الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول في مَاهِيَّةِ الأُتْرُجِّ
الأُترجُّ نباته معروف (1) ، وهو يكثر فى البلاد الحارة، فلذلك يقلُّ فى البلاد الشمالية ويكثر فى الجنوبية. وذلك، لا لبرد مزاجه، بل لأن البرد الشديد ينفذ إلى جرمه، فيفسده. ولشجره شوكٌ طوال، وورقه أصغر من ورق الجوز قريب جداً من ورق النارنج. ويشارك النارنج فى أنه لايُلقى ورقه، وأن ثمره قد يبقى عليه مدةٌ طويلة، فلا يفسد.
وهو من الأشجار الذهبية، كما فى النارنج والرَّنْد وثمره كبارٌ مختلفُ الأجزاء. وذلك لأن لثمره قشراً ولحماً وحَبّاً، وجميع هذه مختلفة الطعوم والألوان والطبائع.
وأَيْيَسُ أجزاء ثمره هو القشر، لأن قشر كل ثمرةٍ ونبات يجب أن يكون أكثر أرضيةً ويبوسة، بما هو قشر (2) ، وذلك لأن الغرض بالقشر أن يكون وقاية، والوقاية تستحقُّ أن تكون أصلب مما له وقاية، وذلك يتمُّ بكثرة الأرضية. وفى هذا القشر - مع الأرضية - ناريةٌ، ولذلك هو أصفر اللون إلى حمرةٍ ما، شبيه بحمرة (3) الذهب الجيِّد.
(1) اسمه بالعربية الفصيحة المتْكُ وباليونانية ميريقاميلا أو التفاح الميدى، نسبةً إلى ميديا.. ويقال له التفاح الماهي نسبةً إلى بلاد ماه التي تضم دِينَوَر وهمذان ونهاوند (ابن البيطار: تفسير كتاب دياسقوريدس، ص 149) .
(2)
ن: له قشر.
(3)
ن: يكون بحمرة.
ولأنه حريفٌ، وقد علمت أن جوهر الحريف نارىٌّ، ولحم ثمره مركَّبٌ من مائيةٍ وأرضية، ولذلك هو إلى تَفَاهة (1) ، لأجل المائية؛ وإلى (2) غِلَظٍ وكثافةٍ لأجل الأرضية. ولذلك، يعسر هضمه، ويولِّد الرياح والنفخ، وذلك لأجل غلظ جِرْمه، وذلك لأن هذا اللحم - مع فجاجته - هو كغذاء اللُّبِّ الذى فى الحبِّ، والغذاءُ يجب أن يكون شبيهاً بالمغتذى.
وهذا الحبُّ، يجب أن يكون كثير الأرضية، ليكون صالحاً لأن تتكوَّن (3) منه الشجرة. فلذلك، يجب أن يكون هذا اللحم كذلك. ومائيةُ هذا اللحم إلى جمودٍ، لأنها - بَعْدُ - لم تنضج وتتعدَّلُ، ولذلك يحدث عن هذا اللحم رياحٌ كثيرةٌ. ولذلك كان هذا اللحم لايُلاقى الحبَّ، لأنه لم يصلح بعد لتغذيته، وذلك لأجل فجاجته.
وأما الحمض الذى فى ثمرة الأترجِّ (4) فحموضته تحدث (5) من غليان المائية بعد انفصالها من اللحم. وذلك، لأن هذا الحمض يلاقى الحبَّ، فيجب أن يكون أنضج من اللحم. وذلك إنما يتمُّ بالحرارة، لأجل برد مائية اللحم - كما قلناه - والحرارةُ إذا حدثت، فهى لامحالة تسخِّنها، وإذا اشتدَّت سخونة الماء حدث لها - لامحالة - الغليان؛ وهو يُحدث للحموضة، كما بيَّنَّاه.
ولكن هذه الأرضية، لابد وأن تكون لطيفة؛ لأنها تَلْطُف بالحرارة المحدثة للغليان. ومع ذلك، فلابد وأن تكون يسيرةٌ بالنسبة إلى أرضية اللحم. وذلك لأن
(1) يقصد؛ لا لذع فيه.
(2)
هنا ينتهى الموضع الساقط من هـ.
(3)
:. يتكون.
(4)
العبارة في هامش ن مسبوقة بكلمة: مطلب.
(5)
الكلمة مكررة في هـ.
اللحم إذا أخذ فى النضج، ليصلح (1) لغذاء الحبِّ، يسخن لامحالة قليلاً؛ وهذه السخونة تذيب مائيته وتسخنِّها، وتسخِّن أرضيته أيضاً، وتُسِيلها (2) إلى حيث يتكوَّن الحمض فى أكثر السائل. ج (3) . هو المائية، وذلك لأجل غِلظ الأرضية وعصيانها على (4) الانفعال، فلذلك تكون المائية فى هذا الحمض أزيد من الأرضية.
وأما الحبُّ الذى فى ثمرة الأُترجِّ فإن طعمه إلى مرارةٍ، وفيه دهنيةٌ. فلا محالة، لابد وأن تكون كثيرة الأرضية، ليمكن تكوُّن الشجر منه. ولابد وأن تكون فيه رطوبةٌ كثيرةٌ فضلية، لِتكوِّن مادةً يتكوَّن (5) عنها شخصٌ آخر. ولابد وأن تكون المائية الزائدة التى فى الحمض قد قلَّت، حين صارت غذاءً له، وذلك لما يتحلَّل منها بالنضج.
وأما ورق هذا النبات، فيجب أن تكون مائيته كثيرة (6) النارية، ولذلك هو حريفُ الطعم، حادٌّ مع التفاهة والمائية. وأما زهر هذا النبات، فيجب أن يكون - مع مائيته - كثيرُ النارية، ولذلك هو حريف الطعم، إلى هوائيةٍ، لأنه من الأجزاء التى تتبخَّر (7) من مادة الثمرة، وتبخرُّها إنما يكون بحرارةٍ تحدث لها فلذلك هو ألطف كثيراً من باقى أجزاء هذه الشجرة.
(1) :. يصلح.
(2)
ن: تسليها.
(3)
هكذا في المخطوطتين، وتقرأ فيهما حاء وقد أصلحناها، لن المرجَّح أن تكون إشارة إلى جالينوس.. وقد استخدم الأطباء - قبل العلاء - بقرون، حرف ال ج للإشارة إل جالينوس وحرف ال د للإشارة إلى ديسقوريدس.
(4)
:. عن.
(5)
:. لان يتكون.
(6)
:. كثير.
(7)
غير واضحة في المخطوطتين.