الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول في مَاهِيَّتِه
إنَّ جوهر هذا الدواء، مركَّبٌ من جوهرٍ رصاصىٍّ وجوهرٍ حجرىٍّ، لأنه لو كان من رصاصٍ صِرْف، لما كان يبقى منه بعد السَّبْك أجزاءٌ أرضيةٌ حجرية ولو كان من حجرٍ صِرْف، لما كان يستخرج منه الرصاص، ولما كان وَضْعُه (1) مع الفضة حين سكبها، يوجب انكسارها، كما إذا خالطها رصاصٌ. فلذلك جوهر هذا الدواء مركَّبٌ من هذين الجوهرين، أعنى الرصاص والحجر.
وقد علمتَ أنَّ جوهر الرصاص مركَّبٌ من الزئبق والكبريت. أما جوهر الأحجار، فقد يكون من ماءٍ جامد - كما يكون فى الجمد - وقد يكون من طينٍ منعقد، وقد يكون من (2) ماءٍ منعقدٍ بالحرارة المجفِّفة، وإلا كان يذوب بالنداوة. فبقى أن يكون مركَّباً من طينٍ لزجٍ عملت فيه الحرارة، كما يتحجَّر الفخَّار وكيزان الفُقَّاع (3) .
فلذلك، يكون هذا الدواء أكثر تجفيفاً من الرصاص وذلك لما فيه من
(1) هنا تنتهى الورقة الساقطة من هـ.
(2)
-:. .
(3)
الفقاع شرابٌ يُتَّخذ من الشعير، سُمِّى بذلك لما يعلوه من الزَّبد (لسان العرب 1119/2) وهو يعرف اليوم في مصر، باسم: البوظة.. وهو شرابٌ مسكرٌ ردىء، رخيص الثمن. وكيزان الفقاع المذكورة هنا، هي أوانٍ فخاريةٌ تُصنع من الصلصال، ثم تتحجَّر بعد تعرضها للهواء والشمس والنار.
النحاس المنعقد بالحرارة. ولذلك (1) ، كان هذا الدواء لايخلو (2) من عروقه وذلك لأجل انعقاد الطين اللزج المنعقد بالحرارة.
والكبريت الذى مع زئبق هذا الدواء، لابد وأن يكون كثيراً بالنسبة إلى غيره من أنواع الرصاص لأنه لولا ذلك، لما كان هذا الدواء أَحَدَّ من الرصاص وأقلَّ برودة، وأكثر جفافاً. ولذلك، فإن حكم هذا الدواء كحكم الرصاص المحرق.
واستعمال هذا الدواء، قد يكون وهو بحاله، وقد يكون بعد أن يحرق، وقد يكون بعد أن يُغسل، وقد يكون بعد أن يحرق ويغسل جميعاً. ولإحراقه صور أحدها: أن يُسخَّن ويُعجن بشحم، ويُترك على النار حتى يلتهب، ثم يُطفئ فى لبن امرأةٍ ولدت ذكراً، أو فى بول صبى، أو فى خمرٍ عتيق. فاللبن المطفئ فيه يزيده ليناً ورطوبة، وبول الصبى يفيده زيادة جلاءٍ وحِدَّة، والخمر يفيده زيادة تقوية لأجل العطرية. وثانيها: أن يوضع على الجمر إلى أن يلتهب، ثم يُخرج وينبغى أن لايؤخَّر إخراجه كثيراً، فإن ذلك يجعله فى قوة الرصاص المحرق سواء. وثالثها: أن يُلفّ بعجين ويخبز فى الفرن، وهذا النوع من الإحراق ليس يزيده قوة.
وأما غسله، فقد يكون كما يُغسل القليميا (3) وقد يكون كما يُغسل النحاس المحرَّق، وقد يكون كما يُغسل خَبَث الرصاص. وستعرف كيفية ذلك كله، فيما بعد.
(1) :. كذلك.
(2)
:. يخلوا.
(3)
القليميا ثفلٌ يعلو الذهب أو الفضة أو النحاس عند سبكها، ومنه الصفائحي وهو ما يرسب (انظر: القانون في الطب 422/1) .
وأفضل الإثمد ما كان صفائحياً، سريع التفتُّت جداً، ولُفتاته (1) بريقٌ ظاهر (2) ، وكان خالصاً من الشوائب والأوساخ، أملس الباطن.
(1) هـ: ولفاته، ن: ولغاته!
(2)
ن: طاهر.