الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع في أَفْعَالِهِ في الأَمْرَاضِ التي لا اخْتِصَاصَ لها بعُضْوٍ عُضْو
إنَّك قد علمْتَ أنَّ الإثمد يجفِّف العين، ويجلوها من الأوساخ، وينقِّيها ويُنبت فيها اللحم؛ فهو كذلك يفعل فى جميع قروح الأعضاء. لكن قروح الأعضاء الأُخر، إذا كانت عتيقة، لم يكن للإثمد فيها فعلٌ ظاهر (1) . وذلك لأنَّا إذا قلنا إن الإثمد قليل التجفيف، فأنَّا نعنى بذلك: أنه كذلك بالنسبة إلى العين لأن العين عضوٌ رطبٌ، والقروح التى تحدث فيها، يكفى فى تدبيرها (2) ما يكون ضعيف التجفيف؛ ولا كذلك الأعضاء اليابسة، فإنها تحتاج فى علاج قروحها إلى ما يكون تجفيفه شديداً جداً، لتمكَّن بذلك من أن تقوى على رَدِّ (3) مزاج القُرحة إلى مزاج ذلك العضو، وهو المزاج اليابس.
فلذلك، كان الإثمد قوىَّ التجفيف بالنسبة إلى قروح العين، وهو ضعيف بالنسبة إلى قروح (4) باقى الأعضاء. فلذلك، إنما ينفع فى علاج قروح (5) باقى
(1) ن: طاهر.
(2)
يقصد، علاجها.
(3)
:. برد.
(4)
:. خرج.
(5)
هـ.
الأعضاء، إذا كانت تلك القروح مبينة (1) ، أو كانت نقية. وكذلك (2) ، هو يلحم الجراحات (3) الطرية إذا حُشيت به، لكنه يُحدث بها لوناً كلونه.
ولقوة تجفيف الإثمد بالنسبة إلى قروح العين، هو يُذهب اللحم الزائد فيها ولايفعل ذلك فى غير هذه القروح، لأن ذلك إنما يكون بما تجفيفه قوى بالنسبة إلى تلك القروح.
وإذا (4) خُلط الإثمد ببعض الشحوم الطرية، ولُطخ به مواضع حرق النار، لم يعرض لها الخشكريشة وذلك لأجل ما فيه من التبريد والتجفيف الكافى فى ذلك، لأن هذا يكفى فيه ما تجفيفه ضعيف، لأن المواضع التى تلاقيها النارُ، لابد وأن يذهب كثيرٌ من رطوباتها؛ فلذلك يكفى فى تجفيفها، ما تجفيفه ضعيف.
وإذا خُلط الإثمد بالمُو (5) والإسفيداج (6) أدمل القروح العارضة عن حَرْق
(1) هكذا في المخطوطتين، ولعل صوابها: هَيِّنة.
(2)
هـ: ولذلك.
(3)
مطموسة في ن.
(4)
ن: مطلب، هـ: انظر.
(5)
:. بالموأ.. والمو أصلُ نبات كان يكثر بمقدونيا، وعرف باليونانية باسم مينون وبهذا الاسم أورده ديسقوريدس في كتابه الحشائش (المقالة الأولى) وذكره جالينوس في المقالة السابعة وفسَّره ابن البيطار بأنه: المو، تامشاورت، البسبسة، كمون الجبل (تفسير كتاب دياسقوريدس ص 112) والاسم الأول هو الأشهر، يقول الشيخ الرئيس: هو قطاعٌ مختلفة الشكل، في لون غاريقون له غبارٌ يضرب إلى قبض ومرارة، وهو طيب الرائحة، يحذ اللسان (القانون في الطب 361/1) .
(6)
هـ: الاسفيذاح، ن: الاسفيداج. وكلاهما مستعملٌ لتسمية هذه المادة، التي هي: رماد الرصاص والآنك، إذا شُدِّد عليه التحريق، واستفاد فضل لطافة.. وقد تتخذ من وجوه شتى (ابن سينا: القانون 258/1) ويقال: إسفيدباجة. لما مُلِّح من الطعام، فكان غذاءً صالحاً في أكثر الأصول والأوقات ولجميع الأعمار (الرازي: منافع الأغذية 164) وسوف يفرد العلاءُ ابن النفيس للإسفيداح، المقالة السادسة والعشرين من كتاب الالف (أول الجزء الثاني من تحقيقنا) .
النار، إذا كانت قد حدثت لها الخشكريشة. وقد ينفع الإثمد من قروح الذكر ونحوه من الأعضاء اليابسة، وذلك إذا كانت هذه القروح غير عتيقة، ولا كثيرة الوَضَرِ (1) .
(1) الوضر: وسخ الدسم والدرن، يُقال وَضَرَ الإناءُ إذا اتَّسخ (لسان العرب 941/3) .