الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع في أَفْعَالِه في أَعضَاءِ الصَّدْرِ
جميع ما له لونٌ بَهِجٌ، وإذا ورد إلى داخل بدن الإنسان، لا يتغيّر لونُهُ تغيُّراً كثيراً قبل نفوذه إلى القلب؛ فإنه من المفرِّحات. وذلك لأن هذا إذا حصل فى القلب وهو بذلك اللون، كان ما يخالط (1) منه الروح. بذلك اللون، فيفيدها نورانيةً وإشراقاً. وذلك - لامحالة - مما يسرُّ النفس، فإن النفس يسرُّها النظر إلى الأشياء المشرقة النيِّرة، وإن كانت فى الخارج؛ فكيف إذا كانت فى الخفاء التى هى الروح؟
ولذلك، فإن الروح إذا تكدَّرت وأظلمت، بمخالطة أجزاءٍ أرضية مظلمة كما يحدث عن البخارِ السوداوىِّ أو (2) الهواءِ الكَدِرِ، ونحو ذلك. فإن النفس تنقبض لذلك، وتحصل حالةٌ تُسمَّى ضيق الصدر ونحو ذلك من (3) جملة هذه. فلذلك، كانت الأشياء التى لها ألوانٌ مشرقة بهجة مفرِّحةً للنفس؛ وهذه الأشياء كالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت والزعفران ونحو ذلك. ومن جملة هذه الأشياء: الإبريسم. ولذلك، كان الإبريسم من المفرِّحات. وهو يفرِّح - أيضاً - بالنظر إليه، كما قلناه فى الأشياء البهجة.
ومع أن الإبريسم يفرِّح، فهو أيضاً يقوِّى القلب؛ وذلك لأجل مناسبته لمزاجه المائل إلى الحرارة واليبوسة. وأعنى بذلك، أنه يقوِّى القلب الذى مزاجه
(1) ن: يخالطه.
(2)
:. أو.
(3)
:. ومن.
إلى بردٍ، لأنه يعدِّل مزاجه. وأما إذا كان مزاج القلب حارّاً يابساً - أى أزيد حرارةً ويبوسةً مما ينبغى أن يكون له - فإن الإبريسم حينئذٍ لا يقوِّيه، بل ربما أضعفه، بما يزيده فى سوء المزاج الحار اليابس.
وإذ الإبريسم يفرِّح (1) ويقوِّى القلب، فهو لا محالة مقوٍّ (2) للطبيعة. فلذلك يقوى الأفعال الصادرة عن الطبيعة، كدفع الفضول ونحو ذلك. ولذلك، اُختير لبسه فى الحروب، لأنه يشجِّع القلب، بتقويته (3) وتفريحه.
(1) ن: يقرح.
(2)
:. مقوى.
(3)
الكلمة في هامش هـ.