الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطّيبَة ادخلوها الْجنَّة وأروها مقعدها من الْجنَّة وأعرضوا عَلَيْهَا مَا أَعدَدْت لَهَا من الْكَرَامَة وَالنَّعِيم ثمَّ اذْهَبُوا بهَا إِلَى الأَرْض فَإِنِّي قضيت أَنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لهي أَشد كَرَاهِيَة لِلْخُرُوجِ مِنْهَا حِين كَانَت تخرج من الْجَسَد وَتقول أَيْن تذهبون بِي إِلَى ذَلِك الْجَسَد الَّذِي كنت فِيهِ فَيَقُولُونَ إِنَّا مأمورون بِهَذَا فَلَا بُد لَك مِنْهُ فيهبطون بِهِ على قدر فراغهم من غسله وأكفانه فَيدْخلُونَ ذَلِك الرّوح بَين الْجَسَد وأكفانه فَتَأمل كم فِي الحَدِيث من مَوضِع يشْهد بِبُطْلَان قَول المبطلين فِي الرّوح
التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ مَا ذكره عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن ابْن الْبَيْلَمَانِي عَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ إِذا توفّي الْمُؤمن بعث إِلَيْهِ ملكان بريحان من الْجنَّة وخرقة تقبض فِيهَا فَتخرج كأطيب رَائِحَة وجدهَا أحد قطّ بِأَنْفِهِ حَتَّى يُؤْتى بِهِ الرَّحْمَن جل جلاله فتسجد الْمَلَائِكَة قبله وَيسْجد بعدهمْ ثمَّ يدعى مِيكَائِيل عليه السلام فَيُقَال اذْهَبْ بِهَذِهِ النَّفس فإجلعها مَعَ أنفس الْمُؤمنِينَ حَتَّى أَسأَلك عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة
وَقد تظاهرت الْآثَار عَن الصَّحَابَة أَن روح الْمُؤمن تسْجد بَين يَدي الْعَرْش فِي وَفَاة النّوم ووفاة الْمَوْت وَأما حِين قدومها على الله فَأحْسن تحيتها أَن تَقول اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام
وحَدثني القَاضِي نور الدّين بن الصَّائِغ قَالَ كَانَت لي خَالَة وَكَانَت من الصَّالِحَات العابدات قَالَ عدتهَا فِي مرض مَوتهَا فَقَالَت لي الرّوح إِذا قدمت على الله ووقفت بَين يَدَيْهِ مَا تكون تحيتها وَقَوْلها لَهُ قَالَ فعظمت على مسألتها وفكرت فِيهَا ثمَّ قلت تَقول اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام قَالَ فَلَمَّا توفيت رَأَيْتهَا فِي الْمَنَام فَقَالَت لي جَزَاك الله خيرا لقد دهشت فَمَا أَدْرِي مَا أقوله ثمَّ ذكرت تِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي قلت لي فقلتها
فصل الْمِائَة مَا قد اشْترك فِي الْعلم بِهِ عَامَّة أهل الأَرْض من لِقَاء
أَرْوَاح الْمَوْتَى وسؤالهم لَهُم وإخبارهم إيَّاهُم بِأُمُور خفيت عَلَيْهِم فرأوها عيَانًا وَهَذَا أَكثر من أَن يتَكَلَّف إِيرَاده
وأعجب من هَذَا الْوَجْه الْحَادِي وَالْمِائَة أَن روح النَّائِم يحصل لَهَا فِي الْمَنَام آثَار فَتُصْبِح يَرَاهَا على الْبدن عيَانًا وَهِي من تَأْثِير للروح فِي الرّوح كَمَا ذكر القيراوني فِي كتاب الْبُسْتَان
قَالَ كَانَ لي جَار يشْتم أَبَا بكر وَعمر رضي الله عنهما فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أَكثر من شتمهما فتناولته وتناولي فأنصرفت إِلَى منزلي وَأَنا مغموم حَزِين فَنمت وَتركت الْعشَاء فَرَأَيْت رَسُول الله فِي الْمَنَام فَقلت يَا رَسُول الله فلَان يسب أَصْحَابك قَالَ من أَصْحَابِي قلت أَبُو بكر وَعمر فَقَالَ خُذ هَذِه المدية فأذبحه بهَا فأخذتها فأضجعته وذبحته وَرَأَيْت كَأَن يَدي أَصَابَهَا من دَمه فألقيت المدية وأهويت بيَدي إِلَى الأَرْض لأمسحها فأنتبهت وَأَنا أسمع الصُّرَاخ من نَحْو دَاره فَقلت مَا هَذَا الصُّرَاخ قَالُوا فلَان مَاتَ فَجْأَة فَلَمَّا أصحنا جِئْت فَنَظَرت إِلَيْهِ فَإِذا خطّ مَوضِع الذّبْح
وَفِي كتاب المنامات لِابْنِ أبي الدُّنْيَا عَن شيخ من قُرَيْش قَالَ رَأَيْت رجلا بِالشَّام قد أسود نصف وَجهه وَهُوَ يغطيه فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ قد جعلت لله على أَن لَا يسألني أحد عَن ذَلِك إِلَّا أخْبرته بِهِ كنت شَدِيد الوقيعة فِي عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فَبينا أَنا ذَات لَيْلَة نَائِم إِذْ أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ لي أَنْت صَاحب الوقيعة فِي فَضرب شقّ وَجْهي فَأَصْبَحت وشق وَجْهي أسود كَمَا ترى
وَذكر مسْعدَة عَن هِشَام بن حسان عَن وَاصل مولى أبي عُيَيْنَة عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت كنت عِنْد عَائِشَة رضي الله عنها فأتتها امْرَأَة مُشْتَمِلَة على يَدهَا فَجعل النِّسَاء يولعن بهَا فَقَالَت مَا أَتَيْتُك إِلَّا من أجل يَدي أَن أبي كَانَ رجلا سَمحا وَأَنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام حياضا عَلَيْهَا رجال مَعَهم آنِية يسقون من أَتَاهُم فَرَأَيْت أبي قلت أَيْن أُمِّي فَقَالَ انظري فَنَظَرت فَإِذا أُمِّي لَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا قِطْعَة خرقَة فَقَالَ أَنَّهَا لم تَتَصَدَّق قطّ إِلَّا بِتِلْكَ الْخِرْقَة وحمة من بقرة ذبحوها فَتلك الشحمة تذاب وتطرى بهَا وَهِي تَقول وأعطشاه قَالَت فَأخذت إِنَاء من الْآنِية فسقيتها فنوديت من فَوقِي من سَقَاهَا أيبس الله يَده فَأَصْبَحت يَدي كَمَا تَرين
وَذكر الْحَارِث بن أَسد المحاسبي واصبغ وَخلف بن الْقَاسِم وَجَمَاعَة عَن سعيد بن مسلمة قَالَ بَيْنَمَا امْرَأَة عِنْد عَائِشَة إِذْ قَالَت بَايَعت رَسُول الله على أَن لَا أشرك بِاللَّه شَيْئا وَلَا أسرق وَلَا أزني وَلَا أقتل وَلَدي وَلَا آتِي بِبُهْتَان أفتريه من بَين يَدي ورجلي وَلَا أعصي فِي مَعْرُوف فوفيت لرَبي ووفا لي رَبِّي فوَاللَّه لَا يُعَذِّبنِي الله فَأَتَاهَا فِي الْمَنَام ملك فَقَالَ لَهَا كلا إِنَّك تتبرجين وزينتك تبدين وخيرك تكندين وجارك تؤذين وزوجك تعصين ثمَّ وضع أَصَابِعه الْخمس على وَجههَا وَقَالَ خمس بِخمْس وَلَو زِدْت زدناك فَأَصْبَحت وَأثر الْأَصَابِع فِي وَجههَا
وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم صَاحب مَالك سَمِعت مَالِكًا يَقُول إِن يَعْقُوب بن عبد الله بن الْأَشَج كَانَ من خِيَار هَذِه الْأمة نَام فِي الْيَوْم الَّذِي اسْتشْهد فِيهِ فَقَالَ لأَصْحَابه إِنِّي قد رَأَيْت أمرا ولأخبرنه أَنِّي رَأَيْت كَأَنِّي أدخلت الْجنَّة فسقيت لَبَنًا فأستبقاء فقاء اللَّبن وَاسْتشْهدَ بعد ذَلِك قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَكَانَ فِي غَزْوَة فِي الْبَحْر بِموضع لَا لبن فِيهِ وَقد سَمِعت غير مَالك يذكرهُ وَيذكر أَنه مَعْرُوف فَقَالَ أَنِّي رَأَيْت كَأَنِّي أَدخل الْجنَّة فسقيت فِيهَا لَبَنًا فَقَالَ لَهُ بعض الْقَوْم أَقْسَمت عَلَيْك لما تقيأت فقاء لَبَنًا يصلد أَي يَبْرق وَمَا فِي السَّفِينَة لبن وَلَا شَاة قَالَ ابْن قُتَيْبَة قَوْله يصلد أَي يَبْرق يُقَال صلد اللَّبن وَمِنْه يصلد وَمِنْه حَدِيث عمر أَن الطَّبِيب سقَاهُ لَبَنًا فَخرج من الطعنة أَبيض يصلد
وَكَانَ نَافِع القارىء إِذا تكلم يشم من فِيهِ رَائِحَة الْمسك فَقيل لَهُ كلما قعدت تتطيب فَقَالَ مَا أمس طيبا وَلَا أقربه وَلَكِن رَأَيْت النَّبِي فِي الْمَنَام وَهُوَ يقْرَأ فِي فمي فَمن ذَلِك الْوَقْت يشم من فِي هَذِه الرَّائِحَة
وَذكر مسْعدَة فِي كِتَابه فِي الرُّؤْيَا عَن ربيع بن الرقاشِي قَالَ أَتَانِي رجلَانِ فقعدا إِلَى فأغتابا رجلا فنهيتهما فَأَتَانِي أَحدهمَا بعد فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن زنجيا أَتَانِي بطبق عَلَيْهِ جنب خِنْزِير لم أر لَحْمًا قطّ اسمن مِنْهُ فَقَالَ لي كل فَقلت آكل لحم خِنْزِير فتهددني فَأكلت فَأَصْبَحت وَقد تغير فمي فَلم يزل يجد الرّيح فِي فَمه شَهْرَيْن
وَكَانَ الْعَلَاء بن زِيَاد لَهُ وَقت يقوم فِيهِ فَقَالَ لأَهله تِلْكَ اللَّيْلَة إِنِّي أجد فَتْرَة فَإِذا كَانَ وَقت كَذَا فأيقظوني فَلم يَفْعَلُوا قَالَ فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ قُم يَا عَلَاء بن زِيَاد اذكر الله يذكرك وَأخذ بشعرات فِي مقدم رَأْسِي فَقَامَتْ تِلْكَ الشعرات فِي مقدم رَأْسِي فَلم تزل قَائِمَة حَتَّى مَاتَ قَالَ يحيى بن بسطَام فَلَقَد غسلناه يَوْم مَاتَ وإنهن لقِيَام فِي رَأسه
وَذكر ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي حَاتِم الرَّازِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ كُنَّا بِمَكَّة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام قعُودا فَقَامَ رجل نصف وَجهه أسود وَنصفه أَبيض فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس اعتبروا بِي فَإِنِّي كنت أتناول الشَّيْخَيْنِ وأشتمهما فَبَيْنَمَا أَنا ذَات لَيْلَة نَائِم إِذْ أَتَانِي آتٍ فَرفع يَده فلطم وَجْهي وَقَالَ لي يَا عَدو الله يَا فَاسق أَلَسْت تسب أَبَا بكر وَعمر رضي الله عنهما فَأَصْبَحت وَأَنا على هَذِه الْحَالة
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله المهلبي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي فِي رحبة بني فلَان وَإِذا النَّبِي جَالس على أكمة وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَاقِف قدامه فَقَالَ لَهُ عمر
يَا رَسُول الله إِن هَذَا يَشْتمنِي ويشتم أَبَا بكر فَقَالَ جِيءَ بِهِ يَا أَبَا حَفْص فَأتى بِرَجُل فَإِذا هُوَ الْعمانِي وَكَانَ مَشْهُورا بسبهما فَقَالَ لَهُ النَّبِي أضجعه فأضجعه ثمَّ قَالَ اذبحه فذبحه قَالَ فَمَا نبهني إِلَّا صياحه فَقلت مَالِي لَا أخبرهُ عَسى أَن يَتُوب فَلَمَّا تقربت من منزله سَمِعت بكاء شَدِيدا فَقلت مَا هَذَا الْبكاء فَقَالُوا الْعمانِي ذبح البارحة على سَرِيره قَالَ فدنوت من عُنُقه فَإِذا من أُذُنه إِلَى أُذُنه طَريقَة حَمْرَاء كَالدَّمِ المحصور
وَقَالَ القيرواني أَخْبرنِي شيخ لنا من أهل الْفضل قَالَ أَخْبرنِي أَبُو الْحسن المطلبي أَمَام مَسْجِد النَّبِي قَالَ رَأَيْت بِالْمَدِينَةِ عجبا كَانَ رجل يسب أَبَا بكر وَعمر رضي الله عنهما فَبينا نَحن يَوْمًا من الْأَيَّام بعد صَلَاة الصُّبْح إِذْ أقبل رجل وَقد خرجت عَيناهُ وسالتا على خديه فَسَأَلْنَاهُ مَا قصتك فَقَالَ رَأَيْت البارحة رَسُول الله وعَلى بَين يَدَيْهِ وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا يَا رَسُول الله هَذَا الَّذِي يؤذينا ويسبنا فَقَالَ لي رَسُول الله من أَمرك بِهَذَا يَا أَبَا قيس فَقلت لَهُ على وأشرت عَلَيْهِ فَأقبل عَليّ بِوَجْهِهِ وَيَده وَقد ضم أَصَابِعه وَبسط السبابَة وَالْوُسْطَى وَقصد بهَا إِلَى عَيْني فَقلت إِن كنت كذبت ففقأ الله عَيْنَيْك وادخل أصبعيه فِي عَيْني فانتهت من نومي وَأَنا على هَذِه الْحَال فَكَانَ يبكي يخبر النَّاس وأعلن بِالتَّوْبَةِ
قَالَ القيرواني وَأَخْبرنِي شيخ من أهل الْفضل قَالَ أَخْبرنِي فَقِيه قَالَ كَانَ عندنَا رجل يكثر الصَّوْم ويسرده وَلكنه كَانَ يُؤَخر الْفطر فرأي فِي الْمَنَام كَأَن أسودين آخذين بضبعيه وثيابه إِلَى تنور محمى ليلقياه قَالَ فَقلت لَهما على مَاذَا فَقَالَا على خِلافك لسنة رَسُول الله فَإِنَّهُ أَمر بتعجيل الْفطر وَأَنت تؤخره قَالَ فأصح وَجهه قد اسود من وهج النَّار فَكَانَ يمشي متبرقعا فِي النَّاس
وأعجب من هَذَا الرجل يرى فِي الْمَنَام وَهُوَ شَدِيد الْعَطش والجوع والألم أَن غَيره قد سقَاهُ وأطعمه أَو داواه بدواء فيستيقظ وَقد زَالَ عَنهُ ذَلِك كُله وَقد رَأْي النَّاس من هَذَا عجائب
وَقد ذكر مَالك عَن أبي الرِّجَال عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَن جَارِيَة لَهَا سحرتها وَأَن سنديا دخل عَلَيْهَا وَهِي مَرِيضَة فَقَالَ إِنَّك سحرت قَالَت وَمن سحرني قَالَ جَارِيَة فِي حجرها صبي قد بَال عَلَيْهَا فدعَتْ جاريتها فَقَالَت حَتَّى أغسل بولا فِي ثوبي فَقَالَت لَهَا أسحرتني قَالَت نعم قَالَت وَمَا دعَاك إِلَى ذَلِك قَالَت أردْت تَعْجِيل الْعتْق فَأمرت أخاها أَن يَبِيعهَا من الْأَعْرَاب مِمَّن يسئ ملكهَا فَبَاعَهَا ثمَّ إِن عَائِشَة رَأَتْ فِي منامها أَن اغْتَسِلِي من ثَلَاثَة آبار يمد بَعْضهَا بَعْضًا فأستسقى لَهَا فأغتسلت فبرأت