الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في أَفْعَاِلهِ في أَعْضَاءِ الرَّأْسِ
أما ورق هذا النبات وزهره، فقد يُتَّخذ منها نطولٌ (1) يُسكَّن به الصداعُ البارد، ونحو ذلك، وسبب ذلك، ما فيها من الحرارة.
وأما حُماضه، فينفع (2) الصداع الحارَّ والكائنَ عن الأبخرة الصاعدة إلى الرأس من المعدة، أو من غيرها. وينفع من التوحُّش والخفقان الحار ومن السوداء خاصةً المحرقة عن الصفراء، وكذلك هو نافعٌ من الماليخوليا ومن الوسواس (3) الحادث عن احتراق الصفراء وتبخيرها، وذلك لأنه مع منعه الأبخرة يقوِّى القلب ويبدِّل الروح فيعدِّلها.
(1) النطول (الجمع: نطولات) في اللغة والاصطلاح الطبي القديم: الماءُ المذاب فيه دواء. يُقال نطلت رأس العليل بالنطول، إذا جعلت الماء المطبوخ بالأدوية في إناءٍ، ثم طببته على رأسه قليلاً قليلاً (لسان العرب 664/3) .
(2)
- ن.
(3)
الأمراض المذكورة في هذه الفقرة، كلها أمراض نفسية، وقد تجمع كلها تحت مسمى ماليخوليا وهي كما يعرِّفها ابن سنيا: تعيُّر الظنون والذكر عن المجرى الطبيعي، إلى الفساد والخوف والرداءة. (القانون في الطب 65/2) ومنها أنواع كثيرة، مثل التوحُّش الذي يُعرف أيضاً بمرض قُطْرب - وقطرب: دودةٌ صغيرةٌ تسعى في الليل فقط - وقد وصفه بن سينا بقوله: هو نوع من المالنخوليا، يجعل الإنسان فرَّاراً من الناس الأحياء، محباً لمجاورة الموتى والمقابر ويكون بروز صاحبه ليلاً واختفاؤه وتواريه نهاراً، كل ذلك حُبّاً للخلوة وبُعداً عن الناس (القانون ف يالطب 71/2) والوسواسُ حالةُ اضطراب تُعرف اليوم بالاسم نفسه، وإن كان يُزاد فيها لدى المشتغلين بعلم النفس، وصف القهرى فيقال: الوسواس القهرى.
وقشرُ ثمرة هذا النبات إذا مُضِغَ أو تُرِكَ فى الفم مُدَّةً، شَدَّ اللثة وطيَّب النكهة. وذلك لأجل ما فيه من العطرية، مع تحليله الرطوبة الفضلية التى تكون فى اللثة فتعدُّها (1) للعفونة، وتجفيفه لها؛ فلا يبعد أن يكون ورق هذا النبات يفعل ذلك أيضاً. وكذلك حَبُّه وزهرُه، وكذلك طبيخُ حمض ثمرة هذا النبات يفعل ذلك، لأن هذا الحمض يجفِّف لرطوبة الفضلية المعفِّنة، ويلطِّفها، ويقطِّعها فيهيِّئها بذلك للخروج والانفعال.
ومع ذلك، فإن هذا الحمض - بقوة بَرْده - يُبطل فعل الحرارة العفونية المبخِّرة للأجزاء الغَضَّة الكريهة الرائحة، فيُعين بذلك على تطييب (2) النكهة. إلا أن هذا الحمض، يضرُّ الأسنان بغوصه فيها وقوَّةِ جلائه المزيل لما عليها من الرطوبات التى تدفع عنها أضرار الملاسات (3) . وذلك، فإن (4) هذا الحمض شديد الإحداث للضَرَس (5) .
ومع ذلك، فلأن هذا الحمض - لأجل إضراره بالعصب - يضرُّ الأسنان بإضراره بالأعصاب الآتية (6) إلى اللثة. ولذا (7) كان هذا الحمض ضاراً بالأعصاب، لأنه مع قوة برده وتقطيعه، فإنه شديدُ النفوذ، غوَّاصٌ.
(1) :. فيعدها.
(2)
تطيب.
(3)
الملاسة - والملمس والملوسة - ضدُّ الخشونة (لسان العرب 524/3) والمراد بها هنا: اللزوجة المحيطة بالأسنان.
(4)
:. ان.
(5)
الضَرَس: وجع الأسنان والضروس.
(6)
:. اللاتية!
(7)
هـ: واذا.
وإذا اكتُحل بهذا الحمض، بَرَّدَ العين، وجلَاّها بقوة، وسكَّن حرارتها ونفع من حكَّتها جداً، ولطَّف ما يكون فيها من الفضول؛ فيسهل بذلك اندفاعها (1) . فلذلك، كان الاكتحالُ بماء (2) هذا الحمض، يحدُّ البصر، ويقوِّى العين الحارَّة (3) تقويةً ظاهرة. وإذا اكتحل به صاحب اليرقان أَذْهَبَ صُفرة عينيه وذلك لأجل قوَّة جلائه (4) ، وترقيقه لما هو محتبسٌ من العين من الصفراء، فيسهل بذلك تحلُّلها وخروجها من المسام (5) .
واشتمامُ زهر الأُتْرُجِّ ينفع من النزلات ومن اللقوة (6) ويسخِّن الدماغ ويقوِّيه، لأجل ما فيه من العِطرية، وقد يفتِّح برد المصفاة، لأجل تفتيحه، ويحلِّل فضول الدماغ. وكذلك ورق هذا النبات وقشرة ثمره. إلا أن اشتمام الزهر أقوى فى ذلك، لأجل لطافته.
ورائحة الأُتْرُجِّ تنفع من الوباء. توضع ثمرته فى مناقل النار، فيكون دُخَّانُها نافعاً (7) للوباء.
(1) العبارة في هامش هـ، مسبوقة بكلمة: انظر.
(2)
- هـ.
(3)
ن: الحارة.
(4)
:. جلاه.
(5)
هـ.
(6)
اللقوة كما يعرِّفها العلاء (ابن النفيس) : مرضٌ ينجذب له شِقٌ من الوجه إلى جهةٍ غير طبيعية فتخرج النفخة والبزقة من جانب واحدٍ، ولا يحسن التقاء الشفتين، ولاتنطبق إحدى العينين (الموجز في الطب، ص 152) .
(7)
:. نافع.