المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة السادسة وهي أن الروح هل تعاد إلى الميت في قبره وقت السؤال أم - الروح - ابن القيم - ط العلمية

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى وَهِي هَل تعرف الْأَمْوَات زِيَارَة الْأَحْيَاء وسلامهم أم لَا قَالَ

- ‌فصل وَيدل على هَذَا أَيْضا مَا جرى عَلَيْهِ عمل النَّاس قَدِيما وَإِلَى الْآن

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وهى أَن ارواح الْمَوْتَى هَل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لَا

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة وهى هَل تتلاقي أَرْوَاح الْأَحْيَاء وأرواح الْأَمْوَات أم لَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة وَهِي أَن الرّوح هَل تَمُوت أم الْمَوْت للبدن وَحده اخْتلف

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَهِي أَن الْأَرْوَاح بعد مُفَارقَة الْأَبدَان إِذا تجردت بأى شَيْء

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَهِي أَن الرّوح هَل تُعَاد إِلَى الْمَيِّت فِي قَبره وَقت السُّؤَال أم

- ‌فصل فَإِذا عرفت هَذِه الْأَقْوَال الْبَاطِلَة فلتعلم أَن مَذْهَب سلف الْأمة وأئمتها

- ‌فصل وَنحن نثبت مَا ذَكرْنَاهُ فَأَما أَحَادِيث عَذَاب الْقَبْر ومساءلة مُنكر وَنَكِير

- ‌فصل وَهَذَا كَمَا انه مُقْتَضى السّنة الصَّحِيحَة فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ بَين أهل السّنة

- ‌فصل وَمِمَّا ينبغى أَن يعلم أَن عَذَاب الْقَبْر هُوَ عَذَاب البرزح فَكل من

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وهى قَول للسَّائِل مَا جَوَابنَا للملاحدة والزنادقة المنكرين

- ‌فصل الْأَمر الأول أَن يعلم أَن الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم لم يخبروا

- ‌فصل الْأَمر الثانى أَن يفهم عَن الرَّسُول مُرَاد من غير غلو وَلَا

- ‌الْفَصْل الْأَمر الرَّابِع أَن الله سُبْحَانَهُ جعل أَمر الْآخِرَة وَمَا كَانَ مُتَّصِلا بهَا

- ‌فصل الْأَمر الْخَامِس أَن النَّار الَّتِي فِي الْقَبْر والخضرة لَيست من نَار الدُّنْيَا

- ‌فصل الْأَمر السَّابِع أَن الله سبحانه وتعالى يحدث فِي هَذِه الدَّار مَا هُوَ أعجب

- ‌فصل الْأَمر الثَّامِن أَنه غير مُمْتَنع أَن ترد الرّوح إِلَى المصلوب والغريق

- ‌فصل الْأَمر التَّاسِع أَنه ينبغى أَن يعلم أَن عَذَاب الْقَبْر ونعيمه اسْم لعذاب

- ‌فصل الْأَمر الْعَاشِر أَن الْمَوْت معاد وَبعث أول فَإِن الله سبحانه وتعالى جعل

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَهِي قَول السَّائِل مَا الْحِكْمَة فَيكون عَذَاب الْقَبْر لم يذكر

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَهِي قَول السَّائِل مَا الْأَسْبَاب الَّتِي يعذب بهَا أَصْحَاب الْقُبُور

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة الْأَسْبَاب المنجية من عَذَاب الْقَبْر جوابها أَيْضا من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشر

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة وهى أَن سُؤال مُنكر وَنَكِير هَل هُوَ مُخْتَصّ بِهَذِهِ الْأمة أَو

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة وَهِي أَن الْأَطْفَال هَل يمْتَحنُونَ فِي قُبُورهم اخْتلف

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة وَهِي قَوْله عَذَاب الْقَبْر دَائِم أم مُنْقَطع جوابها أَنه

- ‌فصل وَأما قَول مُجَاهِد لَيْسَ هِيَ فِي الْجنَّة وَلَكِن يَأْكُلُون من ثمارها ويجدون

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ الْأَرْوَاح على أفنية قبورها فان أَرَادَ أَن هَذَا

- ‌فصل وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يعلم أَن مَا ذكرنَا من شَأْن الرّوح يخْتَلف بِحَسب

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ عِنْد الله تَعَالَى وَلم يزدْ على

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية وأرواح الْكفَّار

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِنَّهَا تَجْتَمِع فِي الأَرْض الَّتِي قَالَ الله فِيهَا

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي عليين فِي السَّمَاء السَّابِعَة

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تَجْتَمِع ببئر زَمْزَم فَلَا دَلِيل

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي برزخ من الأَرْض تذْهب

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ عَن يَمِين آدم وأرواح الْكفَّار

- ‌فصل وَأما قَول أَبى مُحَمَّد بن حزم أَن مستقرها حَيْثُ كَانَت قبل خلق

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ مستقرها الْعَدَم الْمَحْض فَهَذَا قَول من قَالَ إِنَّهَا

- ‌فصل وَأما قَول من قَالَ إِن مستقرها بعد الْمَوْت أبدان أخر غير هَذِه

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌فصل وَالدَّلِيل على انتفاعه بِغَيْر مَا تسبب فِيهِ الْقُرْآن وَالسّنة وَالْإِجْمَاع

- ‌فصل وَأما وُصُول ثَوَاب الصَّدَقَة فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا أَن

- ‌فصل وَأما وُصُول ثَوَاب الصَّوْم فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا أَن

- ‌فصل وَأما وُصُول ثَوَاب الْحَج فَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضى الله

- ‌فصل وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى

- ‌فصل وَأما استدلالكم بقوله إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله فاستدلال سَاقِط

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم الإهداء حِوَالَة وَالْحوالَة إِنَّمَا تكون بِحَق لَازم فَهَذِهِ حِوَالَة

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم الإيثار بِسَبَب الثَّوَاب مَكْرُوه وَهُوَ مسالة الإيثار بِالْقربِ

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ الإهداء إِلَى الْمَيِّت لساغ إِلَى الْحَيّ فَجَوَابه من وَجْهَيْن

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ إهداء نصف الثَّوَاب وربعه إِلَى الْمَيِّت فَالْجَوَاب من

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ ذَلِك لساغ إهداؤه بعد أَن يعمله لنَفسِهِ وَقد

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ الإهداء لساغ إهداء ثَوَاب الْوَاجِبَات الَّتِي تجب على

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم إِن التكاليف امتحان وابتلاء لَا تقبل الْبَدَل إِذْ الْمَقْصُود

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم انه لَو نَفعه عمل غَيره لنفعه تَوْبَته عَنهُ وإسلامه عَنهُ

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم الْعِبَادَات نَوْعَانِ نوع تدخله النِّيَابَة فيصل ثَوَاب إهدائه

- ‌فصل وَأما رد حَدِيث رَسُول الله وَهُوَ قَوْله من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام

- ‌فصل أما قَوْلكُم ابْن عَبَّاس هُوَ رَاوِي حَدِيث الصَّوْم عَن الْمَيِّت وَقد قَالَ

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم انه حَدِيث اخْتلف فِي إِسْنَاده فَكَلَام مجازف لَا يقبل قَوْله

- ‌فصل وَأما كَلَام الشَّافِعِي رحمه الله فِي تغليط رَاوِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رضى

- ‌فصل وَنحن نذْكر أَقْوَال أهل الْعلم فِي الصَّوْم عَن الْمَيِّت لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن

- ‌فصل وَأما قَوْلكُم أَنه يصل إِلَيْهِ فِي الْحَج ثَوَاب النَّفَقَة دون أَفعَال الْمَنَاسِك

- ‌فصل فَإِن قيل فَهَل تشترطون فِي وُصُول الثَّوَاب ان يهديه بِلَفْظِهِ أم يَكْفِي

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌فصل وَالَّذِي يدل على خلقهَا وُجُوه الْوَجْه الأول قَول الله تَعَالَى

- ‌فصل وَأما مَا احتجت بِهِ هَذِه الطَّائِفَة فَأَما مَا أَتَوا بِهِ من اتِّبَاع

- ‌فصل وَأما استدلالهم بإضافتها إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بقوله تَعَالَى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌فصل وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا رَوَاهُ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن

- ‌فصل وَنَازع هَؤُلَاءِ غَيرهم فِي كَون هَذَا معنى الْآيَة وَقَالُوا معنى قَوْله

- ‌فصل فَهَذَا بعض كَلَام السّلف وَالْخلف فِي هَذِه الْآيَة وعَلى كل تَقْدِير فَلَا

- ‌فصل وَأما الدَّلِيل على أَن خلق الْأَرْوَاح مُتَأَخّر عَن خلق أبدانها فَمن وُجُوه

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌فصل الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ حَدِيث أبي مُوسَى تخرج نفس الْمُؤمن أطيب من ريح الْمسك

- ‌فصل الرَّابِع وَالسِّتُّونَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة إِذا خرجت روح الْمُؤمن تَلقاهُ ملكان

- ‌فصل الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن الْمُؤمن تحضره

- ‌فصل الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ قَوْله الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف

- ‌فصل الْمِائَة مَا قد اشْترك فِي الْعلم بِهِ عَامَّة أهل الأَرْض من لِقَاء

- ‌فصل الْوَجْه الثَّانِي بعد الْمِائَة قَوْله تَعَالَى

- ‌فصل الْوَجْه الثَّالِث بعد الْمِائَة قَول النَّبِي يَا بِلَال مَا دخلت الْجنَّة

- ‌فصل فَإِن قيل قد ذكرْتُمْ الْأَدِلَّة الدَّالَّة على جسميتها وتحيزها فَمَا جوابكم

- ‌فصل فَأَما قَوْلهم أَن الْعُقَلَاء متفقون على قَوْلهم الرّوح والجسم وَالنَّفس

- ‌فصل وَأما الشُّبْهَة الثَّانِيَة فَهِيَ أقوى شبههم الَّتِي بهَا يصلونَ وَعَلَيْهَا يعولون

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْوَجْه الثَّالِث أَن الصُّور الْعَقْلِيَّة الْكُلية مُجَرّدَة وتجردها

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الرَّابِع أَن الْعَقْلِيَّة تقوى على أَفعاله غير متناهية وَلَا شَيْء

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْخَامِس لَو كَانَت الْقُوَّة الْعَاقِلَة حَالَة فِي آلَة جسمانية لوَجَبَ

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّادِس ان كل أحد يدْرك نَفسه والإدراك عبارَة عَن حُصُول

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّابِع الْوَاحِد منا يتخيل بحرا من زئبق وجبلا من ياقوت

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّامِن لَو كَانَت الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة جسدانية لضعفت فِي زمن

- ‌فصل قَوْلكُم فِي التَّاسِع أَن الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة غنية فِي أفعالها عَن الْجِسْم وَمَا

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْعَاشِر أَن الْقُوَّة الجسمانية تكل بِكَثْرَة الْأَفْعَال وَلَا تقوى

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْحَادِي عشر إِنَّا إِذا حكمنَا بِأَن السوَاد مضاد للبياض وَجب

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّانِي عشر أَنه لَو كَانَ مَحل الإدراكات جسما وكل جسم

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّالِث عشر أَن الْمَادَّة الجسمانية إِذا حصلت فِيهَا نقوش

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الرَّابِع عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لَكَانَ بَين تَحْرِيك المحرك

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْخَامِس عشر لَو كَانَت جسما لكَانَتْ منقسمة ولصح عَلَيْهَا أَن

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّادِس عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لوَجَبَ ثقل الْبدن بِدُخُولِهَا

- ‌فصل قَوْلكُم فِي السَّابِع عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لكَانَتْ على صِفَات سَائِر

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّامِن عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لوَجَبَ أَن تقع تَحت

- ‌فصل قَوْلكُم فِي التَّاسِع عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لكَانَتْ ذَات طول وَعرض

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْوَجْه الْعشْرين أَن خَاصَّة الْجِسْم أَن يقبل التجزيء وَأَن الْجُزْء

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الْوَجْه الْحَادِي وَالْعِشْرين أَن الْجِسْم يحْتَاج فِي قوامه وبقائه

- ‌فصل قَوْلكُم فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين لَو كَانَت جسما لَكَانَ اتصالها بِالْبدنِ إِن

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ وَهِي هَل النَّفس وَالروح شَيْء وَاحِد أَو شَيْئَانِ متغايران

- ‌فصل وَقَالَت فرقة أُخْرَى من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه والتصوف الرّوح غير النَّفس

- ‌الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ وَهِي هَل النَّفس وَاحِدَة أم ثَلَاث فقد وَقع فِي

- ‌فصل والطمأنينة إِلَى أَسمَاء الرب تَعَالَى وَصِفَاته نَوْعَانِ طمأنينة إِلَى

- ‌فصل وَهَا هُنَا سر لطيف يجب التَّنْبِيه عَلَيْهِ والتنبه لَهُ والتوفيق لَهُ بيد

- ‌فصل فَإِذا اطمأنت من الشَّك إِلَى الْيَقِين وَمن الْجَهْل إِلَى الْعلم وَمن الْغَفْلَة

- ‌فصل ثمَّ يلحظ فِي ضوء تِلْكَ البارقة مَا تَقْتَضِيه يقظته من سنة غفلته

- ‌فصل وَأما النَّفس اللوامة وَهِي الَّتِي أقسم بهَا سُبْحَانَهُ فِي قَوْله

- ‌فصل وَأما النَّفس الأمارة فَهِيَ المذمومة فَإِنَّهَا الَّتِي تَأمر بِكُل سوء وَهَذَا من

- ‌فصل فَالنَّفْس المطمئنة وَالْملك وجنده من الْإِيمَان يقتضيان من النَّفس

- ‌فصل وَقد انتصبت الأمارة فِي مُقَابلَة المطمئنة فَكلما جَاءَت بِهِ تِلْكَ من خير

- ‌فصل وتربة صُورَة الْإِخْلَاص فِي صُورَة ينفر مِنْهَا وَهِي الْخُرُوج عَن حكم الْعقل

- ‌فصل وتربة صُورَة للصدق مَعَ الله وَجِهَاد من خرج عَن دينه وَأمره فِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين خشوع الْإِيمَان وخشوع النِّفَاق أَن خشوع الْإِيمَان هُوَ خشوع

- ‌فصل وَأما شرف النَّفس فَهُوَ صيانتها عَن الدنايا والرذائل والمطامع الَّتِي

- ‌فصل وَكَذَلِكَ الْفرق بَين الحمية والجفاء فالحمية فطام النَّفس عَن رضَاع اللوم

- ‌فصل وَالْفرق بَين التَّوَاضُع والمهانة أَن التَّوَاضُع يتَوَلَّد من بَين الْعلم بِاللَّه

- ‌فصل وَكَذَلِكَ الْقُوَّة فِي أَمر الله هِيَ من تَعْظِيمه وتعظيم أوامره وحقوقه حَتَّى

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْجُود والسرف أَن الْجواد حَكِيم يضع الْعَطاء موَاضعه

- ‌فصل وَالْفرق بَين المهابة وَالْكبر أَن المهابة أثر من آثَار امتلاء الْقلب

- ‌فصل وَالْفرق بَين الصيانة والتكبر أَن الصائن لنَفسِهِ بِمَنْزِلَة رجل قد لبس

- ‌فصل وَالْفرق بَين الشجَاعَة والجرأة أَن الشجَاعَة من الْقلب وَهِي ثباته

- ‌فصل وَأما الْفرق بَين الحزم والجبن فالحازم هُوَ الَّذِي قد جمع عَلَيْهِ همه

- ‌فصل وَأما الْفرق بَين الاقتصاد وَالشح أَن الاقتصاد خلق مَحْمُود يتَوَلَّد من

- ‌فصل وَالْفرق بَين الِاحْتِرَاز وَسُوء الظَّن أَن المحترز بِمَنْزِلَة رجل قد خرج

- ‌فصل وَالْفرق بَين الفراسة وَالظَّن أَن الظَّن يخطىء ويصيب وَهُوَ يكون مَعَ ظلمَة

- ‌فصل وَالْفرق بَين النَّصِيحَة والغيبة أَن النَّصِيحَة يكون الْقَصْد فِيهَا تحذير

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْهَدِيَّة والرشوة وَإِن اشتبها فِي الصُّورَة الْقَصْد فَإِن الراشي

- ‌فصل وَالْفرق بَين الصَّبْر وَالْقَسْوَة أَن الصَّبْر خلق كسبى يتخلق بِهِ العَبْد وَهُوَ

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْعَفو والذل أَن الْعَفو إِسْقَاط حَقك جودا وكرما وإحسانا مَعَ

- ‌فصل وَالْفرق بَين سَلامَة الْقلب والبله والتغفل أَن سَلامَة الْقلب تكون من

- ‌فصل وَالْفرق بَين الثِّقَة والغرة أَن الثِّقَة سُكُون يسْتَند إِلَى أَدِلَّة وإمارات

- ‌فصل وَالْفرق بَين الرَّجَاء وَالتَّمَنِّي أَن الرَّجَاء يكون مَعَ بذل الْجهد واستفراغ

- ‌فصل وَالْفرق بَين التحدث بنعم الله وَالْفَخْر بهَا أَن المتحدث بِالنعْمَةِ مخبر

- ‌فصل وَالْفرق بَين فَرح الْقلب وَفَرح النَّفس ظَاهر فَإِن الْفَرح بِاللَّه ومعرفته

- ‌فصل وَهَا هُنَا فرحة أعظم من هَذَا كُله وَهِي فرحته عِنْد مُفَارقَته الدُّنْيَا

- ‌فصل وَالْفرق بَين رقة الْقلب والجزع أَن الْجزع ضعف فِي النَّفس وَخَوف فِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين الموجدة والحقد أَن الوجد الإحساس بالمؤلم وَالْعلم بِهِ

- ‌فصل وَالْفرق بَين المنافسة والحسد أَن المنافسة الْمُبَادرَة إِلَى الْكَمَال الَّذِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين حب الرياسة وَحب الْإِمَارَة للدعوة إِلَى الله هُوَ الْفرق بَين

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْحبّ فِي الله وَالْحب مَعَ الله وَهَذَا من أهم الفروق

- ‌فصل وَالْفرق بَين التَّوَكُّل وَالْعجز أَن التَّوَكُّل عمل الْقلب وعبوديته اعْتِمَادًا

- ‌فصل وَالْفرق بَين الِاحْتِيَاط والوسوسة ان الِاحْتِيَاط الِاسْتِقْصَاء وَالْمُبَالغَة فِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين إلهام الْملك وإلقاء الشَّيْطَان من وُجُوه مِنْهَا أَن مَا كَانَ

- ‌فصل وَالْفرق بَين الاقتصاد وَالتَّقْصِير أَن الاقتصاد هُوَ التَّوَسُّط بَين طرفِي

- ‌فصل وَالْفرق بَين النَّصِيحَة والتأنيب أَن النَّصِيحَة إِحْسَان إِلَى من تنصحه بِصُورَة

- ‌فصل وَالْفرق بَين بالمبادرة والعجلة أَن الْمُبَادرَة انتهاز الفرصة فِي وَقتهَا

- ‌فصل وَالْفرق بَين الْأَخْبَار بِالْحَال وَبَين الشكوى وَإِن اشتبهت صورتهما ان

- ‌فصل وَهَذَا بَاب من الفروق مطول وَلَعَلَّ إِن ساعد الْقدر أَن نفرد فِيهِ

- ‌فصل وَنحن نختم الْكتاب بِإِشَارَة لَطِيفَة إِلَى الفروق بَين هَذِه الْأُمُور إِذْ كل

- ‌فصل وَالْفرق بَين تَنْزِيه الرُّسُل وتنزيه المعطلة أَن الرُّسُل نزهوه سُبْحَانَهُ عَن

- ‌فصل الْفرق بَين إِثْبَات حقائق الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَبَين التَّشْبِيه والتمثيل يما

- ‌فصل وَالْفرق بَين تَجْرِيد التَّوْحِيد وَبَين هضم أَرْبَاب الْمَرَاتِب أَن تَجْرِيد

- ‌فصل وَالْفرق بَين تَجْرِيد مُتَابعَة الْمَعْصُوم وإهدار أَقْوَال الْعلمَاء وإلغائها

- ‌فصل وَالْفرق بَين أَوْلِيَاء الرَّحْمَن وأولياء الشَّيْطَان أَن أَوْلِيَاء الرَّحْمَن

- ‌فصل وَبِهَذَا يعلم الْفرق بَين الْحَال الإيماني وَالْحَال الشيطاني فَإِن الْحَال

- ‌فصل وَالْفرق بَين الحكم الْمنزل الْوَاجِب الِاتِّبَاع وَالْحكم المؤول الَّذِي غَايَته

الفصل: ‌المسألة السادسة وهي أن الروح هل تعاد إلى الميت في قبره وقت السؤال أم

‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة وَهِي أَن الرّوح هَل تُعَاد إِلَى الْمَيِّت فِي قَبره وَقت السُّؤَال أم

لَا

فقد كفانا رَسُول الله أَمر هَذِه المسالة وأغنانا عَن أَقْوَال النَّاس حَيْثُ صرح باعادة الرّوح إِلَيْهِ فَقَالَ الْبَراء بن عَازِب كُنَّا فِي جنازه فِي بَقِيع الْغَرْقَد فَأَتَانَا النَّبِي وَسلم فَقعدَ وقعدنا حوله كَأَن على رءوسنا الطير وَهُوَ يلْحد لَهُ فَقَالَ أعوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ ان العَبْد إِذا كَانَ فِي اقبال من الْآخِرَة وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا نزلت إِلَيْهِ مَلَائِكَة كَأَن وُجُوههم الشَّمْس فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول أيتها النَّفس الطّيبَة أخرجى إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان قَالَ فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من فِي السقاء فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يأخذوها فيجعلوها فِي ذَلِك الْكَفَن وَذَلِكَ الحنوط وَيخرج مِنْهَا كأطيب نفحة مسك وجدت على وَجه الأَرْض قَالَ فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ بهَا يعْنى على مَلأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرّوح الطّيب فَيَقُولُونَ فلَان ابْن فلَان بِأَحْسَن أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يسمونه فِي الدُّنْيَا حَتَّى ينْتَهوا بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتحون لَهُ فَيفتح لَهُ فيشيعه من كل سَمَاء مقربوها إِلَى السَّمَاء الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَنْتَهِي بهَا إِلَى السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الله تَعَالَى فَيَقُول الله عز وجل اكتبوا كتاب عَبدِي فِي عليين وأعيدوه إِلَى الأَرْض فإنى مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمنا أخرجهم تَارَة أُخْرَى قَالَ فتعاد روحه فِي جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول رَبِّي الله فَيَقُولُونَ لَهُ مَا دينك فَيَقُول دينى الْإِسْلَام فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول هُوَ رَسُول الله فَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا علمك بِهَذَا فَيَقُول قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدقت فينادى مُنَاد من السَّمَاء أَن صدق عبدى فأفرشوه من الْجنَّة وافتحوا لَهُ بَابا من الْجنَّة قَالَ فيأتيه من رِيحهَا وطيبها ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره قَالَ ويأتيه رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرّيح فَيَقُول أبشر بِالَّذِي يَسُرك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول لَهُ من أَنْت فوجهك الْوَجْه الَّذِي يَجِيء بِالْخَيرِ فَيَقُول أَنا عَمَلك الصَّالح فَيَقُول رب أقِم السَّاعَة حَتَّى أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي قَالَ وَإِن العَبْد الْكَافِر إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا واقبال من الْآخِرَة نزل إِلَيْهِ من السَّمَاء مَلَائِكَة سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول أيتها النَّفس الخبيثة اخْرُجِي إِلَى سخط من الله وَغَضب قَالَ فتتفرق فِي جسده فينتزعها كَمَا ينتزع السفود من الصُّوف المبلول فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يجعلوها فِي تِلْكَ المسوح وَيخرج مِنْهَا كأنتن ريح جيفة

ص: 41

وجدت على وَجه الارض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ بهَا على مَلأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرّيح الْخَبيث فَيَقُولُونَ فلَان ابْن فلَان بأقبح أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسمى بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهِي بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتح لَهُ فَلَا يفتح ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} فَيَقُول الله عز وجل اكتبوا كِتَابَة فِي سِجِّين فِي الأَرْض السُّفْلى فتطرح روحه طرحا ثمَّ قَرَأَ {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول هاه هاه لَا أدرى فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرجل الذى بعث فِيكُم فَيَقُول هاه هاه لَا أدرى فينادى مُنَاد من السَّمَاء ان كذب عَبدِي فأفرشوه من النَّار وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فيأتيه من حرهَا وسمومها ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول أبشر بِالَّذِي يسوءك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول من أَنْت فوجهك الْوَجْه الَّذِي يَجِيء بِالشَّرِّ فَيَقُول أَنا عَمَلك الْخَبيث فَيَقُول رب لَا تقم السَّاعَة رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَوله وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة الأسفرائينى فِي صَحِيحه

وَذهب إِلَى القَوْل بِمُوجب هَذَا الحَدِيث جَمِيع أهل السّنة والْحَدِيث من سَائِر الطوائف

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي كتاب الْملَل والنحل لَهُ وَأما من ظن أَن الْمَيِّت يحيا فِي قَبره قبل يَوْم الْقِيَامَة فخطأ ان الْآيَات الَّتِي ذَكرنَاهَا تمنع من ذَلِك يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {قَالُوا رَبنَا أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} وَقَوله تَعَالَى {كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ} قَالَ وَلَو كَانَ الْمَيِّت يحيا فِي قَبره لَكَانَ تَعَالَى قد أماتنا ثَلَاثًا وَأَحْيَانا ثَلَاثًا وَهَذَا بَاطِل وَخلاف الْقُرْآن إِلَّا من أَحْيَاهُ الله تَعَالَى آيَة لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت فَقَالَ لَهُم الله موتوا ثمَّ أحياهم وَالَّذِي مر على قَرْيَة وَهِي خاوية على عروشها وَمن خصّه نَص وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} فصح بِنَصّ الْقُرْآن أَن أَرْوَاح سَائِر من ذكرنَا لَا ترجع إِلَى جسده إِلَّا الْأَجَل الْمُسَمّى وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَكَذَلِكَ أخبر رَسُول الله أَنه رأى الْأَرْوَاح لَيْلَة أسرى بِهِ عِنْد سَمَاء الدُّنْيَا من عَن يَمِين آدم أَرْوَاح أهل السَّعَادَة وَعَن شِمَاله أَرْوَاح أهل الشقاوة وَأخْبر يَوْم بدر إِذْ خَاطب الْمَوْتَى أَنهم قد سمعُوا قَوْله قبل أَن تكون لَهُم قُبُور وَلم يُنكر على الصَّحَابَة قَوْلهم قد جيفوا وَاعْلَم أَنهم سامعون قَوْله مَعَ ذَلِك فصح أَن الْخطاب وَالسَّمَاع لأرواحهم فَقَط بِلَا شكّ وَأما الْجَسَد فَلَا حس لَهُ وَقد قَالَ تَعَالَى {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور}

ص: 42

فنفي السّمع عَمَّن فِي الْقُبُور وَهِي الاجساد بِلَا شكّ وَلَا يشك مُسلم أَن الَّذِي نفي الله عز وجل عَنهُ السّمع هُوَ غير الَّذِي أثبت لَهُ رَسُول الله قَالَ وَلم يَأْتِ قطّ عَن رَسُول الله فِي خبر صَحِيح أَن أَرْوَاح الْمَوْتَى ترد إِلَى أَجْسَادهم عِنْد المساءلة وَلَو صَحَّ ذَلِك عَنهُ لقلنا بِهِ قَالَ وَإِنَّمَا تفرد بِهَذِهِ الزِّيَادَة من رد الْأَرْوَاح فِي الْقُبُور إِلَى الأجساد الْمنْهَال بن عَمْرو وَحده وَلَيْسَ بالقوى تَركه شُعْبَة وَغَيره وَقَالَ فِيهِ الْمُغيرَة بن مقسم الضبى وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة مَا جَازَت للمنهال بن عَمْرو قطّ شَهَادَة فِي الْإِسْلَام على مَا قد نقل وَسَائِر الْأَخْبَار الثَّابِتَة على خلاف ذَلِك

قَالَ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا هُوَ الَّذِي صَحَّ أَيْضا عَن الصَّحَابَة

ثمَّ ذكر من طَرِيق بن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور بن صَفِيَّة عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت دخل ابْن عمر الْمَسْجِد فأبصر ابْن الزبير مطروحا قبل أَن يقبر فَقيل لَهُ هَذِه أَسمَاء بنت أَبى بكر الصّديق فَمَال ابْن عمر إِلَيْهَا فعزاها وَقَالَ ان هَذِه الجثث لَيست بِشَيْء وان الْأَرْوَاح عِنْد الله فَقَالَت أمه وَمَا يمنعنى وَقد أهْدى رَأس يحيى بن زَكَرِيَّا إِلَى بغى من بَغَايَا بنى اسرائيل

قلت مَا ذكره أَبُو مُحَمَّد فِيهِ حق وباطل أما قَوْله من ظن أَن الْمَيِّت يحيا فِي قَبره فخطأ فَهَذَا فِيهِ إِجْمَال أَن أَرَادَ بِهِ الْحَيَاة الْمَعْهُودَة فِي الدُّنْيَا الَّتِي تقوم فِيهَا الرّوح بِالْبدنِ وتدبره وتصرفه وتحتاج مَعهَا إِلَى الطَّعَام وَالشرَاب واللباس فَهَذَا خطأ كَمَا قَالَ والحس وَالْعقل يكذبهُ كَمَا يكذبهُ النَّص

وَإِن أَرَادَ بِهِ حَيَاة أُخْرَى غير هَذِه الْحَيَاة بل تُعَاد إِلَيْهِ إِعَادَة غير الْإِعَادَة المألوفة فِي الدُّنْيَا ليسأل ويمتحن فِي قَبره فَهَذَا حق ونفيه خطأ وَقد دلّ عَلَيْهِ النَّص الصَّحِيح الصَّرِيح وَهُوَ قَوْله فتعاد روحه فِي جسده وَسَنذكر الْجَواب عَن تَضْعِيفه للْحَدِيث إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَأما استدلاله بقوله تَعَالَى {قَالُوا رَبنَا أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} فَلَا يَنْفِي ثُبُوت هَذِه الْإِعَادَة الْعَارِضَة للروح فِي الْجَسَد كَمَا أَن قَتِيل بني إِسْرَائِيل الَّذِي أَحْيَاهُ الله بعد قَتله ثمَّ أَمَاتَهُ لم تكن تِلْكَ الْحَيَاة الْعَارِضَة لَهُ للمساءلة معتدا بهَا فَإِنَّهُ يحيى لَحْظَة بِحَيْثُ قَالَ فلَان قتلنى ثمَّ خر مَيتا على أَن قَوْله ثمَّ تُعَاد روحه فِي جسده لَا يدل على حَيَاة مُسْتَقِرَّة وَإِنَّمَا يدل على إِعَادَة لَهَا إِلَى الْبدن وَتعلق بِهِ وَالروح لم تزل مُتَعَلقَة ببدنها وَإِن بلَى وتمزق

وسر ذَلِك أَن الرّوح لَهَا بِالْبدنِ خَمْسَة أَنْوَاع من التَّعَلُّق مُتَغَايِرَة الْأَحْكَام

أَحدهَا تعلقهَا بِهِ فِي بطن الْأُم جَنِينا

الثَّانِي تعلقهَا بِهِ بعد خُرُوجه إِلَى وَجه الأَرْض

ص: 43

الثَّالِث تعلقهَا بِهِ فِي حَال النّوم فلهَا بِهِ تعلق من وَجه ومفارقة من وَجه

الرَّابِع تعلقهَا بِهِ فِي البرزخ فَإِنَّهَا وَإِن فارقته وتجردت عَنهُ فَإِنَّهَا لم تُفَارِقهُ فراقا كليا بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهَا الْتِفَات إِلَيْهِ الْبَتَّةَ وَقد ذكرنَا فِي أول الْجَواب من الْأَحَادِيث والْآثَار مَا يدل على ردهَا إِلَيْهِ وَقت سَلام الْمُسلم وَهَذَا الرَّد إِعَادَة خَاصَّة لَا يُوجب حَيَاة الْبدن قبل يَوْم الْقِيَامَة

الْخَامِس تعلقهَا بِهِ يَوْم بعث الأجساد وَهُوَ أكمل أَنْوَاع تعلقهَا بِالْبدنِ وَلَا نِسْبَة لما قبله من أَنْوَاع التَّعَلُّق إِلَيْهِ إِذْ تعلق لَا يقبل الْبدن مَعَه موتا وَلَا نوما وَلَا فَسَادًا

وَأما قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} فإمساكه سُبْحَانَهُ الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت لَا يُنَافِي ردهَا إِلَى جَسدهَا الْمَيِّت فِي وَقت مَا ردا عارضا لَا يُوجب لَهُ الْحَيَاة الْمَعْهُودَة فِي الدُّنْيَا

وَإِذا كَانَ النَّائِم روحه فِي جسده وَهُوَ حَيّ وحياته غير حَيَاة المستيقظ فَإِن النّوم شَقِيق الْمَوْت فَهَكَذَا الْمَيِّت إِذا أُعِيدَت روحه إِلَى جسده كَانَت لَهُ حَال متوسطة بَين الْحَيّ وَبَين الْمَيِّت الَّذِي لم ترد روحه إِلَى بدنه كَحال النَّائِم المتوسطة بَين الْحَيّ وَالْمَيِّت فَتَأمل هَذَا يزيح عَنْك إشكالات كَثِيرَة

وَأما أَخْبَار النَّبِي عَن رُؤْيَة الْأَنْبِيَاء لَيْلَة أسرى بِهِ فقد زعم بعض أهل الحَدِيث أَن الَّذِي رَآهُ أشباحهم وأرواحهم قَالَ فَإِنَّهُم أَحيَاء عِنْد رَبهم وَقد رأى إِبْرَاهِيم مُسْندًا ظَهره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور مُوسَى قَائِما فِي قَبره يصلى وَقد نعت الْأَنْبِيَاء لما رَآهُمْ نعت الأشباح فَرَأى مُوسَى آدما ضربا طوَالًا كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة وَرَأى عِيسَى يقطر رَأسه كَأَنَّمَا أخرج من ديماس وَرَأى إِبْرَاهِيم فشبهه بِنَفسِهِ

ونازعهم فِي ذَلِك آخَرُونَ وَقَالُوا هَذِه الرُّؤْيَة إِنَّمَا هِيَ لأرواحهم دون أَجْسَادهم والأجساد فِي الأَرْض قطعا إِنَّمَا تبْعَث يَوْم بعث الأجساد وَلم تبْعَث قبل ذَلِك إِذْ لَو بعثت قبل ذَلِك لكَانَتْ قد انشقت عَنْهَا الأَرْض قبل يَوْم الْقِيَامَة كَانَت تذوق الْمَوْت عِنْد نفخة الصُّور وَهَذِه موتَة ثَالِثَة وَهَذَا بَاطِل قطعا وَلَو كَانَت قد بعثت الأجساد من الْقُبُور لم يعدهم الله إِلَيْهَا بل كَانَت فِي الْجنَّة وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَن الله حرم الْجنَّة على الْأَنْبِيَاء حَتَّى يدخلهَا هُوَ وَهُوَ أول من يستفتح بَاب الْجنَّة وَهُوَ أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض على الْإِطْلَاق لم تَنْشَق عَن أحد قبله

وَمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ أَن جسده فِي الأَرْض طرى مَطَرا وَقد سَأَلَهُ الصَّحَابَة كَيفَ تعرض صَلَاتنَا عَلَيْك وَقد أرمت فَقَالَ إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء

ص: 44

وَلَو لم يكن جسده فِي ضريحه لما أجَاب بِهَذَا الْجَواب

وَقد صَحَّ عَنهُ أَن الله وكل بقبره مَلَائِكَة يبلغونه عَن أمته السَّلَام

وَصَحَّ عَنهُ أَنه خرج بَين أبي بكر وَعمر وَقَالَ هَكَذَا نبعث

هَذَا مَعَ الْقطع بِأَن روحه الْكَرِيمَة فِي الرفيق الْأَعْلَى فِي أَعلَى عليين مَعَ أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء

وَقد صَحَّ عَنهُ أَنه رأى مُوسَى قَائِما يصلى فِي قَبره لَيْلَة الاسراء وَرَآهُ فِي السَّمَاء السَّادِسَة أَو السَّابِعَة فالروح كَانَت هُنَاكَ وَلها اتِّصَال بِالْبدنِ فِي الْقَبْر وإشراف عَلَيْهِ وَتعلق بِهِ بِحَيْثُ يصلى فِي قَبره وَيرد سَلام من سلم عَلَيْهِ وَهِي فِي الرفيق الْأَعْلَى

وَلَا تنَافِي بَين الْأَمريْنِ فَإِن شَأْن الْأَرْوَاح غير شَأْن الْأَبدَان وَأَنت تَجِد الروحين المتماثلتين المتناسبتين فِي غَايَة التجاور والقرب وان كَانَ بَينهمَا بعد المشرقين وتجد الروحين المتنافرتين المتاغضتين بَينهمَا غَايَة الْبعد وَإِن كَانَ جسداهما متجاورين متلاصقين

وَلَيْسَ نزُول الرّوح وصعودها وقربها وَبعدهَا من جنس مَا للبدن فَإِنَّهَا تصعد إِلَى مَا فَوق السَّمَوَات ثمَّ تهبط إِلَى الأَرْض مَا بَين قبضهَا وَوضع الْمَيِّت فِي قَبره وَهُوَ زمن يسير لَا يصعد الْبدن وَينزل فِي مثله وَكَذَلِكَ صعودها وعودها إِلَى الْبدن فِي النّوم واليقظة وَقد مثلهَا بَعضهم بالشمس وشعاعها فَإِنَّهَا فِي السَّمَاء وشعاعها فِي الأَرْض قَالَ شَيخنَا وَلَيْسَ هَذَا مثلا مطابقا فَإِن نفس الشَّمْس لَا تنزل من السَّمَاء والشعاع الَّذِي على الأَرْض لَيْسَ هُوَ الشَّمْس وَلَا صفتهَا بل هُوَ عرض حصل بِسَبَب الشَّمْس والجرم الْمُقَابل لَهَا وَالروح نَفسهَا تصعد وتنزل وَأما قَول الصَّحَابَة للنَّبِي فِي قَتْلَى بدر كَيفَ تخاطب أَقْوَامًا قد جيفوا مَعَ أخباره بسماعهم كَلَامه فَلَا يَنْفِي ذَلِك رد أَرْوَاحهم إِلَى أَجْسَادهم ذَلِك الْوَقْت ردا يسمعُونَ بِهِ خطابه والأجساد قد جيفت فالخطاب للأرواح الْمُتَعَلّقَة بِتِلْكَ الأجساد الَّتِي قد فَسدتْ

وَأما قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور} فسياق الْآيَة يدل على أَن المُرَاد مِنْهَا أَن الْكَافِر الْمَيِّت الْقلب لَا تقدر على اسماعه اسماعا ينْتَفع بِهِ كَمَا أَن من فِي الْقُبُور لَا تقدر على إسماعهم إسماعا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَلم يرد سُبْحَانَهُ أَن أَصْحَاب الْقُبُور لَا يسمعُونَ شَيْئا الْبَتَّةَ كَيفَ وَقد أخبر النَّبِي أَنهم يسمعُونَ خَفق نعال المشيعين وَأخْبر أَن قَتْلَى بدر سمعُوا كَلَامه وخطابه وَشرع السَّلَام عَلَيْهِم بِصِيغَة الْخطاب للحاضر الَّذِي يسمع وَأخْبر أَن من سلم على أَخِيه الْمُؤمن رد عليه السلام

هَذِه الْآيَة نَظِير قَوْله {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا ولوا مُدبرين} وَقد يُقَال نفي إسماع الصم مَعَ نفي إسماع الْمَوْتَى يدل على أَن المُرَاد عدم أَهْلِيَّة كل مِنْهُمَا للسماع

ص: 45

وَأَن قُلُوب هَؤُلَاءِ لما كَانَت ميتَة صماء كَانَ اسماعها مُمْتَنعا خطاب الْمَيِّت والأصم وَهَذَا حق وَلَكِن لَا يَنْفِي إسماع الْأَرْوَاح بعد الْمَوْت إسماع توبيخ وتقريع بِوَاسِطَة تعلقهَا بالأبدان فِي وَقت مَا فَهَذَا غير الاسماع الْمَنْفِيّ وَالله أعلم

وَحَقِيقَة الْمَعْنى أَنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تسمع من لم يَشَأْ الله أَن يسمعهُ ان أَنْت إِلَّا نَذِير أى إِنَّمَا جعل الله لَك الِاسْتِطَاعَة على الانذار الَّذِي كلفك إِيَّاه لَا على إسماع من لم يَشَأْ الله إسماعه

وَأما قَوْله إِن الحَدِيث لَا يَصح لِتَفَرُّد الْمنْهَال بن عَمْرو وَحده بِهِ وَلَيْسَ بالقوى فَهَذَا من مجازفته رَحْمَة الله فَالْحَدِيث صَحِيح لَا شكّ فِيهِ وَقد رَوَاهُ عَن الْبَراء بن عَازِب جمَاعَة غير زَاذَان مِنْهُم عدى بن ثَابت وَمُحَمّد بن عقبَة وَمُجاهد

قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فِي كتاب الرّوح وَالنَّفس أخبرنَا مُحَمَّد بن يَعْقُوب ابْن يُوسُف حَدثنَا مُحَمَّد بن اسحق الصفار أَنبأَنَا أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم حَدثنَا عِيسَى بن الْمسيب عَن عدى بن ثَابت عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فانتهنا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد فَجَلَسْنَا وَجلسَ كَأَن على أكتاقنا فلق الصخر وعَلى رءوسنا الطير فأرم قَلِيلا والارمام السُّكُوت فَلَمَّا رفع رَأسه قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي قبل من الْآخِرَة ودبر من الدُّنْيَا وحضره ملك الْمَوْت نزلت عَلَيْهِ مَلَائِكَة مَعَهم كفن من الْجنَّة وحنوط من الْجنَّة فجلسوا مِنْهُ مد الْبَصَر وَجَاء ملك الْمَوْت فَجَلَسَ عِنْد رَأسه ثمَّ قَالَ اخْرُجِي أيتها النَّفس المطمئنة اخْرُجِي إِلَى رَحْمَة الله ورضوانه فتنسل نَفسه كَمَا تقطر القطرة من السقاء فَإِذا خرجت نَفسه صلى عَلَيْهِ كل من بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا الثقلَيْن ثمَّ يصعد بِهِ إِلَى السَّمَاء فتفتح لَهُ السَّمَاء ويشيعه مقربوها إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَالْخَامِسَة وَالسَّادِسَة وَالسَّابِعَة إِلَى الْعَرْش مقربو كل سَمَاء فَإِذا انْتهى إِلَى الْعَرْش كتب كِتَابه فِي عليين وَيَقُول الرب عز وجل ردوا عَبدِي إِلَى مضجعه فَإِنِّي وعدتهم أَنى مِنْهَا مَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فَيرد إِلَى مضجعه فيأتيه مُنكر وَنَكِير يثيران الأَرْض بأنيابهما ويفحصان الأَرْض بأشعارهما فيجلسانه ثمَّ يُقَال لَهُ يَا هَذَا من رَبك فَيَقُول رَبِّي الله فَيَقُولَانِ صدقت ثمَّ يُقَال لَهُ مَا دينك فَيَقُول ديني الْإِسْلَام فَيَقُولَانِ صدقت ثمَّ يُقَال لَهُ من نبيك فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله فَيَقُولَانِ صدقت ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويأتيه رجل حسن الْوَجْه طيب الرّيح حسن الثِّيَاب فَيَقُول جَزَاك الله خيرا فوَاللَّه مَا علمت إِن كنت لسريعا فِي طَاعَة الله بطيئا عَن مَعْصِيّة الله فَيَقُول وَأَنت جَزَاك الله خيرا فَمن أَنْت فَيَقُول أَنا علمك الصَّالح ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَينْظر

ص: 46

إِلَى مَقْعَده ومنزله مِنْهَا حَتَّى تقوم السَّاعَة وان الْكَافِر إِذا كَانَ فِي دبر من الدُّنْيَا وَقبل من الْآخِرَة وحضره الْمَوْت نزلت عَلَيْهِ من السَّمَاء مَلَائِكَة مَعَهم كفن من النَّار وحنوط من نَار قَالَ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد بَصَره وَجَاء ملك الْمَوْت فيجلس عِنْد رَأسه ثمَّ قَالَ اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة اخْرُجِي إِلَى غضب الله وَسخطه فَتفرق روحه فِي جسده كَرَاهِيَة ان تخرج لما ترى وتعاين فيستخرجها كَمَا يسْتَخْرج السفود من الصُّوف المبلول فَإِذا خرجت نَفسه لَعنه كل شَيْء بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا الثقلَيْن ثمَّ يصعد بِهِ إِلَى السَّمَاء فتغلق دونه فَيَقُول الرب عز وجل ردوا عَبدِي إِلَى مضجعه فإنى وعدتهم أَنى مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فَترد روحه إِلَى مضجعه فيأتيه مُنكر وَنَكِير يثيران فِي الأَرْض بأنيابهما ويفحصان الأَرْض بأشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيجلسانه ثمَّ يَقُولَانِ يَا هَذَا من رَبك فَيَقُول لَا أَدْرِي فينادي من جَانب الْقَبْر لَا دَريت فيضربانه بمرزبة من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهَا من بَين الْخَافِقين لم تقل ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول جَزَاك الله شرا فوَاللَّه مَا علمت إِن كنت لبطيئا عَن طَاعَة الله سَرِيعا فِي مَعْصِيّة الله فَيَقُول وَمن أَنْت فَيَقُول أَنا عَمَلك الْخَبيث ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَينْظر إِلَى مَقْعَده فِيهَا حَتَّى تقوم السَّاعَة رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد ومحمود بن غيلَان وَغَيرهمَا عَن أبي النَّضر

فَفِيهِ أَن الْأَرْوَاح تُعَاد إِلَى الْقَبْر وَأَن الْملكَيْنِ يجلسان الْمَيِّت ويستنطقانه

ثمَّ سَاقه ابْن مَنْدَه من طَرِيق مُحَمَّد بن سَلمَة عَن خصيف الجزرى عَن مُجَاهِد عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار ومعنا رَسُول الله فأنتهينا إِلَى الْقَبْر وَلم يلْحد وَوضعت الْجِنَازَة وَجلسَ رَسُول الله فَقَالَ إِن الْمُؤمن إِذا احْتضرَ أَتَاهُ ملك الْمَوْت فِي أحسن صُورَة وأطيبه ريحًا فَجَلَسَ عِنْده لقبض روحه وَأَتَاهُ ملكان بحنوط من الْجنَّة وكفن من الْجنَّة وَكَانَا مِنْهُ على بعد فاستخرج ملك الْمَوْت روحه من جسده رشحا فَإِذا صَارَت إِلَى ملك الْمَوْت ابتدرها الْملكَانِ فأخذاها مِنْهُ فحنطاها بحنوط من الْجنَّة وكفناها بكفن من الْجنَّة ثمَّ عرجا بِهِ إِلَى الْجنَّة فتفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء وتستبشر الْمَلَائِكَة بهَا وَيَقُولُونَ لمن هَذِه الرّوح الطبية الَّتِي فتحت لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء ويمسى بِأَحْسَن الْأَسْمَاء الَّتِي كَانَ يُسمى بهَا فِي الدُّنْيَا فَيُقَال هَذِه روح فلَان فَإِذا صعد بهَا إِلَى السَّمَاء شيعها مقربو كل سَمَاء حَتَّى تُوضَع بَين يَدي الله عِنْد الْعَرْش فَيخرج عَملهَا من عليين فَيَقُول الله عز وجل للمقربين اشْهَدُوا أَنى قد غفرت لصَاحب هَذَا الْعَمَل وَيخْتم كِتَابه فَيرد فِي عليين فَيَقُول الله عز وَجل

ص: 47

ردوا روح عَبدِي إِلَى الأَرْض فَإِنِّي وعدتهم أَنى أردهم فِيهَا ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى} فَإِذا وضع الْمُؤمن فِي قَبره فتح لَهُ بَاب عِنْد رجلَيْهِ إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا أعد الله لَك من الثَّوَاب وَيفتح لَهُ بَاب عِنْد رَأسه إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ أنظر مَا صرف الله عَنْك من الْعَذَاب ثمَّ يُقَال لَهُ نم قرير الْعين فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ من قيام السَّاعَة وَقَالَ رَسُول الله إِذا وضع الْمُؤمن فِي لحده تَقول لَهُ الأَرْض إِن كنت لحبيبا إِلَى وَأَنت على ظهرى فَكيف إِذا صرت الْيَوْم فِي بَطْني سأريك مَا أصنع بك فيفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَقَالَ رَسُول الله إِذا وضع الْكَافِر فِي قَبره أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ لادريت فيضربانه ضَرْبَة فَيصير رَمَادا ثمَّ يُعَاد فيجلس فَيُقَال لَهُ مَا قَوْلك فِي هَذَا الرجل فَيَقُول أَي رجل فَيَقُولَانِ مُحَمَّد فَيَقُول قَالَ النَّاس أَنه رَسُول الله فيضربانه ضَرْبَة فَيصير رَمَادا

هَذَا حَدِيث ثَابت مَشْهُور مستفيض صَححهُ جمَاعَة من الْحفاظ وَلَا نعلم أحدا من أَئِمَّة الحَدِيث طعن فِيهِ بل رَوَوْهُ فِي كتبهمْ وتلقوه بِالْقبُولِ وجعلوه أصلا من أصُول الدّين فِي عَذَاب الْقَبْر ونعيمه ومساءلة مُنكر وَنَكِير وَقبض الْأَرْوَاح وصعودها إِلَى بَين يَدي الله ثمَّ رُجُوعهَا إِلَى الْقَبْر وَقَول أَبى مُحَمَّد لم يروه غير زَاذَان فَوَهم مِنْهُ بل رَوَاهُ عَن الْبَراء غير زَاذَان وَرَوَاهُ عَنهُ عدي بن ثَابت وَمُجاهد بن جُبَير وَمُحَمّد بن عقبَة وَغَيرهم وَقد جمع الدَّارَقُطْنِيّ طرقه فِي مُصَنف مُفْرد وزاذان من الثقاة روى عَن أكَابِر الصَّحَابَة كعمر وَغَيره وروى لَهُ مُسلم فِي صَحِيحه قَالَ يحيى بن معِين ثِقَة وَقَالَ حميد بن هِلَال وَقد سُئِلَ عَنهُ هُوَ ثِقَة لَا تسْأَل عَن مثل هَؤُلَاءِ وَقَالَ ابْن عدي أَحَادِيثه لَا بَأْس بهَا إِذا روى عَن ثِقَة

وَقَوله ان الْمنْهَال بن عَمْرو تفرد بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَهِي قَوْله فتعاد روحه فِي جسده وَضَعفه فالمنهال أحد الثقاة الْعُدُول قَالَ ابْن معِين الْمنْهَال ثِقَة وَقَالَ الْعجلِيّ كُوفِي ثِقَة وَأعظم مَا قيل فِيهِ أَنه سمع من بَيته صَوت غناء وَهَذَا لَا يُوجب الْقدح فِي رِوَايَته واطراح حَدِيثه وتضعيف ابْن حزم لَهُ لَا شَيْء فَإِنَّهُ لم يذكر مُوجبا لتضعيفه غير تفرده بقوله فتعاد روحه فِي جسده وَقد بَينا أَنه لم يتفرد بهَا بل قد رَوَاهَا غَيره وَقد روى مَا هُوَ أبلغ مِنْهَا أَو نظيرها كَقَوْلِه فَترد إِلَيْهِ روحه وَقَوله فَتَصِير إِلَى قَبره فيستوي جَالِسا وَقَوله فيجلسانه وَقَوله فيجلس فِي قَبره وَكلهَا أَحَادِيث صِحَاح لَا مغمز فِيهَا وَقد أعل غَيره بِأَن زَاذَان لم يسمعهُ من الْبَراء وَهَذِه الْعلَّة بَاطِلَة فَإِن أَبَا عوَانَة الاسفرائيني رَوَاهُ فِي صَحِيحه بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ عَن أَبى عَمْرو زَاذَان الكندى قَالَ سَمِعت الْبَراء بن عَازِب وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه هَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل مَشْهُور رَوَاهُ جمَاعَة عَن الْبَراء

ص: 48

وَلَو نزلنَا عَن حَدِيث الْبَراء فسائر الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة صَرِيحَة فِي ذَلِك مثل حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله قَالَ إِن الْمَيِّت تحضره الْمَلَائِكَة فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح قَالَ اخْرُجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب أَخْرِجِي حميدة وابشرى بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان قَالَ فَيَقُول ذَلِك حَتَّى تخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء فيستفتح لَهَا فَيُقَال من هَذَا فَيَقُولُونَ فلَان فَيَقُولُونَ مرْحَبًا بِالنَّفسِ الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد ادخلى حميدة وابشرى بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان فَيُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الله عز وجل وَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالَ اخرجى أيتها النَّفس الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث اخْرُجِي ذميمة وأبشرى بحميم وغساق وَآخر من شكله أَزوَاج فَيَقُولُونَ ذَلِك حَتَّى تخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء فيستفتح لَهَا فَيُقَال من هَذَا فَيَقُولُونَ فلَان فَيَقُولُونَ لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث ارجعي ذميمة فَإِنَّهَا لن تفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء فترسل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَتَصِير إِلَى الْقَبْر فيجلس الرجل الصَّالح فِي قَبره غير فزع وَلَا معوق ثمَّ يُقَال فَمَا كنت تَقول فِي الْإِسْلَام مَا هَذَا الرجل فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من قبل الله فَآمَنا وصدقنا وَذكر تَمام الحَدِيث

قَالَ الْحَافِظ أَبُو نعيم هَذَا حَدِيث مُتَّفق على عَدَالَة ناقليه اتّفق الإمامان مُحَمَّد بن اسماعيل البُخَارِيّ وَمُسلم بن الْحجَّاج عَن ابْن أَبى ذِئْب وَمُحَمّد بن عَمْرو بن عَطاء وَسَعِيد بن يسَار وهم من شَرطهمَا وَرَوَاهُ المتقدمون الْكِبَار عَن ابْن أَبى ذِئْب مثل ابْن أَبى فديك وَعبد الرَّحِيم بن ابراهيم انْتهى وَرَوَاهُ عَن ابْن أَبى ذِئْب غير وَاحِد

وَقد احْتج أَبُو عبد الله بن مَنْدَه على إِعَادَة الرّوح إِلَى الْبدن بِأَن قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ابْن الْحسن حَدثنَا مُحَمَّد بن زيد النيسابورى حَدثنَا حَمَّاد بن قِيرَاط حَدثنَا مُحَمَّد بن الْفضل عَن يزِيد بن عبد الرَّحْمَن الصَّائِغ البلخى عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله ذَات يَوْم قَاعد تَلا هَذِه الْآيَة وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطو أَيْديهم الْآيَة قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا من نفس تفارق الدُّنْيَا حَتَّى ترى مقعدها من الْجنَّة أَو النَّار ثمَّ قَالَ فَإِذا كَانَ عِنْد ذَلِك صف لَهُ سماطان من الْمَلَائِكَة ينتظمان مَا بَين الْخَافِقين كَأَن وُجُوههم الشَّمْس فَينْظر إِلَيْهِم مَا ترى غَيرهم وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ أَنهم ينظرُونَ إِلَيْكُم مَعَ كل مِنْهُم أكفان وحنوط فَإِن كَانَ مُؤمنا بشروه بِالْجنَّةِ وَقَالُوا

ص: 49

أخرجى أيتها النَّفس الطّيبَة إِلَى رضوَان الله وجنته فقد أعد الله لَك من الْكَرَامَة مَا هُوَ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَلَا يزالون يُبَشِّرُونَهُ ويحفون بِهِ فهم ألطف وأرأف من الوالدة بِوَلَدِهَا ثمَّ يسلون روحه من تَحت كل ظفر ومفصل وَيَمُوت الأول فَالْأول ويهون عَلَيْهِ وكنتم تَرَوْنَهُ عديدا حَتَّى تبلغ ذقنه قَالَ فلهى أَشد كَرَاهِيَة لِلْخُرُوجِ من الْجَسَد من الْوَلَد حِين يخرج من الرَّحِم فيبتدرها كل ملك مِنْهُم أَيهمْ يقبضهَا فيتولى قبضهَا ملك الْمَوْت ثمَّ تَلا رَسُول {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون} فيتلقاها بأكفان بيض ثمَّ يحتضنها إِلَيْهِ فَهُوَ أَشد لُزُوما لَهَا من الْمَرْأَة إِذا ولدتها ثمَّ يفوح مِنْهَا ريح أطيب من الْمسك فيستنشقون رِيحهَا ويتباشرون بهَا وَيَقُولُونَ مرْحَبًا بِالروحِ الطّيبَة وَالروح الطّيب اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ روحا وعَلى جَسَد خرجت مِنْهُ قَالَ فيصعدون بهَا وَللَّه عز وجل خلق فِي الْهَوَاء لَا يعلم عددتهم إِلَّا هُوَ فيفوح لَهُم مِنْهَا ريح أطيب من الْمسك فيصلون عَلَيْهَا ويتباشرون وَيفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء فيصلى عَلَيْهَا كل ملك فِي كل سَمَاء تمر بهم حَتَّى ينتهى بهَا بَين يدى الْملك الْجَبَّار فَيَقُول الْجَبَّار جل جلاله مرْحَبًا بِالنَّفسِ الطّيبَة ويجسد خرجت مِنْهُ وَإِذا قَالَ الرب عز وجل للشَّيْء مرْحَبًا وَحب لَهُ كل شَيْء وَيذْهب عَنهُ كل ضيق ثمَّ يَقُول لهَذِهِ النَّفس الطّيبَة أدخلوها الْجنَّة وأروها مقعدها من الْجنَّة وأعرضوا عَلَيْهَا مَا أَعدَدْت لَهَا من الْكَرَامَة وَالنَّعِيم ثمَّ اذْهَبُوا بهَا إِلَى الأَرْض فإنى قضيت أَنى مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لهى أَشد كَرَاهِيَة لِلْخُرُوجِ مِنْهَا حِين كَانَت تخرج من الْجَسَد وَتقول أَيْن تذهبون بى إِلَى ذَلِك الْجَسَد الَّذِي كنت فِيهِ قَالَ فَيَقُولُونَ إِنَّا مأمورون بِهَذَا فَلَا بُد لَك مِنْهُ فيهبطون بِهِ على قدر فراغهم من غسله وأكفانه فَيدْخلُونَ ذَلِك الرّوح بَين جسده وأكفانه

فَدلَّ هَذَا الحَدِيث أَن الرّوح تُعَاد بَين الْجَسَد والأكفان وَهَذَا عود غير التَّعَلُّق الَّذِي كَانَ لَهَا فِي الدُّنْيَا بِالْبدنِ وَهُوَ نوع آخر وَغير تعلقهَا بِهِ حَال النّوم وَغير تعلقهَا بِهِ وهى فِي مقرها بل هُوَ عود خَاص للمساءلة

قَالَ شيخ الْإِسْلَام الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المتواترة تدل على عود الرّوح إِلَى الْبدن وَقت السُّؤَال وسؤال الْبدن بِلَا روح قَول قَالَه طَائِفَة من النَّاس وَأنْكرهُ الْجُمْهُور وقابلهم آخَرُونَ فَقَالُوا السُّؤَال للروح بِلَا بدن وَهَذَا قَالَه ابْن مرّة وَابْن حزم وَكِلَاهُمَا غلط وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ترده وَلَو كَانَ ذَلِك على الرّوح فَقَط لم يكن للقبر بِالروحِ اخْتِصَاص

ص: 50

وَهَذَا يَتَّضِح بِجَوَاب الْمَسْأَلَة

وَهِي قَول السَّائِل هَل عَذَاب الْقَبْر على النَّفس وَالْبدن أَو على النَّفس دون الْبدن أَو على الْبدن دون النَّفس وَهل يُشَارك الْبدن النَّفس فِي النَّعيم وَالْعَذَاب أم لَا

وَقد سُئِلَ شيخ الْإِسْلَام عَن هَذِه الْمَسْأَلَة وَنحن نذْكر لفظ جَوَابه فَقَالَ بل الْعَذَاب وَالنَّعِيم على النَّفس وَالْبدن جَمِيعًا بِاتِّفَاق أهل السّنة وَالْجَمَاعَة تنعم النَّفس وتعذب مُنْفَرِدَة عَن الْبدن وتنعم وتعذب مُتَّصِلَة بِالْبدنِ وَالْبدن مُتَّصِل بهَا فَيكون النَّعيم وَالْعَذَاب عَلَيْهَا فِي هَذِه الْحَال مُجْتَمعين كَمَا تكون على الرّوح مُنْفَرِدَة عَن الْبدن وَهل يكون الْعَذَاب وَالنَّعِيم للبدن بِدُونِ الرّوح هَذَا فِيهِ قَولَانِ مشهوران لأهل الحَدِيث وَالسّنة وَأهل الْكَلَام وَفِي الْمَسْأَلَة أَقْوَال شَاذَّة لَيست من أَقْوَال أهل السّنة والْحَدِيث قَول من يَقُول إِن النَّعيم وَالْعَذَاب لَا يكون إِلَّا على الرّوح وان الْبدن لَا ينعم وَلَا يعذب وَهَذَا تَقوله الفلاسفة المنكرون لِمَعَاد الْأَبدَان وَهَؤُلَاء كفار بِإِجْمَاع الْمُسلمين ويقوله كثير من أهل الْكَلَام من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم الَّذين يقرونَ بمعاد الْأَبدَان لَكِن يَقُولُونَ لَا يكون ذَلِك فِي البرزخ وَإِنَّمَا يكون عِنْد الْقيام من الْقُبُور لَكِن هَؤُلَاءِ يُنكرُونَ عَذَاب الْبدن فِي البرزخ فَقَط وَيَقُولُونَ إِن الْأَرْوَاح هِيَ المنعمة أَو المعذبة فِي البرزخ فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة عذبت الرّوح وَالْبدن مَعًا وَهَذَا القَوْل قَالَه طوائف من الْمُسلمين من أهل الْكَلَام والْحَدِيث وَغَيرهم وَهُوَ اخْتِيَار ابْن حزم وَابْن مرّة فَهَذَا القَوْل لَيْسَ من الْأَقْوَال الثَّلَاثَة الشاذة بل هُوَ مُضَاف إِلَى قَول من يَقُول بِعَذَاب الْقَبْر ويقر بالقيامة وَيثبت معاد الْأَبدَان والأرواح وَلَكِن هَؤُلَاءِ لَهُم فِي عَذَاب الْقَبْر ثَلَاثَة أَقْوَال

أَحدهَا أَنه على الرّوح فَقَط

الثَّانِي أَنه عَلَيْهَا وعَلى الْبدن بواسطتها

الثَّالِث أَنه على الْبدن فَقَط وَقد يضم إِلَى ذَلِك القَوْل الثَّانِي وَهُوَ قَول من يثبت عَذَاب الْقَبْر وَيجْعَل الرّوح هِيَ الْحَيَاة وَيجْعَل الشاذ قَول مُنكر عَذَاب الْأَبدَان مُطلقًا وَقَول من يُنكر عَذَاب الرّوح مُطلقًا فَإِذا جعلت الْأَقْوَال الشاذة ثَلَاثَة فَالْقَوْل الثَّانِي الشاذ قَول من يَقُول إِن الرّوح بمفردها لَا تنعم وَلَا تعذب وَإِنَّمَا الرّوح هِيَ الْحَيَاة وَهَذَا يَقُوله طوائف من أهل الْكَلَام من الْمُعْتَزلَة والأشعرية كَالْقَاضِي أَبى بكر وَغَيره وَيُنْكِرُونَ أَن الرّوح تبقى بعد فِرَاق الْبدن وَهَذَا قَول بَاطِل وَقد خَالف أَصْحَابه أَبُو الْمَعَالِي الجريني وَغَيره بل قد ثَبت بِالْكتاب وَالسّنة واتفاق الْأمة أَن الرّوح تبقى بعد فِرَاق الْبدن وَأَنَّهَا منعمة أَو معذبة والفلاسفة الإلهيون يقرونَ بذلك لَكِن يُنكرُونَ معاد الْأَبدَان وَهَؤُلَاء يقرونَ بمعاد الْأَبدَان لَكِن يُنكرُونَ

ص: 51