الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع في فِعْلِه في أَعْضَاءِ الغِذاءِ
إنَّ جوهر الأُرْزِ لما كان مركباً من أرضيةٍ ومائيةٍ، وفيه هوائيةً؛ وهذه الهوائيةُ وإن كانت كثيرةٌ، فإنها ليست كثيرة بالنسبة إلى أرضيته. فلذلك، كان جوهر الأُرْزِ مناسباً لجواهر (1) الأعضاء، وليس له كيفية قوية تقهرها الأعضاء وتفعل فيها، ولا كيفية مخالفة للمزاج الحيوانى، فلذلك كان الأُرْزُ من الأغذية. وليس غذاؤه (2) بقليل جداً، لأنه أرضىٌّ مناسبٌ لجواهر الأعضاء.
ولأجل كثرة هذه الأرضية فيه، كان غذاؤه يابساً.فلذلك هو موافقٌ جداً لأصحاب الأمزجة الرطبة، فلذلك هو شديد الموافقة لسكان الهند، لأن هواء الهند كثيرُ الرطوبة جداً، فلأجل كثرة البخار عندهم - وذلك (3) لما أوضحناه (4) حين تكلمنا فى الأسباب (5) - ولذلك فإن أهل الهند يزعمون أنه أوفق الأغذية (6) ويقولون: إنه يطوِّل العمر! وذلك بالنسبة إليهم صحيحٌ، فإنه معدِّلٌ لسوء
(1) ن: جوهر.
(2)
:. غذاه.
(3)
هـ، ن.
(4)
:. اوضحنا عليه.
(5)
يشير العلاءُ هنا إلى كتابٍ سابق من موسوعة الشامل. والأسباب والعلامات من المباحث الرئيسة في الطب القديم، وموضعها يأتي دوماً في البدايات، ومن هنا نرجِّح أن يكون الكلام المشار إليه - في الأسباب - هو من الأجزاء الأولى من الشامل.. الأجزاء التي لا تزال حتى الآن: مفقودة.
(6)
:. للأغذية.
مزاجهم الرطب (1) ، المعد لأبدانهم للعفونة. فلذلك، أهل الهند، ومَنْ يقرب منهم، يقتصرون فى غذائهم (2) على الأرز.
وإذا طُبخ الأُرْزُ مع شئٍ رطبٍ يعدِّله، كاللبن والحليب ودهن اللوز (3) - أو دهن الإلية أو اللحم السمين - يعدُل بذلك يُبْسه، فيصير كثير التغذية، جيد الغذاء جداً، موافقاً للمعتدلين. وذلك، لأن الأُرْزَ فى نفسه صالحُ الغذاء، لأجل خُلُوِّه عن الكيفيات الضارَّة المفرطة؛ وإنما يخرج عن الاعتدال خروجاً يحطُّه عن الفضيلة (4) وعن كثرة التغذية، لأجل يبوسته. وإذا زالت يبوسته، صار صالح الغذاء جداً، كثير التغذية.
ولأن الأُرْزَ فيه جَلاءٌ وتجفيفٌ، فهو دابغٌ للمعدة. فلذلك قد يقوِّى على الهضم. خاصةً وهو بقبضه، يجمع أجزاء المعدة، وذلك مما يُعين على الهضم.
والأُرْزُ عَسِرُ الهضم، لأجزاء أرضيته. وهو أيضاً بطئُ الخروج، لفقدانه ما به يُزْلق. وإذا أُكل بالسُّكَّر أو بالعسل، أسرع انحدارُهُ عن المعدة، بما يحدثه هذان من زيادة الجلاء، ولما ينفذ إلى الكبد بسرعة، فيستصحباه (5) معهما.
وفى الأُرزِ تسديدٌ لمجارى الكبد، ضعيفٌ، يشتدُّ إذا خُلط بالسكر أو العسل، لأجل سرعة نفوذها (6) إلى الكبد. وأكله (7) مع الخلِّ ردئٌ، لزيادة الخلِّ
(1) :. المعدل.
(2)
هـ: غذاهم، ن: غذاتهم.
(3)
- ن.
(4)
يقصد، الأفضلية الغذائية.
(5)
:. يستصحبان! ولعل مقصود المؤلِّلف هنا: أن السكر والعسل يجلبان معهما ما يخرج من عصارة الكبد المنصبة على الغذاء، فيسهِّلان اتجاه ذلك إلى الأمعاء، ومن ثَمَّ يخرج الغذاء من البدن بسرعة.
(6)
:. نفوذه.
(7)
غير واضحة في هـ.
فى يبوسته. وهو يولِّد الرياح والنفخ، وقد يتولَّد عنه القولنج مع ذلك، فإنه يسكِّن المغص الحادث عن السَّحْجِ، وعن لذع المواد الحادة. وذلك لأنه يعسرُ انهضامه، وتفتيحه وغلظه وعقله للبطن وتقليله (1) لخروج الريح، يولِّد القولنج. ولتغذيته، يسكِّن وجع المغص اللذعى، ووَجَع السحوج. ويُحدث على موضع السَّحْج بغَرَوِيَّتِه، مائيةً؛ فيقلُّ (2) ألم ما يمر به (3) من المواد. وهو يفعل ذلك، سواءَ احتُقن به، أو تنُووِل (4) من الفم؛ ولذلك يدخل فى حُقَنِ السحوج والإسهال.
وإذا طُبخ بالزيت أو باللبن الحامض، أطفئ الحرارة وشَهَّى الطعام وسكَّن (5) العطش، ولكن هضمه حينئذٍ يكون أعسر (6) .
وأكله كثيراً يُحدث السُّدَد، وذلك لما يحدثُ منه من الغَرَوِيَّةِ، مع الغلظ. ولقائلٍ أن يقول: إن حدوث الغَرَويَّةِ إنما يكون (7) مع اللزوجة، والأُرز قد صَحَّ (8) أنَّ جِرْمه لا لزوجة فيه، لأجل قلة مائيته؛ فكيف تحدث الغَرَويَّةُ عن الأُرز؟
وإنما (9) يكون ذلك (10) ، لأجل ما يختلط (11) به من الرطوبات فى داخل
(1) :. قليله.
(2)
:. يقل.
(3)
يقصد، الموضع الذي فيه السَّحْج.
(4)
:. تنول.
(5)
:. ويسكن.
(6)
:. أسهل أعسر!
(7)
ن: تكون.
(8)
:. يسم (وهي غير ذات معنى)
(9)
:. انما.
(10)
-:. .
(11)
ن: تختلط.
البدن، ومن الرطوبات التى يُطبخ بها. وهذه الرطوبات إذا انطبخت مع فى المعدة، حدث منها - ومن جرمه الأرضى - مايئةٌ تُحدث الغَرَويَّة. وذلك لأن الأُرْزَ وإن كان أرضياً، فإن أرضيته يسهل انقسامها إلى أجزاءٍ صغار، لأنها غير متلازمة جداً - وذلك لفقدانه اللدونة - وإذا تصغَّرت أجزاء هذه الأرضية، واشتدَّ امتزاجها بالرطوبات لأجل إنضاجها معها فى المعدة، حدث عن ذلك الغَرَوِيَّةُ.
وكذلك، إذا طُبخ الأُرْزُ فى الماء حتى يتهرَّأ، ثم شُرِبَ؛ نفع من لذع المواد، وغَرَّى (1) على الأمعاء؛ وخاصةً إذا طُبخ معه دِهْنٌ يفعل ذلك، مثل شحم كِلى الماعز. وإذا طُبخ فى عصارة لسان الحمَلِ، وشُرِبَ أو أُكِلَ؛ كان شديدُ النفع للسَّحج، والمغَصِ الكائن من خِلْط حادٍ، وَحَبسَ البطن بقوة.
والأُرْزُ من الأغذية الصالحة للخِلْط المسمنة، لما نقوله بعد.
(1) ن: عزى (ووضع الناسخ تحتها خطاً، كإشارةٍ إلى أنّ الكلمة غير مفهومة بالنسبة له) .