الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في أَفْعَاِله في أَعْضَاءِ الرَّأْسِ
إن الإبريسمَ على ما يقوله بعضٌ، من شأنه تقوية الروح الحيوانى (1) ، وهذا الروح قد بيَّنَّا أنه يصعد قسطٌ منه إلى الدماغ (2) ، فيعدَّل فيه ويصير روحاً نفسانياًّ. وأول صعوده إلى الدماغ، يكون به (3) الحفظ والفكر والذكر، فلذلك
(1) يشير العلاءُ إلى أن: المشهور في العرف العام، أن النَّفْس هي الروح (ابن النفيس: شرح تقدمه المعرفة، مخطوطة بلدية الإسكندرية، ورقة 27أ) لكنه يعود فيؤكد المعنى الاصطلاحي للكلمة، بقوله في موضعٍ آخر: الروح، لا نعني بها النَّفْس، كما يراد بها في الكتب الإلهية بل نعني بها جسماً لطيفاً بخارياً، يتكوَّن من لطافة الأخلاط، كتكوُّون الأعضاء من كثافتها. والأوراح هي الحاملة للقوى، فلذلك أصنافها، كأصنافها (ابن النفيس: الموجز في الطب ص 35) والروح هنا تقترب في دلالتها من معنى الطاقة الحيوانية. غير أن العلاء يعود فيستخدم الكلمة كما لو كانت ترادف السائل الزجاجي حين يقول: الروح المؤدى، هو - في العين - جوهرٌ أغلظ من الهواء وألطف من الماء، نافذٌ إلى المقلة. وهو الذي يقع عليه شبحُ المرئيات، ويؤديها إلى القوة الباصرة، وإلى داخل الدماغ (ابن النفيس: المهذب في الكحل المجرب، ص 93) وهو يشير في الفقرة السابقة، إلى الطبيعة العصبية للروح. أما هنا فهو حين يستخدم تعبير الحيواني فهو يقصد به الطاقة الحيوية في الجسم.
(2)
قوله إن الروح يصعد إلى الدماغ، مرتبطٌ بتصوُّر العلاء (ابن النفيس) لحركة الدورة الدموية التي تنقل الدم من القلب إلى الرئة - حيث تتلطَّف الروح - ثم من القلب، ثانيةً، إلى سائر الأعضاء ومنها الدماغ.. وفي الدماغ، تصير الطاقة الحيوية المعبَّر عنها بالروح، طاقةَ نفسية، عَبَّرَ هو عنها بقوله: يصير روحاً نفسانياً.
(3)
- ن.
كان الإبريسم مقوِّياً للحفظ (1) ، لأن الروح التى بها الحفظ، شئٌ من الروح الحيوانى الذى لم يكمل بعد استحالته، حتى يصلح أن يكون حاسّاً (2) . فلذلك (3) ، كان تناول الإبريسمِ مقوياً للحفظ.
والاكتحال به يقوِّى البصر، وذلك لأمرين. أحدهما: تقوية الروح وثانيهما: إصلاحه لمزاج العين وتقويتها وتنقيتها من الفضول وحفظ صحتها. وذلك لأن الإبريسم مع أنه خالٍ (4) عن جميع الكيفيات الضارَّةِ بالعين - كالحدة واللَّذْع والقبض ونحو ذلك - فهو مجفِّفٌ باعتدالٍ، وليس بشديد التسخين. وما كان كذلك، فهو شديد النفع للعين (5) ، محلِّل لفضولها، مجفِّف لما تكوَّن فيها من الرطوبات الفضلية، لأن هذه الفضول تكثر فى العين لأجل رطوبة مزاجها.
وإذا أُحرق الحرير ثم غُسل، كان شديدُ الموافقة لقروح العين، يملأ ما يحدث (6) فيها من الحفر ونحوه؛ وذلك لأجل تجفيفه الخالى عن اللَّذْع، لما قلناه قبل.
(1) المقصود هنا: الذاكرة.
(2)
ن: حاشا.
(3)
هـ: فكذلك.
(4)
:. خالي.
(5)
ن: المعين.
(6)
الكلمة في هامش المخطوطتين، وبجانبها علامة المقابلة.. مما يعني أن كلتا المخطوطتين، تمت مقابلتها مع مخطوطة بعينها، أقدم منهما معاً.