الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في بَقِيَّةِ أَحْكَامِ أَنْوَاعِ آذَانِ الفَأْرِ
أما النوع الأول من أنواع آذان الفأر - وهو البستانى (1) - فقد علمْتَ أنَّ جوهره تغلب عليه المائية، وأن فيه أرضيةٌ يسيرةٌ بالنسبة إلى مائيته (2) ، ولكنها فى نفسها كثيرةٌ. فلذلك، يجب أن يكون هذا النبات بارداً رطباً، لأجل غلبة المائية وأن يكون فيه قبضٌ يسيرٌ لأجل ما فيه من الأرضية.
وقد اعترف بقبضه دياس قيرُيدُوس (3) وأما جالينوس فقد قال: إنه مبرِّدٌ
(1) :. البستى.
(2)
هـ: مايته، ن: ما بنه!
(3)
هكذا ورد الاسم في المخطوطتين. والمراد به: ديسقوريدس. وهو العَشَّاب اليوناني الشهير بدانيوس ديسقوريدس العين زربى نسبةً إلى عين زربة الموجودة الآن بجنوب تركيا. واسمه اليواني الذي عُرف به، هو Pedanios Dioskorides of Anazarba وينطق، ويكتب في المصادر العربية بطرقٍ شتَّى، فهو: ديسقوريدس، ديوسقوريديس، دياسقوريدس دياسقوريدوس. ومن أقدم المصادر العربية التي ذكرته: فهرست ابن النديم، الذي وضعه ضمن مَنْ ذكرهم في الفن الثالث من المقالة السابعة، تحت عنوان أسماء جماعة من الأطباء القدماء المقِّلين، ولا يُعرف أوقاتهم على الصحة فقال ما نصه: ديسقوريدس العين زربى، ويُقال له السائح في البلاد، ويحيى النحوي يمدحه في كتابه في التاريخ، ويقول: تفديه الأنفس، صاحب النفس الزكية، النافع للناس المنفعة الجليلة، المتعوب المنصوب، السائح في البلاد، المقتبس لعلوم الأدوية المفردة من البرارى والجزائر والبحار والمصوِّر لها، المعدِّد لمنافعها قبل المسألة عن أفاعيلها، وله من الكتب كتاب: الحشائش، خمس مقالات، وأضاف إليها مقالتين في الدواب والسموم، وقد قيل: إن المقالتين منحولتان إليه. نَقْل حنين، وقيل حبيش (ابن النديم: الفهرست، تحقيق رضا المازاندراني ص 351) . وقوله في آخر النص: نقل حنين.. إلخ يقصد به أن حنين بن إسحاق هو الذي ترجم كتاب الحشائش، من اليونانية إلى العربية، وقيل: إن الذي ترجمه، هو حبيش بن الأعسم ابن أخت حنين بن إسحاق، ومعاونه في أعماله الترجمة. ويرجِّح د. إبراهيم بن مراد، أن ديسقوريدس وضع كتابه خلال ثلاثين سنة (مابين 45، 75 ميلادية) أثناء خدمته العسكرية في صفوف الجيش الروماني، حيث ارتحل إلى أصقاع كثيرة، وعندما أنهى عمله العسكري واستقر به المطاف، جمع مختلف مشاهداته وملاحظاته العلمية في كتاب جليل في الأدوية المفردة سمَّاه: هيولي الطب Materia Medica ويُعرف في المصادر العربية بكتاب الحشائش وكتاب الخمس مقالات (مقدمة تحقيق: تفسير كتاب دياسقوريدوس 42) . وللمزيد من أخبار ديسقوريدس يمكن الرجوع إلى المصادر العربية التالية: طبقات الأطباء لابن جُْجل، منتخب صوان الحكمة للسجستاني، تاريخ الحكماء للقفطي، عيون الأنباء لابن أبى أصيبعة، تاريخ مختصر الدول لابن العبري.
من غير قبض. وينبغى أن يكون مراده بذلك: من غير قبضٍ كثيرٍ يُعتدُّ به (1) .
ولأجل تبريد هذا النوع، كان نافعاً للأورام الحارَّة (2) ، كالحمرة ونحوها. وإذا ضُمِّدَ به، مع السويق، نَفَعَ من الأورام الحادة، كالحمرة العارضة للعين (3) . وإذا قُطِّرت عصارته فى الأُذن المتألمة من الحرارة؛ نفعها وسكَّن وجعها. ولايبعد أن يكون هذا الدواء منعشاً للقوة برائحته، وذلك لأن رائحته تشبه رائحة القِثَّاء.
وأما النوع الثانى من آذان الفأر فالذى عُرف من أحواله، أنه يجفِّف تجفيفاً قوياً.
(1) كان العلاءُ (ابن النفيس) في مؤلَّفاته الخرى شديدَ النقد لجالينوس، حاد العبارة في نقده بأكثر مما نراه هنا!
(2)
ن: الحادة.
(3)
العبارة بالقلم المغربي في هامش هـ، مسبوقة بكلمة: انظر.
وأما النوع الثانى من آذان الفأر فالذى عُرف من أحواله، أنه يجفِّف تجفيفاً قوياً.
وأما النوع الثالث، فخاصِّيته، أن عصارته ومَضْغَهُ (1) ، كل واحدٍ منها شديدُ التقوية للإنعاظ (2) . وذلك إذا مُرِّخَ (3) بأحد هذين، الذكرَ والفَرْجَ والعَانَةَ وما يلى ذلك. حتى أن مَنْ لاينعظ (4) ، لا يكلِّفه كثرةً إذا فعل ذلك، وأنعظ (5) كثيراً، وقوى على الباه. وإذا فعل ذلك الشيوخُ الهرِمين (6) ، قووا على الباه. وإذا بطل نزو الفرس، مُرِّخَ (7) بذلك ما يقرب من قضيبه إلى عَجِزِه، فيعود إلى النزو.
وأما النوع الرابع، فإنه يسهل ويقيئ ويقتل الدود، وذلك لأجل حِدَّته وحِدَّة لبنه. وما كان نباته فى المواضع القليلة الماء، وفى البرارى؛ فإن ذلك يكون قوياً جداً - ولا كذلك، ما يكون بقرب المياه والبساتين - ويكاد ما ينبت فى البرِّية (8) ، أن يكون فى قوته، كأنما هو ذاته.
وجوهره لطيفٌ نَفَّاذٌ، ولذلك يُحمر الجلد الناعم إذا وُضع عليه، لأنه بلطافته، يسهل نفوذه؛ وبقوة حرارته، يجذب إلى العضو من الدَّم، ما يحمِّره.
(1) غير واضحة في ن.
(2)
:. للإنعاض! والإنعاظ هو الشبق وانتصاب القضيب. ويقال للمرأة أيضاً: انعظت، بمعنى أنها شبقت واشتهت أن تُجامع (لسان العرب 671/3) .
(3)
:. مزج! والمرْخُ هو الدهن بالزيت، يقال: مرخ بالزيت يمرخه مرخاً. وتمرَّخ به: ادَّهن. ورجل مَرَخٌ ومِرِّيخ: كثير الادِّهان (لسان العرب 463/3) .
(4)
:. ينعض.
(5)
انعض.
(6)
:. هارمين! وليس من اللغة الفصيحة، أن يُجمع الهرِم على هذا النحو، فالرجال يقال لهم في فصيح اللغة: هَرِمُون.. ويقال للنساء: هرمات.
(7)
ن: مزج.
(8)
ن: البربة.