِك ثمَّ يُقَال للْأَرْض التئمي عَلَيْهِ فتلتئم عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف فِيهَا أضلاعه فَلَا يزَال معذبا حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك وَهَذَا صَرِيح فِي أَن الْبدن يعذب
وَعَن أَبى هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ إِذا احْتضرَ الْمُؤمن أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة بحريرة بَيْضَاء فَيَقُولُونَ اخرجى أيتها الرّوح الطّيبَة راضية مرضيا عَنْك إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان فَتخرج كأطيب من ريح الْمسك حَتَّى أَنه ليناوله بَعضهم بَعْضًا حَتَّى يَأْتُوا بِهِ بَاب السَّمَاء فَيَقُولُونَ مَا أطيب هَذِه الرّيح الَّتِي جاءتكم من الأَرْض فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فهم أَشد فَرحا بِهِ من أحدكُم بغائبه يقدم عَلَيْهِ فيسألونه مَاذَا فعل فلَان قَالَ فَيَقُولُونَ
دَعْوَة يستريح فانه كَانَ فِي غم الدُّنْيَا فاذا قَالَ أَتَاكُم فَيَقُولُونَ انه ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية وَإِن الْكَافِر إِذا احْتضرَ أَتَتْهُ مَلَائِكَة الْعَذَاب بمسح فَيَقُولُونَ اخرجى مسخوطا عَلَيْك إِلَى عَذَاب الله فَتخرج كأنتن ريح جيفة حَتَّى يَأْتُوا بِهِ بَاب الأَرْض فَيَقُولُونَ فَمَا أنتن هَذِه الرّوح حَتَّى يَأْتُوا بِهِ أَرْوَاح الْكفَّار رَوَاهُ النسائى وَالْبَزَّار وَمُسلم مُخْتَصرا
وَأخرجه أَبُو حَاتِم فِي صَحِيحه وَقَالَ إِن الْمُؤمن إِذا حَضَره الْمَوْت حَضرته مَلَائِكَة الرَّحْمَة فاذا قبض جعلت روحه فِي حريرة بَيْضَاء فَينْطَلق بهَا إِلَى بَاب السَّمَاء فَيَقُولُونَ مَا وجدنَا ريحًا أطيب من هَذِه فَيُقَال مَا فعل فلَان مَا فعلت فُلَانَة فَيُقَال دَعوه يستريح فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدُّنْيَا وَأما الْكَافِر إِذا قبضت نَفسه ذهب بهَا إِلَى الأَرْض فَتَقول خَزَنَة الأَرْض مَا وجدنَا ريحًا أنتن من هَذِه فَيبلغ بهَا إِلَى الأَرْض السُّفْلى
وروى النسائى فِي سنَنه من حَدِيث عبد الله بن عمر رضى الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي قَالَ هَذَا الَّذِي تحرّك لَهُ الْعَرْش وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء وَشهد لَهُ سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة لقد ضم ضمة ثمَّ فرج عَنهُ قَالَ النسائى يعْنى سعد بن معَاذ
وروى من حَدِيث عَائِشَة رضى الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله للقبر ضغطة لَو نجا مِنْهَا أحد لنجا مِنْهَا سعد بن معَاذ رَوَاهُ من حَدِيث شُعْبَة
وَقَالَ هناد بن السرى حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن أَبِيه عَن ابْن أَبى مليكَة قَالَ مَا أجِير من ضغطة الْقَبْر أحد وَلَا سعد بن معَاذ الَّذِي منديل من مناديله خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
قَالَ وَحدثنَا عَبدة عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع قَالَ لقد بلغنى أَنه شهد جَنَازَة سعد ابْن معَاذ سَبْعُونَ ألف ملك لم ينزلُوا إِلَى الأَرْض قطّ وَلَقَد بلغنى أَن رَسُول الله قَالَ لقد ضم صَاحبكُم فِي الْقَبْر ضمة
وَقَالَ عَليّ بن معبد حَدثنَا عبيد الله عَن زيد بن أبي أنيسَة عَن جَابر عَن نَافِع قَالَ أَتَيْنَا صَفِيَّة بنت ابي عبيد امراة عبد الله عمر وَهِي فزعه فَقُلْنَا مَا شَأْنك فَقَالَت جِئْت من عِنْد بعض نسَاء النَّبِي قَالَت فحدثتني أَن رَسُول الله قَالَ إِن كنت لأرى لَو أَن أحد اعفي من عَذَاب الْقَبْر لأعفي مِنْهُ سعد بن معَاذ لقد ضم فِيهِ ضمه